هناك شخصيات واضحة، وهناك شخصيات تحاول الغتغتة والدسدسة. من اأنواع الشخصيات الواضحة، وخاصة في مسألة الدين، سنجد محمد مصطفى عبد القادر، الذي هو اكثر الناس فهما للإسلام، واكثرهم صدقاً، وأما في الإلحاد فهو سيد القمني، أما الإلتفافيون فهم اصحاب الغرض. أولئك الذين بقولون ما يودون سماعه. لقد تحدث الشيخ مصطفى كثيراً، عن قضايا، يخفيها الكثير من الناس، مثل الغزوات وسبي النساء، وغير ذلك. ولا اعرف لماذا استنكر بعض المسلمين ذلك، أجهلاً بالدين مثلا؟ ألم يسمعوا عن غزوات المسلمين، وسبي النساء ومنهن ام المؤمنين صفية ابنة حيي بن اخطب وهو زعيم اهم قبائل اليهود. هناك في الواقع شخصان هم اكثر الصادقين في مسائل الحياة، الشخص المؤمن المقتنع بصحة دينه صحة مطلقة، والملحد المؤمن بصحة إلحاده صحة مطلقة، أما من هم بين بين، لا هم مع هؤلاء ولا هؤلاء، فهم أصحاب الغرض. لقد تحدث الممثل المسرحي فضيل عن اتفاقية سيداو، وكل ما قاله عن التعارض بينها وبين قواعد الدين صحيح. فلم غضب هؤلاء. إن كنت إنسان غير مزيف القناعات فقل الحقيقة. إن كنت مؤمنا بصحة دينك صحة مطلقة، فقل بأن هناك تعارضاً بين سيداو وبين الشريعة الإسلامية. وإن كنت ملحداً، فقل ذلك ايضاً، وليدافع كل منهما عن ما يؤمن به، لا أن يتعامل مع دينه أو إلحاده باستخفاف. لذلك سنجد القرآن لعن المنافقين أكثر من المصرحين بكفرهم. لأنهم يشوهون حقيقة الدين، فالملحد يقول الحقيقة، والمؤمن يقول الحقيقة أيضاً، أما المنافق، فتفزعه الحقيقة، كما أفزعت هؤلاء وهم يشاهدون تمثيلية فضيل. لقد افزعهم ان يقولوا بتعارض الدين وسيداو، لأنهم يريدون تمرير أجندة سياسية بهدوء وبدون ضجيج. وبعضهم لا يريد إلصاق عدم مساواة المرأة بالرجل في الإسلام فيلوي عنق الحقائق. وكلاهما يضر بإلحاده وبدينه في نفس الوقت. فهذه المسائل لا تتحمل الكذب. قال فضيل بأن التعدد تمنعه سيداو، وهذا حقيفي، وقال بأن المرأة ستخرج من منزل زوجها كما تريد، وهذا أيضاً حقيقي، لأن سيداو في كل الأحوال تفرض مساواة مطلقة بين الرجل والمرأة. فسواء كنت مؤمناً أم ملحداً فلتقل ذلك. لماذا أنتم مرتعبون هكذا؟ فليقل الصادقون بأنهم يريدون تطبيق سيداو ولو تعارضت مع الإسلام لأنهم يرون الأسلام خطأ. وليقل المؤمنون بأنهم سيطبقون الإسلام لأنهم يرون سيداو خطأ. ولكن لا تكذب وتقل بأنه لا تعارض بينهما، ثم تأتِ بتبريرات تكشف عن جهلك بسيداو قبل جهلك بالدين. دعوني اقول، بأن الإسلام ليس فيه مداهنات، إنه دين واضح جداً. ولا يقبل الإلتفاف عليه. كنت قد كتبت مقالاً أيام حكم البشير، عن نفاق الإسلاميين وهم يخادعون الله بالمرابحات الإلتفافية والتأمين الذي يسمونه تكافلياً زوراً وبهتاناً، وهم يعلمون أن بني إسرائيل فعلوا ذات الأمر حينما حرم عليهم الله الصيد يوم السبت، فكانوا يضعون شباكهم يوم الجمعة، ويعودون يوم الأحد فيجدونها ممتلأة بالسمك. فهل أدى إلتفافهم ذاك إلى الإفلات من العقاب على مخالفتهم للأوامر؟ بالطبع لا، فبحسب القرآن، لقد مسخهم الله لقردة وخنازير. والإسلاميون منذ أول يوم لحكمهم، لم يكونوا صادقين مع الله، ولم يطبقوا الدين، بل كانوا كالقحاطة جبناء. فانتشر فسادهم بدلاً عن ورعهم، وكذبهم بدلاً عن صدقهم، ونفاقهم بدلاً عن أيمانهم، فخسروا، فانقلبوا من بعد أمن خوفا ورهبا. والقحاطة كذلك. ملحدون، ولديهم أوامر قادمة من فرنسا لتحويل الدولة للعلمانية، لكنهم أيضاً جبناء، فلن يطبقوا علمانية حقيقية، كما لم يطبق الإسلاميون شريعة صحيحة. إن هذه الآيدولوجيات ليست إيدولوجيات نسبية. وإلا لما تحولت في اذهان الناس كممثلة للحقيقة المطلقة. وإذا كان العلماني، يقبل التنازل عن جزء من علمانيته، فما المانع من أن يتنازل عنها كلها، وكذا الحال عند المسلم المؤمن، إن كان يقبل التخلي عن جزء من دينه، فلِمَ لا يتخلى عنه بالكامل. فالمبادئ في كل الأحوال لا تتجزأ، فإن تجزأت فقدت قوتها المعتبرة في النفوس. لذلك المشكلة ليست في فضيل، ولا في مصطفى عبد القادر ولا غيرهم، لأنها ليست في الإسلام ولا العلمانية، بل فيمن لا يؤمنون حقاً وصدقاً لا بهذا ولا بذاك. إنها شخصيات، لا تريد سماع ما لا تريد سماعه. وهذه المشكلة ليست مقصورة على العلمانيين والمسلمين، بل ستجدها حتى عند أصحاب الإيدولوجيات الأخرى، كالشيوعيين والبعثيين..الخ. إنهم يقولون ما لا يفعلون، وينعقون بما لا يفقهون، فيتبعهم الغاوون، حتى تراهم في كل وادٍ يهيمون.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة