خصـــــام

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 00:37 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-18-2020, 12:51 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خصـــــام

    12:51 PM April, 18 2020

    سودانيز اون لاين
    عبدالله الشقليني-
    مكتبتى
    رابط مختصر





    خصام


    1980
    حضر أسامة ذات يوم لزيارة قريبه، في ذلك المكان القصي من أم درمان الشمالية. لفت نظره في بيت مجاور لبيت قريبه، أن هنالك الاستعداد لحفل خطوبة. تعرّف إلى الأسرة وكانت تربطه بها علاقة بعيدة. أوقف سيارته قريبا من المكان. دخل البيت وكان الجميع مشغولين بتجميل البيت ليصير في صورة يناسب الحفل. تعرّف على والدة العروس، ودعته للبيت وعرّفته بالعروس، وقالت له إن زوجها أب العروس وشقيق العروس، يعملان في الخليج، وانهما غائبان.

    (2)

    تعرّف هو إلى العروس سعاد، كانت تصغره بسنة، سمراء مثله وجميلة. كانت لطيفة معه، ضحكتها أسرته. وكانت البداية. تعوّد أن يخرج معها برفقة صديقتها محاسن، لزيارة لحائك الملابس لتجهيز فساتين العرس والملابس. قليلا صار يخرج معها وحيدا في السيارة.
    ونشأت علاقة بينهما، لم يدر تعريفا لها. كان يحسّ انجذابا تجاه سعاد. نشأت العلاقة كنبت شيطاني فجأة. بدأ حديثهما يطول، كأن ما بينهما أكثر من التعارف. كأنهما عاشا طفولتهما معا. قام بزيارة بيته في حي القلعة بأم درمان جنوب بالسيارة وسعاد برفقته. وعرّف أمه وشقيقته بسعاد، لم يعرف لماذا.
    *
    ربما بدأ أسامة يعشق، إصابته بالحب مثل كثير من الإصابات التي تصيب الإنسان في الحياة، لكن هذا لا يعني أنّ الحب قد نبت فجأة، فليست كل عاطفة تستحق أن تسمى الحب، فمن أراد أن يكون محبا على قدر المسؤولية، فعليه أن يسموَ فوق تناقضات الحياة، وأن يسمح لنور المحبة أن يتسلل إلى أعماق قلبه، وألّا يفكر أبداً في أن يكون حبه مشروطاً أو أن يكون بمقابل وثمن، بل على الإنسان أن يمنح حبه للحياة وكلّ ما فيها، بغض النظر عن قساوتها وخيانتها أحياناً؛ لأن الأفضل عدم التفكير في عواقب الحب الصافي، حتى وإن لاقى قلباً لا يهتم أو أن ظروف الحياة لم تمنح الحب الحياة، لأن الله تعالى، حسب تصور أسامة، في نهاية الأمر يُكافئ القلوب النقية التي يكون حبها نقياً، ويمنحها قلوباً تُشبهها ويدلّها على طريقها.
    *
    وذات يوم صارحها بأنه يحبها، ويمكنها أن تنفكّ من هذه الزّيجة. قالت له:
    - إنك صغير السّن والمستقبل أمامك يمتد زمنا فسيحا، إنني قد اخترت الإنسان الذي سـأبقى معه لبقية حياتي.
    قال لها:
    - إنني أحبك، وقد تعرّفت على أسرتي، وهي تحبك أيضا.
    قالت:
    - ما رأيك أن نكون أصدقاء؟
    قال لها :
    - أتريدينني أن أخفّض مشاعري؟!
    ردت بعد تفكير عميق:
    - دعني أفكر

    (3)

    خلا إلى نفسه يحدثها :
    {علينا أن ننظر للحياة بعيون يملأها الحب، ففي الحب نتفتح على شيء جديد لم نألفه من قبل، فهو من أجمل الأشياء التي تحصل للإنسان، ويجعله يشعر بالسعادة الكبيرة، وتبعث في النفس الطمأنينة بوجودنا مع من نحب، فالمحب قد يصبح شاعراً؛ وذلك لأنّ الحب يلّهم ويوحي بالشعر وبالكلمات العذبة، وهنا سنذكر بعض من كلمات، وخواطر، ورسائل العشاق التي تملأ صفحات التاريخ.}

    كان يقول أسامة لنفسه:
    {ضجّت الحياة بضباب الأشياء واختلطت في نفسه الأشياء. بدأ يتشكك: ربما سعاد قد أحبّت عثمان، رغم قصر المدة ووعدها بالزواج. وذلك هو منتهى الحلم لامرأة في مجتمعنا. ربما يكون حديثها عن بديل الصداقة حقيقيا. وأنني استعجلت الأمر، وربما تكون علاقتي معها هي المؤقتة، وأن عاطفتي تجاهها هي خادعة.}

    (4)

    مضت أيام، وهي تراوغ في الإجابة. بثّ لها كل المغريات كي توافق. وكان سلوكها يقول له أنها فرحة معه. كانت تقف محاولة التطاول لتقارن طوله، وتضحك لأنها تقصر عنه في الطول. كانت تكثر الملاطفة والمداعبة البريئة. اعتقد أن محبتها له تنمو مع الأيام، كما تنمو العلاقة بينهما. اشتجر عليه الضباب من الصفاء غير المريح، وشغل باله التفكير القلق. وصار متفائلا وقلبه يحدّثه بأن المراد سوف يحدث. لم تتحدث معه سعاد بشأن علاقتها به، وقد كان يشغلهما حوادث و ملابسات عن التفكير في حياتهما الخاصة. كان وقتهما يتزاحم فيه الآخرون، من الأصدقاء الذين تعرّف عليهم أسامة. ثم بعد مدة طويلة أجابته، في صورة مفاجئة:
    - ما رأيك أن نكون أصدقاء؟
    قال:
    - أتريدينني أن أخفّض مشاعري؟
    قالت:
    - لماذا ؟ فالصداقة لا تعني أن تنخفض العلاقة. إن الصداقة هي علاقة خاصة، وهي من المؤكد تختلف عن الحب. ففيها الصراحة والنُصح والتضامن، لذا فهي أكثر بقاء.
    قال:
    - أنت تتمسّكين برجل كنتِ تعتقدين أنك تحبينه، وهو في بداية علاقتكما، ولن نسمي ذلك علاقة حب!.
    قالت:
    - إنك لم تعرف الصداقة الحقيقية، فكيف تصل إلى سماء المحبة؟ كانت الصداقة منذ قديم الزمان لا يعرفها أهلنا بين الجنسين، وهم أيضا لا يعرفون المحبة، بل يعرفون مؤسسة الزواج التقليدية. بل غاب عن حياتهم كثيرا تذوق طعم الحياة الحقيقية، فالحياة مليئة بالتجارب الطبيعية التي لا يعرف بها كثيرون.
    قال:
    - احترتُ معِك ...

    (5)

    تمسكت هي برأيها ولم تجادله كثيرا، وتركت الزمن أن ينسيه التعقيد الذي أدخل نفسه فيه. وانعقد الزواج كما كان مخططا له، وكانت الحفلة طيبة وفرِحة كلها إلا فرد واحد. أصاب أسامة حزن عميق. أم العريس كانت تراقب كل ذلك وهي غير راضية بما تسمعه وتراه. وسافرت سعاد إلى الخليج وكان أسامة حزينا في وداعها في المطار. واكتشفت هناك أن علاقتها بأسامة قد نُقلت بصورة مغايرة للحقيقة، وصلت عثمان رسائل كثيرة تتحدث عن علاقتها بأسامة. ووجدت عدم تفهّم من زوجها عثمان، بل وغضب أحال حياتها مع مرور الأيام جحيما. فكرت كثيرا وعرفت أن الرجال لن يفهموا الحياة، مهما طال الزمان لن يتغيروا. وبعد ألم وعُسرة رأت أن تكتب رسالة لأسامة وتوقف علاقتها به إلى الأبد، وهذا ما فعلته.
    *
    وقال أسامة لنفسه:
    {لقد طرزت دربها ياسمينا وبنيت قباب المجد والأحلام معها، لقد شوهت أيامي فجفّت ريشتي. هذه بطاقة عمري لففتها في شقّوتي وعذابي. لم يعد قلبي يسع هذا النأي ولا نغمه الحزين. لقد انسلخت هي من عمري كما انسلخ الجلد عن الأفعى. من هذا اليوم بدأ العمر الجديد بدونها, تبدو المدائن خاوية على عروشها، حوائطها تداعت, أزهارها جفّت وأوراقها اصفرّت، ربما كنت لا أكره، ولكنني أخاصم، ولا أعادي. ولكنني لا أقبل الظلم، أحب كرامتي، ولن أمرغها في التراب.}

    (6)

    أرسل إلى أسامة شقيقه في المملكة السعودية زيارة، فسافر وعمل هناك محاسبا في إحدى مؤسسات الدولة، ثم طوّر مهنته بالتعليم عن بُعد، وجلس للاختبارات المهنية وأصبح محاسبا قانونيا. ظل يعمل في المملكة خمسة عشر عاما، ولم يرجع إلى الوطن، خلال عمله حتى في العطلات السنوية. ذهب للعراق مرة، واغتنى كتب فلسفة وشِعر الشيخ عبد القادر الجيلاني وزار قبره تحت قبته ببغداد. ودرس بصبر كتب نهج الشيخ ورسائله، وتدرج في سلالم المتصوّفة، وتطور في نهج التصوّف الفردي الرأسي بين العبد وربه، وهو يختلف عن النهج الأفقي، الذي يجتمع فيه المريدون في حلقات الذكر المعروفة في السودان. وتبحّر في نهجه وطوّره. ولما عاد لموطنه اشترى بيتا في حي مجاور للحارة التاسعة عشر في مدينة الثورة بأم درمان، مكون من بيت مبني من طابق أرضي من الطوب الأحمر. سكن فيه وحيدا في البيت. بنى متجرا لبقالة قام بتأجيرها، ثم استثمر في مطعم بناه في نفس البيت لبيع الفول المصري المميّز، واختار له شريكا موهوبا لصناعة العشاء كل يوم. وتفرغ هو لنهجه المتصوّف. وأنشأ اجتماع للخاصة من أصدقائه لدراسة نهج وتطوير التصوّف عند الشيخ عبدالقادر الجيلاني. حاول نسيان تجربته السابقة بانتهاج منهاج صوفي، يربط المتعبد بالله. فهو الذي يرى في محبته الخلاص. أغلق قلبه عن كل النساء، وسلك مسلك الترقي في مشاعره الجسدية، ليقاوم مشاعره الطبيعية.

    صار أسامة يعتكف في صالون بيته، ويتأمل في أقوال شيخه وأشعاره. أقام علاقة دقيقة مع الله، وعندما تأخذه موجة التصوّف، تجده يتذكّر حين أشعر الشيخ عبدالقادر:

    مفاتيحُ أقفال الغيوب أتتك في.. خزائن أقوالي فهل أنت سامعُ
    وها أنا ذا أخفي وأظهر تارة.. لرمز الهوى ما السّر عندي ذائعُ
    سأنشئ روايات إلى الحقّ أُسنِدت.. وأضرب أمثالا لما أنا واضعُ

    (7)

    اعتاد أسامة مساء كل يوم، بعد صلاة العشاء، أن يستحم ويتوضأ. ثم يختار أحد أسماء الله الحسنى، ويستلقي على فراشه، يمسك حبات مسبحته الألفية، ويتخذ ذلك الاسم للتسبيح ذلك المساء. وعندما يبلغ في تسبيحه عدد التسعمائة، تظهر له غابة يسير بين أشجارها، ويسمع زئير الأسود وعواء ذئابها. يسير دون خوف إلى أن يبلغ غرفة في طرف الغابة بُنيت من القش، يدخلها. يوقد السراج، ويجد فيها من يحبونه ويحبهم. يلتقي بقطة بيضاء وكلب أسود، يلعقان أرجله، يطمئنهما ثم يجلس. ويفتح دفترا كبيرا، ويكمل القصة التي صار يكتب فصولها المتسلسلة كل يوم. وفجأة سمع طرقا في باب الغرفة، ولما فتح الباب شاهد سعاد واقفة. في نفس ملامحها صبية في ريعان شبابها، منذ أول مرة شاهدها.

    عبدالله الشقليني
    15 أبريل 2020
    *























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de