بمجرد استقلال مناطق الهامش تتخلص من كل أزماتها الاقتصادية والدولية، وفق مبدا الدولة الوليدة، وتستطيع تلك المناطق الاتحاد في شكل هلال يمتد من شمال دارفور هابطاً إلى كل ولايات كردفان وولايات دارفور، مبتلعا النيل الأبيض وممتداً حتى النيل الأزرق ، فسنار فالقضارف فكسلا وحتى البحر الأحمر، وذلك هلال كامل. وبمجرد استقلال وتوحد تلك المناطق المهمشة، فإنها تستفيد من كل خيرات وثمار تلك المناطق، من بوابة البحر الأحمر وذهب الشرق ومعادن وبترول الغرب وما بينهما من ثروات حيوانية وسمكية وزراعية ومعدنية ونفطية. هذا الهلال؛ هلال أفريقيا الخصيب، لن يحتاج أبداً إلى الشمال هذا الشمال الذي لن يبق أمامه سوى الانضمام لمصر ليسترجع دونية الماضي القريب. سيتوحد ذلك الهلال الخصيب فور تشكله، إذ أن كل تلك المناطق عرف أهلها معنى التهميش والبؤس، منذ الاستقلال وحتى اليوم. وحدة (البحر والغابة والصحراء)، لا يمكن تجاوز قوتها، بالرغم من وجود جيوب لأقليات لا زال لديها وهم بأنها تنتمي للشمال، لكنها قلة تبحث -في الحقيقة- عن مصالحها الشخصية، ويمكنها أن تهدأ عندما تواجه بالأمر الواقع. استقلال ذلك الهلال الأخضر، يعني ببساطة، نهاية عهد الكيزان والشيوعيين، والبيوتات التجارية الاحتكارية الطائفية ، والآيدولوجيات العقيمة التي اورثتنا الصراعات الوهمية مع دول التخوم الأفريقية. كما يمكن ربط هذا الهلال من البحر وحتى البحر (البحر الأحمر وحتى البحر الأبيض) عبر قناة من دارفور تعبر لتشاد ثم ليبيا رأساً وحتى البحر الأبيض المتوسط. يمكن هكذا أن يكون المناخ مهيأ لاستقبال دولة جنوب السودان في هذا الاتحاد الكونفدرالي أو الفدرالي بحسب الاتفاق، وهكذا تتشكل دولة سويسرا الأفريقية في قلب القارة. إن التاريخ المظلم للسودان الذي خطه قلم الشمال المليئ بالأنانية والحسد وتصفية الحسابات والأحقاد، كل ذلك سينتهي. الإنقلابات العسكرية الشمالية، الدموقراطيات الحزبية الشمالية الانتهازية الفاشلة؛ كل ذلك سينتهي، اكل حقوق الآخرين وإقصائهم أو استخدام اسلوب الخداع العاطفي، كل ذلك سينتهي. نظام نائب رئيس من الهامش ووزراء (تمومة جرتق) من الهامش؛ كل ذلك سينتهي. ستحكمون أنفسكم بأنفسكم، فأي عظمة أكبر من هذا لو كنتم تدركون؟. يجب استئصال الطرف المريض من الجسد؟ هكذا قال الشماليون عن الجنوب، وعن غيره (سراً وجهراً)، رغم أن الشمال هو الطرف المريض الوحيد في هذه المعادلة المأزومة، إنها ازمة احتكار حزبي عسكري، ورفض لبناء دولة تسع الحميع يتساوى فيها الكافة في الحقوق والواجبات والفرص. فلماذا لا يتم استئصال هذا الطرف المريض (الواحد)، بدلاً عن استئصال كل الأطراف الأخرى السليمة من أجل طرف واحد بالله عليكم؟ أمر محير.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة