مأزق النيابة العامة بين القانون والسياسة في وضع حكم انتقالي وموقفها من لجنة ازالة التمكين ومقررها ص

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 05:49 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-10-2021, 11:27 PM

أحمد حموده حامد
<aأحمد حموده حامد
تاريخ التسجيل: 02-28-2014
مجموع المشاركات: 4

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مأزق النيابة العامة بين القانون والسياسة في وضع حكم انتقالي وموقفها من لجنة ازالة التمكين ومقررها ص

    10:27 PM February, 10 2021

    سودانيز اون لاين
    أحمد حموده حامد-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    بسم الله الرحمن الرحيم
    مأزق النيابة العامة بين القانون والسياسة في وضع حكم انتقالي وموقفها من لجنة ازالة التمكين ومقررها صلاح مناع
    مقدمة :
    احتدم الصراع بين النيابة العامة ولجنة ازالة التمكين حتى وصل الى فتح بلاغات في مواجهة مقررها الدكتور صلاح مناع ما اشعل سخطا شعبيا كبيرا على تلك الاجراءات القانونية لما تتمتع به اللجنة من احترام وثقة جماهيرية واسعة كرمز لانتصار الثورة السوداتية المجيدة . ردود النيابة العامة على اتهامات لجنة ازالة التمكين بالتقاعس عن اداء دورها , ثم فتح بلاغات في مواجهة الناطق الرسمي باسمها يضع النيابة العامة في مأزق يتعلق بطبيعة وضعها كمؤسسة قانونية تمثل الحكومة كجهة سياسية في وضع حكم انتقالي. هذا يقود الى السؤال: هل الاجراءات التي اتخذتها النيابة هي قانونية بحتة ؟ أم وراءها أهداف سياسية ؟ تقول النيابة العامة انها تلتزم جانب القانون والوثيقة الدستورية كموجهات في اتخاذ احكامها . القانون والوثيقة الدستورية يكونان في حالة سيولة وعدم ثبات بطبيعة حال الحكم الانتقالي , فالقوانين السارية في أغلبها هي قوانين الحكم البائد الذي تسعى مؤسسات الثورة لتصحيحها حتى تتسق مع مقاصد الثورة . وينطبق ذلك بصورة اكثر وضوحا في الوثيقة الدستورية التي طالها الكثير من التعديل والتبديل حتى تتواءم مع متطلبات الثورة . في هذا المقال نحاول تفسير هذا المارق الذي يكتنف موقف النيابة العامة بين القانون والسياسة في ظروف الحكم الانتقالي .
    الحكم الانتقالي مرحلة بين-بين وفاصل بين عهدين: اين تقف النيابة العامة؟
    الحكم الانتقالي - وكما يشير الاسم - هو حكم بين مرحلتين وفاصل بين عهدين : عهد قامت الثورة للقضاء على ارثه في الفساد والاجرام والظلم , وقد تواثقت قوى الثورة ان القضاء على ذلك الارث القميء يحتاج الى ثلاث سنوات ونصف لتنظيفه , والان حكومة الثورة تسعى جاهدة القيام بعملية التنظيف . طبيعة المرحلة الانتقالية تعني ضمنا ان مؤسسات وبؤر وقوانين ومصالح ونفوذ النظام البائد لا زالت تعمل , وعلى حكومة الثورة تفكيك هذه المؤسسات والبؤر والقوانين والمصالح المرتبطة بذلك النظام البائد . العهد الان هو عهد حكومة الثورة التي ما قامت الا للقضاء على ارث العهد البائد واقامة مؤسسات وقوانين بديلة تحقق مصالح عامة الشعب تحترم حقوقه وتصون كرامته , الحقيقة الماثلة في المشهد السياسي الانتقالي ان هناك نظامان يصطرعان: نظام حكم مباد بأمر الثورة , لكنه يجاهد للبقاء يحاول الحفاظ على مؤسساته وقوانينه ومصالحه , ونظام عهد الثورة الذي يسعى لمحو تركة ذلك النظام المباد واقامة مؤسسات وقوانين تحقق مقاصد الثورة . اهداف حكومة الثورة هي القضاء على الارث القديم الفاسد , وارساء الأسس الصحيحة لنظام حكم رشيد , الاول في مرحلة التفكيك فالازالة , والثاني في طور التخلق والتكوين , القوانين السارية الان في حالة سيولة ولا يمكن الاعتداد بها في مرحلة حكم هو في الانتقال , اذ لا زالت تسود القوانين الانقاذية المطلوب الغاؤها او تعديلها , ولما تتشكل بعد منظومات حكومة الثورة العدلية والتشريعية بسبب تمترس النظام المباد واجهاضه لمساعي اقامة المجلس التشريعي واصلاح المنظومة العدلية والقضاء والنيابة بعد مرور اكثر من عام ونصف من عمر الثورة . الفشل في اقامة المجلس التشريعي واصلاح المؤسسات العدلية والنيابة وتصحيح القوانين يضع النيابة العامة في حرج بالغ يتعلق بشرعية القوانين التي تبني عليها احكامها: هل هي شرعية الثورة؟ علما انه لم ينشأ المجلس التشريعي حتى اليوم ليسن التشريعات المتسقة مع روح الثورة , ولم يتم تنقيح القوانين البائدة حتى نطمئن انها تقوم على شرعية قانونية راسخة متفق حولها لتحقيق مقاصد الثورة؟ اذن النيابة العامة تبني احكامها على شرعية قوانين النظام البائد , وهي قوانين يجب الغاؤها او تصحيحها وهو ما لم يتم حتى اليوم .
    السؤال المشروع: اين تقف النيابة من هذين النظامين المصطرعين ؟ وهو اصطراع بقاء سياسي بين عهد آفل وعهد بازغ ؟
    رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك يهاتف صلاح مناع مؤازراّ:
    لعل اوضح ما يؤكد هذه الازدواجية في الوضع الانتقالي هو ما ورد في وسائل الاعلام ان السيد "رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك قد هاتف مقرر لجنة ازالة التمكين صلاح مناع مؤكدا دعم ووقوف حكومة الثورة مع اللجنة ومع استرداد أموال الشعب السوداني من الفاسدين ... " . هذا يشير الى وجود حكومة مزدوجة : واحدة - حكومة الثورة - يمثلها رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك تقف مع لجنة ازالة التمكين وتناصر د. صلاح مناع , وأخرى تقف ضد لجنة ازالة التمكين وتصدر الاوامر والبلاغات ضد مقررها بتهم اشانة السمعة والكذب الضار والتحريض على الجيش , حكومة ضرار تمثلها جهات أخرى غير ذات صفة معلومة لكنها تنفذ الى مآربها السياسية عبر بوابة القانون .
    لجنة محارية الفساد ولجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ومكافحة الفساد واسترداد الاموال العامة :
    هناك اعتراف واتفاق عام بين الناس في دولاب الحكم وفي خارجه ان هناك فسادا ضاربا في بنية الدولة السودانية ادى الى تفاوت كبير بين الاغنياء والفقراء وشرخ طبقي عميق بين الاقوياء والضعفاء يهدد ينية الدولة وبقاءها . ثمثل هذا الاعتراف في انشاء النظام البائد ما عرف ب "لجنة محاربة الفساد" او ما اطلق عليه تندرا بالحرب على "القطط السمان" (لاحظ الاشارة الهزلية لامر في خطورة تهديد بقاء الدولة تتم الاشارة اليه باسلوب هزلي مضحك ما يفضح عدم الجدية في تناول الامر). ثم عقب نجاح الثورة أنشئت وبمرسوم دستوري "لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ومكافحة الفساد واسترداد الاموال العامة " كأحد أبرز وانجح هياكل الحكم في تحقيق مقاصد الثورة وفي مقدمتها محاربة الفساد واسترداد اموال الشعب المنهوبة . اذن هناك اعتراف وتوافق تام بين المواطنين والحكام على الامور التالية :
    السودان يستشري فيه الفساد المؤسسي منذ وقت طويل
    هذا الفساد كان نتيجته ان اصبح قلة من الناس اثرياء ثرا فاحشا بينما افقر غالبية افراد الشعب
    هذا الفساد خلق شرخا عميقا في المجتمع بين الاغنياء والفقراء وبين الاقوياء والضعفاء ما يهدد امن وتماسك المجتمع
    وجوب محاربة هذا الفساد وتشكيل اليات لمحاربته واسترداد اموال الشعب
    توجيه الاموال المستردة لصرفها على اوجهها الصحيحة في خدمة المواطنين وتوفير ضرورات الحياة وبما يحفظ كرامتهم

    موقف القانون والقائمين على امر تنفيذه:
    هذه القضايا الهامة تضع القانون والقائمين على تنفيذه امام مسؤولية دينية وقانومية واخلاقية ووطنية كبيرة جدا . فهم الذين بيدهم وضع الامور في نصابها وبالتالي تحديد مصير البلد الذي يمكن ان ينفرط عقده اذا لم يقفوا الموقف الصحيح او يستنوا التشريعات الصحيحة . استشراء الفساد المالي والاداري صار سمة ملازمة لممارسة الدولة لزمن طويل ما خلق نخبا ثرية قوية تضع نفسها فوق القانون , في ذات الوقت تنظر بازدراء لغالبية افراد المجتمع الذين تم افقارهم لصالح هذه النخب ما خلق ذلك الشرخ الاجتماعي العميق الذي صار فيه الناس لا يكترث الواحد منهم لمحنة الاخر بل يقتتلون فيما بينهم مدفوعين بغريزة البقاء . ان الظواهر السالبة وزيادة وتيرة الانفلات الامني والاحتراب وتعدد وتنوع الجريمة ودخول بعض العناصر النظامية ضمنها كلها مؤشرات خطيرة تشير الى التفكك والتآكل البطئ ينخر في بنية المجتمع في غياب الكوابح الدينية والاخلاقية التي تجرفت بسسب الضائقة المعيشية الطاحنة وحالة العوز والعجز والاهمال . وكلها ناجمة عن افقار ممنهج تم لغالب افراد المجتمع لصالح نخب استحوذت على اموال الناس بالفساد والباطل .
    هل يقف القانون وأهله مع عامة الشعب لتحقيق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة ؟, وبالتالي تحقيق مقتضيات الكرامة الانسانية كمبدا فقهي اصيل في الحقوق؟ ام يقف مع الاقوياء النافذين الذين يضعون انفسهم فوق القانون؟ أم يقف في الحياد؟ نبتهل هذه السانجة لنحيي تحية الوطن والشجاعة لأولئك النفرالقائمين على انفاذ القانون الساهرين على حفظ امن واستقرار البلاد من قيادات الشرطة والولاة امثال الفريق شرطة (حقوقي) عز الدين الشيخ وزير الداخلية , ود. امنة والية نهر النيل , والفريق شرطة رزين سليمان مدير عام شرطة السودان والفريق شرطة سليمان ادم مدير عام شرطة ولاية الخرطوم وغيرهم من الساهرين على انفاذ القانون واستتباب الامن . ونتمتى ان يقف كل منتسبي مؤسسات انفاذ القانون مع الشعب في خندق الثورة احقاقاّ للحقوق وصوناّ لامن العباد ووحدة البلاد . نثمن ونقدر عاليا تصريحات الفريق شرطة عز الدين الشيخ (وزير الداخلية في التشكيل الجديد) بمواجهة فلول النظام مواجهة "قوية وحازمة" بسبب ما يقومون به من "اعمال عدائية تؤرق الأمن سواء في الولايات او العاصمة" . مشددا على ان الأجهزة الامنية ملتزمة بحماية الثورة وجموع الشعب السوداني وكل من يعمل على تحقيق اهداف ومقاصد الثورة . (اخبار السودان: 28 يناير 2021)
    بداية المعركة: تصريحات النائب العام في رده على اتهامات لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد:
    اتهمت لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد اجهزة انفاذ القانون بالتقصير في ما يليها من واجبات في محاكمة المفسدين واسترداد الاموال العامة المنهوبة . ووجهت بوجه خاص سهام نقدها للنائب العام . لجنة ازالة التمكين هي من انجح المؤسسات التي عملت على تحقيق شعارات الثورة وتحظى بكامل ثقة واحترام المواطنين والثوار على طول البلاد وعرضها , فهي تمثل روح الثورة . اتهامها هذا بالتقصير يضع النائب العام في موقف صعب يوجب عليه تفنيد هذا الاتهام وتبراة ساحته . هنا نستعرض ما صرح به النائب العام لنستجلي موقفه هل هو مع الشعب والثورة؟ ام مع الاقوياء المتنفذين الذين هم في قفص الاتهام بافقار الشعب ؟ ام يقف في الحياد؟
    جاء في بيان النيابة العامة حسبما اورد موقع اخبار السودان يوم 26 يناير 2021 م ما يلي:
    "النيابة العامة تنظر الى لجنة التفكيك من منظور قانوني ودستوري وفق ما نصت عليه في الوثيقة الدستورية وقانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو المعدل 2020 م . ومن هذا المنطلق نقدم لها المساندة القانونية اللازمة وفق ما نص عليه القانون." ثم يختم بالقول "تؤكد النيابة العامة تمسكها بالاستقلالية وفق مستلزمات الوثيقة الدستورية والقوانين المعمول بها."
    هناك بعض النقاط الهامة في هذا البيان ينبغي الوقوف عندها لاستجلاء موقف النيابة العامة ومدى التزامها بخط الثورة:
    أولا: "القوانين المعمول بها" هي في مجملها قوانين سنت في العهد الذي قامت الثورة اصلا للقضاء على ارثه القميء في كبت الحريات والظلم والفساد والاستبداد , ولذلك جاءت الثورة رافعة شعارات الحرية والسلام والعدالة . فقول النيابة انها تعمل وفق "القوانين المعمول بها" هو قول لا يمكن ان يعتد به ببساطة لان هذه القوانين لا تمثل الثورة وبالتالي لا تمثل مصالح السواد الاعظم من المواطنين .
    ثانيا : الوثيقة الدستورية: تعلم النيابة العامة كما يعلم عامة الناس ان الوثيقة الدستورية صارت مثل "جبة درويش" مرقعة في كل مكان وبمختلف الالوان , كل ذلك الزخرف يكون حسب الحاجة حذفا واضافة وتعديلا لضمان تمثيل مصالح القوى التي اصدرتها فقظ لاضفاء شرعية قانونية عليها , وليس التزاما بمبادئ الثورة كما اتضح لاحقا انها كلها محاصصات بين ذوي المصالح والنفوذ وليس انحيازا لحقوق المواطنين او التزاما بمبادئ الثورة . حين تقول النيابة العامة انها تلتزم بالوثيقة الدستورية يعني ذلك ان بعض بنود الوثيقة لا تتعارض مع مصالح النافذين الذين صاغوها فيتم الابقاء عليها , ولو كانت تعارضت مع مصالح النخبة المتحكمة لكان قد طالها التعديل كما طال غيرها من البنود. الوثيقة الدستورية ينطبق عليها قوله تعالى في ضلال اهل الكتاب والكيل بمكيالين "افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الى اشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون" (البقرة 85: صدق الله العظيم) . كان ينبغي على النيابة العامة ان تهتدي بمبادئ الثورة في التزامها بانفاذ القانون , ومتى ما تبينت ان اي من تلك القوانين يتعارض مع روح الثورة سارعت الى الغائه او تعديله مثلما فعلت في امور اخرى طالها التعديل في الوثيقة . والافضل من كل ذلك كله ان تسارع اجهزة العدالة و كل مؤسسات الدولة بتكوين الهيئة التشريعية من البداية حتى يستقيم ميزان العدالة باكرا لتقوم على اساسه المتين كل مؤسسات الحكم الانتقالي . الواقع الان ان كل مؤسسات الدولة تعمل في ما يشبه الفراغ التشريعي , فلم تقم مؤسسة التشريع بعد ولذلك كل الذي يجري الان هو عبارة عن هرولة ودغمسة لتحقيق مصالح المجموعات النافذة تطوع الوثيقة الدستورية بما يخدم مصالحها المتقاطعة اساسا مع مصالح الجماهير الذين فجروا الثورة . قامت الثورة حتى يتسنى سن قوانين جديدة ترسي الاسس السليمة للحكم الرشيد في البلاد . نعلم جميعا ان القوانين يصوغها النافذون, ويطالبون بسيادة حكم القانون الذي يفصلونه لتحقيق مصالحهم . فالاعتداد بالوثيقة الدستورية ايضا لا يسعف النيابة العامة في دفوعها ضد اتهامات لجنة ازالة التمكين.
    . ثالثا : الاستقلالية والحياد: الاستقلالية والحياد مطلوبات ضرورية في القائمين على امر العدالة . لكن في واقع الحياة ان النائب العام واطقم النيابة والسلك القضائي والعدلي هم في الغالب اعضاء اصيلبن في صفوف النخب النافذة المتحكمة . فمصالحهم تتماثل مع مصالح هذه النخب في ما يتصل بالسياسات العامة . في مثل هذه الاحوال هناك تنشأ حالة اقرب الى تضارب المصالح حين يكون وكيل النيابة في وضعه الاجتماعي ممثلا لمصالح المجموعة المتنفذة التي ينتمي اليها بينما يحتم عليه وضعه المهني ان ينحاز الى جانب الحق (تمثله في حالتنا هذه مطالب الثورة وحقوق عامة الشعب التي ثار لاجل تحقيقها) .
    تنشأ حالة التنازع عند وكيل النيابة عند انفاذ سيادة حكم القانونof Law Rule. فهو قد بصدر حكما متحيزا لطائفته من المتنفذين , وقد تأتي احكامه متسقة في الحفاظ على موازين القوى القائمة the status-quo , بحيث لا تمس بتفوق النخب النافذة التي ينتمي اليها في ذات الوقت لا تتغلب متطلبات الثورة وعامة الشعب . بمعنى أخر ان وكيل النيابة في حالة التزام الحياد فانه لم يتخذ موقفا مبدئيا حاسما بانحيازه للثورة واهدافها التي تسعى لاحداث تغيير جذري في بنية المجتمع وهياكله وقوانينه القائمة على الظلم والفساد والاستغلال . هذا بالطبع لا يعني ان كل وكلاء النيابة هم في هذه الخانة , هناك الكثير من اعضاء النيابة والسلك العدلي ممن اتخذوا هذا الموقف الحاسم في انحيازهم للثورة والايمان ياهدافها وهو قرار فردي نابع من موقف سياسي محدد رافض لمؤسسات النظام البائد ونصير لمبادئ الثورة واهدافها في بناء الوطن على اسس الحق والعدل والانصاف والمساواة . موقف النيابة العامة يجب ان يكون متسقا مع موقف لجنة ازالة التمكين الذي عبر عنه الاستاذ وجدي صالح بقوله ان لجنة ازالة التمكين نعم تتخذ موقفا سياسيا واضحا بانحيازها للثورة واهدافها , وليس في ذلك غضاضة فالثورة قامت في الاصل لاهداف سياسية رافضة للسياسات القديمة والبناء على اسس جديدة نصيرة للحق والعدل وكرامة الانسان .
    قول النيابة بالتزام الاستقلالية والحياد في اتخاذ الاحكام ليس كافيا لوحده ما لم يتبعه انحياز واضح للثورة ومبادئها . وهذا موقف سياسي وليس قانوني بتخذه وكيل النيابة كقرار فردي لقناعته بضرورة انتصار الثورة واهدافها نصرة للحقوق العامة التي نادى بها المواطنون بتوفير ضرورات العيش في الماكل والتعليم والصحة , حتى يحيا الناس حياة كريمة تصون انسانيتهم وتحفظ ودهم وترابطهم. وهذا انحياز وانتصار للعدالة في مقاصدها الفقهية العليا في تحقيق مبدأ حفظ النفس البشرية وصون كرامة الانسان الذي كرمه الله جل وعلا. "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وقضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" (الاسراء 70 : صدق الله العظيم).

    خاتمة :
    القوانين في ظل حكم انتقالي تكون في حالة سيولة وعدم ثبات لفترة قد تطول وقد تقصر , ذلك لأنها تمثل قوانين النظام المباد الذي قضت عليه الثورة وتسعى لصوغ قوانين بديلة تحقق مقاصدها في الحرية والسلام والعدالة والكرامة . الالتزام بمبادئ انفاذ القانون مثل الاستقلالية والحياد هي ضرورية ومطلوبة بشرط ان تكون في ظل نظام حكم مستقر ومستدام قامت قوانينه على اسس راسخة متفق حولها بين قطاعات الشعب . التزام الاستقلالية والحياد في ظل حكم انتقالي يقود بطبيعة الحال الى اصدار احكام لصالح النظام المباد الذي صاغ تلك القوانين في الاصل لخدمة مصالحه . التزام مبادئ الاستقلالية والحياد ليست كافية لوحدها لسيادة حكم القانون في ظل حكم انتقالي كما هو الان في السودان . لابد ان يتبع ذلك ايمان بمقاصد الثورة والتزام خط حكومة الثورة في انفاذ القانون بما يحقق العدالة والحرية والسلام التي نادت بها جموع الشعب الذين فجروا الثورة واتوا بحكومة الثورة لتمثلهم وتسعى لتزيل مقاصدهم الى ارض الواقع . فالشعب هو صاحب الحق الذى اتى بحكومته التي اوكلت للنيابة العامة واجهزة انفاذ القانون الاخرى مسؤولية تنزيل شعارات الثورة التي يجب احترامها من جميع موظفي الدولة وتنزيلها لأرض الواقع .



    د. احمد حموده حامد
    [email protected]
    الثلاثاء 9 فبراير 2021 م
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de