الناظر المتعمق لأحوال الشعب السوداني منذ خروج المستعمر من البلاد يتعجب من ذلك المصير القاتم المحتوم ،، فهو ذلك المصير المنحوس بكل المعايير والقياسات .. في مرحلة من مراحل المسار في البلاد كان الشعب يوالي بالطاعة العمياء والإذعان والخضوع لتلك الجهات الحزبية والطائفية .. حيث ذلك الركوع وتقبيل الأيادي ثم ترديد : ( يا سيدي ويا مولاي !! ) ,, ورغم ذلك لم تكن حظوظه في الحياة إلا ذلك التهميش والخوض مع الخائضين في الساحات الخلفية طوال المدى والسنوات .. ثم في مرحلة من مراحل المسار قد تمرد الشعب السوداني على تلك الأحزاب والطائفية والرجعية .. ورغم ذلك لم تكن حظوظه في الحياة إلا أن يتواجد في خانة المغضوب عليهم والمطرودين من رحمة الأحزاب والبشر .. فهو ذلك الشعب الذي قد أذاق الأمرين في ظلال الأحزاب السودانية .. وقد واكب تلك الأفكار اليسارية واليمينية المتطرفة بأشكالها وألوانها في مسار البلاد .. فلم تكن حظوظه إلا تلك الويلات والأوجاع في ظلال كافة تلك التجارب .. بل كان دائماً وأبداً هو ذلك الشعب المنكوب بكل القياسات .
وفي مراحل أخرى من مراحل المسار قد دخلت البلاد في تجارب الانقلابات العسكرية .. وهي تلك ( المراحل العسكرية ) التي كانت تفرض ذاتها بالقوة وتتواجد في قيادة البلاد رغم الأنوف .. وكان الشعب السوداني دائماً يواكب تلك ( المراحل العسكرية ) على مضض شديد ،، ثم كان يحسن النوايا على أمل أن تتقدم البلاد نحو الأمام .. ورغم ذلك فإن تلك (المراحل العسكرية ) لم تكن بتلك النعمة والرفاهية المرجوة .. بل كانت تلك ( المراحل العسكرية ) تمثل الويلات والأوجاع على البلاد وعلى الشعب السوداني ،، ثم ذلك الإذلال والمهانة طوال المدى والسنوات .. وكانت خاتمة المطاف تلك التجربة المريرة القاسية مع نظام الإنقاذ .. حيث صبر الشعب السوداني طويلاً وتحمل تلك الويلات والأوجاع لمدة ثلاثين عاماُ رغم الفساد والمفاسد .. وذلك من فرط اليأس الشديد ،، ومن كثرة التجارب الفاشلة الخائبة طوال السنوات بعد الاستقلال .
وقد تجلت عبقرية الشعب السوداني حين ابتكر ظاهرة ( الانتفاضات ) منذ خمسينات القرن الماضي .. فهو ذلك الشعب الرائد المتمرد الخطير الذي سبق شعوب المنطقة بفلسفة ( الانتفاضات ) .. وبمنتهى الجرأة والشجاعة والإقدام فإن الشعب السوداني قد رفض ظلم الطغاة والديكتاتورية في البلاد منذ خمسينات القرن الماضي .. وقد مارس الشعب السوداني تلك ( الانتفاضات ) لمرات عديدة حتى عرف بين الشعوب بأنه : ( شعب الانتفاضات ) منذ خمسينات القرن الماضي .. ولكن العجيب في الأمر أن الشعب السوداني كان دائماً وأبداً يحصد ثمار تلك ( الانتفاضات ) حنظلاً وعلقماً في نهاية المطاف .. وبالأخص فإن محصلات الانتفاضة ( الأخيرة ) كانت من أوجع وأفظع المحصلات في تاريخ البلاد .. وهي تلك المحصلات التي تراجعت بالبلاد إلى الهاوية السحيقة بكل القياسات .. ودولة السودان قد شهدت من قبل الكثير والكثير من تلك الانتكاسات .. ولكنها لم تشهد إطلاقاً مثل الانتكاسة بمعية الحكومة الانتقالية الحالية برئاسة السيد عبد الله حمدوك ووزراءه الكرام .. فتلك الأحوال في البلاد في ظلال تلك الحكومة الانتقالية المؤقتة بقيادة ذلك ( البرهان ) وعبد الله حمدوك ووزرائه قد تراجعت نحو الهاوية بطريقة سريعة للغاية ،، وذلك فقط في خلال عامين من عمر الزمان .. وتلك الأوجاع والغلاء والأزمات والفوضى وانفلات الأمن خلال تلك العامين بمعية حكومة السيد عبد الله حمدوك تفوق ألف مرة تلك الأوجاع والويلات والأزمات التي كانت قائمة وسائدة في أيام الإنقاذ البائد الظالم لثلاثين عاما ., وتلك الحقيقة المريرة تؤكد بأن الشعب السوداني لا يملك الحظوظ مع تلك التجارب السياسية .. فهو دائماً وأبداً مظلوم طوال المدى والسنوات عبر التاريخ .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست