في يوم الاثنين الماضي الموافق 13 يوليو، تابعنا ببالغ الحزن والأسى فض إعتصام سلمى لمواطنيين سودانيين في منطقة فتابرنو التابعة لمحلية كتم بولاية شمال دارفور، حيث صرح محمد أحمد بشر عضو لجنة الإعتصام بأن مليشيات مجهولة تقود المواتر والخيول والجمال اقتحمت مقر الإعتصام واطلقت النار على الأهالي المعتصمين، والذين يقدر عددهم بحوالي (2500) مواطن، وأسفر الهجوم عن مقتل ما يقارب (10) من المواطنيين الأبرياء وإصابة حوالى (12) آخرين بأذى جسيم بالغ الخطورة على أثره تم نقلهم الى مستشفى الفاشر، وتحدث محمد زين المدير التنفيذي لمحلية كتم عن عدم وجود قوة عسكرية أمنية في المنطقة تساعد في بسط الأمن وتوفر الحماية اللازمة للمواطنيين خاصة في مناطق الزراعة والرعى، وان من أبرز مطالب المواطنيين المعتصمين هو توفير الأمن وحماية الموسم الزراعي من الإعتداءآت وهجوم المليشيات والمجرمين، والجدير بالذكر هو ان ظاهرة الإنفلات الأمني والإعتدءات ضد المواطنيين الأبرياء في اقليم دارفور لم ينحصر في منطقة بعينها، وإنما جميع مدن ولايات الاقليم أصبحت مسرحا للجرائم وحوادث القتل المتفرقة التى تقوم بها مجموعات اجرامية مجهولة وأخرى معلومة إعتادت على الأجرام، مستقلة ظروف الثورة والوضع الإستثنائي الذي يمر به بلادنا، وهى ترتكب أبشع الجرائم أمام أعين ومسامع السلطات الحكومية التى ظلت عاجزة عن القيام بدورها الكامل في بسط الأمن وملاحقة المجرمين وتوفير الحماية اللازمة للمواطنيين، وعلى الرغم من سقوط النظام الذي كان يعمل على تقسيم الناس ما بين زرقة وعرب، ويفتعل ويأجج الصراعات داخل الزرقة وداخل العرب مستخدما سياسة اضرب العبد بالعبد التى مزقت العلاقات بين كآفة مكونات الأقليم، إلا انه وبعد سقوط النظام لا ذال ظواهر الصراع والإنقسام في المجتمعات موجودة بشكل كبير، والقتل والنهب يرتكب دون ان يتم إلقاء القبض على المجرمين، وهذه الأحداث شبيهة بتلك التى كان عليها الحال في اقليم دارفور قبل سقوط النظام، ومن المعلوم ان النظام البائد هو الذي أجج من الصراعات والفتنة بين مكونات شعب دارفور ولا سيما القبائل، وعمل على توزيع السلاح وإنتشاره في ايدي المواطنيين الذين إستباح بعضهم القتل وارتكاب الجرائم دون وازع اخلاقي وقيمة للمواطن، كما عمل النظام البائد على تسيس الإدارات الاهلية لتقوم بتنفيذ مخططاته الإجرامية، وان كل هذه الامور تعد من الاسباب الرئيسية التى ادت الى تعقيد الاوضاع في الاقليم، وكنا نأمل في ان نشهد ثمة تغيير يحدث في مسرح الأحداث في أقليم دارفور بعد سقوط النظام، خاصة في جانب الأمن وحماية المواطنيين، وذلك لأن الأمن يمثل حاجز أرق كآفة سكان الاقليم طيلة سنوات في عهد النظام البائد، واليوم يمثل مطلب رئيسي يطالب به كآفة مواطني الأقليم واساسي في تحقيق التغيير الذي حدث في خارطة السياسية السودانية بفضل الثورة الشعبية التى اسقطت اعتى نظام شمولي فاشي تحكم وإستحكم على السلطة في بلادنا، وعلى الرغم من ذلك وللأسف الشديد في ظل وجود حكومة جديدة تمثل الثورة لم يشهد أقليم دارفور أي تغيير ايجابي في مسرح الأحداث والجرائم في دارفور خاصة الأمن، وأنما الذي حدث هو ان الاوضاع ازدادت سوءا وتعقيدا، وهنالك العديد من المجرمين إستغلوا ظروف الثورة وإرتكبوا المزيدا من الجرائم ولا سيما فلول النظام البائد الذين يعملون على صناعة الأزمات وزعزعة الاوضاع وزرع الفتن وحياكة المآمرات ضد الثورة من أجل اجهاضها، وبعد مرور ما يزيد عن عام من سقوط النظام وفي ظل وجود حكومة الثورة حدثت مجزرة فض إعتصام فتابرنو، وبعده بيومين فقط شهدنا حادثت ابودليك بمحلية كلمندو، والتى وقعت في يوم الخميس 16 من شهر يوليو الجاري، وادت الى مقتل مواطن وجرح ستة آخرين، ولقد شهدت العديد من المدن والقرى في أقليم دارفور الكثير من الجرائم الوحشية البشعة المنظمة التى ارتكبت في حق مواطنيين ابرياء وتسببت في إحداث مجازر وقتل جماعي ناهيك عن الجرائم التى نعتبرها صغيرة او محدودة والتى تحدث يوميا في مدن وقرى دارفور وتؤدي الى مقتل شخص اوشخصين اوثلاثة، ولم تتمكن الحكومة من إلقاء القبض على الجناة والمجرمين لتقديمهم للعدالة، وأنما في كثير من الأحيان تكفي الحكومة بكتابة بيانات الشجب والإدانة وتعمل على تكوين لجان للتحقيق، وهذه اللجان لم تقدم أي نتائج ولم تسمع عنها أي اخبار تذكر، وما يشهده مدن وقرى دارفور من إعتصامات سلمية للمواطنيين مطالبين بتحسين الاوضاع الأمنية والاقتصادية هو خير دليل على تردي الاحوال الأمنية والظروف الحياتية والمعيشية للمواطنيين، وعلى الرغم من ان الإعتصام السلمي هو وسيلة حضارية مشروعة وحق يكفله القانون، إلا ان على المواطنيين التعامل مع الاوضاع بمسؤولية عالية وأخذ الحذر الشديد من الاشخاص المجرمين الذين يستغلون ظروف الإعتصام ويندسون في وسط المعتصمين وينفذون مخططات إجرامية، وعلى الحكومة ان تعلم بان مطالب وقضايا جميع المواطنيين المعتصمين في بعض مدن وقرى دارفور هي متشابهة وتكاد ان تكون متطابقة، لذلك عليها ان تضع حلول ومعالجات جزرية شاملة لكآفة قضايا ومطالب ومشاكل المواطنيين في المدن والقرى في أقليم دارفور دون تجزئة وحلول فردية، وان تتدخل بشكل فوري ومباشر لتنفيذ مطالب المعتصمين المشروعة تفاديا لإطالة أمد الإعتصام حتى لا يحدث فوضى ويجعل من الاعتصام ظاهرة تعم العديد من مدن وقرى الاقليم ويتم إستغلالة من قبل البعض لتنفيذ أجندات ومخططات قد تلحق اضرار بالاقليم ومكوناته، وان الاوضاع الراهنة في أقليم دارفور بالغة التعقيد والخطورة، وتحتاج الى ادراك وحلول عاجلة قبل ان تنفلت الامور وتنجرف الى الاسوء، مما قد يؤدي الى نتائج كارثية لا تحتمل، وعليه على الحكومة بكل مكوناتها أخذ هذه الأمور بعين الإعتبار، وان تعمل بشكل جاد على جمع السلاح من ايدى المواطنيين وان لا تجامل في تنفيذ القانون، وعليها الاسراع في عملية تحقيق السلام مع حركات الكفاح المسلح لان السلام هو المدخل الرئيسي والاساسي لمعالجة كآفة الاوضاع في الأقليم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد عبدالله ابراهيم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست