يقول أهل الحكمة : ( ليس في الإمكان إرضاء كل إنسان ) ،، قال الأب الحكيم ذات يوم لابنه : ( يا بني ليس في الإمكان إرضاء كل إنسان ) ،، فلما حاججه الابن في ذلك القول قال له سوف أثبت لك تلك الحقيقة بالأدلة والبراهين ،، وفي ذات يوم طلب من أبنه أن يركب حماراً ثم مشى هو على رجليه خلف الحمار ،، وحين مروا على جماعة كانوا يجلسون عند قارعة الطريق همسوا قائلين : ( أنظروا لذلك الابن العاق الذي لا يحسن الأدب ،، كيف يركب الحمار وأبيه يمشي على أقدامه )،، وعند ذلك طلب الأب من ابنه أن يسترجل عن ظهر الحمار ،، ثم ركب هو على الحمار والابن يمشي خلف الحمار ،، وحين مروا على جماعة يجلسون عند قارعة الطريق همسوا قائلين : ( أنظروا لذلك الأب القاسي الذي لا يملك مثقال ذرة من الشفقة والرحمة على ابنه ،، وعند ذلك طلب الأب من ابنه أن يركب معه فوق ظهر الحمار ،، فركب الاثنان فوق ظهر الحمار ثم مضوا في الطريق ،، وحين مروا على جماعة يجلسون عند قارعة الطريق همسوا قائلين : ( أنظروا كيف أن هؤلاء القساة لا يشفقون على تلك الدابة المسكينة ،، فنزل الأب والابن عن ظهر الحمار ومشوا في الطريق بالأرجل والحمار يمشي من خلفهم ،، وحين مروا على جماعة يجلسون عند قارعة الطريق همسوا قائلين : ( ما أغبى ذلك الأب وذلك الابن ،، حيث يمشون على الأقدام والحمار يتبعهم من الخلف !!!! ) ،، وعند ذلك حمل الأب الحمار فوق كتفه وهو يمسك بالأرجل الأمامية وطلب من ابنه أن يحمل الحمار من الخلف ويمسك الأرجل الخلفية ،، وحين مروا على جماعة يجلسون عند قارعة الطريق همسوا قائلين وهم يضحكون : ( لم نشهد طوال حياتنا مثل ذلك الأب وذلك الابن في درجات الغباء والبلاهة !!! ) ,, وحينها قال الأب لابنه ألا تصدقني الآن بأنه ليس في الإمكان إرضاء كل إنسان ؟؟؟؟؟؟؟؟
تلك الحقيقة تسري على أبناء السودان في كافة مجالات الحياة ،، ومن سابع المستحيلات أن يلتقي أبناء السودان حول مائدة الوفاق والاتفاق ،، يشتكي الشعب السوداني من تلك الضائقة المعيشية لسنوات وسنوات ،، وحين يهب هؤلاء المسئولين في البلاد لمعالجة أسباب تلك الضائقة المعيشية ثم يتحركون في اتجاه من الاتجاهات للخروج من تلك الضائقة نجد بين أبناء السودان من ينتقد تلك الخطوة والحراك بشدة !! ،، وبالأمس تناولت وكالات الأنباء المحلية والعالمية مسارات الأحداث حول ( مؤتمر باريس ) ،، ذلك المؤتمر الذي أجتهد كثيراَ ليوجد المقدور والمتاح الذي ينفع البلاد ،، ولكن مع الأسف الشديد فإن البعض من أبناء السودان كالعادة لا يعجبه العجب ولا يعجبه الصيام في رجب ،، وبغض النظر عن نجاح أو عدم نجاح محصلات ذلك المؤتمر في باريس فإن مجرد المحاولة تستحق الإشادة لكل من أشترك وساهم في ذلك المؤتمر ،، وبنفس القدر فإن إعفاء أو عدم إعفاء الديون المتراكمة على دولة السودان ليس بذلك الحكم الجازم الذي يمنع المحاولة !! ,, فإذا تحققت تلك الأمنية وتم إعفاء دولة السودان من تلك الديون المتراكمة فالحمد والشكر لله ،، ثم ذلك الثناء والمدح لكل من ساهم وشارك في ذلك المؤتمر ،، وإذا لم يتم إعفاء دولة السودان من تلك الديون المتراكمة فمجرد المحاولة من هؤلاء الذين اشتركوا في ذلك المؤتمر يستحق الإشادة والتمجيد ،، ولا يعني عدم الإعفاء لديون دولة السودان نهاية المطاف ،، فتلك الدول العديدة العاقلة في أرجاء العالم تحاول وتجتهد لمرات ومرات حتى تنال تلك الإعفاءات في نهاية المطاف ،، وبنفس القدر إذا أثمرت محصلات ذلك المؤتمر وأجلبت للبلاد تلك الاستثمارات بالكثافة المطلوبة فالحمد والشكر لله ،، ثم ذلك الثناء والمدح لهؤلاء الذين اشتركوا في ذلك المؤتمر العالمي ،، وإذا لم تكن تلك المحصلات بمقدار طموحات الأمة بذلك القدر المطلوب فإن ذلك الأمر لا يعني نهاية المطاف ،، بل مجرد محاولات لابد أن تعقبها محاولات أخرى وأخرى ،، وذلك حتى يتم تحقيق تلك الأهداف في يوم من الأيام ،، وتلك هي سنة الاستثمارات في كافة أرجاء العالم .
لا يمكن بأي حال من الأحوال إرضاء إنسان السودان ،، وهو ذلك الإنسان الذي دائماَ وأبداَ يقرن العناد في تحليلاته بموجب الأهواء التي تطرب وتدغدغ مشاعره !! ,, ولا يملك ذلك التوازن العقلي الذي يوافق المنطق السليم ،، ولا يحكم على مجريات قضية من القضايا والأحداث بعد التحقيق والتأكد ,, وهو بذلك الحكم المعجل يخالف المعقول بالقدر الذي يخالف العقل والمنطق السليم ،، وتلك التجارب قد أثبتت أن إنسان السودان هو مدمن الانتقادات والاستنكارات في السراء والضراء ،، ولا يعقل إطلاقاً أن يدمن الإنسان تلك العادة القبيحة لسنوات وسنوات دون أي كلل أو ملل أو دون أية فوائد تلحق بالبلاد ،، وقد جاء الوقت ليهجر أبناء السودان تلك العادة المشينة وأن يتناولوا تلك الأمور بمنتهى العقلانية والتفكر السليم ،، وبحق وحقيقة تسرى على إنسان السودان تلك الحكمة التي تقول ( ليس في الإمكان إرضاء كل إنسان !! ) ،، ومن الصعب للغاية نيل الرضا من إنسان السودان دون ذلك الانتقاد المتعمد في كل الأحوال ،، فهو ذلك الإنسان الذي يتمسك بالفكرة بغض النظر عن صواب أو عدم صواب تلك الفكرة ،، وحين لا يتفق مع حكومة من الحكومات نجده ينتقدها في كافة الأحوال ،، فهو ينتقدها في حالات الأخطاء والفشل ،، وفي نفس الوقت ينتقدها في حالات الصواب والصحيح ،، وتلك علة من علل أبناء السودان الغير معقولة والغير مقبولة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست