قانون الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض لسنة ٢٠١٠ من أسوأ القوانين التي تنظم تعاقدات الدولة عبر المناقصات والمزايدات والممارسات.. وقد تم استغلاله طيلة عهد الكيزان في الفساد والإثراء على حساب الخزينة العامة. لقد كنت شاهداً على قضايا فساد كثيرة رفعت أمام القضاء في ذلك الوقت، ونتيجة لسوء ذلك القانون، حصل أغلب المتهمين على براءات حازت قوة الأمر المقضي، وبالتالي تحصنوا خلف قاعدة عدم جواز محاكمة شخص عن نفس التهمة مرتين Double Jeopardy. كنت أتوقع من حكومة القحاطة الكثير فيما يتعلق بالإصلاح القانوني ومنها قوانين مكافحة الفساد بدلا عن قوانين الختان وما هو تحت السرة، ولكن للأسف وجدت أن هذه الحكومة تمارس نوعا من المسرحيات السمجة لخداع المواطن، لإبقاء الحال على ما هو عليه، بل الأنكى والأمر، أن نفس هذه الحكومة أجرت عدة عقودات مع شركات امريكية، آخرها تعاقد مع شركة امريكية لإصلاح الخدمة المدنية. والمشكلة ان هذه التعاقدات واضحة الفساد، ليس لأنها فقط خالفت قانون التعاقدات المشار إليه (على علاته)، بل لأننا جميعنا نعلم أن إصلاح عيوب (الدول) لا يتم هكذا، فأنت لا تحتاج فقط لإصلاح الخدمة المدنية لتنصلح هذه الخدمة بل تحتاج لإصلاح واقعك الاقتصادي والسياسي بل وحتى المالي والمحاسبي، ويكون لديك برلمان حقيقي وليس موظفي محاصصات بالإضافة إلى إصلاح القوانين المتعلقة بحرية الإعلام والشفافية وحرية المعلومات. إن الإصلاح كلٌّ متكامل، إذ لا بد أن يتم بالتوازي لا بالتوالي. نحن لا نعلم عن تلك العقود شيئاً، ومن المفترض أن هذه الأنشطة كان يجب أن تقوم بها بعثة مجلس الأمن مجاناً، وكذلك تعيين مستشارين خواجات (غالباً) ضباط مخابرات، لكن من الواضح أن أمريكا ارتأت أن تقوم بعملية استباقية لسرقة بعض المال من الشعب السوداني المغلوب على أمره، كما سرقته في التعويضات وعبر القرض التجسيري، بل حتى سرقت أموال من خدعوهم بالهجرة العشوائية (اللوتري) ثم بعد أن اخذوا أموالهم أخبروهم أن هناك قرار يحظر منحهم تأشيرة السفر. المهم، يبدو أن أمريكا وجدت في حمدوك ضالتها، وهو يوزع عليها أموال الشعب توزيع من لا يخشى الفقر، ولا بأس ففي النهاية هذا الشعب يستأهل ما يحدث له. الآن تقوم حكومة حمدوك كل يوم بالتعاقد (غوموتي) مع شركات أمريكية وتدفع لها ملايين الدولارات، والأمريكان وجدونا شعباً أبلهاً لا يعرف حقاً ولا باطلاً، فالشعب يحدد الحق والباطل بحسب انتمائه وعاطفته. فمن مع حمدوك يرون كل ما يفعله حقاً ومن ضده يرون كل ما يفعله باطلاً، لكنهم لا يقيمون أي شيء تقييماً حقيقيا. سنلاحظ ذات الأمر في سد النهضة، فمن يكرهون مصر مع سد النهضة ومن يكرهون اثيوبيا ضد السد..هنا تضيع الحقيقة. وهذه مشكلة سيعاني منها الشعب طويلا.. لأن التطفيف في الميزان مضرٌ بصاحبه، إذ يعميه عن وضع قدمه في المكان تلصحيح، بل ويتخذ قرارات عاطفية مضرة بمستقبل أبنائه وأحفاده. وتاريخ الحكومات السودانية ذاخر بمثل تلك القرارات العشوائية التي أورثته حاضره البائس. ولا مساس..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة