ليلة السكاكين الطويلة: التآمر على وزيري المالية الابراهيمين في 1975 و2020 م بقلم د. أحمد فضل الله

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 05:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-25-2020, 09:41 PM

د. احمد حموده حامد
<aد. احمد حموده حامد
تاريخ التسجيل: 07-04-2020
مجموع المشاركات: 7

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ليلة السكاكين الطويلة: التآمر على وزيري المالية الابراهيمين في 1975 و2020 م بقلم د. أحمد فضل الله

    09:41 PM July, 25 2020

    سودانيز اون لاين
    د. احمد حموده حامد-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر



    بلسم الله الرحمن الرحيم


    مقدمة:
    الجزء الأول من العنوان مقتبس من مقال د. عبد الله علي ابراهيم فصة "مصرع الوزير ابراهيم منعم منصور (طيب الله ثراه) وتكنوقراط دولة نميري (1975)”. فحوى المقال تحكي محنة التكنوقراط المهنيين النابهين والتزامهم الاخلاقي الصارم بالمؤسسية والعدل في توزيع الفرص , فضائل هي ذاتها اسباب مصارعهم في ميادين السياسة السودانية المليئة بالكيد والحفر من قبل ذوي الملكات المتواضعه "”mediocrity الذين يتأذون من سنن العدل ويؤلمهم نجاح ذوي العلم والأخلاق فيكيدون لهم كيدا.
    “Great spirits have always encountered violent opposition from mediocre minds” وكما يقول اينشتاين
    "النفوس العظيمة طالما لاقت معارضه عنيفة من العقول المتواضعة" (ترجمتي).
    تتكرر قصص التآمر مرة اخرى اليوم مع وزير المالية د. ابراهيم البدوي من ذات البؤر التي تؤذيها الاضواء الكاشفة بل تفضل العمل في الظلام ومن خلف الكواليس . هذا المقال يربط بين قصتي التآمر ضد وزيري الماليه الابراهيمين الذين تفصل بين فترتي تبوأهما هذه الوزارة 45 عاما , اي نحو اربع اوخمس اجيال متتالية, وكأنماعقلية التآمر في السياسة السودانية سنة تتوارثها الاجيال جيلا بعد جيل .
    قواسم مشتركة بين الوزيرين :
    الوزيران مشهود لهما بالاخلاق العالية والعلم والمهنية والنباهة والنزاهة والتزام جانب الحق والعدل
    من اميز الكفاءات الوطنية التي شرفت الوطن في اسهاماتهاعلى المستوىين العالمي والافليمي
    التزامهما الصارم بالمؤسسية وسيادة القانون على الكل
    ناصبهما العداء جهات نافذة في الدولة لا ترغب ان تمتثل للمؤسسية والشفافية .
    يؤمنان بان الوظيفة العامة تكليف لخدمة الشعب والوطن بتجرد ونكران ذات
    قدما استقالتيهما دون ضوضاء حين تبدت لهما اختلافات المشارب والرؤى والمكائد والطعن من الخلف فآثرا السلامة العامة على المواجهة الضارة بالمصلحة الوطنية
    تحسر على ذهابهما عامة الشعب والفقراء والطبقة الوسطى من المجتمع لانهما كانا نصيري هذه الطبقات المهضومة
    ينحدران من ذات المنطقة "مدينة النهود" بكردفان .
    صفات القادة الموهوبين وعداوة متواضعي الملكات لهم:
    يتفق علماء غلم القيادة في الماضي والحاضر على مجموعة من الصفات لابد ان تتوفر في القادة الموهوبين . القيادة اصبحت علم بذاته يجب الرجوع الى هذا العلم عند احتيار القادة , والا يترك الامر عفو الخاطر يتم الاختيار خبط عشواء خاصة في مثل ظروف السودان الحالية حيث يعتمد نجاح الدولة اوفشلها لحد كبير على مدى حسن اختيار القادة في هذه المرحلة المفصلية. من أهم الصفات التي يجب ان تتوفر في القادة الموهوبين هي:
    العلم : كلما علا المستوى التعليمي كان أفضل للقياده (نماذج عديدة من البلدان نهضت بسرعة وتقدمت لأن قادتها من حملة الدرجات العلمية العالية : ماليزيا , المانيا , موريشص , اثيوبيا , زمبابوي ... )
    الاخلاق: العدل النزاهة العمل والمسؤولية , القصد من القيادة خدمة الشعب ولذلك هذه الصفات مطلوبة لتقديم افضل خدمة لعامة الناس لنيل رضا الشعب والتزام الحق والحكم بالعدل فيما بين الناس لقفل باب الفتن و الصدامات الناجمة عن تضارب المصالح الفردية والجماعية عندما يغيب العدل.
    الشجاعة : لا يخشون في الحق لومة لائم , لايمانهم بان ما يقومون به هو الحق .
    التواضع والزهد : القيادة ليست مبتغاهم ولا يسعون اليها , بل يزهدون فيها وما يتبعها من امتيازات السلطة ولا يستعلون بسبب الجاه والسلطان بل يتواضعون تأدبا واحتراما للشعب.
    بالنظر الى الصفات المطلوبة في القادة يمكن القول ان الوزيرين هم ممن تتوفر فيهم صفات القادة الموهوبين . لكن هذه الصفات توغر صدور الاخرين ممن هم اقل حظا فتتولد عندهم مشاعر الحسد والغيره في النفس البشرية فيكيدون لمن خصهم الله تعالى بنعمة السمو والعلو ولنا في قابيل وهابيل واخوة يوسف خير مثال .
    المتآمرون في السياسة السودانية هم بالضرورة يفتقدون للصفات القيادية الحقة :
    ولان الشئء يعرف بضده , فالقادة الموهوبون يقابلهم قادة غير حقيقيين اومصنوعين صنعتهم الآلة الاعلامية الضخمة ومراكز القوى والمصالح في الداخل والخارج . القادة المصنوعين يعرفون حقيقة صنعهم جيدا ,وبعرفون كذلك انهم صنعوا كقيادات لأداء ادوار معينة لصالح صانعيهم وليس لصالح الوطن او الشعب الذي يحكمونه . القادة المصنوعين همهم الاول هو التمسك بالسلطة والجاه لتغذية شعورهم الزائف بالتفوق على القادة الموهوبين والكيد لهم . يقول عبد الله علي ابراهيم في قصة الكيد للوزير د. ابراهيم منعم منصور (طيب الله ثراه) حين وقف ليدافع عن نفسه في قبة الاتحاد الاشتراكي بحضور الرئيس جعفر محمد نميري عام 1975 , يقول :
    "وتقصدت الحاشية (الذين سماهم نشالي المتاجر) وزير المالية منعم منصور الذي وقف لهم بالمرصاد فتربصوا به في معركة اشتهرت ب "شركة وادي النيل لما وراء البحار ... ان يعرضوه لمحكمة الحزب الحاكم وفق قوانينه ... وكان نميري يفرك يديه طربا للفتنة التي تفرق (بين التكنوقراط انصار المؤسسية وبين حاشية السلطان نشالي المتاجر) فيسد" (انتهى الاقتباس). ذلك ان الرئيس وحاشية السلطان التي حوله يتفقون في الكيد للعلماء النزيهين العدول بسبب ما اصاب قلوبهم من غل وسوء طوية والرئيس فرح بهذه الفتنة في تقويض اسس الحكم الذي يجب ان يقوم على العدل والصدق واحقاق الحقوق . ليست هذه القيم مما يحفل به الحاكم العسكري اوالحاشية الذين يزينون له الباطل , وتكون النتيجة ان تنهار الدولة وتصبح غنيمة في ايدي من صنعوا القيادات الزائفة.
    ثالوث النخبة السياسية والعسكرية والرأسمالية:
    من محاسن ثورة ديسبر المجيدة انها فضحت تحالف ثالوت الاحزاب والعسكر وراس المال وبعده عن هموم وتطلعات الشعب السوداني العظيم . اكتشف السودانيون ان الثالوث تهمه المصالح الضيقة والمناصب والجاه , يدير دولاب الدولة كالتاجر الذي تهمه تجارته وأرباحه في علاقتهم بالشعب . فحولوا مؤسسات الدولة لاعمال تجارية يتربحون فيها من بيع الخدمات للشعب الذي يفترض ان يقدموا له هذه الخدمات مجانا مثل التعليم والصحة ويوفروا له سبل العيش الكريم . وهوالثالوث الذي افشل ثورتين عظيمتين سابقتين والآن يسعى جاهدا لأفشال ثورة ديسمبر المجيدة . فما ان لاحت الغنائم في توزيع مناصب الولاة والوزراء والمجالس حتى ابان الشره للسلطة ضعف القيادات امام اغراءات الجاه والسلطان. عرف الشعب الآن ان النخب همها هو التكالب على المناصب فظهر التنافر وطفحت المكائد . المناكفات والتنافروالتخوين المتبادل الحاصل الآن ما هي الا خطوات تنظيم في اتجاه عرقلة تنفيذ أهداف الثورة .
    الاحزاب السياسية: توجهاتها الفكرية والتكسب من السياسة وامتيازات الدعم السلعي:
    العديد من الاحزاب السياسية السودانية لها خصائص خاصة بها فيما يتصل بماهية توجهاتها الفكرية وانتمائها الوجداني ومراعاتها لهموم عامة السودانيين . بعض الاحزاب لها امتدادات عميقه في الجوار الاقليمي مثل الناصريين والبعثيين والشيوعيين والاتحاديين ووالاشقاء ووحدة وادي النيل وغيرها. ويحق لكل سوداني ان يسأل اسئلة بديهية : ما هو موقف هذه الاحزاب من قضية الهوية السودانية؟ هل تؤمن بالهوية السودانية الجامعة؟ ام الهوية المزدوجة ؟ ام الهوية المصرية ام النوبية ؟ ام العربية؟ أم الافريقية؟ ما هوموقف هذه الاحزاب من الحروب الاهلية المستمرة منذ الاستقلال وحتى اليوم ؟ وما هو تفسيرها لهذه الحروب الاهلية ومسوغات استمرارها من قبل الدولة ؟ وما هوموقف هذه الاحزاب من عملية السلام المستمرة منذ عام ولم يتم التوصل للسلام بعد؟ وما هو السلام الذي تريده يتحقق؟ ولماذ تدخلت في عملية التفاوض وهي تحمل فكر ووجدان مزدوج الولاء ولماذا لم تترك التفاوض للحكومة والمجلس الاعلى للسلام لابرام تصالح وطني شامل مع حاملي السلاح يراعي حقوق كل السودانيين دون تمييز؟ اسئلة كثيرة تدور في اذهان عامة السودانيين الذين شعروا ان هناك هوة عميقة تفصل بينهم وبين هذه الاحزاب . وان ثورة ديسمبر المجيدة ما كانت لتنجح لوكان تصدرتها هذه الاحزاب لولا ان قيض الله سبحانه ان أوجد تجمع المهنيين الذي التفت حوله الجماهير لقيادة الثورة حتى التجاح . فشلت الاحزاب السياسية في قيادة السودان وهي تتبوأ مراكز القيادة منذ الاستقلال وحتى اليوم وقادته لنحو 66 عاما ان بصير دولة فاشلة والسودان يمتلك كل المقومات ان يكون من بين ارغد بلدان العالم عيشا , واليوم السودانيون يكابدون الجوع وشظف العيش وانعدام ضروريات الحياة والاقتصاد في حالة احتضار. فشلت الاحزاب لأنها لم تكن تضع قضاياعامة الشعب وهمومه ضمن اولوياتها بل كان همها دوما هو التكسب من السياسة لبلوغ السلطة والجاه . والحال هكذا , لماذا تصر الاحزاب السياسية بعد كل هذا الفشل المريع ان تتسيد المشهد مرة أخرى تفرض وزراءها وولاتها ومجالسها لادارة دولاب الدولة؟ هل لاضافة المزيد من الفشل؟ ام لتفكيك ما تبقى من السودان لدويلات ضعيفة متناحرة تكون لقمة سائغة للضباع الجائعة المتربصة بالوطن؟
    لأجل التمتع بمزايا السلطة بالاضافة الى الامتيازات التي يوفرها الدعم السلعي الذي يستهدف مركز السلطة كرشوة سياسية وتستفيد منه بوجه خاص النخب هذا ما حمل أحزاب قحت ان ضغظت في اتجاه افشال خظة البدوي لانتشال الاقتصاد السوداني من "الحفرة العميقة التي وقع فيها المقدرة ب 66 مليار دولار" حسب تعبيره . بل ودخلت معه في مناكفات عديدة ثم طالبت صراحة باقالته بحجج ان رفع الدعم خط احمر . كان البدوي واضحا وشجاعا في مواجهته لمعسكر النخب التي ناصبته العداوة . كان مصرا على ازالة التشوهات في الاقتصاد السوداني ومن ضمن ذلك رفع الدعم , لأن الدعم يذهب لغير المستحقين من النخب غير المنتجة وبدأ فعلا في توجيهه للمستحقين من المنتجين الحقيقيين فقراء الهامش ممن تم افقارهم نتيجة لبنية الاقتصاد المشوه , وايضا للموظفين الذين يشكلون الطبقة الوسطى ممن تم سحقهم تماما واصاروا أفقر طبقات المجتمع على الاطلاق . مثال لذلك قصة الاستاذ الجامعى الذي كان راتبه لا يتعدى ال 5 الف جنيه مما اضطره للشغل عامل طلبة يومية . الوزير البدوي هو نصير هذه الطبقات المظلومة والمهضومة الحقوق في الاقتصاد السوداني الذي سعى الوزير لاصلاحه . كيف لاقتصاد ان ينهض والمنتجون الحقيقيون في مناطق الانتاج هم جموع مهمشة مظلومة مهضومة الحقوق على مر تاريخ السودان المعاصر ومناطق الانتاج هي ميادين مفتوحة للحروب؟ كيف لاقتصاد ان ينهض والمعلمين الذين يربون ويؤهلون اجيال المستقبل لا يجدون ما يسد رمقهم ؟ بينما تذهب الموارد الضخمة لقطاعات غير منتجة من الوسطاء وتجار العملة والسماسرة والبنوك التي لا تستثمر في الانتاج بل في فائض عمالة صغار المنتجين لتصديرها للخارج ومن ضمنها الحبوب وترك الناس يقاسون الجوع . مثال لذلك يشتري التجار وكلاء البنوك الخروف من سوق الخوي ب 5 الف جنيه , بينما يبيعومه في السعودية - حسب تصريخ رئيس غرفة مصدري الماشية - ب 1500 ريال, ما يعادل 54 الف جنيه. يعني ذلك ان سلسلة حلقة التجار والبنوك والسماسرة والوسطاء والمصدرين ومعهم الدولة يمثلها ممتهني السياسة يستحوزون في ما بينهم على 49 الف من سعر الخروف الواحد (بنسبة 90.4%) بينما نصيب المنتج الذي ظل يربي هذا الخروف لسنتين نصيبه 5 الف جنيه (بنسبة 9.6%) . هؤلاء هم النخب في المركز وحدهم المستفيدون من الابقاء على الدعم وديمومة التشوهات العميقة في الاقتصاد السوداني . ولان برنامج البدوي الاقتصادي يسعى للاصلاح الذي سوف يجردهم من الامتيازات وتوزيعها على المستحقين من قطاعات الشعب المنتجة , تآمر الثالوث الذين تتشابك مصالحهم للاطاحة به .
    القوات النظامية ومؤسساتها الاقتصادية التي ترفض ايلولتها لوزارة المالية :
    القوات النظامية مثلها مثل الاحزاب السياسية بل تتفوق عليها في انها كانت ولا تزال الحاكم الفعلي للسودان على مدى 56 سنة من 66 سنة هو عمر السودان المستقل. هناك الكثير مما قيل وكتب عن القوات النظامية والمؤسسة العسكرية بوجه خاص . من اكبر السوءات هو تسييس المؤسسة العسكرية وانحراف عقيدتها التي يفترض فيها المهنية والقومية والبعد عن الانتماءات الحزبية . ومن اكبر الاخطاء ايضا اشتغال القوات النظامية في الاقتصاد والتجارة . تشير التقديرات ان القوات النظامية خاصة الجيش والامن تسيطر على غالب النشاط الاقتصادي في البلاد . وان الشركات والاعمال التجارية المملوكة للقوات النظامية تدر موارد ضخمة لكنها لا تجد طريقها للخزينة العامة بل يتم نجنيب هذه الموارد . تشير التقارير مثلا ان قيمة مؤسسات القوات المسلحة تقدر بحوالى 90 مليار دولار في الوقت الذي كان وزير المالية يطلب حوالى 8 مليون دولار لكي يقف الاقتصاد على رجليه وحين طلب وزير المالية الاسبق ان تكون لوزارته الولاية على كافة الموارد بما فيها الشركات التابعة للقوات النظامية تمسكت القوات بشركاتها ومواردها وتركت الحكومة التي هي جزء منها تركتها تواجه الافلاس الاقتصادي التام عاجزة عن سداد فواتير الصروريات مثل الخبز والدواء . استقالة وزير المالية د. ابراهيم البدوي يمكن النظر اليها من باب التآمر بقصد "التقويض" المتعمد لخطته في ادارة الافتصاد واصلاحه تقوم على المؤسسية والشفافية وولاية وزازة المالية على كافة الموارد بما فيها شركات القوات النظامية . ولذلك فعندما طلب من حكومة الثورة سن تشريعات تعطي وزارته حق الولاية على المال العام أثار مخاوف الثالوث : العسكريين وشركائهم السياسيين والرأسماليين, ما جر عليه عداوتهم فعجلوا بازاحته عن المشهد .
    الراسمالية ومكاسبها في واقع اقتصاد مأزوم بغياب الشفافية والمؤسسية:
    الرأسمالة السودانية تحيط بها العديد من الأدواء خاصة غياب الشفافية والمؤسسية وهي تزدهر في ظل هذا الغياب . يجب الاقرار في البدء ان اي رأسمالي همه الأول هو الربح وتكثير عائداته وتوسعة رأسماله . ليس في ذلك غضاضة . لكن النشاط الرأسمالي يجب ان يكون منضبطا بالسياسات والتوجيهات العامة التي تحددها الدولة حتى لا يصير النشاط الرأسمالي غولا يلتهم الناس ومن السهل جدا ان يصير كذلك في ظل غياب سلطة الدولة في تنظيمه ومراقبته . ظل النشاط الراسمالي في السودان دون رقيب او حسييب لعقود من الزمان غابت عنه ضوابط الشفافية والمؤسسية ما قاد للتشوهات العميقة في بنية الاقتصاد واصيب بامراض خطيرة نفرت منه الشركاء الخارجين ما كان نتيجته عزل الاقتصاد السوداني عن الاقتصاد العالمي. بالطبع – في غياب الرقابة الرسمية والتنظيم - أثرى الراسماليون السودانيون ثراء فاحشا وصاروا – حسب تقرير امريكي – من أثرى أثرياء العالم في بلد غالبية سكانه يعيشون تحت خط الفقر . ومن اللافت ان اثرياء السودان هم في الغالب ممن شغلوا مناصب ادارية عليا في جهاز الدولة , ما يشير بوضوح لبيئة الفساد وتشايك المصالج والتماهي بين المؤسسات الرأسمالية وأجهزة الدولة الرسمية التي يفترض ان تقوم بالدور الرقابي والتنظمي للانشطة الراسمالية والاستثمارية .
    سعى الوزير البدوى لازالة التشوهات في الاقتصاد السوداني وكان من ضمن ذلك اعمال مبادئ الشفافية والمؤسسية واعادة هيكلة بعض المؤسسات والبنوك ودمج بعضها والالتزام بالموجهات التنظيمية العامة التي تصدر من وزارة المالية وبنك السودان المركزي . عنت هذه التوجهات بدأ الاصلاح الحقيقي في القطاع الراسمالي والمؤسسات والبنوك وتنظيم اتشطتها والزامها تقديم خدمات للمواطنين واجبة النفاذ بموجب عقد التصديق الممنوح لها بمزاولة الاعمال . مثال لذلك الزام البنوك تقديم قروض للمنتجين وتسهيلات لتشييد المنازل وتمليك السيارات وغيرها .كما شملت الاصلاحات تقديم تقارير دورية عن الاتشطة وحركة رؤوس الاموال بقصد الشفافية والنراهة المالية التي هي من الشروط الضرورية لمنح السودان صك الغفران والسلامة لدمجه في الاقتصاد العالمي . بالطبع لم تعجب هذه الاصلاحات المؤسسات المالية والرأسمالبة في البلاد وخشيت على الكثير المثير من انشطتها التي كانت مستترة ان يفتضح امرها ربما بسبب مخالفتها للقوانين او شبهات بغسيل الاموال وغيرها من الانشطة المحرمة . ولذلك سعت مع شركائها السياسيين والعسكريين الى التصدي لبرناج البدوي الاصلاحي لانهم يرون فيه تهديدا لمصالحعهم.
    الخلاصة :
    الوزير ايراهيم البدوي مثل سلفه الوزير ابراهيم منعم منصور وقف للثالوث بالمرصاد فتربصوا به كما تربصوا بسلفه ليس مراعاة للمصالح العليا للبلاد في التوزيع العادل للثروة والفرص , بل لمصالح ذاتية ضيقة . حقيقة ان الوزيرين ينحدران من ذات المنطقة والمدينة النهود بغرب كردفان احدي اغنى ولايات السودان بمواردها لكنها ايضا من اكثرها تهميشا وفقر أ. يدركان بواقع الحال تضاريس الاقتصاد السياسي السوداني وان النخب الحاكمة في مركز الدولة تفرض سيطرتها السياسية وهيمنتها الاقتصادية الكاملة على وسائل الانتاج وتوزيع الثروة التي تستحوذ فيها على كل الامتيازات مبقية الاقاليم الطرفية المنتجة في حالة تبعية واستنزاف دائمين . هذا الوضع المختل جدا حمل بعض المناطق المغبونة على حمل السلاح ضد الدولة مطالبين بحقوق المواطنة المتساوية . هذا الوضع المأزوم في بنية الدولة السودانية لابد له ان يتصحح بواسطة قادة أقوياء شجعان عدول لوضع "عقد اجتماعي جديد" يحل محل ميزان القوى المختل منذ عقود , عقد اجتماعي جديد تتوزع فيه الموارد بعدالة تعطي كل ذي حق حقه حتى تنتفي ثنائية المركز والهامش مسببات الغبن والحروب . اختار الوزيران السير في هذا الاتجاه الاصلاحي لكن "نخب الفساد والاستبداد" – كما بنعتهم منصور خالد – تريد السير في طريق الفساد والاستبداد . وهذا الطريق لا يبني امة , بل مصيره الفشل . وفشل الدولة السودانية فيه منافع حمة لقوى تتربص سوانح الفشل تبتهج طربا ان خططها الخبيثة تنفذها ايادي سودانية.
    د. أحمد حموده حامد فضل الله
    ⁕ دكتوراة الاقتصاد السياسي جامعة ليدز (في مشكلة الجوع والامن الغذائي في السودان . لم تسمح جامعة الخرطوم يتدريس هذه المادة. وهذه قصة أخرى من القصص المثيرة نعرض لها في سانحة أخرى ان شاء الله ).
    استاذ اللغة الانجليزية
    [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de