ديسمبر فى مفترق الطرق بقلم عبدالمنعم عثمان

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 08:21 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-13-2020, 10:58 PM

عبد المنعم عثمان
<aعبد المنعم عثمان
تاريخ التسجيل: 02-25-2019
مجموع المشاركات: 173

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ديسمبر فى مفترق الطرق بقلم عبدالمنعم عثمان

    10:58 PM July, 13 2020

    سودانيز اون لاين
    عبد المنعم عثمان-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر





    موضوعان ظللت اكررهما فى اغلب مقالاتى السابقة ، حيث انى اعتبرهما لب قضية الثورة ، وهما : تفرد ديسمبر عن كل سابقاتها فى السودان وماحوله من بلدان افريقيا والعرب لكونها انتصرت فى مرحلتها الاولى بازالة النظام البائد الفاسد ولم تتوقف عند هذا الحد اذ انها ظلت تجاهد رغم الصعاب والعقبات الداخلية والخارجية فى سبيل الوصول الى غاياتها النهائية . والموضوع الثانى هو ان العقبة الاساسية ، التى تتفرع منها بقية العقبات ، هى الاتفاق المعيب ، الذى منح بعض اركان النظام القديم حق المشاركة فى ادارة المرحلة الانتقالية بأسم مؤسسات كاملة من الدولة ، لايوجد مايؤكد قبولها باجمعها ذلك التمثيل سلبا وأيجابا . وقد وضح من مجريات الأمور منذ تلك المشاركة وحتى اليوم ان هذين العنصرين هما الذان يحددان الأتجاه الحالى والمستقبلى للثورة المتفردة . وللتدليل على هذا الأمر ناتى ببعض أمثلة التجاذب ، الذى لاينى يطل براسه بين المكونين العسكرى والمدنى فى السلطة ، ويبدى انتصار أحدهما نتيجة توازن القوى فى لحظة معينة ، فمثلا :
    عندما قام الفريق البرهان بلقاء نتنياهو ، كانت النتيجة تسجيل نقطة لصالح المكون العسكرى أدت الى ظهور البرهان وكانه رئيس الجمهورية وليس رئيسا لمجلس سيادة، ذكر نائبه ان دوره تشريفى ، وذلك فى مناسبة اخرى تستدعى التملص من المسئولية التنفيذية . الا ان نفس النائب قد فرض نفسه ومعه الفريق الكباشى على راس ادارة ملف السلام وكلك على اللجنة الأقتصادية العليا ، التى لايشك أحد فى ان دورها تنفيذى بالكامل !
    وعندما سجل رئيس الوزراء عدة أهداف من ضربة واحدة ، وذلك بالطلب من الأمم المتحدة ارسال بعثة تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة ، كانت النتيجة ان شلت ايدى الآخرين فى السلطة وخارجها ، الذين كانوا يسعون الى تغيير فى السلطة بانقلاب عسكرى او سياسى . وكذلك سجل المكون المدنى عدة نقاط عندما نجح فى تنظيم مؤتمر اصدقاء السودان الذى اتفق الجميع على نجاحه فى ارجاع السودان الى المجتمع الدولى ، وان اختلف البعض على تقييم نجاحه اقتصاديا وماليا .
    على ان رمانةالميزان فى جميع هذه الاحوال ، وخصوصا فى حالة الأزمات الحادة ، ظلت هى شباب الثورة وترسها الصاحى على الدوام . وقد أكد الدكتور حمدوك على هذه الحقيقة فى خطابه بعد مواكب الثلاثين من يونيو ، والذى قال فيه ، بل واكمل القول بالفعل ، بأنه سيستجيب لمطالب الثوار ، وهو بالتالى اعتراف بالتقصير فى ما مضى ووعد بالآصلاح الذى بداه فعلا . ولكن ..!
    وبما ان لكن هذه مصرة على الا تدعنا (!) نظن ان هذه الأحداث لمابعد الثلاثين من يونيو ، قد وضعت الثورة فى مفترق طرق : فاما ان يتم اصلاح حقيقى وغير شكلى بل ينفذ الى عمق المشكلة ويعالجها بما تستحق ، واما الأستمرار فى مسك العصاة من منتصفها ، تفاديا لحساسية التوازن وهنا يكمن الخطر على الثورة . ففى الحقيقة ان المسالة ليست فى وضوح اللونين الأبيض والأسود ، لكنها تحتاج لمن يرى جميع الألوان ويختار على بينة منها . فما هى الألوان المتوفرة فى الساحة وكيف يختار من بيده فرصة الاختيار ؟!
    فى الداخل :
    أولا من المخاطر الواضحة والتى لم تجدحظها من المعالجة هى : وجود السلطة فى بعض المجالات الحساسة فى يد بقايا النظام البائد وبطريقة تدعو للشك فى من بيده بعض مفاتيح السلطة الأنتقالية . مثال واحد صارخ على الأمر هو ما اكتشفته لجنة ازالة التمكين من وجود سلطة توزيع المواد البترولية فى يد لجنة النقابة الأنقاذية المحلولة حتى الامس القريب . يصرح المسئولون عن الطاقة بان مايكفى من المواد متوفر ولكن الصفوف تزداد ، فاذا ظهر السبب الغريب بطل العجب . وقبل مفارقة هذا اللون لابد من ذكر لون مقابل اتاحه تصرف ثورى قام به وزير العدل ، الذى قال وفعل بأن اولى اولوياته كانت التخلص من التابعين للنظام القديم فى وزارته ، موضحا انه لايمكن توقع تنفيذ سياسات الثورة بمن انتفضت الثورة ضدهم ! ( بديهى )
    اذا صح ماذكرنا اعلاه ، فكيف نتوقع اداء ثوريا من اجهزة الأمن تقوم فيه بدورها فى حماية الثورة ، وهى لاتزال تحمل فى احشائها ، بل وخارج تلك الأحشاء من ظلوا سندا للنظام القديم حتى بعد ان شاركوا فى السلطة الانتقالية ، التى من المفترض ان تمثل الثورة وتنفذ شعاراتها ؟!
    فاذا أتينا الى المكون المدنى ، فاننا نجد الصورة التالية : تقول الحكومة الأنتقالية ان تكوينها جاء نتاجا لترشيحات الحاضنة السياسية التى تمثل الثورة وشعاراتها وتقول قحت ان الحكومة الأنتقالية تمثلها بالفعل ، لكننا نظل نسمع من الطرفين مايدل على غير ذلك . قالت الحكومة فى البداية انها لم تستلم برنامجا أدعت قحت انها سلمته لها ثم اعترفت الحكومة بالاستلام فى وقت لاحق . وظللنا نسمع من اللجنة الأقتصادية لقحت ، حتى قبل ذهاب الوزير ، بأن وزير المالية يطبق سياسات لاتتفق مع برنامجها (!)
    وقبل ذلك هناك تكوين قحت نفسها ، الذى ظل يحمل تنظيمات متعارضة الرؤى جمعها فى البداية رؤية كانت مشتركة فى تلك اللحظة بهدف اسقاط النظام ، ولكن كان لابد ان تختلف الرؤى بعدها لأختلاف الأهداف والثورة تخطو الى الأمام . وقد توقعت فى مقالات سابقة تساقط بعض العناصر التى ستجد اتجاهات لن تعبر عن أهدافها التى انتهت بانتهاء النظام . ولأهمية هذه القضية ، لابد من الأسهاب فى توضيحها ، بما انها تتصل بأمر ظللنا نشير اليه كعنصر الأساس فى تميز ثورة ديسمبر من غير اعطاؤه مايلزم من التوضيح الضرورى ، وهو انها تسعى للوصول الى اهدافها النهائية ، فماهى هذه الاهداف ولماذا تشكل عنصر الاختلاف القادم بين مكونات قحت ؟!
    فى انتفاضتى 1964 و1985 فى السودان ، وهوامر ينطبق ايضا على بعض ثورات الربيع العربى ، توقف الأمر عند ازالة الأنظمة السائدة وأخذ راية سلطة الحكم منها مع الأبقاء على اصول السلطة الاقتصادية والأدارية وغيرها من عناصر الاساس فى يد العناصر القديمة ، التى تمثل فى غالبها مصالح الفئات والطبقات التى أزيلت . أى ان التغيير ظل شكليا حتى لوانه أنشا نظاما ديموقراطى الشكل . هذه المرة ، ونتيجة للوعى الذى تراكم لدى الجماهير العريضة ، اصبحت مطالب ديسمبر تتعدى تغيير الشكل الى المضمون . يتضح هذه فى عدة معارك لاتزال تضج بها ساحات الثورة . ففى مجالات العدالة والسلام والأقتصاد وغيره نجد الأتجاهين المذكورين : من يريد الأبقاء على ماكان لأن فى ذلك مصلحته ، ومن يريد تغييرا جذريا فى كل مجال ، ايضا لأن فى ذلك مصلحته. وبالطبع فان التعبير عن هذه الاتجاهات لايكون بكامل الوضوح المصلحى ،فهكذا هى السياسة! ولتوضيح الأمر بقدر الأمكان ، تسعفنى رسالة من الواتسابforwarded)من غير اسم مؤلف )تعلق على استقالة وزير المالية ، تقول "باختصار منى " : ( ان وزير المالية صرح بان استقالته كانت بسبب رفض حمدوك مساندته ضد العسكر لضم الشركات العسكرية الى ولاية الوزارة . ثم يواصل صاحب الرسالة الحديث عن شجاعة وزير المالية وعن رؤيته الأقتصادية الصحيحة لأصلاح الأقتصاد ، التى رفضتها حكومة حمدوك وبدلا عن ذلك سمح رئيس الوزراء لنفسه الوقوع تحت تاثير مجموعة الشيوعيين المتمسكين بمقولة " لن يحكمنا البنك الدولى " التى عفا عليها الزمن . ولاينسى صاحب الرسالة القول بأن الشرط الذى ذكره البدوي هو شرط المجتمع الدولى باكمله للبدء فى ايجاد حلول لمشكلة الديون وتدفق القروض التنموية والتجارية والأستثمارات. وانه بدون ذلك لاامل فى حل الأزمة الأقتصادية .)
    واذا صح الجزء الأول من الحديث عن سبب استقالة الوزير فهو أمر يجب ان يذكر له عليه ويدل على الشجاعة وهو امر تتفق فيه لجنة قحت الأقتصادية،غير ان رغبة الصندوق والمجتمع الدوليين فى تحقيق الأمر هى من ضمن مايجعلنا ، كجزء من جماعة "لن يحكمنا .." ، نشك فى الهدف من ورائها ، لكون الرأى فى ان المقولة قد عفا عليها الزمن لايعنى انها قد فقدت صحتها . وقد كتبت وسأواصل الكتابة عن الصندوق والمجتمع الدولى لكون نصائحم ومقترحاتهم بل وقروضهم لم تؤد الا الى الضرر والافقار على قول جوزيف ستيغليتز – الحائز على جائزة نوبل :( القروض التى يقدمها الصندوق تكون ضارة فى الغالب وخصوصا تلك التى تقدم للبلدان النامية . ) ولاأظنه ، وهو المستشار السابق للرئيس كلينتون ، يمكن ان يضم الى جماعة " لن يحكمنا ..)!
    وقبل ان ابارح هذه النقطة لابد من الأشارة الى ان السيد الصادق المهدى قد تاسف كثيرا على خروج الدكتور البدوى لكونه يرى فيه المنقذ للاقتصاد من خلال رؤاه . وطبعا لاباس من اختلاف الرؤي ، ولكن يبقى السؤال : هل هذا الراى يمثل قحت ، التى من المفترض ان حزب الأمة جزء منها وبالتالى يجب ان يلتزم برؤاها المناقضة لرؤى الوزير ؟!
    وفى الختام ، بما ان المقال يحذر من مفترق طرق ، فلا بد من الوضوح الكامل فى مانرى انه يؤدى الى استمرار الثورة على طريق التفرد واستكمال المهام لاالنكوص ، ولو لبرهة ، لاقدر الله :
    اولا : لابد من اكتمال مدنية السلطة ،اذ ان سيطرة المكون العسكرى ، كماوضح، تمثل العقبة الكاداء فى وجه الأستكمال. وفى هذا لابد من الاشادة بالبراعة المدهشة التى ادار بها رئيس الوزراء المعارك السابقة للأبقاء على دورما للمكون المدنى ، غير انه قد آن الأوان ليضع ثقة اكبر فى جماهير الثورة عند المعركة القادمة فى سبيل اكمال المدنية ومؤسساتها ،ففى ذلك يكمن ضمان توازن القوة لصالح الثورة وشعاراتها .
    ثانيا :تجديد ميثاق قحت لمواكبة المرحلة الجديدة من الثورة ، والذى يجب ان يبنى بصورة واضحه على ماطالبت به الجماهير فى مليونياتها وهو ما يؤكد ضرورة استكمال مشوارها بالتغيير الجذرى لاتجاهات الحكومات المتعاقبة على الحكم منذ الاستقلال لتنتهى الى الأبد الدائرة الشريرة وذلك بانفاذ بنود شعار الثورة الحاوى "حرية ، سلام وعدالة " .
    ثالثا : وحدة قحت لاتعنى وجود الكل ، على اختلاف رؤاهم ومطالبهم ، فى جسم واحد ، والا لكان هناك معنى لنقابةالمؤسسة التى جمعت الوزير والخفير . فعندما تختلف المصالح يصبح الجمع مستحيلا ، فاذا عبر الميثاق الذى سيتفق عليه على مصالح جماهير الثورة وماتدعو اليه فعندئذ لن يبقى الا من يرى مصلحته فى ذلك الميثاق .
    رابعا : لابد من تحديد العلاقة بشكل قاطع وملزم بين الحكومة وقحت فبذلك تتحدد المسئوليات وعلى ايهما يقع اللوم على الخطا اذا حدث .
    خامسا : الشفافية والوضوح بين مكونات الثورة والسلطة ، وخصوصا مع الجماهير فهى صاحبة المصلحة فى الخطط التى يجب ان توضع بمشاركتها وهى التى تساعد فى تنفيذها والرقابة على المؤسسات المنفذة . وهنا بالطبع لابد من البناء المؤسسى للجماهير والسلطة المركزية والولائية والمحلية ، بحيث يجد الكل المجال لايصال صوته وسماع الاخرين .

    عبدالمنعم عثمان
    موضوعان ظللت اكررهما فى اغلب مقالاتى السابقة ، حيث انى اعتبرهما لب قضية الثورة ، وهما : تفرد ديسمبر عن كل سابقاتها فى السودان وماحوله من بلدان افريقيا والعرب لكونها انتصرت فى مرحلتها الاولى بازالة النظام البائد الفاسد ولم تتوقف عند هذا الحد اذ انها ظلت تجاهد رغم الصعاب والعقبات الداخلية والخارجية فى سبيل الوصول الى غاياتها النهائية . والموضوع الثانى هو ان العقبة الاساسية ، التى تتفرع منها بقية العقبات ، هى الاتفاق المعيب ، الذى منح بعض اركان النظام القديم حق المشاركة فى ادارة المرحلة الانتقالية بأسم مؤسسات كاملة من الدولة ، لايوجد مايؤكد قبولها باجمعها ذلك التمثيل سلبا وأيجابا . وقد وضح من مجريات الأمور منذ تلك المشاركة وحتى اليوم ان هذين العنصرين هما الذان يحددان الأتجاه الحالى والمستقبلى للثورة المتفردة . وللتدليل على هذا الأمر ناتى ببعض أمثلة التجاذب ، الذى لاينى يطل براسه بين المكونين العسكرى والمدنى فى السلطة ، ويبدى انتصار أحدهما نتيجة توازن القوى فى لحظة معينة ، فمثلا :
    عندما قام الفريق البرهان بلقاء نتنياهو ، كانت النتيجة تسجيل نقطة لصالح المكون العسكرى أدت الى ظهور البرهان وكانه رئيس الجمهورية وليس رئيسا لمجلس سيادة، ذكر نائبه ان دوره تشريفى ، وذلك فى مناسبة اخرى تستدعى التملص من المسئولية التنفيذية . الا ان نفس النائب قد فرض نفسه ومعه الفريق الكباشى على راس ادارة ملف السلام وكلك على اللجنة الأقتصادية العليا ، التى لايشك أحد فى ان دورها تنفيذى بالكامل !
    وعندما سجل رئيس الوزراء عدة أهداف من ضربة واحدة ، وذلك بالطلب من الأمم المتحدة ارسال بعثة تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة ، كانت النتيجة ان شلت ايدى الآخرين فى السلطة وخارجها ، الذين كانوا يسعون الى تغيير فى السلطة بانقلاب عسكرى او سياسى . وكذلك سجل المكون المدنى عدة نقاط عندما نجح فى تنظيم مؤتمر اصدقاء السودان الذى اتفق الجميع على نجاحه فى ارجاع السودان الى المجتمع الدولى ، وان اختلف البعض على تقييم نجاحه اقتصاديا وماليا .
    على ان رمانةالميزان فى جميع هذه الاحوال ، وخصوصا فى حالة الأزمات الحادة ، ظلت هى شباب الثورة وترسها الصاحى على الدوام . وقد أكد الدكتور حمدوك على هذه الحقيقة فى خطابه بعد مواكب الثلاثين من يونيو ، والذى قال فيه ، بل واكمل القول بالفعل ، بأنه سيستجيب لمطالب الثوار ، وهو بالتالى اعتراف بالتقصير فى ما مضى ووعد بالآصلاح الذى بداه فعلا . ولكن ..!
    وبما ان لكن هذه مصرة على الا تدعنا (!) نظن ان هذه الأحداث لمابعد الثلاثين من يونيو ، قد وضعت الثورة فى مفترق طرق : فاما ان يتم اصلاح حقيقى وغير شكلى بل ينفذ الى عمق المشكلة ويعالجها بما تستحق ، واما الأستمرار فى مسك العصاة من منتصفها ، تفاديا لحساسية التوازن وهنا يكمن الخطر على الثورة . ففى الحقيقة ان المسالة ليست فى وضوح اللونين الأبيض والأسود ، لكنها تحتاج لمن يرى جميع الألوان ويختار على بينة منها . فما هى الألوان المتوفرة فى الساحة وكيف يختار من بيده فرصة الاختيار ؟!
    فى الداخل :
    أولا من المخاطر الواضحة والتى لم تجدحظها من المعالجة هى : وجود السلطة فى بعض المجالات الحساسة فى يد بقايا النظام البائد وبطريقة تدعو للشك فى من بيده بعض مفاتيح السلطة الأنتقالية . مثال واحد صارخ على الأمر هو ما اكتشفته لجنة ازالة التمكين من وجود سلطة توزيع المواد البترولية فى يد لجنة النقابة الأنقاذية المحلولة حتى الامس القريب . يصرح المسئولون عن الطاقة بان مايكفى من المواد متوفر ولكن الصفوف تزداد ، فاذا ظهر السبب الغريب بطل العجب . وقبل مفارقة هذا اللون لابد من ذكر لون مقابل اتاحه تصرف ثورى قام به وزير العدل ، الذى قال وفعل بأن اولى اولوياته كانت التخلص من التابعين للنظام القديم فى وزارته ، موضحا انه لايمكن توقع تنفيذ سياسات الثورة بمن انتفضت الثورة ضدهم ! ( بديهى )
    اذا صح ماذكرنا اعلاه ، فكيف نتوقع اداء ثوريا من اجهزة الأمن تقوم فيه بدورها فى حماية الثورة ، وهى لاتزال تحمل فى احشائها ، بل وخارج تلك الأحشاء من ظلوا سندا للنظام القديم حتى بعد ان شاركوا فى السلطة الانتقالية ، التى من المفترض ان تمثل الثورة وتنفذ شعاراتها ؟!
    فاذا أتينا الى المكون المدنى ، فاننا نجد الصورة التالية : تقول الحكومة الأنتقالية ان تكوينها جاء نتاجا لترشيحات الحاضنة السياسية التى تمثل الثورة وشعاراتها وتقول قحت ان الحكومة الأنتقالية تمثلها بالفعل ، لكننا نظل نسمع من الطرفين مايدل على غير ذلك . قالت الحكومة فى البداية انها لم تستلم برنامجا أدعت قحت انها سلمته لها ثم اعترفت الحكومة بالاستلام فى وقت لاحق . وظللنا نسمع من اللجنة الأقتصادية لقحت ، حتى قبل ذهاب الوزير ، بأن وزير المالية يطبق سياسات لاتتفق مع برنامجها (!)
    وقبل ذلك هناك تكوين قحت نفسها ، الذى ظل يحمل تنظيمات متعارضة الرؤى جمعها فى البداية رؤية كانت مشتركة فى تلك اللحظة بهدف اسقاط النظام ، ولكن كان لابد ان تختلف الرؤى بعدها لأختلاف الأهداف والثورة تخطو الى الأمام . وقد توقعت فى مقالات سابقة تساقط بعض العناصر التى ستجد اتجاهات لن تعبر عن أهدافها التى انتهت بانتهاء النظام . ولأهمية هذه القضية ، لابد من الأسهاب فى توضيحها ، بما انها تتصل بأمر ظللنا نشير اليه كعنصر الأساس فى تميز ثورة ديسمبر من غير اعطاؤه مايلزم من التوضيح الضرورى ، وهو انها تسعى للوصول الى اهدافها النهائية ، فماهى هذه الاهداف ولماذا تشكل عنصر الاختلاف القادم بين مكونات قحت ؟!
    فى انتفاضتى 1964 و1985 فى السودان ، وهوامر ينطبق ايضا على بعض ثورات الربيع العربى ، توقف الأمر عند ازالة الأنظمة السائدة وأخذ راية سلطة الحكم منها مع الأبقاء على اصول السلطة الاقتصادية والأدارية وغيرها من عناصر الاساس فى يد العناصر القديمة ، التى تمثل فى غالبها مصالح الفئات والطبقات التى أزيلت . أى ان التغيير ظل شكليا حتى لوانه أنشا نظاما ديموقراطى الشكل . هذه المرة ، ونتيجة للوعى الذى تراكم لدى الجماهير العريضة ، اصبحت مطالب ديسمبر تتعدى تغيير الشكل الى المضمون . يتضح هذه فى عدة معارك لاتزال تضج بها ساحات الثورة . ففى مجالات العدالة والسلام والأقتصاد وغيره نجد الأتجاهين المذكورين : من يريد الأبقاء على ماكان لأن فى ذلك مصلحته ، ومن يريد تغييرا جذريا فى كل مجال ، ايضا لأن فى ذلك مصلحته. وبالطبع فان التعبير عن هذه الاتجاهات لايكون بكامل الوضوح المصلحى ،فهكذا هى السياسة! ولتوضيح الأمر بقدر الأمكان ، تسعفنى رسالة من الواتسابforwarded)من غير اسم مؤلف )تعلق على استقالة وزير المالية ، تقول "باختصار منى " : ( ان وزير المالية صرح بان استقالته كانت بسبب رفض حمدوك مساندته ضد العسكر لضم الشركات العسكرية الى ولاية الوزارة . ثم يواصل صاحب الرسالة الحديث عن شجاعة وزير المالية وعن رؤيته الأقتصادية الصحيحة لأصلاح الأقتصاد ، التى رفضتها حكومة حمدوك وبدلا عن ذلك سمح رئيس الوزراء لنفسه الوقوع تحت تاثير مجموعة الشيوعيين المتمسكين بمقولة " لن يحكمنا البنك الدولى " التى عفا عليها الزمن . ولاينسى صاحب الرسالة القول بأن الشرط الذى ذكره البدوي هو شرط المجتمع الدولى باكمله للبدء فى ايجاد حلول لمشكلة الديون وتدفق القروض التنموية والتجارية والأستثمارات. وانه بدون ذلك لاامل فى حل الأزمة الأقتصادية .)
    واذا صح الجزء الأول من الحديث عن سبب استقالة الوزير فهو أمر يجب ان يذكر له عليه ويدل على الشجاعة وهو امر تتفق فيه لجنة قحت الأقتصادية،غير ان رغبة الصندوق والمجتمع الدوليين فى تحقيق الأمر هى من ضمن مايجعلنا ، كجزء من جماعة "لن يحكمنا .." ، نشك فى الهدف من ورائها ، لكون الرأى فى ان المقولة قد عفا عليها الزمن لايعنى انها قد فقدت صحتها . وقد كتبت وسأواصل الكتابة عن الصندوق والمجتمع الدولى لكون نصائحم ومقترحاتهم بل وقروضهم لم تؤد الا الى الضرر والافقار على قول جوزيف ستيغليتز – الحائز على جائزة نوبل :( القروض التى يقدمها الصندوق تكون ضارة فى الغالب وخصوصا تلك التى تقدم للبلدان النامية . ) ولاأظنه ، وهو المستشار السابق للرئيس كلينتون ، يمكن ان يضم الى جماعة " لن يحكمنا ..)!
    وقبل ان ابارح هذه النقطة لابد من الأشارة الى ان السيد الصادق المهدى قد تاسف كثيرا على خروج الدكتور البدوى لكونه يرى فيه المنقذ للاقتصاد من خلال رؤاه . وطبعا لاباس من اختلاف الرؤي ، ولكن يبقى السؤال : هل هذا الراى يمثل قحت ، التى من المفترض ان حزب الأمة جزء منها وبالتالى يجب ان يلتزم برؤاها المناقضة لرؤى الوزير ؟!
    وفى الختام ، بما ان المقال يحذر من مفترق طرق ، فلا بد من الوضوح الكامل فى مانرى انه يؤدى الى استمرار الثورة على طريق التفرد واستكمال المهام لاالنكوص ، ولو لبرهة ، لاقدر الله :
    اولا : لابد من اكتمال مدنية السلطة ،اذ ان سيطرة المكون العسكرى ، كماوضح، تمثل العقبة الكاداء فى وجه الأستكمال. وفى هذا لابد من الاشادة بالبراعة المدهشة التى ادار بها رئيس الوزراء المعارك السابقة للأبقاء على دورما للمكون المدنى ، غير انه قد آن الأوان ليضع ثقة اكبر فى جماهير الثورة عند المعركة القادمة فى سبيل اكمال المدنية ومؤسساتها ،ففى ذلك يكمن ضمان توازن القوة لصالح الثورة وشعاراتها .
    ثانيا :تجديد ميثاق قحت لمواكبة المرحلة الجديدة من الثورة ، والذى يجب ان يبنى بصورة واضحه على ماطالبت به الجماهير فى مليونياتها وهو ما يؤكد ضرورة استكمال مشوارها بالتغيير الجذرى لاتجاهات الحكومات المتعاقبة على الحكم منذ الاستقلال لتنتهى الى الأبد الدائرة الشريرة وذلك بانفاذ بنود شعار الثورة الحاوى "حرية ، سلام وعدالة " .
    ثالثا : وحدة قحت لاتعنى وجود الكل ، على اختلاف رؤاهم ومطالبهم ، فى جسم واحد ، والا لكان هناك معنى لنقابةالمؤسسة التى جمعت الوزير والخفير . فعندما تختلف المصالح يصبح الجمع مستحيلا ، فاذا عبر الميثاق الذى سيتفق عليه على مصالح جماهير الثورة وماتدعو اليه فعندئذ لن يبقى الا من يرى مصلحته فى ذلك الميثاق .
    رابعا : لابد من تحديد العلاقة بشكل قاطع وملزم بين الحكومة وقحت فبذلك تتحدد المسئوليات وعلى ايهما يقع اللوم على الخطا اذا حدث .
    خامسا : الشفافية والوضوح بين مكونات الثورة والسلطة ، وخصوصا مع الجماهير فهى صاحبة المصلحة فى الخطط التى يجب ان توضع بمشاركتها وهى التى تساعد فى تنفيذها والرقابة على المؤسسات المنفذة . وهنا بالطبع لابد من البناء المؤسسى للجماهير والسلطة المركزية والولائية والمحلية ، بحيث يجد الكل المجال لايصال صوته وسماع الاخرين .























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de