بالنظر إلى الإنتاجية الشعرية الوفيرة لأركه صابروتشعُبها كان من الصعب حصر جميع موضوعات شعره في عدد محدود من المقالات وذلك بسبب بُعد نظر الشاعر وتنبُئه بنتائج مساعيه التي كان يقوم بها عبر رسالته الاعلامية من خلال شعره و على نطاق واسع في سبيل تحقيق طموح مجتمعه في امور كانت تمس حياتهم اليومية في جميع المجالات الإنسانية و على مختلف المستويات. فإن هذا المقال سيناقش أثر الحرب والسلام في شعر اركه صابر من واقع تجربته والتي ظل من خلالها تناول تلك القضايا المهمه في أغانيه والتي اخذت حيزاً كبيرا في شعره وذلك بتحليله لأسباب قبول فقراته والامتثال لبنوده المجحفه. وستتم مناقشة مواضيع أخرى مرتبطة بالسلام في مقالات قادمة على التوالي. أما موضوع اليوم تبلورمن خلال رسم صوّر ومواقف لنساء البجا في ساحات المعارك التاريخية منذ حروب البجا في القرن التاسع عشر في الفترة بين 1880 - 1890 و كيف ان نساء البجا دافعن عن الأرض بجانب اخوتهم من فرسان البجا. فقد تم توثيق ذلك الدور من قِبل بعض الشعراء الذين كانوا قد أنتجو شعرًا شفهيًا برز من خلاله ذلك الدور في وقوفهم بجانب أزواجهم وإخواتهم في المعارك الحاسمة ضد الإمبراطوريتين العثمانية والإنجليزية من خلال خدمة المقاتلين والقيام بكل ما اوكل اليهُن في مجال الخدمات اللوجستية الأساسية وكذلك بجانب تشجعهم المقاتلين أسوة بما فعلته نساء سودانيات أخريات في كفاحهم ضد تلك الإمبراطوريات من أمثال مهيرة بنت عبود وغيرها ممن كان لهن مواقف تاريخية و بطولية في الحفاظ على أوطانهن. ففي قصيدته "ارت ريو" والتي تعْني "النساء" فصّل الشاعر بالادلة الموافق التي كانت تقوم به نساء البجا في المعسكرات وكذلك اثناء سير المعارك. وكيف انهن ظهرْنَ متحمساتِ بلبس الملابس العسكريه ومتوشحات بالاسلحة التي يمكن بها بالدفاع عن انفسهن عند الحاجه كما قاموا بتشجيع رفائهم على طريقة الامهات في تقوية شوكتهم القتاليه في المعارك. وذكر ذلك مراراً في نهاية كل بيت من قصيدته مشيرا الى نقاشات يُستوْحَى منها قيام ليالي ادبية وجرد حساب عقب كل معركة لتقييم التجارب وتزويد الشباب بجرعات من الروح التي دفعتهم للاستمرار. "ارت ريو" Source:
على مر التاريخ لم يقتصر دور نساء البجا على رعاية الأطفال والحفاظ علي بيوتهن بل تعداوه الى رفقة الرجال في رحلات سنوية شاقة مرتين في مواسم الصيف والأمطار بحثًاً عن المرعى والمياه وذلك من خلال بناء بيوتهن والحفاظ على ثرواتهن ومكتسباتهن. لذا فقد تميزت المرأة البجاوية بالرشاقة وقوة الشكيمة و كذلك التواضع مما كان له الأثر في حفظ وصون الأُسر. ومن ناحيةِ أخرى لم يكن أيضا من السهل التواصل معهن مما أرغم الشعراء الذين وصفوا نساء البجا في التعبير عن أحاسيسهم بتسمية الوديان والأماكن التي عاشوا فيها. ففي هذه القصيدة, سجل أركه صابر اعترافاً بأن النساء اللواتي التحقْن بالنضال تحت مسمى مؤتمر البجا كن مقاتلات شجاعات وقويات. كما كانوا سعداء بلعب ذلك الدور الذي كان له الأثر الإيجابي على المقاتلين مما عزز الثقة في انفسهم وهم يقومون بواجباتهم النضالية. كما ذكر ايضا أن المقاتلات زوّدن الرجال بالشهامة ودربْنَهُن على اكتساب الأخلاق المثالية عندما التقيا في مناقشات ما بعد المعركة. لذلك ، يعتقد أن الفتيات هن اللواتي بمرافقتهن قويّ الرجالْ. إن الدعم الذي قدمته مقاتلات البجا للجيش لم يقتصر فقط على أرض المعركة ودفع المقاتلين إلى الأمام ، بل على المستوى النفسي ، فقد قاموا بحقن أي نقاط ضعف كانت محتملة، والتي يمكن أن تكون سبباً للفرار من ساحة المعركة وذلك من خلال تواجدهم في الخطوط الخلفية. لذا أمدوا المقاتلين خلال المعارك بالطاقة والشهامة التي لطالما احتاجوها اليها حتى يتمكنوا من الصمود وتحقيق النجاحات و الانتصارات المتتاليه. لذلك ، ظل ايمان الشاعر بأن الفتيات هن اللواتي كَبُرْنَ بمرافقتهن الرجالُ. من أكثر الصور المدهشة التي استخدمتها الشاعر لتوثيق دور المقاتلات في شعره هو عندما ظهرن وهن يرتدين زيّاً عسكريا ويتزيّن من خلال تعليق بنادق الكلاشينكوف على ظهورهن في حالة الاستعداد التام للقتال في ساحة المعركة. إضافة إلى ذلك ، تعليق الكاميرات على أكتافهم لتوثيق تلك المعارك. وأكد أركه أن المقاتلات حضرن المعارك والتقطن صوراً لها من دون خوف او تردد. وفي مراجعةِ سريعةِ للنجاح الأكاديمي للمقاتلات البجاويات بجانب مخاوفهن من أسباب قتالهن، أكد أركه أن هؤلاء المقاتلات لم يكن من أولئك اللاتي فشلن في التعليم ولا من الذين لم يلتحقوا بالدراسة بل كانوا مهندسات ناجحات إذا تخرجن أو طبيبات مؤهلات إذا أكملن دراستهن وحضرن الدراسات العليا. لذلك قاموا بدراسة الحالتين المتعلقتين بمواصلة الدراسة في الجامعات أو الالتحاق بجيش البجا النسائي. من أجل ذلك يقول الشاعر كان لا بد لهم من تحديد أيهم يكون أولوية لهم مما دفعهم للتقييم مراتِ عديدة في التوصل الى خيار حريتهم التي خرجوا من اجلها حيث لم يتمكنوا من الحصول على فرص حياتيه كريمة بعيدا عن حريتهم لذا أعادوا تقييم الحالتين وذهبوا إلى الخيار العسكري. وفي البيت الثاني من قصيدته "أوكتاب" التي تعني "الكتاب" في إشارة إلى القرآن الكريم ، أشار أركه مرة أخرى إلى طلاب وطالبات جامعيين انضموا إلى جيش البجا وأشاد بدورهم في المعسكرات. وهذا يؤكد أن مقاتلات البجا كن في ساحة المعركة طوال فترة النضال. كما يوضح معنى البيتين في القصيدة فإن الذين كانوا في الجيش لم يهتموا بما يمكن أن يكون له أثر سلبي على مستقبل تحصيلهم الاكاديمي ولم يترددو في قرارهم بشأن القضية التي انضموا من أجلها إلى جيش البجا حتى لو استدعى ذلك الى فقد كل شيء أو أدى الى انحسار فرص حياتهم. "أوكتاب" Source:
ناقش هذا المقال إحدى القضايا العديدة المهمة في أغاني أركه ، وهي وجود مقاتلات البجا في الجيش ودورهن في المخيمات. وأكد أركه أن المقاتلات رافقن زملائهن في ساحات المعارك وشاركن بشكل فاعل في أدوار مختلفة سواء أكان داخل المعسكرات أو خارجها. كما ألمح إلى نجاحاتهم الأكاديمية وإنجازاتهم التي حصلوا عليها من أرفع الجامعات السودانية. استند تقييد هذه المقالة فقط على معلومات من قصيدتين من الأدب الغنائي الذي أنتجه شاعر الثورة البجاوية أركه صابر ولكن الحصول على اعماله الفنية الاخرى لا شك سيطلعنا على دور اعمق للمرأة البجاوية والذي اتمنى ان يكون قريبا.
06-12-2021, 12:28 PM
AMNA MUKHTAR
AMNA MUKHTAR
تاريخ التسجيل: 07-31-2005
مجموع المشاركات: 13702
بسالة نساء الشرق في معركة تاماي / الفارسة توداي وفرقتها
بعد هزيمة القوات الغازية في معركة تاماي..والتي كسر فيها البجا المربع الحربي الإنجليزي الشهير . هربت القوات البريطانية في كل اتجاه، فكان نصيب القوات الهاربة باتجاه الأحراش الموت المنتظر على أيدي مجاهدات الأنصار (بقيادة البطلة توداي ) اللائي اعملن سيوفهن ورماحهن في الهاربين تقتيلا. ومن الشخصيات المهمة التي قتلت على أيدي(بطلتنا توداي وفرقتها المقدامة) الضابط (ليوتنات/جيمز برنارد ريتشارد سون) أكبر ابناء الثري الاسكتلندي (ديفيد ريتشارد سون) من علية القوم في اسكتلندا. كان الفارس ليوتنات/جيمز برنارد ريتشارد سون) يقوم بمهمة كلف بها مع ثلاثة فرسان اخرين ..ومن على البعد من بين الشجيرات رأت نساء الأنصار ( توداي وفرقتها المقدامه) الفرسان الأربعة قادمين نحوهن. فاتفقن على النيل من هؤلاء الفرسان القادمين ، وجهزت كل واحدة منهن رمحها..وما كاد الفرسان الاربعة يصلون حتى انهالت عليهم الرماح من كل صوب لتخترق صدور الضابط ليوتنات/جيمز برنارد ورفاقه الثلاثة وترديهم قتلا بأيدي الماجدات البجاويات البطله توداي ورفيقاتها. . جزعت القيادة العامه في سواكن من عدم رجوع الفرسان الأربعة ،فأمرت بالبحث عنهم في كل موقع بين سواكن وتوفريك . وفي أثناء البحث وجدوا صفارة الضابط الفضيه وبها صدمة رمح وآثار دماء شاهدة على مصرعه. فأرسلت الصفاره إلى عائلته في أسكتلندا مع الوعد بالثأر له ....وكتبت الصحافة البريطانيه مطالبة بالثأر من نساء السودان (البجاويات.) 📌 وقد كتبت جريدة التايمز اللنديه بتاريخ 25 مارس 1885م عن هذه الحادثة عندما كتبت عن (حصار سواكن)
📌 بقية القصة تجدها في كتاب إمارة سواكن (تحت الطبع) للمؤرخ/ الشريف محمود أبو عائشة. ...............................................
* وقعت معركة تاماي في 13 مارس 1884م بالقرب من سواكن في السودان، وكانت بين القوات البريطانية بقيادة جيرالد جراهام و قوات الثورة المهدية بقيادة عثمان دقنة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة