الظاهرة التي ميزت الستة اشهر الاولى من عمر الفترة الانتقالية هي عدم الثقة والشك والريبة والتوجس والحفر بين المكونات الاربعة للسلطة الانتقالية ، وداخل تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير . نفترض ان هذه المكونات الاربعة هي : + حميتي ؟ + المكون العسكري في السلطة الانتقالية ، + تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير ، + المكون المدني في السلطة الانتقالية . دعنا نستعرض ، بإيجاز ، كل مكون من هذه المكونات على حدة ، لنرى اين يلبد العوار . لسنا من الوقاحة باقتراح الحلول ، فالقوم في كل مكون من الناس الفاهمة ، وهم ادرى بشعاب مكونهم ، وبشعاب المكونات الاخرى . دعنا نبدأ بحميتي الذي يمثل حجر الرحى ، الذي لا يمكنك بدونه طحن ذرة وقمح ودخن السلطة الانتقالية ، فقد صار الملك وصانع الملوك ، وحامي حقوق الانسان السوداني . حميتي وما ادراك ما هو ؟ + حميتي ... المدعوم من المحور الثلاثي السعودية – الامارات – مصر ، والذي سلف بنك السودان سلفية غير مرجوعة بقيمة مليار و200 مليون دولار ، والذي ارسل 35 الف من ميليشياته لمحرقة اليمن ، و7 الف اخرى لسلخانات ليبيا ، ويسيطر من خلال شركته الجنيد على معظم ذهب جبل عامر في دارفور ، والذي اشرف على عقد المصالحة الوطنية في دولة جنوب السودان ... فصار رقماً لا يمكن تجاوزه بقوة الدعم الاقليمي الفاعل والفعال ، وبقوة المال الما خمج ، وبقوة الميليشيات المسلحة حتى السنان ، والمنتشرة في كل مدن وحضر وقرى السودان الحدادي مدادي . صار حميتي دولة داخل الدولة السودانية ، يقود مفاوضات السلام في بلده السودان ، ويشرف على مفاوضات السلام في دولة جنوب السودان ، ويظهر في المنصة الرئيسية في جوبا يوم السبت 22 فبراير 2020 ، وفي معيته الرئيس سلفاكير ونائبه الافتراضي رياك مشار . في يوم السبت 15 فبراير 2020 ، رمى حميتي قنبلة مدوية ، لا تزال ارتجاجاتها تملأ سموات الخرطوم ومجالس انسها : قال فيما قال ثلاث جمل مفيدة : واحد : الوضع غير مريح ... الآن ليس هناك شراكة حقيقية ... اتنين : ... الأفضل أن يخرجونا من المجلس، ونحن لو هم عايزين مستعدين نرجع ثكناتنا ... ونحن لا ندس المحافير... تلاتة : ... عاوزين نطرح "ميثاق شرف" كبديل ، يهدف إلى قطع الطريق على حدوث "انقلاب"... نحاول تفكيك طلاسم ولولوات كلامات حميتي المُختزلة اعلاه ، في هذه المقالة من حلقتين ، ونبدأ فنقول : اولاً : نعم ... الوضع غير مريح اطلاقاً ، والآن ليس هناك شراكة حقيقية ، ونختزل ادناه ، مثالاً وليس حصراً ، اربعة احداث يؤكد كل حدث منها كلامات حميتي في جملته الاولى المفيدة اعلاه : واحد : في يوم الاثنين 3 فبراير 2020 ، قابل الرئيس البرهان في عنتبي نتن يا هو ، ودس المحافير بعكس ما يدعي حميتي ، ولم يخطر شركاءه في السلطة الانتقالية : الرئيس حمدوك وتحالف قوى اعلان الحرية والتغيير ، الحاضن الشرعي للثورة وللسلطة الانتقالية ، والذي يمكن اعتباره السلطة التشريعية الانتقالية . عرف هؤلاء وهؤلاء من شركاء الرئيس البرهان بعنتبي من وسائل الاعلام . تجاهل الرئيس البرهان لشركائه في السلطة الانتقالية ينتهك بنود الوثيقة الدستورية ، ويؤكد انعدام الثقة بين المكون العسكري وباقي مكونات السلطة الانتقالية . وإذا فقد القوم الثقة فيما بينهمو ... فأقم عليهم مأتماً وعويلا ! هذا امر جد خطير ! هذه واحدة . والثانية ان نتن يا هو هو رئيس مجلس الوزراء في اسرائيل، وكان المفروض ان يقابل رصيفه المقابل له في السودان ... وهو الرئيس حمدوك رئيس مجلس الوزراء في السودان . لان رئيس الدولة في اسرائيل ليست له اي سلطات تنفيذية ، تماما كما رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الرئيس البرهان ، الذي لا يملك على اي سلطات تنفيذية بحسب الدستور الانتقالي ، او ما يُعرف بالوثيقة الدستورية . ولكن لماذا اختار رجال ترامب الرئيس البرهان وليس الرئيس حمدوك لمقابلة نتن يا هو ، مع ان الكونغرس الامريكي قد اكد انه لن يستطيع رفع اسم السودان من القائمة الارهابية الا اذا احتكرت حكومة حمدوك المدنية السلطة التنفيذية ، واكتفى مجلس السيادة الانتقالي ورئيسه البرهان بان يكون رمزاً للسيادة ، كما رئيس الدولة في اسرائيل ، الذي ليس له اي سلطات تنفيذية ؟ يفترض رجال ترامب ان الرئيس البرهان والمكون العسكري في السلطة الانتقالية هم من يحتكرون السلطة التنفيذية ، وبالتالي هم القادرون على تمرير وإنفاذ اي اتفاقات يتم عقدها مع نتن يا هو . وقد صدق حدسهم . في يوم الخميس 20 فبراير 2020 ، وكما وعد الرئيس البرهان نتن يا هو في لقاء عنتبي الاثنين 3 فبراير2020 ، عبرت طائرة اسرائيلية الفضاء السوداني ، لاول مرة ، في طريقها من كنشاسا الى تل ابيب ... وبدون معرفة الرئيس حمدوك ، الامر الذي يؤكد صدق حدس رجالات ترامب . الكونغرس يتعامل مع السودان بمنظار الحق فهو مع الرئيس حمدوك حسب الوثيقة الدستورية ، في حين تنظر ادارة ترامب للسودان من خلال منظار المصلحة العاجلة ، فهي مع الرئيس البرهان ، المحتكر للقوة التنفيذية في السودان ، في مخالفة للوثيقة الدستورية . هذا الحدث يؤكد مقولة حميتي ، ونصاً : الآن ليس هناك شراكة حقيقية ؟ استحى حميتي ان يقول ليس هناك ثقة بين مكونات السلطة الانتقالية ، بل حفر بالمحافير . وإذا فُقدت الثقة ، فأنتظروا الحاقة ، ما الحاقة ؟ نعم ... الوضع غير مريح اطلاقاً ... كما اكد حميتي ، وهو أدرى . اتنين : في يوم الخميس 20 فبراير 2020، سمح وزير الدفاع الفريق جمال عمر لطائرة اسرائيلية بعبور الاجواء السودانية في طريقها من كنشاسا الى تل ابيب لاول مرة منذ قيام دولة اسرائيل ... وبدون ان يخطر رئيسه المباشر الرئيس حمدوك ، دعك من استشارته ، والعمل بمشورته ؟ حسب الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية ، فإن وزير الدفاع مسؤول لدى رئيس الوزراء، كغيره من الوزراء ، وليس للرئيس البرهان ، وليس للمكون العسكري في المجلس الرئاسي الانتقالي . إذن يكون وزير الدفاع قد إنتهك بنود الوثيقة الدستورية ، بتخطيه لرئيسه المباشر ، ويجب على رئيس الوزراء مسآلته ومحاسبته ، حتى لا يكرر جريمته مرة أخرى . كما يقول حميتي انعدمت الشراكة الحقيقة ، وكل زول يشوت على كيفه ؟ هل هذا تصرف مريح ؟ تلاتة : في يوم الخميس 20 فبراير 2020، سير شباب الثورة مواكب مليونية سلمية في الخرطوم للتعبير عن تحفظهم على تنحية قيادة القوات المسلحة لعدة ضباط وطنيين دعموا ثورة ديسمبر 2018 . بدل ان تحمي قوات الشرطة هذه المواكب السلمية ، خصوصاً والشرطة قد صارت بعد الثورة حامية للشعب ، قمعت قوات الشرطة هذه المواكب السلمية بالرصاص الحي ، والغاز المسيل للدموع ، وضرب المتظاهرين السلميين بالهروات الثقيلة ، وطاردتهم في الزنقات والحواري بغرض الضرب المبرح والأذى، وكأننا في عهد ما قبل الثورة عندما كان الشعار المرفوع من علي عثمان محمد طه للتعامل مع المواكب السلمية : Shoot to Kill استنكر الشعب السوداني تصرف قوات الشرطة الاجرامي ، الذي اكدته صوت وصورة الفيديوهات المبذولة في زنقات الانترنيت . وبدلاً من ان يتكرم النائب العام بفتح بلاغات فردية ضد افراد الشرطة الذين تظهر صورهم واضحة وهم يطلقون النار على المواكب السلمية ، طلب الرئيس حمدوك من النائب العام فتح تحقيق في الواقعة ، التي لم تكن لوقعتها كاذبة ، وبالتالي لم تكن تحتاج للجنة تحقيق بيروقراطية ، تاخذ الشهور في البحث والاستقصاء . لم يفتح الله على وزير الداخلية ولا على المدير العام للشرطة ولا على مدير شرطة ولاية الخرطوم السابق تنوير رئيس الوزراء بالمواكب وإستشارته عن كيفية التعامل معها ، وعرف الرئيس حمدوك بقمع الشرطة المفرط للمتظاهرين من وسائل الاعلام ، ومن ثم طلبه للنائب تكوين لجنة تحقيق للتحقيق في كارثة يوم الخميس 20 فبراير 2020 ، لانه حتى هو لا يعرف تفاصيل ما حدث ، وكأنه خيال مآتة في مجلس الوزراء . حسب الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية ، فإن وزير الداخلية مسؤول لدى رئيس الوزراء، كغيره من الوزراء ، وليس للرئيس البرهان ، وليس للمكون العسكري في المجلس الرئاسي الانتقالي . إذن يكون وزير الداخلية قد إنتهك بنود الوثيقة الدستورية ، بتخطيه لرئيسه المباشر ، ويجب على رئيس الوزراء مسآلته ومحاسبته ، حتى لا يكرر جريمته مرة أخرى ، وليس ترقيته الى فريق اول . كما يقول حميتي انعدمت الشراكة الحقيقة ، وكل زول يشوت على كيفه ؟ قطعاً هذا ليس بالوضع المريح كما اكد حميتي ؟ نواصل في الحلقة الثانية من المقالة ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ثروت قاسم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست