عفواً حمدوك، فأنت لست الأمم المتحدة ولا الاتحاد الافريقي ولا الجامعة العربية، لتدعو طرفي النزاع لوقف الحرب، أنت منحاز لثورة الجماهير المندلعة في ديسمبر من العام 2018 ميلادي، التي انحازت لها قوات الدعم السريع، ولولا خطاب قائدها المشهود أمام جنوده بمعسكر طيبة الذي أعلن فيه صراحة، وقوفه جنباً إلى جنب مع رغبة الشباب الذين حملوا أرواحهم على أكفهم، ثم واجهوا آلة العسكر اللئيمة والباطشة، لما تسنى للقوى المدنية أن تنداح في الساحات والشوارع والميادين، متحدية أكثر القوات الأمنية وحشية في التاريخ – كتائب أمن البشير، وحتى بعد أن قهرك العسكر يا حمدوك واقتحموا غرفتك الخاصة أنت وزوجك، لم تجد غير هذه القوات منجداً ومنقذاً ومخرجاً لك من قتلة مؤكدة ومحققة، من جهاز أمن دولة لا تعرف سوى الغدر بالمدنيين وفرد عضلاتها أمامهم، لماذا بدّلت قناعاتك يا رئيس وزراء الانتقال المستقيل؟، بعد المذكرة الموقعة بينك وقائد الدعم السريع بأديس أبابا، تلك الوثيقة المؤكدة على أجندة السلام والعبور نحو الحكم المدني الديمقراطي، والمناوئة لمشروع إخوان السودان الإرهابي، إنّ هذه الحرب يا حمدوك ليس فيها تساوٍ بين الطرفين، وكل من يؤمن بأن هنالك جيشان يتقاتلان من أجل السلطة والسطوة والنفوذ، فهو إمّا متواطئ أو خائف، فقد سجلت قوات الدعم السريع موقفاً واضحاً حول وجوب الانتقال المدني الديمقراطي وبصمت بالعشرة على اتفاق الإطار المؤدي لذلك. عليك يا حمدوك اتخاذ الموقف الصحيح بالاصطفاف مع مشروع التأسيس، الذي لم يترك شاردة ولا واردة حول الاستحقاق المدني الديمقراطي، والذي انخرطت في مضماره الحركة الشعبية صاحبة الموقف المبدئي من قضية الحرب والسلام، والتي عرّفت الأزمة الوطنية بأنها صراع بين سودانين إثنين، سودان قديم بالٍ كالخرقة، وآخر جديد ينشد الحرية والسلام والعدالة الاجتماعية، يا حمدوك، إن موقفك كمصلح لا يتسق مع الرغبة العارمة والكبيرة للأحرار، الذين رأوا في خلاصهم الخلاص من جماعة الاخوان التي اختطفت الجيش وجهاز الدولة، فاليوم لا مكان للمواطن الذي يقول لا للحرب وليس بيده بندقية يدافع بها عن شرف نساءه المستهدفات من الجيش الإخواني، الذي أعلن مساعد قائده على رؤوس الأشهاد القضاء على المجتمعات، وأظنك أحد الذين قصف هذا الجيش الإرهابي مدينتهم، لا لشيء سوى لأنها المدينة التي تمثل رمزية مسقط رأس رئيس وزراء الانتقال، الذي عشقت الجماهير صوته الحنون المضمّد لجراحاتهم، أنت يا دكتور مدين لهذه المدينة والمدن السودانية الأخرى التي كانت آمنة يأتيها رزقها من كل وادٍ وسحاب ماطر، هذا الدين سداده الانحياز للقوة التي ناصرت الحق، وواجهت الإرهابيين قاطعي الرؤوس باقري البطون، الدواعش الذين لن يستجيبوا لخطابك العاطفي، ولو كانوا كذلك لما أخرجوك من السودان مكرهاً مطرودا، فاليوم توجد فئتان، واحدة باغية وأخرى مناهضة للبغي والعدوان. دعوتك يا حمدوك للوقف الفوري للحرب بين أنصار الحق – قوات الدعم السريع، وبين الذين جاءوا بالخطيئة – جيش الاخوان، دعوة رجل يخشى العدل ويهاب الطغيان، ولا يؤمن بالحق الأبلج ويهادن الباطل اللجلج، لأنك وبحسب رواة أخبارك تفضل المكوث بالمنطقة الرمادية، ولعمري مثلك لن يكون عنصراً فاعلاً في تخليص السودان من شر الاخوان، وحتى الذين انضووا تحت لواءك هم الوجه الآخر للسودان القديم، لأنهم هادنوا واستكانوا وارتضوا أن يقبعوا في المنطقة الوسطى بين النار وعالي الجنان، سوف لن يسامحهم التاريخ لما بذلوه من رخص وخذلان، لصمتهم عن قول الحق ومساواتهم للضحية بالجان، لقد سمعناهم عبر القنوات الفضائية يزنون البريء والمجرم بتطفيف الميزان، ولا ينبسون ببنت شفة تجاه المعتدي الأثيم مطلق الرصاصة الأولى، التي قتلت اكثر من أربعة آلاف من الجنود العزّل، النائمين بثكناتهم، فحتى لحظات كتابة هذه الكلمات لم يقم الحمدوكيون بإنصاف هؤلاء الضحايا الذين غدر بهم جيش البرهان صبيحة الخامس عشر من شهر نيسان، ولم تلفظ أفواههم كلمة واحدة مدينة لقصف المدنيين في الكومة ومليط والضعين ونيالا، بل المخزي حقاً عدم إدانة حمدوك نفسه لقصف طيران جيش الاخوان لمدينته – الدبيبات – وحرق أهله وعشيرته لدرجة التفحم، هذه الحرب يا عبد الله حمدوك لن توقفها النوايا الطيبة وإنّما العزم والحسم وصون الأرض والعرض والإنسان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة