كيف لبلدٍ زاخرٍ بالموارد أن يفشل في احتضان أبنائه؟ كتبه الطيب محمد جادة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-22-2025, 03:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-21-2025, 11:32 AM

الطيب محمد جاده
<aالطيب محمد جاده
تاريخ التسجيل: 03-11-2017
مجموع المشاركات: 485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كيف لبلدٍ زاخرٍ بالموارد أن يفشل في احتضان أبنائه؟ كتبه الطيب محمد جادة

    11:32 AM December, 21 2025

    سودانيز اون لاين
    الطيب محمد جاده-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر



    كيف نوقف نزيف الهجرة؟


    صحفي مستقل
    لم تعد الهجرة من السودان مجرّد خيار فردي لتحسين الدخل أو توسيع الآفاق، بل تحوّلت إلى نزيفٍ وطنيّ مستمر، يستنزف العقول والطاقات، ويترك البلاد أكثر هشاشة وفقراً في المستقبل. في كل عام يغادر آلاف الشباب، أطباء ومهندسين ومعلمين وحِرفيين، لا بدافع الترف أو الطموح وحده، بل هرباً من واقعٍ خانقٍ بات عاجزاً عن توفير أبسط مقومات العيش الكريم.
    السودان بلدٌ لا تنقصه الموارد. أرضه الزراعية من الأوسع في إفريقيا، ومياهه قادرة على إطعام الملايين، وثرواته المعدنية واعدة، وموقعه الجغرافي يؤهله ليكون جسراً اقتصادياً بين إفريقيا والعالم العربي. ومع ذلك، يعيش أبناؤه حالة اغتراب داخل الوطن قبل خارجه. هذا التناقض الصارخ يطرح سؤالاً مؤلماً: كيف يفشل بلد بهذه الإمكانات في احتضان أبنائه؟
    الإجابة لا تكمن في عامل واحد، بل في سلسلة طويلة من الإخفاقات المتراكمة. في مقدمتها غياب الاستقرار السياسي، الذي حوّل الدولة إلى ساحة صراع بدلاً من كونها مظلة أمان. فالشاب الذي لا يعرف إن كان سيجد عملاً غداً، أو إن كانت مدينته ستظل آمنة، لا يمكن إقناعه بالبقاء عبر الشعارات الوطنية وحدها. الاستقرار ليس ترفاً سياسياً، بل شرط أساسي لبقاء الناس في أوطانهم.
    ثم تأتي الأزمة الاقتصادية، حيث باتت فرص العمل محدودة، والأجور لا تواكب أدنى متطلبات الحياة. كيف لطبيب أو مهندس قضى سنوات في التعليم أن يقبل براتب لا يكفي لسد احتياجات أسرته؟ الهجرة هنا ليست خيانة للوطن، بل محاولة للبقاء. حين يشعر الإنسان أن جهده لا يُقدَّر، وأن كفاءته لا تجد موطئ قدم، يصبح الرحيل خياراً عقلانياً، مهما كان مؤلماً.
    ولا يمكن إغفال انهيار منظومة الخدمات. التعليم الذي كان يوماً مفخرة، تراجع في جودته وإتاحته، والصحة أصبحت عبئاً على المواطن بدل أن تكون حقاً مكفولاً. في ظل هذا الواقع، يفكر الآباء في مستقبل أبنائهم خارج الحدود، لا لأنهم لا يحبون السودان، بل لأنهم يخشون أن يُسحق الحلم داخله.
    لكن وقف نزيف الهجرة لا يبدأ بإغلاق الأبواب أو شيطنة المهاجرين، بل بإصلاح الداخل. أولى الخطوات هي بناء دولة تحترم مواطنيها، وتساوي بينهم، وتضمن سيادة القانون. حين يشعر المواطن أن حقوقه مصانة، وأن صوته مسموع، تتراجع رغبة الهروب.
    كما يتطلب الأمر مشروعاً اقتصادياً حقيقياً، يربط الموارد بالإنتاج، لا بالفساد والمحسوبية. السودان لا يحتاج إلى معجزات، بل إلى إدارة رشيدة تستثمر في الزراعة والصناعة، وتفتح المجال أمام القطاع الخاص الوطني، وتخلق بيئة تشجع المبادرات الشبابية بدلاً من خنقها بالإجراءات المعقدة.
    ومن المهم أيضاً إعادة الاعتبار للعلم والمعرفة. دعم الجامعات، وتحسين أوضاع المعلمين، وربط التعليم بسوق العمل، كلها خطوات تعيد الثقة في المستقبل. فالشاب الذي يرى مساراً واضحاً للتقدم داخل بلده، لن يخاطر بحياته في طرق الهجرة المجهولة.
    الهجرة ليست شراً مطلقاً، فقد تسهم في نقل الخبرات وتحسين الدخل عبر التحويلات المالية. لكن الخطر يكمن حين تصبح الخيار الوحيد. حينها يفقد الوطن أعز ما يملك: الإنسان.
    إيقاف نزيف الهجرة في السودان ليس مهمة مستحيلة، لكنه يتطلب شجاعة في مواجهة الحقيقة، وإرادة سياسية، ومشاركة مجتمعية واعية. فالوطن الذي لا يحتضن أبناءه، سيبقى أرضاً بلا روح، مهما كثرت موارده. والسودان، بكل ما فيه من ألم وأمل، يستحق أن يكون وطناً يُغادره الناس للزيارة، لا للهروب.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de