فرقعة البيان الرباعي: ضحكات دولية على أنقاض السودان.. كتبه عبدالغني بريش فيوف

الأسلحة الكيميائية وحقيقة استخدامها في السودان في منتدى ميديكس للحوار
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 09-15-2025, 09:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-15-2025, 02:36 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 582

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فرقعة البيان الرباعي: ضحكات دولية على أنقاض السودان.. كتبه عبدالغني بريش فيوف

    02:36 AM September, 14 2025

    سودانيز اون لاين
    عبدالغني بريش فيوف -USA
    مكتبتى
    رابط مختصر





    هناك في أروقة السياسة الدولية مشهد يتكرر حتى بات أشبه بفيلم قديم مُمِلّ، يُعاد عرضه على الشاشات الدولية دون أن يكلف أحد نفسه عناء تغيير السيناريو أو حتى الموسيقى التصويرية، فمنذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023، صدرت عشرات، وربما مئات، البيانات الدولية، من الأمم المتحدة، من الاتحاد الإفريقي، من الاتحاد الأوروبي، من الرباعية، من الثلاثية، ولربما لو بحثنا قليلا سنجد حتى ثنائية وسباعية، وكلها تبدأ بالكلمات نفسها: نحن قلقون للغاية، ندعو لوقف إطلاق النار، نطالب بتسهيل وصول المساعدات، ثم يُسدل الستار، وتعود الطائرات لقصقصة سماء السودان، ويواصل الرصاص عزف سيمفونيته القاتلة على الأرض.
    وبالرغم من تكرار مثل هذه البيانات دون نتائج ملموسة على أرض الواقع، هرول بعض المفرحاتية والمبتهجين لاستقبال هذا البيان المقدس وكأنه وحيٌ منزل، يحمل في طياته مفاتيح الجنة، أو على الأقل، مفاتيح وقف إطلاق النار الذي لم يتوقف قط منذ الخامس عشر من أبريل 2023.
    ولنا أن نتساءل، بل أن نستعجب، وأن نضحك بصوت عال كمن يشاهد مسرحية هزلية تعاد فصولها الركيكة للمرة المليون: ما الذي يدعو إلى كل هذا الفرح، هل هي المرة الأولى التي تصدر فيها رباعية أو خماسية أو حتى سباعية دولية بيانا حول السودان؟
    هل نسي الفرحون أننا نعيش في دوامة لا نهائية من الإدانات والمطالبات والمناشدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل لا تزيد هذه الأزمة إلا تعقيدا ومرارة؟
    ألم يدركوا بعد أن هذه البيانات، مهما بلغت فصاحتها وتأنق كلماتها، ليست سوى فرقعة إعلامية دولية بامتياز، هدفها الوحيد هو تخدير الشعوب السودانية المكلومة، وإيهام العالم بأن الضمير الدولي لا يزال على قيد الحياة ويتنفس، ولو من خلال قصبة مجاري الصرف الصحي؟
    منذ اندلاع جحيم الحرب في السودان، كم من بيان صدر، كم من اجتماع عُقد، كم من قلق بالغ تم التعبير عنه، وكم من دعوات عاجلة لوقف إطلاق النار لأغراض إنسانية وجهت؟
    الإجابة بسيطة ومريرة في آن واحد: العشرات، بل المئات، كلها بيانات متشابهة، كلها كلمات منمقة، كلها وعود فارغة، ذهبت كلها أدراج الرياح، وتبخرت مع كل قذيفة سقطت، ومع كل بيت تهدم، ومع كل روح أزهقت.
    إذن ما الذي يميز هذا البيان الرباعي الأخير عن سابقيه، هل جاء بجيوش الأمم المتحدة لفض الاشتباك، هل فرض عقوبات حقيقية على من يعيقون المساعدات الإنسانية، هل قطع الإمدادات العسكرية عن أطراف النزاع؟
    لا شيء من هذا حدث، ولن يحدث، البيان الأخير، الذي تشرفنا بالاطلاع عليه، لا يزيد عن كونه، كوبي بيست لبيانات سابقة، مع بعض التعديلات اللفظية هنا وهناك، كمن يغير غلاف كتاب قديم ليبيعه على أنه طبعة جديدة، والمحتوى هو ذاته، صدئ وبلا فائدة.
    عزيزي القارئ.. لنستعرض معا المبادئ المشتركة التي التزم بها الوزراء، والتي تبدو كأنها أُعدت في ورشة عمل للنقش على الماء:
    أولا: سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه ضرورية للسلام والاستقرار.
    هل اكتشفت الرباعية للتو أن الدول لا يجب أن تتفكك؟ هل أطراف النزاع التي تمزق البلاد بوحشية كانت تنتظر هذه الحكمة لتعود إلى رشدها، أم أن هذه الجملة مجرد طقس دبلوماسي لا بد منه لتزيين البيان، فيما تتنافس القوى الدولية والإقليمية على اقتسام كعكة السودان الممزقة؟
    السخرية في البيان، هي أن سيادة السودان تُنتهك كل ساعة، ووحدته تتهدد كل يوم، وسلامة أراضيه أصبحت مرتعا للمرتزقة والميليشيات، فهل كان البيان يوجه هذه النصيحة لأشباح، أم أنه يذكرنا بما فقدناه، وكأنه يصب الزيت على النار ويقول: لا تحترقوا!
    ثانيا: لا يوجد حل عسكري مجد للصراع، واستمرار الوضع الراهن يُسبب معاناة غير مقبولة ومخاطر على السلم والأمن.
    وكأن الرباعية هنا، اكتشفت الجاذبية للتو، إذ هل كانت أطراف النزاع تعتقد أن قصف المستشفيات واغتصاب النساء وتشريد الملايين هو الطريق الأمثل للسلام؟
    ألم يكن ليتأتى لنا هذا الفهم العميق إلا بفضل اجتماع وزراء الخارجية؟، يا له من إنجاز فكري عظيم، هذا البند هو قمة التخدير، يوهمنا بأنهم أدركوا المشكلة، ولكن أين الحل، هل الكلمات تحول الرصاص إلى ورود؟
    ثالثا: يجب على جميع أطراف النزاع تسهيل الوصول السريع والآمن للمساعدات الإنسانية دون عوائق وحماية المدنيين وفقا للقانون الدولي الإنساني، والامتناع عن الهجمات الجوية والبرية العشوائية على البنية التحتية المدنية.
    هنا تبلغ الكوميديا السوداء أوجها، ومنذ أكثر من عامين، والمجتمع الدولي يصرخ مطالبا بفك حصار مدينة الفاشر، تلك المدينة التي تشهد فصلا من فصول الإبادة الجماعية المتواصلة.
    كم بيانا صدر عن الفاشر وحدها، كم من دعوات لإنقاذ أهلها، هل تذكرون الدلنج وكادقلي، المدينتين اللتين عانتا وما زالتا تعانيان من حصار خانق وويلات حرب لا ترحم؟
    أين وصل صوت هذه البيانات، وصل إلى آذان صماء، حيث لا مساعدة وصلت، لا حصار فُك، لا حماية توفرت.
    الهجمات مستمرة، والبنية التحتية تُدمر بلا رحمة، فهل يعتقد أصحاب البيان أن أطراف النزاع ستقول: آه، لقد صدر بيان دولي، علينا التوقف فورا؟
    هذا يذكرنا بمن يحاول إطفاء حريق غابات هائلة بقطرة ماء، ثم يتباهى بشجاعته.
    رابعا: إن مستقبل حكم السودان يقرره الشعب السوداني من خلال عملية انتقالية شاملة تتسم بالشفافية، ودعا الوزراء إلى هدنة إنسانية، لثلاثة أشهر بصفة أولية، ثم يتم إطلاق عملية انتقالية شاملة، وإبرامها في غضون تسعة أشهر.
    إن مستقبل السودان لا يمكن أن تُمليه الجماعات المتطرفة العنيفة التي تنتمي أو ترتبط بشكل موثق بجماعة الإخوان المسلمين، التي أدى نفوذها المزعزع للاستقرار إلى تأجيج العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
    أهلاً بكم في عالم الخيال العلمي الرباعي، هدنة لثلاثة أشهر، ثم عملية انتقالية شاملة تُبرم في تسعة أشهر!
    يا له من جدول زمني متفائل، وكأنه وصفة سحرية لتحويل الفوضى إلى نظام في غضون عام. أليس هذا هو ذات الكلام الذي نسمعه منذ سقوط نظام البشير، بل حتى قبله؟، عن عملية انتقالية هنا وهناك، عن مدنيين يقودون، عن شفافية تذوب كالثلج في الصحراء.
    خامسا: إن الدعم العسكري الخارجي لأطراف النزاع في السودان يؤدي إلى زيادة حدة النزاع وإطالة أمده، وبناءا على ذلك، فإن إنهاء الدعم العسكري الخارجي هو ضرورة لإنهاء النزاع.
    هل أدرك الخبراء في الرباعية للتو أن تزويد المتحاربين بالسلاح يجعلهم يتقاتلون أكثر فأكثر، فهذه المعلومة، التي يعرفها حتى طفل صغير، يتم صياغتها كاكتشاف يستحق الثناء، والأدهى من ذلك أن بعض أعضاء هذه الرباعية أنفسهم متهمون، صراحة أو ضمنا، بتقديم الدعم العسكري لأحد طرفي النزاع أو كليهما، فكيف يطلبون بإنهاء الدعم العسكري وهم أنفسهم جزءا من المشكلة؟
    أما الالتزامات التي عبر عنها الوزراء في إطار مشاركتهم في دعم التوصل إلى حل سلمي، فهي مجموعة أخرى من الوعود التي تبدو وكأنها مقتطعة من أي خطاب دبلوماسي عام:
    بذل كافة الجهود لدعم التوصل إلى تسوية تفاوضية.. أي جهود، وكم بيانا آخر سننتظر قبل أن نرى أثرا لهذه الجهود؟
    الضغط على جميع أطراف النزاع لحماية المدنيين.. منذ متى والضغط بالكلمات يوقف الرصاص؟
    تهيئة الظروف التي تضمن أمن منطقة البحر الأحمر على نطاق أوسع، وهنا نرى الأجندة الحقيقية تطل برأسها، أمن البحر الأحمر، المصالح الاقتصادية، المضايق المائية، نعم، إنها أهم من حياة السودانيين.
    التصدي للتهديدات الأمنية العابرة للحدود من المنظمات الإرهابية والمتطرفة، وكأن الإرهابيين هم من يقودون جيشين نظاميين يتصارعان على السلطة في الخرطوم. هذه ذريعة جاهزة لتبرير أي تدخل مستقبلي، أو لتجاهل أي انتهاكات بحجة مكافحة الإرهاب.
    عدم منح المجال للأطراف الإقليمية والمحلية المزعزعة للاستقرار الساعية للاستفادة من استمرار النزاع في السودان.. هل هذه الجملة موجهة لأحد أعضاء الرباعية نفسه، أم هي مجرد إدانة مبهمة للآخرين بينما أيدي الجميع ملطخة بطريقة أو بأخرى؟
    كل هذه الالتزامات لا تعدو، كونها إصبع حبر دولي يُرفع في وجه الجوع والقتل، محاولا إيهامنا بأنه سيهزم الوحش.
    إنها محاولات يائسة لإخفاء رائحة النفاق الدولي وكذبه الذي بات يفوح من كل اجتماع وكل بيان.. إنها صراع المصالح الدولية المتشابكة والمعقدة التي لا تبالي بصرخات الثكالى والأيتام في السودان، بقدر ما تبالي بمكاسبها الجيوسياسية والاقتصادية.
    عزيزي القارئ..
    وبعد كل هذا، يبرز السؤال الذي يمزق القلب قبل أن يُثير الضحك، يخرج السذج ليفرح بهذا البيان الرباعي، لنتساءل: هل هو يأس مطلق يدفعهم للتمسك بأي خيط، مهما كان واهيا، هل هو إيمان طفولي بقدرة المجتمع الدولي على فعل الخير، رغم سجلهم الحافل بالإخفاقات والانتهازية، أم أنهم ببساطة ضحايا لعملية التخدير الكبرى التي يمارسها المجتمع الدولي ببراعة، فيُسقون أقراصا من الوعود المعسولة، ويُشاهدون مسرحيات دبلوماسية متقنة الإخراج، فيقتنعون بأن هناك من يهتم، وأن هناك من يعمل، بينما الحقيقة هي أنهم يُتركون ليواجهوا مصيرهم وحيدين، يُقتلون ببطء، ويُجوعون بقسوة، ويُشردون بلا رحمة؟
    إن من يفرح ببيان كهذا، هو كمن يغرق في محيط، ويأتيه أحدهم ليقدم له كوب ماء فارغا، قائلا: تفضل، هذا هو الحل!
    إنه لا يرى أن هذه البيانات، بدلا من أن تكون دواء، هي مجرد بلاستيك رخيص يغلف الجرح الملتهب، يزيد من التهابه ويؤخر شفاؤه.
    إنه لا يرى أن العالم يضحك على الشعوب المستضعفة، ويخدرها بمثل هذه البيانات، لتبقى صامتة، لترضى بالفتات، ولتواصل معاناتها بصبر يظنونه أزليا.
    السودان ينزف، وشعبه يعاني الأمرين.. المدن تدمر، القرى تحرق، الملايين نزحوا، والأرض تتشرب الدماء، وفي خضم هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، يأتينا بيان رباعي، ثم يليه اجتماع رباعي آخر في سبتمبر 2025، وهو الشهر الذي نحن فيه الآن، فهل أتى بجديد؟.
    هذا البيان، وهذا الاجتماع، لا يُقدمان إلا مزيدا من الوعود الجوفاء، ومزيدا من النفاق السياسي، ومزيدا من التخدير للشعوب التي تتوق إلى حلول حقيقية لا إلى فرقعات إعلامية.
    فليستمر الفرحون في فرحهم، وليستمر السذج في إيمانهم الأعمى، وليستمر العالم في مسرحيته الهزلية، لكن الحقيقة الساطعة التي لا يمكن إنكارها هي أن هذا البيان، وكل ما سبقه وما سيلحقه من بيانات مشابهة، ما هو إلا محاولة بائسة لغسل أيادي المجتمع الدولي من دماء السودانيين، وإلقاء اللوم على الإخوان المسلمين أو أي جهة أخرى، بينما السبب الحقيقي يكمن في صراع المصالح الدولية الذي حول السودان إلى ساحة معركة لا يبالي بها أحد سوى أهلها.
    إلى متى سنظل نصدق هذه الأكاذيب، إلى متى سنظل نُخدّر ببيانات لا تُسمن ولا تُغني من جوع، إلى متى سيظل السودان يدفع ثمن نفاق العالم وصراع مصالحه؟
    إن الإجابة، للأسف، لا تزال معلقة في الهواء المليء بالدخان، تنتظر معجزة لا يبدو أنها ستأتي من أي بيان دبلوماسي، بل ربما يجب أن ننتظر البيان الرباعي القادم لنفرح به من جديد، ونحن نرى دمار السودان يتعمق أكثر وأكثر.
    وهكذا، وبينما تُفرقع البيانات الرباعية والخماسية على مسرح السياسة الدولية، وتُعزف سيمفونية النفاق على أوتار المصالح الباردة، يظل السودان هو المشهد الحقيقي، الضحية الكبرى لهذه الكوميديا السوداء.
    فبينما يرقص البعض فرحا بوعود التخدير، وتُلقى على الجرح الغائر ضمادات من ورق، تتسع رقعة الدمار، وتتعالى أنات الثكالى والأيتام.
    إنها ليست مجرد كلمات تُكتب، بل هي شواهد صامتة على خذلان لا يُغتفر، وعلى ضمير دولي آثر العمى واللامبالاة، تاركا السودان وحيدا في مواجهة مصيره المجهول.
    فليستمر العالم في ضحكته الهزلية، ولتتوالَ البيانات الجوفاء، لكن الحقيقة الصارخة ستبقى محفورة في تراب السودان ودموع أهله، حيث أن العدل والرحمة لا يأتيهما ببيان، بل يحتاجان لقلوب حية وأفعال صادقة، وهو ما ما زال هذا الوطن ينشده، وما زال العالم يحرمه إياه.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de