المحامي البارع والسياسي ذو إرادة وطنية وإنسانية أبراهام لينكولن الرئيس الأمريكي السابق، اول رئيس أمريكي قام بإلغاء الرق في بلاده ولغى الانفصال عام 1863م. يعد أول نائب من ولاية إلينوي يصل الرئاسة، ويعتبر الرئيس الأكثر تقديرا في التاريخ الأميركي، وكانت مواقفه وقراراته نموذجا ملهما بارعا وشجاعا لكثير من السياسيين الأميركيين والشعب الأمريكي . وقد ظلت ديانته الحقيقية مبهمة غير قابل للكشف وأينما سأله احد يقول له : انا أبراهام لينكولن وحين ولدت لم يكن لي دينا نعتنقه ولا دينا نسدده سوى ندفع بدمي من أجل نهضة شعوبنا المتهالكة ، تلقى لينكولن تعليما مدرسيا محدودا، ولكنه كان مثقفا ملما بمختلف المعارف عبر مطالعاته الغزيرة لأمهات الكتب المهمة في الدول الغربية. وفي عشرينيات عمره درس القانون بتشجيع من أحد أعضاء المجلس التشريعي في المنطقة الذي يسكنه أبراهام لينكولن ، لكنه لم يحصل على مؤهل جامعي ، مارس لينكولن في مراحل حياته الأولى عدة أعمال متواضعة، من بينها ( التجارة) و(النقل البحري) للبضائع إثر انتقاله عام 1831 إلى قرية نيوسالم في مقاطعة سانغامون، لكنه سرعان ما تعثرت تجارته فخسر.وفي غضون عام 1832م انتخِب قائدا لمليشيا إلينوي خلال "حرب (بلاك هوك) القصيرة مع الهنود الحمر. ثم مارس مهنة( المحاماة) إثر دراسته الحرة للقانون وحصوله على رخصة بمزاولتها عام 1836، فانتشر بواسطتها صيته واستغنى من عمله فيها ومن أهم تجربته السياسية بترشحه عام 1832م لعضوية الجمعية العمومية بولاية إلينوي عن (حزب الويغ) اليميني، الذي تحول فيما بعد إلى (الحزب الجمهوري) وأصبح الحزب الأبرز في البلاد إلى جانب الحزب الديمقراطي. مثّل مقاطعة سانغامون في مجلس نواب إلينوي ، ومن ثم التحق بالحزب الجمهوري عند تأسيسه وأصبح أحد مرشحيه لمجلس الشيوخ عام 1858. وفي 1860 ترشح لينكولن باسم حزبه لمنصب الرئاسة في انتخابات ذلك العام ففاز بها وأصبح الرئيس الأميركي السادس عشر (16). وقد أثار نجاحه سكان الولايات الجنوبية المؤيدة لاستمرار العبودية في البلاد، وهي 11ولاية أمريكية أعلنت إثر فوزه بالرئاسة انفصالها عن الحكومة الاتحادية، فكونت دولة مستقلة وأصدرت دستورا خاصا بها.أعلن أبراهام في خطابه الذي ألقاه بمناسبة تنصيبه رئيسا مارس 1861م رفضه لانفصال الولايات الجنوبية ولدستورها الذي اعتبره باطلا أو جمد الدستور الذي يهدد وحدة أمريكا ، وأكد في قوله على بقاء الولايات الأميركية موحدة كما كانت في السابق وضمن ١١ ولاية وحين تجاهل الجنوبيون دعوته هذه لأن لم طلبي تطلعاتهم كجنوبيون أمريكيون، وتفجرت في 1861م أحداث الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب نتيجة بين مؤيد للوحدة والمؤيد للانفصال التي استمرت حتى 1865م وتم ضم الولايات الذي يرفض الوحدة الوطنية بالقوة المفرطة .ثم اضطر الرئيس أبراهام وأصدر في غضون 1862 م إعلانه القاضي بالتحرير المبدئي للعبيد اعتبارا من 1 يناير/ 1863م. وفي العام التالي على ضؤ تحرير العبيد وإلغاء العبودية كسب سباق الرئاسة مجددا ففاز بمنصبها لولاية أمريكية ثانية لكنها لم تكتمل بعد ولعدة اسباب داخلية أهمها اغتياله غدرا .ثم ارتبط اسم لينكولن في أذهان الكثير من الأميركيين بتحقيق ثلاثة إنجازات وطنية كبرى إبان حكمه رغم الصعوبات التي واجهها من قبل خصومه السياسيين داخل مجلس النواب، وهذه الإنجازات هي: الحرب الأهلية التي أعاد فيها الولايات الانفصالية إلى الحكم المركزي بقوة السلاح، والتعديل الدستوري رقم ١٣ القاضي بتحرير العبيد وحظر العبودية في البلاد.أماالإنجاز الثالث فهو توحيد النظام المصرفي الذي كان (أسرية) يتبع لأسرة روتشيلد هيمنة عليه، وكان لها دور كبير في دعم الحرب الأهلية لتستمر سيطرتها على حركة الاقتصاد المحلي ويزداد تحكمها في النظام المالي الذي كانيسمح بتعدد العملات مع تداولها ولذلك كان من أبرز مواقفه الإيجابية معارضته لفكرة البنك المركزي الاتحادي التي جسد خطابه للشعب الأميركي الذي قال فيه: "إن القوى المالية في الدولة تصلي للشعب وقت السلم وتتآمر عليه في المحن، وإن ذلك أكثر استبداداً من الملكية وأكثر غطرسة من الحكم المطلق وأكثر أنانية من البيروقراطية".وأضاف الرئيس لينكولن: "إنني أرى في المستقبل القريب أزمة قادمة تستفزني وتصيبني بالارتعاش خوفاً على سلامة الوطن. لقد تم تتويج الشركات، وسيتبع ذلك عصر من الفساد تسعى فيه القوى المالية لإطالة أمدها على حساب مصلحة الشعب، حتى تتجمع الثروة في أيدي البعض ويفنى الشعب".ورغم اتهام الكثيرين بتحجيم شخصية لينكولن أحيانا وتحويلها إلى مجرد "صورة ثقافية وطنية نمطية"، فإنه يعتبر الرئيس الأكثر تقديرا في التاريخ الأميركي. ويصفه الكثيرون بأنه كان نصيرا للعدالة والحرية قادرا على التعامل مع الظروف السياسية الاستثنائية التي واجهها، مع المحافظة على إدارة الحكم وسير البلاد قدما خلال أصعب فترات تاريخها فقد كان لينكولن أول رئيس أميركي طالب بمشاركة المرأة في التصويت الانتخابي ومع العلم سبقه ١٥ رئيس أمريكي لم يصوت عليهم امرأة في الانتخابات وأول رئيس أميركي يسمح للنساء بالعمل في الجيش، كما عين لأول مرة يهوديا قنصلا في الخارجية. وفي عهده قـُبل الرجال السود في القوات المسلحة الأميركية لأول مرة في تاريخ أمريكا ، وإليه يعود تأسيس جهاز الاستخبارات الأميركي، وتدشين "المقبرة القومية" في غيتسبورغ.ظلت ديانة لينكولن التي كان يعتنقها مثار جدل كبير وكذلك مستوى التدين عنده؛ فمنهم من يقول إنه كان مسيحيا، ومنهم أكد يهوديته، في حين ذهب آخرون إلى أنه كان مسلما يكتم إيمانه،ويستشهد هؤلاء بأن بعض خطبه تضمنت آيات من القرآن الكريم الذي اطلع عليه عبر نسخة المصحف الخاصة بالرئيس الأميركي توماس جيفرسون، وببعض قراراته التي تتفق مع تعاليم الإسلام. وحتى القائلون بأنه كان مسيحيا يؤكدون أنه لم يكن متدينا كوالديه المسيحيين اللذين حافظا على الصلاة في الكنيسة المعمدانية، فهو لم يزر كنيسة قط منذ شبابه الأول فضلا عن أن يزور كنيسا يهوديا، وكانت له تصوراته الخاصة حول الخالق لا علاقة لها بالإنجيل ولا بالتوراة. وظل مترددا بين الشك في وجود الله ووجود العناية الإلهية التي تدير شؤون الحياة والبشر، كما يُتهم بأنه كان كثير الانتقاد "للإنجيل".أما يهودية لينكولن فقد تكرر الحديث عنها على ألسنة مؤرخين وكتاب وصحفيين بسبب ما يتوفر من "معلومات يهودية" عن علاقته باليهود واليهودية، ولكونه لم يكن رئيسا عاديا بالنسبة لليهود الأميركان، إذ كان محبوبا من مجتمعهم الذي يعتقد معظمه أن أجداده كانوا يهودا.كانت حياة وسيرة لينكولن مجالا خصبا للدراما الأميركية، فقد تم تناول شخصيته مرات عدة في مواضيع مختلفة وعبر أفلام كثيرة ومن المدهش للشعب الأمريكي في عام 2009م قرار الرئيس الأميركي المنتخب ح باراك أوباما الذي كثيرا ما استشهد بأقوال لينكولن أداء اليمين في حفل تنصيبه رئيسا على نسخة الإنجيل التي أقسم عليها لينكولن عند تنصيبه عام 1861م وتحتفظ بها مكتبة الكونغرس الأميركي . وهو ما اعتبِر بادرة رمزية بليغة من أول رئيس أسود في البلاد تجاه الرجل الذي أعلن نهاية العبودية والاسترقاق في الولايات المتحدة الأمريكية.
كيف قتل مغدورا؟
تعرض الرئيس أبراهام لينكولن لإطلاق نار في الرأس عام 1865م أثناء مشاهدته هو وزوجته لمسرحية (ابن العم الأميركي) على مسرح فورد ثم مات في اليوم الموالي وهو في مطلع ولايته الرئاسية الثانية، فكان أول رئيس أميركي يتم اغتياله في التاريخ نسبة لقوة دفاع عن العبيد والتحرير المصرفي وإلغاء الرق ومطالبة بوحدة الأمريكان ولكن تشير عدة مصادر واتهامات إلى أن قاتله جون ويلكز بوث "يهودي"، وأن اغتياله كان بتحريض من أكبر مجموعة مالية يهودية آنذاك وهي مؤسسة عائلة روتشيلد، وذلك انتقاما من لينكولن لإجراءات اتخذها ضد بنوكها.وقد تعرض قبر لينكولن في سبرينفيلد لعمليات سرقة عدة مرات مما أدى لنقل جثمانه 17 مرة وفتح تابوته 5 مرات؛ ففي 1876م حاول لصوص سرقة جثمانه وطالبوا بفدية قدرها 200 ألف دولار أميركي، وفي 1890م أخِذ سيف كان مثبتا على تمثال جندي أعلى قبره. وفي 2011 تعرض للسرقة من مجهول، كما طالته عمليات تدنيس كانت إحداها 1987م حين وُجدت عليه رسوم عنصرية في مقبره ولذلك لو لا فضل الرئيس الأسبق أبراهام لينكولن لم يترأس أمريكا شخص اسود اللون ويلجأ أصوله إلى القارة الأفريقية (باراك أوباما) فضلا عن نهاية العبودية بدايتها كانت في عهد الرئيس المغدور أبراهام ولو لا فشل تجارته ولو لا قاد مليشيا ماكان هنالك أوباما رئيس لدولة عظمى والتاريخ لم يكتب عن الإنسان بل الإنسان هو من يكتب تاريخه بأفعاله واقوله.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد كاس
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست