تعتبر مشكلة قبول الآخر من أخطر التحديات التي تواجه بعض الأنظمة السياسية، وخاصة الشمولية والتسلطية، فضلاً عن المجتمعات التعددية التي تكتظ بمكوناتها المختلفة من الأديان والمذاهب والأعراق. في السودان، يظهر انقسام المجتمع في أشكال متعددة، حيث يجد الكثيرون صعوبة في تقبل الآخر، خاصة عندما يختلف عنهم اجتماعياً وثقافياً.
إن غياب لغة الحوار، والاعتماد على الجدل بدلاً من النقاش الهادئ، قد أعاق مسيرة الازدهار والنمو. وللأسف، لن يكون ثمرة هذه الانقسامات إلا الصراعات والحروب التي قد تتعقد معها الحياة السياسية والاجتماعية. فالصراعات، سواء كانت ظاهرة أو مستترة، تنطلق من مساعي هذه المكونات المتنوعة للحصول على حقوقها في التمثيل السياسي والتعبير عن ثقافتها وهويتها.
وكما يُقال، فإن السعي لتحقيق مصالح خاصة قد يؤدي إلى إقصاء الآخرين، وهذا ما يمكن أن نراه في أفريقيا والعالم العربي بعد الاستقلال. وقد كان من نتيجة ذلك الانفصال الكبير الذي شهدته جنوب السودان، ولا تزال الأفكار تدور حول إمكانية وجود جنوب السودان آخر.
لكن دعونا لا ننسى الفكرة الجميلة التي تقول إن "ليس من الضروري دائمًا الاحتفاظ بنفس وجهة النظر"، فكل رأي محترم له مكان. وفي هذا السياق، يقول الحكيم: "إذا منحك الله نعمة القبول بين خلقه، فقد مُنحت نعمة عظيمة".
قبول الآخر يعني افتاح قنوات الحب والسلام. ففي الاختلاف يولد الإبداع وتزدهر البشرية، وهذه حكمة الخالق. فالفروق العرقية والدينية والثقافية والحضارية تُعتبر جزءًا أساسيًا من الحياة الاجتماعية ولا يمكن تجاهلها. إن التفاهم بين هوية "الأنا" وهوية "الآخر" هو في الحقيقة شرط جوهري للتعايش.
وفي حين أن التفاوت في الحقوق والحريات يمكن أن يُعزى إلى مفاهيم سياسية، إلا أن التعايش يصبح ممكنًا عندما يؤمن الجميع بوحدة المكون السياسي والاجتماعي. ومع ذلك، فهناك تحديات في كيفية تنظيم التعاون بين الأطياف المختلفة، لكن يمكن تحقيق السلم الاجتماعي إذا ما تمكن الجميع من العمل معًا نحو هدف مشترك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة