حلفاية الملوك... حين تنطق الأسماء وتُزهر الذاكرة كتبه عبد الكريم ابراهيم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 11-18-2025, 09:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-17-2025, 11:02 AM

عبد الكريم ابراهيم
<aعبد الكريم ابراهيم
تاريخ التسجيل: 08-14-2022
مجموع المشاركات: 60

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حلفاية الملوك... حين تنطق الأسماء وتُزهر الذاكرة كتبه عبد الكريم ابراهيم

    11:02 AM November, 17 2025

    سودانيز اون لاين
    عبد الكريم ابراهيم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر




    بقلم :
    في قلب الخرطوم بحري، حيث يعانق النيل ضفاف الحنين، وتتمازج مياه التاريخ بتراب الأصالة، تقف حلفاية الملوك شامخةً كأنها قصيدةٌ من زمنٍ جميل، مدينةٌ لا تُروى فقط بالحجارة والطرقات، بل بالأسماء التي تنطق بها الذاكرة، وتُزهر بها الحكايات ولعل اسم الحلفاية نفسه قد اشتق من نبات (الحلفا) وهو نبات طبيعي اشتهرت به المنطقة كما رجح بذلك البروفيسور ابن حلفاية الملوك الراحل المقيم عون الشريف قاسم رحمه الله في كتابه:حلفاية الملوك: التاريخ والبشر (1988)وفي طبعته "من صور التمازج القومي في السودان" (الطبعة المنقحة، 1990) وليست الحلفاية مجرد حيٍّ أو موطنٍ للأسر السودانية الأصيلة، بل هي سجلٌ حيّ، يروي قصص الناس عبر أسماءٍ و ألقاب التصقت بكثير من الأسر ، بعضها استُلهم من أسماء حيوان أو نبات ، لتصبح رموزًا ودلالات تعكس حياة ذاك المجتمع الحي بما تدل عليه من القوة والخصوبة والبهجة، وتُجسّد علاقة الإنسان بالطبيعة في أبهى صورها. فالأسد، سيد الغابة، ارتبط بخليفة الشيخ عبد الدافع من الجموعية و أحفاده، و أسر أخرى من الضيفلاب ، رمزا للشجاعة ، واليقظة التي تسكن عيونهم. و ارتبط اسم نمر ، ذاك الكائن الرشيق الجريء، بعدد من أبناء الشايقية ، إشارة لقهر الصعاب، و الثبات في (الحارة) . أما الدابي فهو لقب ارتبط بالمغاربة العبيداب اول من حمله جدهم (أحمد) اشتهر بالدابي، و كان رجلا شهما و كريما يذكر أنه اشترى 26 فدانا و أوقفها مقابر للمغاربة و هي الشهيرة بمقابر العبيداب بين الحلفاية و شمبات.. و أصبح كل حفيد له يسمى أحمدا يلقب بالدابي، و هو ليس الثعبان كما يتبادر لذهن الكثيرين لكن الدابي هو اسم من أسماء الأسد عند أهل السودان.. و ارتبط لقب الكدروك، بعائلة عريقة من المغاربة الجدياب ، و كان جدهم رجلا ثريا جدا و كانت هناك ضمن اكسسوارات ديوانه قطعة من الذهب على شكل كدروك.. فكان يوصف بصاحب كدروك الذهب و انتهى لقبا له.. ،
    و اشتهرت عائلة الفيل، رمز الوقار والعظمة، و صارت أسرة الفيلة من الضيفلاب و الجعليين ، تتقمص اللقب كرما و شجاعة، لا يتكلمون إلا قليلًا، لكن كلماتهم أثقل من الذهب.
    والثور، رمز الجلد والصبر، كان لقبًا لأسرٍ حرثت الأرض منذ الفجر حتى المغيب، لا تكلّ ولا تملّ، كأنهم خُلقوا ليزرعوا الحياة في التراب. والتمساح، سيد النيل ومهابته، ارتبط بعائلاتٍ(التماسيح) من الهوارة الهنوناب، و جدهم تمساح اسمه خوجلي، عُرفت بالمبادرة والجرأة، يتحركون بثباتٍ وصبر، نحو الهدف ، بذكاء وحزم.
    أما الغول، ذاك الكائن الأسطوري الذي يسكن المخيلة الشعبية، فقد ارتبط بعائلاتٍ اشتهرت بالهيبة ، و يملكون حضورًا يتجاوز الواقع، فيثيرون الرهبة والاحترام معًا.
    وأسماء النبات والفاكهة الدالة على الخصوبة والبهجة، فقد تحولت ألقابا لشخصيات شهيرة فـهناك علي "خدرة" حياةٌ متجددة، و"عجور" حكايةٌ من الحقول الشعبية، و"شمام" و"بطيخ" دلالات على الوفرة والارتباط بالأرض، و"الموزة" رمزٌ للحلاوة والمرح، و"قرع" ثمرة الأرض الصلبة، مرادفٌ للكرم والعطاء، و الرز ، و هكذا مما يغيث و يُطعم الناس، فيغدو الاسم مرادفًا للعطاء المستمر والرزق الوفير.
    الحكايات و الأساطير كانت تبحث عما خلف الأسماء و الألقاب ففسرتها كما في الظاهر : رجلٌ كان يُلقّب بـ"حارس الحي"، يقف في الليالي المظلمة ليحرس البيوت، فاطلق عليه الأسد . ، رجل يحرث الأرض بلا كلل، فصار لقبه الثور . رجل اشتهر بزراعة القرع، يوزع ثماره على الجيران في مواسم الحصاد،
    . امرأةٌ حملت لقب "الموزة"، لشهرتها بخفة الظل وابتسامتها الدائمة ، كأنها فاكهة المجالس.
    تلك الأسماء ليست مجرد كلمات، بل هي شواهد على تاريخ المدينة، وخصوصيتها الثقافية، تكشف عن علاقة عضوية بين الإنسان والطبيعة، بين الاسم والهوية، بين الحكاية والوجدان. وكأن حلفاية الملوك تقول لنا: أنا لستُ حيًّا من ترابٍ وماءْ بل ذاكرةٌ تنبضُ في الأسماءْ من الأسدِ والنمرِ إلى الأرزِ والتمساحِ والغولْ أنا الحكايةُ التي لا تنامُ ولا تُطوى في دفاترِ النسيانْ. في حلفاية الملوك، كل اسمٍ له قصة، وكل قصةٍ لها قلب، وكل قلبٍ ينبضُ بعراقة الماضي وبهاء الحاضر. هي ليست مدينةً فقط، بل مرآةٌ للروح السودانية، ودفترٌ مفتوحٌ للثقافة الشعبية التي لا تزال تكتب نفسها، سطرًا بعد سطر، في وجدان الناس. فطوبى لحلفايةٍ تنطقُ بالحياة، وتُزهرُ بالأسماء.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de