والشيوعيون اليوم قد دخلوا جهاز الأمن زفرانا، واستولوا على الوظائف العامة. وهو تاريخ الكيزان الذي يعيد نفسه ولكن بوجوه جديدة. فلا الكيزان كانوا إسلاميين حقاً ولا الشيوعيين يفقهون في الشيوعية شيئاً. وكما أن نميري والبشير حاولا إيجاد غطاء آيدولوجي فحميدتي والبرهان وجدا في الشيوعيين غطاء آيدولوجياً للاهثين على السلطة. وسوف نرى الشيوعيين وقد سكنوا قصور الذين ظلموا من قبل، وأطالوا العمائم كأسلافهم. وحركوا بيوت الأشباح وعليها شعار المطرقة والمنجل، ونشروا دفاعهم الشعبي باسم الجيش الأحمر..وأمنهم الشعبي الخاص باسم الأمن الثوري..والأمور ماشة باسطة. الدعم الإماراتي سينفجر قمحاً ووعداً وتمني... أما اليوم فرغم أن الشعب يعلم تماماً الورطة التي أوقعه فيها الغباء عندما اتبع الأجسام الوهمية كتجميع الوهميين وقحط وخلافه، رغم أنه يعلم ذلك، لكنه لا يملك خيارات كثيرة. إن الشعب يعود للتمني والأحلام، والأوهام، وينتظر أن يتحول الفسيخ لشربات بقدرة قادر..وهذا وحق الله لن يحدث أبداً. الشعب لا يريد أن يصدق، بأن اللعبة انتهت، (بباح)..يذكرني ذلك بقصة لطيفة لن احكيها الآن. ولكن، أعتقد أن الشعب وخلال بضعة سنوات سيواجه التكفير الجديد، فبعد أن كان الكيزان يكفرون من ليس معهم بالملحد والكافر، سنجد أن الشيوعيين سيكفرون من ليس معهم باعتباره كوز وثورة مضادة.. نعم بدأ هذا التكفير منذ أول يوم حصلوا فيه على السلطة، ولكنه سيتطور، وسيتزايد، وسيكون هناك جيل جديد يرفض تكفيره ويقاوم، وسيتم وضع الكثيرين في بيوت اشباح حمراء مرسوم عليها شعار المطرقة والمنجل، وأمن مجتمع لحماية الثورة، وكلاب تحمي خنازير مزرعة الحيوان..كل هذا معروف ولا يحتاج سوى للانتظار. مع ذلك.. لن تكون هناك شيوعية ولا حتى اشتراكية... وقول لي كيف؟ أقول لك، بأن أحد مشكلة الشلليات في السودان، هي أنها لا تنبني على عمق فكري، بل على سطح المفاهيم، فالغرض من أن تكون أخو مسلم ليس تفقهك في الدين، والغرض من رفع العلم الأحمر الشيوعي ليس عبر استيعاب عميق للماركسية (فعموما من يستوعب الماركسية إما أن يتركها تماما كما فعل الخاتم عدلان، أو يحاول تعديلها لتخدمه سلطويا كما فعل ماو ولينين واستالين وغيرهم)..الشلليات هنا لا تنبني على الفهم العقلي، بل على تشابه الأمزجة، والحزب الشيوعي هو في النهاية عبارة عن أشخاص متصاهرين، يتزوجون من بعضهم البعض، وهم فوق هذا من الشمال غالباً، فلديهم ثلاث روابط: الرابط المزاجي، الرابط التصاهري، الرابط القبلي أو الجهوي. لقد تفوق الترابي على أقرانه كثيراً، ففي عهده فقط استطاع الغرابة من دارفور وجبال النوبة وغيرهم أن يصلوا للسلطة. ليست سلطة كاملة، ولكنها سلطة فردية، ومؤقتة، ولكنها كانت قفزة كبيرة بالنسبة لهم، مما دفعهم لحمل السلاح فيما بعد بعد أن أدركوا أنهم ليسوا أقل من غيرهم من حيث القدرات. لم يجد الزغاوة أو الفور أو النوبة (تحديدا) ما وجدوه في ظل حكم الترابي وحتى قبل المفاصلة. وربما ما سيحدث من الشيوعيين هو محاولة لتصحيح مسار الإدارة العامة للدولة بعد إعوجاجها بسبب الترابي كما يتصورون. لكن السؤال الأهم: ماذا سيفعل الشيوعيون بعد وصولهم هذا للسلطة؟ ففي الوقت الذي يتجه فيه العالم لليبرالية الاقتصادية، أي التحرير الشامل للاقتصاد والابتعاد المطلق عن الاقتصاد الموجة..ستقف أمام الشيوعيين مشكلة المبادئ التي تقف عليها الماركسية. هل سيتغيروا من حزب شيوعي لحزب يحتمي فقط بمسمى تاريخي أدبي؟ هل سيقبل الشيوعيون بالبعثة الأممية رغم أن الماركسية ضد الإمبريالية؟ هل سيقفوا ضد أمريكا الشيطان الأكبر؟ كما فعل الإسلاميون؟ هناك تحديات ستفضي لذات النتائج التي أفضت إليها بالنسبة للحركة الإسلامية، ففي النهاية، اضطروا للرضى بالأمر الواقع. بل على العكس، سنجد أن الكثير من الشيوعيين نالوا مناصب قيادية أو وظائف عليا في عهد البشير، منهم وزير الطاقة الحالي وغيره بل حتى حمدوك تم ترشيحه لمناصبه الدولية من قبل الكيزان..لذلك في النهاية انتهت الحركة الإسلامية إلى الفشل والإنقسام.. وأصبح هناك ما هو أقرب للاتحاد الاشتراكي بتاع نميري. ولكن على مستوى المصالح الفردية...فكل واحد منهم كان يريد أن يجد أكل عيشه ولو مع حكومة البشير بعد المفاصلة...لذلك لو تقهقرنا إلى الوراء فسنرى أن أغلب شيوعيي اليوم في حكومة حمدوك كان لديهم تاريخ مشترك مع نظام البشير..حتى وهم يزعمون المعارضة له. #وشكرا_قوش..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست