حين يصطف اليسار مع الماضي: بيان الحزب الشيوعي ضد تأسيس وضد المستقبل وضد الثورة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-27-2025, 07:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-29-2025, 07:00 PM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 166

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حين يصطف اليسار مع الماضي: بيان الحزب الشيوعي ضد تأسيس وضد المستقبل وضد الثورة

    07:00 PM July, 29 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر




    حين يصطف اليسار مع الماضي: بيان الحزب الشيوعي ضد "تأسيس" وضد المستقبل وضد الثورة
    التحول انتهى، والتأسيس بدأ: الحزب الشيوعي في خندق الثورة المضادة

    29/7/2025 خالد كودي، الأراضي المحررة – كاودا

    في لحظة تاريخية مفصلية تعيشها البلاد، حيث تتصدّع أسس الدولة السودانية القديمة، وتنهض من الأطراف قوى تسعى إلى إعادة بناء الوطن على أسس جديدة، يختار الحزب الشيوعي السوداني أن يتموضع في منطقة رمادية، يكتنفها التردد والتناقض، بدلًا من الانحياز الواضح إلى مشروع التغيير الجذري. إن بيان الحزب الصادر في 29 يوليو 2025، الذي يتناول إعلان الحكومة الموازية وتحالف "تأسيس"، ليس مجرد رأي سياسي عابر، بل وثيقة تكشف بجلاء الأزمة البنيوية التي تعاني منها القوى التقليدية – بما فيها الحزب الذي طالما اعتُبر مرجعية للنضال الثوري – في مواجهة أسئلة التأسيس، والعدالة، والمواطنة، والقطيعة مع الدولة النخبوية الإقصائية.
    يفشل البيان في إدراك أن السودان لم يعد هو السودان الذي عرفه الحزب منذ تأسيسه، وأن بنية الدولة المركزية القائمة على الامتيازات العرقية والدينية والجغرافية قد وصلت إلى نهايتها التاريخية. وبدلًا من الانخراط في عملية التأسيس الجديدة التي تطرحها قوى الهامش والقوى الجذرية – تأسيس يقوم على العلمانية، وحق تقرير المصير، والمواطنة المتساوية، والعدالة التاريخية، وتفكيك الأجهزة القمعية – يعود الحزب إلى خطاب إنشائي غارق في عبارات مثل "الوحدة الوطنية"، و"استعادة الثورة"، و"وقف الحرب"، دون أن يمتلك الشجاعة السياسية لمواجهة جوهر الأزمة: أن هذه الدولة لا يمكن إصلاحها، بل يجب إعادة تأسيسها من جذورها.
    إن هذا المقال لا يأتي بدافع السجال العقيم، بل كصرخة تحليلية وسياسية وفكرية، تعري تناقضات بيان الحزب الشيوعي، وتكشف تواطؤه الموضوعي مع منظومة الهيمنة، وتدعو إلى ما يجب أن يكون عليه موقف القوى الثورية: لا حياد أمام قضية العلمانية، لا مساومة على حق تقرير المصير، لا تسوية مع البنية العسكرية، ولا انتظار لمؤتمرات دستورية تُدار من ذات النخب التي صنعت الخراب.
    نحن اليوم أمام واقع جديد، تصنعه دماء المهمشين، وصمود المناضلين، ووعي جديد يتبلور خارج الخرائط القديمة. من لا يرى هذا الواقع، أو يرفض الاعتراف به، فقد اختار أن يكون شاهد زور على لحظة التأسيس. وعليه، فإن هذه القراءة النقدية تنطلق من موقف واضح وصارم:
لا حياد في زمن القطيعة، ولا اعتراف بأي مشروع لا يتأسس على العلمانية، والعدالة التاريخية، والمواطنة المتساوية، وتفكيك الجيش السوداني بوصفه الأداة المركزية للإبادة والنهب والهيمنة.

    أولًا: العلمانية ليست خيارًا أيديولوجيًا بل شرط للمواطنة
    حين يرفض الحزب الشيوعي أن تكون العلمانية شرطًا فوق دستوري، ويوكل أمرها إلى مؤتمر دستوري مستقبلي، فهو عمليًا يشرعن لنسف أحد أسس الثورة: المساواة في المواطنة بغض النظر عن الدين أو الهوية الثقافية. العلمانية ليست مجرد مبدأ نظري، بل أداة قانونية وسياسية لضمان حياد الدولة تجاه مكوناتها الدينية والثقافية، وهي بذلك ليست من القضايا التي تُحسم بالأغلبية أو تُصاغ في مطبخ النخب المحاصصاتية أو تُعرض للتصويت من قبل من يسعون للهيمنة باسم الدين أو العرق
    إن القول بتأجيل البت في العلمانية إلى "مؤتمر دستوري" هو في حقيقته تواطؤ مع البنية القديمة، وإعادة إنتاج لما حدث في كل "موائد الحوار" التي اختطفتها قوى الإسلام السياسي والعروبة السلطوية. التاريخ القريب – من مؤتمر الحوار الوطني إلى مفاوضات السلام – يثبت أن هذه المؤتمرات لم تكن يومًا إلا آليات احتيال لإعادة إنتاج الدولة القديمة بأشكال جديدة.

    ثانياً: تقرير المصير حق قانوني مكفول دوليًا
    يرفض البيان شرط تقرير المصير في حال عدم تطبيق العلمانية، ويستحضره بوصفه "تفتيتًا للوطن"، دون مساءلة: أيّ وطن هذا الذي لا يضمن المساواة؟ وكيف تُحفظ وحدة البلاد بغير العدالة؟
    الحق في تقرير المصير ليس ترفًا ولا وسيلة ابتزاز، بل حقّ قانوني منصوص عليه بوضوح في القانون الدولي، ويجب قراءته بعمق فلسفي وسياسي ضمن مشروع ثوري لإعادة تأسيس الدولة. ومن النصوص القانونية الداعمة:
    المادة (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966):
 "لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها. ولها بمقتضى هذا الحق أن تقرر بحرية مركزها السياسي وأن تتابع بحرية تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية."
    المادة (20) من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (ميثاق بانجول):
 "لكل شعب الحق اللامشروط في الوجود... وله الحق غير القابل للتصرف في تقرير مصيره بحرية"
    - القرار رقم 1514 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1960 بشأن إنهاء الاستعمار:
"لكل الشعوب الحق في تقرير مصيرها، وتمارس هذا الحق بحرية لتحديد وضعها السياسي والسعي لتنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"
    لكننا نقول بوضوح: حق تقرير المصير في سياق السودان الحديث ليس دعوة للانفصال، بل وسيلة مشروعة للضغط السياسي لإعادة التفاوض حول العقد الاجتماعي للدولة، وهو لا يُفعّل إلا حين تفشل الدولة في أن تضمن لشعوبها حقوقها الأساسية، وعلى رأسها العلمانية كشرط للمواطنة المتساوية. إن تفعيل هذا الحق هو إعلان عن فشل الدولة في تحقيق شروط بقائها.

    ثالثًا: المواطنة ليست موضوعًا للمساومة
    يتوهم الحزب الشيوعي أن الحقوق يمكن التفاوض حولها، متناسيًا أن بعض القيم والحقوق لا تُعرض للتصويت. الحق في الحياة، الكرامة، المساواة، حرية الضمير، حرية المعتقد، ليست امتيازات تُمنح من أعلى، بل حقوق طبيعية، يولد بها الإنسان، كما أكدت:
    - الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 1):
"يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق"
    - جان جاك روسو في العقد الاجتماعي:
 "حين يتنازل الإنسان عن حريته، فإنه يتنازل عن إنسانيته"
    - مارتن لوثر كينغ:
 "العدالة المؤجلة هي عدالة منكرة"
    - فرانز فانون، في "معذبو الأرض":
"الوطن ليس تلك الأرض التي نعيش فوقها، بل هو الفضاء الذي تُحترم فيه إنسانيتنا."

    ما قيمة وحدة وطن لا تضمن الكرامة لأهله؟ ما جدوى وحدة مبنية على الظلم والهيمنة والتمييز؟ إن تفكيك الدولة القديمة لا يعني بالضرورة تقسيم البلاد، بل تحريرها من قبضة المركز، من البنية الاستعمارية الداخلية التي أورثتنا القهر باسم الوحدة.

    رابعًا: في نقد التواطؤ الماركسي مع الدولة القديمة
    ما يدعو إلى الأسف العميق — لا الاستغراب — هو أن الحزب الشيوعي السوداني، في بيانه الصادر بتاريخ 29 يوليو 2025، قد تراجع بشكل سافر عن الإرث الثوري، وانحاز لا إلى معسكر الجماهير المهمشة، بل إلى مواقع الدفاع عن الدولة السودانية القديمة، متمترسًا خلف شعارات مهترئة من قبيل "الوحدة الوطنية"، و"التحول المدني الديمقراطي"، و"رفض الانفصال". لقد تقمص الحزب، في خطابه الأخير، دور الحارس الأيديولوجي لبنية مركزية عسكرية–دينية نخبوية، بدلًا من أن يقف في طليعة قوى التغيير الجذري التي تستهدف تفكيك هذه البنية من جذورها رغم ادعاء الجزرية- "جزرية فشنك"
    لقد تحوّل الحزب، واقعًا وخطابًا، إلى قوة إصلاحية متعبة، مترددة، عاجزة عن مواجهة الأسئلة التأسيسية التي يطرحها الواقع السوداني الجديد. خطاب لا يرى في الثورة إلا محطة عابرة، ولا في القطيعة مع دولة ما بعد الاستعمار إلا مخاطرة، ولا في العدالة التاريخية إلا ترفًا نظريًا.
    هل نسي الحزب أن أنطونيو غرامشي حذّر من "الثورة السلبية" التي تدار من داخل مؤسسات الهيمنة ذاتها، فتنقلب أداةً لإعادة إنتاجها؟
هل تناسى أن لينين لم يرَ في حق تقرير المصير ترفًا بل سلاحًا سياسيًا لا غنى عنه في تفكيك القهر القومي؟
هل غفل عن تحذير روزا لوكسمبورغ من خطر البيروقراطية حين تصادر إرادة الجماهير باسم الوحدة الزائفة؟
أما سمع نداء جيمس بالدوين الصارخ: "إذا لم تكن جزءًا من الثورة، فأنت جزء من النظام الذي يجب إسقاطه"؟
    إن بيان الحزب لم يقع في خطأ تحليلي بسيط، بل أظهر انحرافًا بنيويًا في تموضعه التاريخي، إذ تخلى عن موقعه الطبيعي في معسكر القوى الثورية، واصطف — ولو تحت غطاء لغوي مراوغ — مع مركز الدولة النخبوية التي تأسست على الاستبعاد الطبقي، والاستعلاء الاثني، والقهر الرمزي والمادي لشعوب السودان المتنوعة.
    إن الحزب الشيوعي السوداني، بهذا الموقف، لا يعيد فقط إنتاج مفاهيم النخبة المركزية، بل يطبع مع الدولة التي قام وجودها ذاته على إقصاء غالبية السودانيين، ويضفي الشرعية على أوهام الوحدة القسرية والتحول السطحي، ويتجاهل أن المهمة التاريخية اليوم ليست استرداد ما سقط، بل تأسيس ما لم يوجد بعد.

    خامسا: في العدالة التاريخية لا الانتقالية
    تجاهل الحزب في بيانه جوهر الأزمة السودانية: أنها أزمة بنيوية ناتجة عن هيمنة مركز عنصري–ديني–عسكري فاشي ظل يُقصي كل من لا ينتمي إليه. إن المطالبة بـ"استرداد الثورة" كما ورد في البيان، تُعيد إنتاج أوهام لم تكن يومًا ثورة جذرية شاملة. فثورة ديسمبر، التي يسعى الحزب للعودة إليها بوصفها "المحطة المرجعية"، لم تكن سوى انتفاضة اختُطفت مبكرًا بفعل غياب رؤية تأسيسية، وتواطؤ قوى مدنية مع العسكر، ورفض الإقرار بمبدأ العدالة التاريخية للمهمشين.
    الميثاق التأسيسي الجديد - الذي تمثل فيه الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال رافعة سياسية وفكرية — ينص بوضوح على أن العدالة الانتقالية وحدها لا تكفي. لا بد من عدالة تاريخية، تعترف بالمذابح، وبالإبادة، وبالتمييز الهيكلي، منذ تكوين الدولة وتبني على الاعتراف مشروعًا تحويليًا لا ترضوِيًا.
    الحزب الشيوعي، في صمته عن هذه العدالة، يتواطأ مع دفاتر دولة الإبادة، تمامًا كما يتواطأ مع بنيتها الأمنية والعسكرية
    في الجيش السوداني: الخلل البنيوي والمؤسسة الجريمة.
    يتحدث الحزب في بيانه عن "خروج الجيش والدعم السريع من السياسة"، وكأنهما دخلا إليها من باب الخطأ العارض. لكن الحقيقة، كما يعرفها كل من يعيش في هامش السودان، أن الجيش السوداني ليس فقط متورطًا في السياسة، بل هو مؤسسة قمع وهيمنة وخلق المليشيات، من الجنجويد إلى الدفاع الشعبي إلى الدعم السريع، وهو الحاضنة البنيوية لهذه التشكيلات، وليس مجرد ندٍّ لها.
    إن الحديث عن "تفكيك التمكين" دون المطالبة بحل الجيش نفسه وإعادة تأسيس مؤسسة وطنية من جديد، هو تواطؤ مفضوح مع بنية السلطة العسكرية.
جيش ارتكب مجازر دارفور، وكردفان، والنيل الأزرق، والجزيرة، وفضّ الاعتصام بالخرطوم في وضح النهار، لا يصلُح له إلا التفكيك الكامل وإعادة البناء، وهذا ما نص عليه دستور تأسيس بوضوح لا يقبل التلاعب أو الترحيل.

    سادسا: لا عودة إلى ديسمبر ولا إلى "تحول ديمقراطي"...هكذا...
    إن اللغة التي يستخدمها هذا الحزب في البيان — لغة "مواصلة النضال لاسترداد الثورة" و"قيام الحكم المدني الديمقراطي" — تذكّرنا ببلاغة مرحلة تجاوزها الواقع.
فمنذ اندلاع الحرب، لم تعد هناك دولة، ولا سلطة مدنية يُمكن العودة إليها. نحن أمام واقع جديد تشكّلت فيه قوى جديدة، ومشاريع تأسيسية جديدة، وتحالفات شعبية ومسلحة لا تقبل إعادة عقارب الساعة.
    إن "التحول الديمقراطي" كما تتصوره النخب — انتقال من سلطة عسكرية إلى سلطة مدنية عبر تسوية ومؤتمر دستوري - لم يعد ممكنًا ولا مقبولًا، لأننا الآن بصدد ثورة تأسيسية لا مرحلة انتقالية وحسب.
وهذه الثورة، كما نصّت وثائقها (الميثاق - الدستور – المبادئ فوق الدستورية)، لا تنتظر موافقة أحد، بل تفرض نفسها بجرأة ثورية على الجميع.

    سابعا: في الحقوق التي لا تُصوّت عليها
    حين يقول الحزب إن "العلمانية تُحدد في المؤتمر الدستوري"، فإنه يعيد إنتاج منطق الأغلبية الإسلامية والمركزية، تلك التي طالما استخدمت الديمقراطية التعددية لإقصاء غير المسلمين، والنساء، والمهمشين.
إن الحقوق الطبيعية الأساسية - كالحق في الكرامة، والحرية، والمواطنة المتساوية - لا تُصوّت عليها. لا مجال لطرح علمانية الدولة للنقاش كما لو كانت خيارًا سياسيًا، بل هي شرط تأسيسي لضمان بقاء الدولة ذاتها.
    الدستور الجديد كما وضعه تحالف تأسيس لا يحتمل التأجيل أو المساومة.
نصّت المبادئ فوق الدستورية على:
    - أن العلمانية أساس للوحدة، لا نقيضها،
    - وأن تقرير المصير حق أصيل ومشروع ومكفول بالقانون الدولي،
    - وأن المواطنة لا تُجزأ، ولا تُمنح من نخب فوقية، بل تُنتزع كحق طبيعي

    ثامنا: اللحظة التأسيسية لا تنتظر
    لقد نال السودان استقلاله منذ 69 عامًا، ولم يُعقد مؤتمر دستوري واحد يضمن الحقوق الطبيعية لمواطنيه، لا المسلمين ولا غير المسلمين، لا الشماليين ولا الجنوبيين، لا الرجال ولا النساء.
والآن، يريدنا الحزب الشيوعي أن ننتظر — من جديد — مؤتمرًا ستحشده القوى السلفية، والطائفية، وفلول النظام القديم، وقيادات الجيش، ليتحاوروا في "هوية الدولة"؟
من ينتظر هذا المؤتمر، لا ينتظر العدالة، بل ينتظر إعادة تدوير القمع.

    تاسعا: لا حياد في زمن التأسيس
    إن اللحظة الراهنة لا تحتمل الحياد. لا تحتمل التردد. لا تحتمل الهروب خلف شعارات الإصلاح المتكلّسة.
الزمن هو زمن القطيعة لا التسوية.
زمن الثورة لا التحول الانتقالي.
زمن العلمانية، العدالة التاريخية، تفكيك الجيش، تأسيس دولة جديدة، لا استعادة دولة قديمة فشلت تاريخيًا في ضمان أبسط الحقوق.
    إن ثوار السودان الجديد لن يسمحوا بأن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية، لا باسم الوحدة، ولا باسم الماركسية، ولا باسم التحالفات اليسارية المهزوزة والمازومة.
    على الحزب الشيوعي أن يختار: إما أن ينحاز إلى السودان الجديد، أو أن يظل متقوقعًا في تردده وتواطؤه مع رماد وطن انهار.

    عاشرًا وأخيرًا: نستعير من ماركس في "نقد برنامج غوتا" جوهر الفكرة التي تقول:
    "إن المجتمع الذي لا يضمن الحرية لكل فرد فيه، هو مجتمع لا يستحق أن يوجد."
    بهذا المعيار، فإن الدولة السودانية القديمة — بجيشها، بدستورها، بامتيازاتها، وبنُخبها المتواطئة — كانت دومًا مجتمعًا لا يستحق البقاء، لأنها عجزت عن أن تضمن الحرية والمواطنة المتساوية لكل من همشهم المركز باسم الدين أو الاثنية
    أو النوع او الجغرافيا.
    اليوم، لا مجال للمراوغة. لا حياد في زمن التأسيس.
لا وقت للانتظار، ولا جدوى من مؤتمرات تُرَحل فيها الأسئلة الكبرى إلى مستقبل لا يأتي.
إن مشروع الدولة الجديدة قد انطلق بالفعل، تُدشّنه وثائق "تأسيس"، وتدافع عنه دماء المهمشين ومطالب الثوار، ويكتبه الواقع بتكلفة باهظة لا تقبل التردد.
    وعليه:
من يتأخر عن اللحاق، تُحكم عليه الثورة بالتجاوز.
من يساوم على الحق، يسقط أخلاقيًا وسياسيًا.
من يرفض التأسيس، يختار أن يكون شاهد زور في جنازة وطن.
    السودان الجديد قادم، لا بوعد النخب، بل بقرار الشعوب.
قادم بمن اختار المواجهة لا المساومة،
قادم بمن حمل مبادئ العلمانية، الديمقراطية، اللامركزية والعدالة التاريخية والمواطنة المتساوية لا كشعارات، بل كأساس لدولة تُكتب من جديد
    فلتكن هذه لحظة الحقيقة، لا لحظة التواطؤ.
وليعلم الجميع: التأسيس ينتصر ولا ينتظر.

    النضال مستمر والنصر اكيد.

    (أدوات البحث والتحرير التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)


























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de