|
عيب على حكومة الثورة بقلم:خلود دفع الله الحسن
|
08:36 PM September, 24 2020 سودانيز اون لاين خلود دفع الله الحسن-Sudan مكتبتى رابط مختصر
قديمًا قال أهلنا: أسمع كلام البيبكيك.. بلا رتوش أو أغلفة أو تزييف للحقائق, وبكل صراحة وألم في الوقت ذاته إنه لمن المخزي المعيب والمخجل وبعد مرور أكثر من عام على تسّلم حكومة الحرية والتغيير للحكم, أننا لا زلنا نشاهد فصولاً من قلة الوعي بأحد أهم أسباب نجاح عملية الانتقال الحقيقي إلى دولة الحقوق والحريات والسلام. وقصورً بائنًا صارخا في فهم القائمين على أمر الدولة والذين تصّدروا دّفة القيادة السياسية والمدنية بأهمية السلاح الأقوى في مجابهة الأخطار التي تواجه المجتمعات والأمم؛ ذلكم هو الإعلام...... مخطئٌ من ظن أن الحلقات المطولة من التنظير السياسي واجترار تاريخ فساد النظام البائد هو وحده ما تحتاجه أمتنا وثورتنا في وقتها الحالي. مخطئٌ من ظن أن الإفراط في إظهار معاناتنا هو ما نحتاجه لإنجاح ثورتنا. ومخطئٌ من ظن أن الإعلام هو فقط ما تعرضه شاشات التلفاز وما تكتبه أقلام الكُّتاب في صفحات الجرائد. ومخطئٌ من لم يتعلم الدروس والعِبر من تجارب سابقيه ويأخذ بما ينفع منها. أقول هذا وفي ذاكرتي ما فعله الإنقاذيون لدى مجيئهم إلى الحكم وفي سنوات حكمهم الأولى بقدر ما أتذكر أو قيل لي. كانت يومها أجهزة الراديو, وشاشة التلفاز ومكبرات الجوامع وسوح الجامعات وطوابير الصباح في المدارس ومكبرات الصوت في الأماكن العامة الشوارع والمطارات كلها تصدح وتردد أدبيات فكرهم وتدعو الشباب للالتحاق بساحات الحرب في الجنوب. أينما ذهبت لا تسمع إلا نشيدهم وشعاراتهم.
هكذا استطاعوا خداعنا لثلاث عقود, وخداع آلاف الشباب الذين حملوا أرواحهم على أكُفهم فداءًا لذلك الفكر الذي وصلهم في كل مكان فآمنوا به وظنوا أنه الحق حينما تردد على مسامعهم كثيرًا. وحين اندلعت ثورة ديسمبر المجيدة وصفناها جميعًا بأنها ثورة من الوعي لأنها لم يصنعها إلا وعي جيل من الشباب بخطورة استمرار ذلك الواقع السيء على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم من بعد. ووعيهم وفهمهم لكل أساليب دهاء السلطة الحاكمة ومكرها وما كانت تسوقه من أكاذيب. ووعيهم بأهدافهم التي أرادوا من ثورتهم فضّحوا من أجلها ببسالة وصمود. ووعيهم بأن ثورتهم لن تنجح بهم وحدهم فصاغوا الأناشيد وكتبوا على الجدران ورفعوا أصواتهم في الشوارع بالهتاف ووصلوا بفكرتهم إلى كل حي وكل منزل, وشّكلوا بذلك لوحةً إعلامية فخمة فاقت في نفاذها كبريات وكالات الأنباء وأجهزة التلفاز. فعلوا كل ذلك بدون أدنى موارد ووصلوا بثورتهم قريبًا من شاطئ النجاح الكامل حتى جاءت حكومة الثورة... الحكومة التي تملك هيئة الإذاعة والتلفزيون, ووكالة سونا وربما بعض الصحف, وتملك حق الحركة في الأماكن العامة والجامعات والمدارس والمطارات والشوارع والجوامع وفوق ذلك تملك فضاءًا متاحًا على شبكة الإنترنت ورغم كل ذلك تختفي أناشيد الثوار, وتختفي الرؤية الإعلامية التي تصنع من ثورتنا دستور إصلاح لكل مصادر لخلل في حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية, ويختفي جهد الدولة وعمقها السياسي في صناعة التوافق الشعبي حول القضايا الجدلية, ويغيب جهد الإعلام في الدعم الحقيقي لعملية الإنتاج وتعريف العامة بوسائله وتفاصيلها, وتغيب أمامنا جهود الدولة في إصلاح كل شيء لغياب الإعلام عنها. وتغيب جهود الإعلام في توعية كل مواطن بواجبه وحقه, ويغيب الجهد في غرس قيم الإخلاص والنزاهة ومحاربة أساليب الرشوة والخداع وغيرها.
أقول هذا وأعلم أيضًا أن الحكومة ليست مطالبة بحمل مكبرات الصوت والكامرات لتصوير ما تريد, ولكن ليس من حقها بموجب ارتضائها بتحّمُل مسؤولية قيادة فترة الانتقال الثوري أن تغض الطرف عن الخلل البائن في المشهد الإعلامي لأنها بذلك تمنح أعداء الثورة فرصةً لاستجماع أنفاسهم واستخدام ذات سلاحها المفترض الذي عزفت عن الاستفادة منه لوأد أدبيات الثورة وأهدافها. وعليه يجب أن تعلم حكومة الثورة وثقلها السياسي أن الدول تقود شعوبها بالشفافية الحقيقية وبتوجيه الرأي العام وصناعة التوافق الشعبي حول القضايا الخلافية, ونشر القيَم المطلوبة للنجاح وفي حالتنا هي قيَم المواطَنة والإخلاص والنزاهة والتفاني وهي ذات القيم التي نجح الثوار في تمّثُلها ونشرها حين كانوا يملكون زمام المبادرة. ولأن الرأي العام يصنعه التكرار والانتشار فإن من الواجب وعلى وجه السرعة الاجتماع على بناء خطة محكمة تديرها الحكومة وقوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة والإعلاميون الثوار وبإشراك مؤسسات الشرطة والجيش تعتمد على تفعيل كل ما يخاطب الجمهور في كل مكان لصناعة رأي عام واسع وتوجُه يحقق الآتي: 1/ إعادة إحياء أدبيات الثورة التي تدعو للحرية والعدالة والسلام وتنبذ العنصرية. 2/ ترسيخ قيم المواطنة والنزاهة والإخلاص وتجريم الأنانية التي تضر بمصلحة الوطن والمواطنين. 3/ تشجيع الإنتاج الجماعي والفردي وتخصيص برامج ومساحات مختلفة لتعليم العامة بتفاصيله// كتعليم زراعة الفاكهة والخضر في المنازل أو تدريب السيدات على صناعة الخبز منزليًا. 4/ العمل على تقليص الهوة بين القوات النظامية والمجتمع وتحفيز تلك القوات معنويًا لمزيد من الأداء وغرس مزيد من الروح الوطنية فيهم. 5/ طرح القضايا الجدلية الخلافية للنقاش المجتمعي بكثافة وجرءة ومحاولة تشكيل رأي عام وتوافق حولها لتعزيز فرص تحقيق السلام الكامل وتماسك الدولة. 6/ الكشف عن جهود الإصلاح في مؤسسات الدولة المختلفة بوضوح وتفصيل والكف عن التعلُل بضعف إعلام الحكومة.
خلود دفع الله الحسن
|
|
|
|
|
|