الموقف الامريكي السعودي المشترك بضرورة وقف الحرب في السودان يمثل تحولا كبيرا وضغطا مباشرا على دعاة الحرب، وهو بالفعل صفعة قوية لناس ناجي مصطفى وياسر كاسات والحاج ساطور وبقية الكيزان. فقد اعلن الرئيس الامريكي دونالد ترمب انه سيبدأ العمل على انهاء الحرب في السودان، وذلك بطلب مباشر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. واوضح ترمب ان النزاع السوداني لم يكن ضمن اولوياته، لكنه تحرك فور إصرار ولي العهد السعودي، معتبرا ان التدخل سيكون انجازا مهما. السعودية ترى ان الضغط المباشر من ترمب سيكسر الجمود الذي يعرقل محادثات وقف اطلاق النار، خاصة بعد ان استضافت الرياض عدة جولات تفاوضية خلال الاشهر الماضية. هذا التطابق في الموقف يضع معسكر دعاة الحرب من رموز النظام السابق الذين يرفضون الهدنة في عزلة سياسية واضحة. تصريحات مثل تلك التي اطلقها الحاج ادم يوسف ساطور او ياسر كاسات وبقية المهوسين، ستفقد وزنها امام هذا التحالف الدولي القوي. البرهان سارع الى الترحيب بالموقف الامريكي السعودي، وهو امر متوقع، لانه لا يستطيع ان يرفض ضغطا صادرا من واشنطن والرياض معا. ترحيب البرهان لا يعني إلتزاماً فعلياً بوقف الحرب، بل هو مناورة سياسية لتجنب الصدام المباشر مع القوى الكبرى. لكنه يكشف ان ميزان القوى الدولي بدأ يفرض نفسه على اطراف الحرب في السودان. هذا الترحيب ايضا محاولة لكسب شرعية امام المجتمع الدولي، ورسالة للداخل بانه ليس معزولا، لكنه في الحقيقة تحصيل حاصل لان البرهان لا يملك خيار الرفض. تحرير الفاشر شكل نقطة تحول استراتيجية في ميزان القوى داخل السودان. فهي مركز رمزي وعسكري مهم، وتحريرها من قبل قوات تأسيس اضعف خطاب دعاة الحرب الذين كانوا يرفضون اي هدنة. كما أنها مثلت إنكساراً معنويا كبيرا جعل معسكر الحرب متضعضعا، واضطر البرهان الى اظهار مرونة امام الضغط الدولي حتى لا يظهر مهزوما بالكامل. تصريحات التصعيد التي كان يطلقها رموز الكيزان اصبحت بلا وزن امام الواقع العسكري والسياسي الجديد. اما بخصوص حكومة السلام فقد رحبت بالرباعية الدولية منذ البداية، وهذا الموقف ليس جديدا لانه ينسجم مع توجهها الدائم نحو الحلول السلمية والدعم الدولي. الجديد هو ترحيب البرهان نفسه، الذي ظل طوال الفترة الماضية يراوغ ويراهن على استمرار الحرب ويستند الى خطاب معسكر الكيزان الرافض لأي هدنة. هذا الترحيب بعد خسارة الفاشر يعكس ان معسكر الحرب بات في حالة ضعف وتراجع، وان البرهان لم يعد قادرا على مواجهة الضغط الدولي والاقليمي، فبينما حكومة السلام تؤكد التزامها بخارطة الطريق الدولية، فإن البرهان يضطر الآن الى الانحناء امام العاصفة الدولية حتى لا يظهر معزولا او مهزوما بالكامل. الخلاصة ان ترحيب البرهان بتصريح ترمب يعكس تضعضع معسكر الحرب بعد خسارة الفاشر، ويؤكد ان استمرار الحرب لم يعد خيارا مقبولا دوليا، وان الكيزان مضطرين للتجاوب مع الضغط الخارجي حتى لو كان ذلك على حساب حساباتهم الخاطئة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة