نتعجب كثيراَ من مادح يمدح مرحلة سياسية بعينها حكمت البلاد منذ الاستقلال ،، فهنالك من يمدح تلك المراحل ( المدنية ) التي حكمت فيها الأحزاب السودانية ،، وهنالك من يمدح تلك المراحل التي حكمت فيها تلك الحكومات العسكرية ،، هنالك من يرى أن فترة الحكم بقيادة السيد إسماعيل الأزهري وعبد الله خليل والمحجوب والصادق المهدي هي من أفضل الفترات التي حكمت السودان منذ الاستقلال ،، وهنالك من يرى أن فترة حكم الفريق ( عبود ) هي من أفضل الفترات التي حكمت البلاد منذ الاستقلال ،، وهنالك من يرى أن فترة حكم ( جعفر النميري ) هي من أفضل الفترات التي حكمت البلاد منذ الاستقلال ،، وهنالك من يرى أن أفضل الفترات التي حكمت البلاد هي فترة حكومة الإنقاذ البائد ،، والمعضلة الكبرى تتجسد حين يتمسك البعض بتلك الأحكام الاجتهادية بطريقة مفرطة ومقترنة بالحماقة ،، والبعض من هؤلاء يكاد أن يضارب بالأيدي حين يدافع عن مرحلة من تلك المراحل السياسية .. والشواهد في أرض الواقع تؤكد بأن دولة السودانية منذ لحظات الاستقلال لم تجد ذلك ( الاستقرار والهدوء ) والبيئة التوافقية السليمة بين مكونات المجتمع السوداني ،، تلك البيئة التي تعين أهل الاختصاص والعلماء وأهل الكفاءات ورجال المال والاقتصاد في البلاد على التخطيط السليم ووضع تلك البرامج الإنمائية والعمرانية طويلة المدى بالقدر الذي يتقدم بالبلاد ،، فتلك المخططات والبرامج الإنمائية في ظلال تلك المراحل المدنية أو العسكرية ( رغم تواضعها ) كانت تموت فجأة بفعل التقلبات والاضطرابات والأوضاع السياسية الغير مستقرة في البلاد ،، بجانب تلك التغيرات والتبديلات الكثيرة المستمرة والغير مستقرة لأهل الوظائف والمناصب وأهل الخبرات والوزراء طبقاَ للتقلبات السياسية ،، بجانب تلك القلاقل والاضطرابات والحروب الأهلية التي كانت تشهدها البلاد ،، وعليه فإن دولة السودان لم تنعم إطلاقاَ بمرحلة حكم تستحق ذلك المدح والثناء ،، لا مرحلة حكم ( مدنية ) تنفرد لتستحق تلك الإشادة المطلقة والثناء ،، ولا مرحلة حكم (عسكرية ) تنفرد لتستحق تلك الإشادة المطلقة والثناء ،، والخلاصة تؤكد بأن دولة السودان لأكثر من ستين عاماَ تتخبط وتتراجع في الخطوات ,, وقد أصبحت اليوم في ذيل دول العالم المتخلفة .
رغم تلك الحقائق التي تؤكد السلبية المطلقة لكافة مراحل الحكم بالبلاد إلا أن الحق يجب أن يقال حين تجري المقارنات بين مراحل الحكم في ظلال الحكومات ( المدنية ) وبين مراحل الحكم في ظلال الحكومات (العسكرية ) ،، والأمانة تقتضي قول الحق والصدق دون أية مجاملة لأحد أو دون خشية من أحد ،، وعليه نقول بمنتهى الجرأة بان تلك الإنجازات التي تمثل جانباَ من البنية التحتية في السودان ( رغم تواضعها ) قد تمت في ظلال الحكومات ( العسكرية ) ،، ولا يوجد مثقال ذرة من تلك الإنجازات في ظلال تلك الحكومات ( المدنية ) التي حكمت البلاد في مراحل متعددة ،، فتلك الطرقات والشوارع المعبدة المسفلتة ،، والإضاءات العامة والجسور ( النهرية والأرضية )وخلافها قد تمت في ظلال تلك الحكومات العسكرية ،، وخاصة في ظلال حكومة الإنقاذ البائد التي حكمت البلاد لثلاثين عاماَ ،، تلك هي الحقيقة شاء ذلك البعض أم أبا ،، فالحقيقة هي الحقيقة ،، وبالمختصر المفيد فإن مظاهر العاصمة والمدن السودانية قد تبدلت كثيراَ وكثيراَ إلى الأحسن والأفضل بمئات المرات في سنوات حكومة الإنقاذ البائد ،، وهنالك مؤسسات حكومية فخمة للغاية أقيمت بالعاصمة السودانية ،، كمؤسسات الجوازات والجنسيات في المدن الثلاثة ( الخرطوم وأم درمان وبحري ) ،، وكذلك مؤسسات المحاكم والمحافل العدلية في تلك المدن الثلاثة ،، وكذلك العديد والعديد من مؤسسات الجيش السوداني ،، وكذلك تلك ( الأنفاق ) الأرضية في بعض مناطق العاصمة ،، بجانب تلك الأرصفة والمظاهر الجميلة ( لكورنيش النيل ) ،، وكل تلك الإنجازات الفخمة قد تمت في سنوات حكومة الإنقاذ البائد ،، وفي نفس الوقت فإن تلك الحقائق لا تنفي إطلاقاَ بأن نظام الإنقاذ البائد بنفس القدر قد أدخل البلاد في دائرة الفساد والمفسدين بأوسع الأبواب ،، ولم تشهد دولة السودان مثل ذلك التلاعب والفساد الكبير في مجال الحقوق العامة والأراضي وأصول الدولة كما حدث في سنوات نظام الإنقاذ البائد ،، فنحن يهمنا فقط قول الحقائق مجردة من الرتوش والمجاملات الفارغة دون خوف أو وجل .. نذكر للآخرين بمنتهى الصدق والأمانة تلك الإنجازات التي تقدم للبلاد حتى ولو كانت بمقدار مثقال ذرة ،، وفي نفس الوقت نذكر للعالم تلك المفاسد والسلبيات التي تجري في البلاد بأيدي أحدهم بمقدار القناطير المقنطرة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة