|
ما تشوفونا بي حاجاة بقلم خلود دفع الله الحسن
|
07:55 PM July, 21 2020 سودانيز اون لاين خلود دفع الله الحسن-Sudan مكتبتى رابط مختصر
الكلمة التي بسماعها ترتسم الصورة الباهتة لواقعنا ومستقبلنا وتبرز الإجابة عن كل سؤال, الكلمة التي يرددها أشخاص أوكِلت إليهم مهمة حفظ القانون وصيانته وتنزيل قرارات الدولة وهيبتها, يقفون وقد أقسموا على تنفيذ القوانين والسهر على حمايتها؛ لكنهم كثيرًا ما يتساقطون أمام شهوة النفس الأّمارة بالسوء اللاهثة خلف المال, ومع أول مخالفةً للقانون يقع عليها البصر تبدأ محاولة التوقيف, وسرعان ما يُستبدل الحديث عن تنفيذ القانون والعقوبة على المخالفة البائنة بكلمة: ما تشوفنا بي حاجة. وبكل براءة الدنيا.. ثم يُدخِل المواطن يده في جيبه ويُخرج الفيها النصيب... ثم يقول صاحب القانون: اتفضل يا حبيب ليذهب المخالف بجريرته التي فيها من التعدي على حقوق الآخرين, وأمنهم وسلامتهم بقدر ما فيها من الإهدار لهيبة الدولة والأسوأ من كل ذلك إهدار الشعور بقيمة النفس الإنسانية وكرامتها وعزتها, وتحويلها من يد عليا جُعلت لتمنح الأمن وتحفظ الحقوق وترسي دعائم دولة الاستقرار ليد دنيا تقتات على ما يجود به المجرمون والمهربون والمخالفون لإخفاء جرائمهم.
نستطيع أن نفهم سوء الأحوال المعيشية التي يعانيها الجميع في بلادنا. نستطيع أن نفهم أيضًا غياب نُظُم الرقابة والتقويم التي يجب أن تتقّيد بها كل مؤسسات الدولة بلا استثناء. لكنني لا أستطيع أن أفهم أو أجد تبريرًا للغياب شبه التام لشعور أحدهم بقيمة كرامته وعزته وإنسانيته أو بأهمية ما يفعل, أو ما يجب أن يفعل وهو يقف على مؤسسات حماية الأرواح والممتلكات وتنفيذ القانون وفرض هيبة الدولة.
كم من المرات تقال تلكم الكلمة اللعينة لدى كل عملية لتهريب الذهب أو الوقود أو القمح. كم من المرات تقال لدى كل مخالفة مرورية. كم من المرات تقال لدى إدخال شحنة من المخدرات. ولدى تمرير أي معاملة خارج نطاق ما تسمح به القوانين. لسنا هنا بصدد الإساءة أو التشهير بأي من أجهزة الدولة أو قواتها النظامية فهذه الظاهرة المؤسفة بالتأكيد ليست جزءًا من لوائح العمل في أي مكان, غير أن الغياب الكامل لنُظُم الرقابة, والقصو ر في إعلاء روح المسؤولية الوطنية لدى العاملين في مؤسسات الدولة المختلفة وقلة استشعارهم لقيمة ما كُّلِفوا به من عمل؛ أخطر على أنفسنا ومجتمعنا وبلادنا من كل حرب أو مجاعة أو وباء. فالقوانين ما وُضعت إلا لحاجة المجتمع إليها, والتهاون والتراخي في تنفيذها يجعل استقرار العباد وحقوقهم وأمنهم ووجود الدولة بحد ذاتها في مهب الرياح. كسرة: عزيزي رجل القانون في الشرطة, أو في مؤسسات الدولة المختلفة من قّدم لك رشوة ليخفي جريمته فأخبِره انك أعز وأكرم من ان تغسل بيديك أوساخ المجرمين...
خلود دفع الله الحسن
|
|
|
|
|
|