موظف من قلب البطّانية!! "قصة من الواقع بنمط افتراضى فى انتظار الاستنارة" البطّانية العظيمة،، في صباحٍ كئيب من شتاء العاصمة، كان سليم الموظف “النشيط” في نظر مديره الغافل، والمقيم الدائم تحت بطانيته الفاخرة. يمدّ يده من تحت البطّانية إلى الهاتف المحمول، ويرسل رسالة صوتية مزيفة يمدحه فيها “أحد العملاء”:
"الأستاذ سليم، نِعم الرجل، لا ينام حتى يُرضي العميل!"
ثم يغلق عينيه مجددًا ويغطّ في نوم عميق، مطمئنًا إلى أن التقرير اليومي سيحمل إشادة جديدة من صديقه المقرّب الذكاء الاصطناعي، وكيل كل مهامه الخارجية. المهمات الخارجية الدافئة سليم لا يخرج من منزله إلا إلى البقالة أو المقهى، ومع ذلك كان يرسل تقارير أسبوعية عن زيارات ميدانية ناجحة لمواقع متخيلة. في تقريره، كتب:
"زار الموظف سليم فرع شركة المياه في المريخ، وتناقش مع العملاء حول سبل تحسين الاتصال بين الكواكب!"
وأرفق صورًا التقطها من الإنترنت، مع مقطع صوتي لعميل فضائي:
"Thank you, Mr. Saleem from Earth!"
فرح المدير، واعتمد له مصاريف السفر والإقامة والوجبات النيزكية، بينما سليم كان يضحك في سرّه تحت البطّانية. في أحد المواقف العبثية، حاول أحد الموظفين ملاحقته في “المهام الميدانية”، لكنه وجد نفسه في منزل سليم، حيث كان يشاهد مقطع فيديو لرحلة وهمية إلى كوكب الزهرة ويُقدّم تقريرًا للمدير عن “النجاحات الفضائية”. المدير الذي يصدق كل شيء مدير سليم، السيد فهيم، كان يفتخر بأن لديه موظفًا خارقًا، ينجز من بعيد ما لا ينجزه فريق العمل كاملًا. كلما حضر سليم إلى المكتب في مناسبة رسمية، ألقى المدير خطبًة عصماء:
"هذا نموذج الموظف العصري، يعمل بعقله لا بجسده!"
الجميع يصفق، بينما سليم يبتسم ابتسامة من يعرف أن الذكاء ليس في العمل، بل في التّقاعس الفني المنظّم. الجزء الرابع: نظرية الجميع مدراء لم يكتف سليم بوصف نفسه موظفًا عاديًا، بل كتب في كل المراسلات:
"الموقّع: المدير سليم."
حين احتج مديره المباشر، قال بثقة:
"يا أستاذ، نحن في عصر التمكين، الكل مدراء، ومن ليس مديرًا فاته القطار الإداري!"
منذ ذلك اليوم، صار الجميع يناديه: “الأستاذ المدير”، حتى عامل البوفيه صار يقول:
"قهوة المدير الموقر!"
سليم ابتسم، متسلطًا على مملكة الوهم بمرسوم من الغفلة العامة. الخطأ المغفور شعاره كان:
"الخطأ بلا عمل كالتسيب مغفور، أما الخطأ في العمل فكارثة مشهورة!"
لذلك، حرص على ألا يعمل مطلقًا، حتى لا يخطئ. حين يسأله أحدهم عن إنجازاته، يقول:
"أنا أُنجز بصمتي، وأبدع بانسحابي!"
الإدارة أبهرت بهذه الفلسفة وقررت طباعة مقولته على لوحات التحفيز. هاتف الاتصال الدائم هاتفه لا يتوقف عن الرنين، وكل من يسمعه يظن أنه يُجري مفاوضات مع نصف الكرة الأرضية. في الحقيقة، كان يشغّل تطبيق “المكالمات الوهمية” ويضع الهاتف على الطاولة ليظهر منشغلاً. وفي نهاية كل شهر، يرفع طلبًا رسميًا لزيادة رصيد المكالمات، ويوافق المدير فورًا. يضحك في سرّه:
"كلما زاد الرصيد، زاد الرصيد البنكي!"
التأمين الذهبي حين اكتشف سليم أن التأمين الطبي مجاني، قال:
"هذا التأمين يجب أن نتربح منه، لا أن نرهقه!"
صار يزور الأطباء ثمان مرات أسبوعيًا، يطلب تحاليل من باب الفضول، ويصرف أدوية لم يسمع بها أحد. تحوّل بيته إلى صيدلية ضخمة، وصار يبيع الأدوية للصيدليات بأسعار تنافسية، حتى ظن البعض أنه مندوب شركات أدوية. لجنة التحقيق المسرورة عندما شكّت الإدارة العليا من تضخم مصاريف المهمات الخارجية، شُكّلت لجنة تحقيق. لكن بعد مراجعة تقارير سليم المبهرة، قررت منحه مكافأة تقديرية بدل العقوبة. كتب أحد الأعضاء في التقرير:
"لو أن جميع الموظفين مثل سليم، لما احتجنا إلى حضور جسدي بعد اليوم!"
حفل التكريم الكبير في الحفل السنوي، اعتلى سليم المنصة بين تصفيق الحضور، وتسلّم درع “الموظف المثالي للسنة السابعة على التوالي”، وهو لم يعمل يومًا واحدًا! قال في خطابه:
"أُهدي هذا الإنجاز لكل موظف يعمل من تحت البطّانية، فالعقل أدفأ من المكتب، والنوم أصدق من الاجتماعات!"
انفجر الجميع ضاحكين ظنًا أنهم أمام نكتة عبقرية. الجزء العاشر: النهاية التي لم تكن نهاية عاد سليم إلى منزله، دخل تحت بطانيته الفاخرة، وأرسل رسالة صوتية جديدة للمدير:
"العميل الجديد سعيد جدًا بالخدمة، ويطلب تمديد العقد لعام آخر!"
ثم قال في نفسه ضاحكًا:
"اللهم اجعل كل تقاريري في ميزان مكافأتي!"
أغلق الهاتف، وبدأ من الغد مهمة خارجية جديدة… في الحلم هذه المرة. الجزء الحادي عشر: البطانية العالمية (التطور الساخر) بعد سنوات، أصبح العالم كله يحاكي سليم: موظفون يعملون من تحت البطانية. حكومات تعتمد على النوم الجماعي كمؤشر للإنتاجية. الاقتصاد ينهار ببطء، لكن الناس مرتاحون… وفقراء. وفي لحظة درامية، تحدث “تمرد البطانية”: البطانية تصبح واعية، وتقول لسليم:
“لقد خدمتك طويلًا… الآن جاء دوري للنوم.”
ينتهي كل شيء بصمت عالمي، ثم يعود الناس تدريجيًا إلى الواقع… مع توازن جديد بين النوم والعمل. في النهاية، يظهر سليم مبتسمًا تحت بطانيته القديمة:
“آخر تحديث متاح… هل ترغب في العودة؟ نعم / لا.”
ويجيب مبتسمًا:
“نعم… بس خمس دقايق كمان.”
وينام، بينما تُغلق الشاشة على عبارة:
"النهاية… أو الغفوة التالية."
سليم لم يكن مجرد موظف من تحت البطانية… بل مرآة لعالم يحلم بالكفاءة وهو غارق في النعاس، ويقدّس الراحة أكثر مما يحتمل الواقع.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة