بعد البيان الذي أصدرته القوات المُسلحة والخاص بتعيينها (مفوَّضاً) تم تكليفهُ بالملاحقة القانونية لعدد من الإعلاميين والناشطين فيما سماهُ البيان مُجابهة الإهانات التي تتلقاها القوات المُسلَّحة من قِبل البعض والتي على حد تعبير البيان قد (فاقت حدود الصبر) ، إثر ذلك ضجت الأسافير بالكثير من الإنتقادات الموضوعية وغير الموضوعية لكنها إتجهت جميعاً إلى إعتبار ذلك البيان عبارة عن (رِدة) واضحة المعالم عن ما يأملهُ الناس في عهد الحُرية ودولة القانون وحقوق الإنسان من (قيَّم ومباديء) ، في مُقدمتها حرية التعبير والقُدرة على إنتقاد سُلطات الدولة مهما علا شأن مقامها المهني والدستوري.
وفي حقيقية الأمر فإن البيان نفسهُ قد أصبح مادةً مُحفِّزة و(دسمة) لإشتعال موجة من الغضب الإسفيري لدى الناشطين والكثير من الإتحادات والمُنظَّمات الإعلامية ، بالقدر الذي جعلهُ مُرادفاً لمضمون المثل العامي (تسوي بي إيدك يغلِب أجاويدك) ، وحتى لا ندفن رؤوسنا في الرمال وبغض النظر عن تفاصيل الوقائع والأحداث التي جرت عبر ثلاثون عاماً من عهد الإنقاذ مثَّل فيها الجيش (بعضاً من منسوبيه) المفاصل الرئيسية في معظم مآسي السودان وجراحاته العميقة ، لم ولن يكون من السهل (إستعادة) ما يمكن نسميه (إجماعاً) على حالة الرضا (العام) تجاه الجيش في أوساط الجماهير ، طالما أن الكثير من (الألغاز) والشائعات والقضايا العامة والخاصة ما زالت في حاجة إلى (مُعالجة) وتفسير وتبرير ، بالقدر الذي يقود (المُتطرِّفون) في إنتقاد الجيش وتحميلهُ المسئوليات عن ما حدث وما يحدث الآن (للتراجع) والعودة إلى فضيلة الإيمان بقومية الجيش السوداني وإستشعار الوطنية والقداسة حين يتم تداول وتحليل أخبارهُ ونشاطاته المُختلفة.
أدعو المسئولين عن هذا الملف في القوات المسلحة إلى (تجريب) سُبل أخرى أكثر (فعالية) لإستعادة هذه الثقة وهذا الإحترام والتقديس ، الذي هو بالتأكيد لا يُستجدى ولا يُشترى ولا يتحقَّق بالتهديد والوعيد وإنزال العقوبات وتضييق الخِناق على الإعلام التقليدي والنشر الإسفيري الذي أصبح مُباحاً لكل من هب ودب وبما ينضحُ إناءهُ من محتوىً سالب وإيجابي ، ومن أهم هذه السُبل أقترح تطوير الآلة الإعلامية للجيش عبر تنظيم برامج مُتخصِّصة للتلاقح الإجتماعي وتسخيرها لصالح التبشير بالرسالة القومية للجيش ولأجل إعادة صياغة الكثير من المفاهيم المغلوطة عنهُ في أذهان العامة ، ونقول على مستوى الحُريات الصحفية مصحوبة مع الحُرية العامة للتعبير عن الرأي والمكفولة للجميع عبر أهداف وشعارات ثورة ديسمبر المجيدة أن لا (خط أحمر) في دولة المؤسسات والقانون يمكن أن تستفيد منهُ مؤسسة من مؤسسات الدولة من أدناها وحتى المجلس السيادي فكلها ملكٌ للشعب وجميع منسوبيها هم خُدامٌ لمصالحهِ ، وليس من مؤسسة مهما علا شأن ما تؤديه من واجبات ستكون (محمية ومُحصَّنة) من النقد البنَّاء الذي يستهدف المصلحة العامة ويُراعي خصوصياتها المهنية والفنية ، وفي نفس الوقت نحن ضد الإسفاف وبذل الإهانات والبذاءات المُعمَّمة بإسم النقد مهما كانت الأسباب ، كما علينا أن نشير أن القوات المسلحة تظل وعبر منظورنا لها بعد إزالة (التشوُّهات) التي أحدثها فيها النظام البائد درعاً وفياً للوطن والمواطن ، ورايةًً خفاَّقة لشرف الدولة وفخرها وهيبتها بين الأُمم وهذا ما لا يختلف عليه إلا من كان في عقلهِ خطل وفي قلبه مرض ، القوات المسلحة إنجبت الكثير من شُرفاء هذا الوطن فكانوا أبراراً اوفياء وما توانوا عن التضحية بالمُهج والأرواح من أجل رفعته ونمائه وعُلو هامته بين الدول ، لكن رغم ذلك يظل الطريق طويلاً ومليئاً بالتحديات في سبيل إعادة الهيكلة وتمتين البناء القومي وتعديل الوُجهات الثقافية والمهنية للجيش السوداني ، والسودانيون قادرون على ذلك طالما توفَّرت الإرادة والعزيمة والإيمان بالوطن والثورة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة