جبال النوبة.. رقصة على حافة الهاوية أو سيمفونية الغباء المقدس! كتبه عبدالغني بريش فيوف

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 08-27-2025, 05:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-05-2025, 02:20 AM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 574

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جبال النوبة.. رقصة على حافة الهاوية أو سيمفونية الغباء المقدس! كتبه عبدالغني بريش فيوف

    02:20 AM August, 04 2025

    سودانيز اون لاين
    عبدالغني بريش فيوف -USA
    مكتبتى
    رابط مختصر





    تجلس منطقة جبال النوبة الشاهقة، صامتة ومهيبة، تراقب بعين الحكمة الأزلية، فصلا جديدا من فصول العبث السوداني. يراقب أبناءها، أحفاد تهارقا وكنداكات المجد، وهم يؤدون رقصة محمومة على حافة الهاوية.
    إنها ليست رقصة (الكِرنق) الاحتفالية، ولا (الكمبلا) المفعمة بالحياة، بل هي رقصة الموت الطوعي، سيمفونية متنافرة من القرارات السياسية الكارثية، تُعزف على إيقاع طبول حرب ليست حربهم، انطلقت شرارتها في ذلك اليوم المشؤوم، 15 أبريل 2024م.
    منذ ذلك الوقت، والسودان غارق في صراع دموي بين وحشين من صُنع ذات المنظومة التي أذلت البلاد لعقود طويلة: الجيش السوداني، المؤسسة العسكرية العجوز المترهلة التي تدّعي الشرعية من مقراتها الفاخرة في بورتسودان، وميليشيا الدعم السريع -الجنجويد، الابن العاق الذي فاق أباه في الإجرام والهمجية، والذي يدّعي الثورة من فوق أنقاض منازل المواطنين، وبين فكيّ هذا الكماشة، يقف إنسان النوبة، حائرا، مستقطبا، ومُستهدفا.
    المأساة الكبرى، والتي ترقى إلى مستوى الكوميديا السوداء، هي أن أبناء الجبال، الذين ذاقوا من كلا الطرفين مرارة القتل والتهميش، يعتقدون اليوم أن الخلاص يكمن في التحالف مع أحدهما ضد الآخر، ويا لها من مفارقة موجعة أن يختار المصلوب بين الصالب الروماني الذي دق المسامير، واللص الذي سرق ثيابه وهو على الصليب، وهذا ليس خيارا، بل هو وهم الخيارن إنه غباء مُقدس، يُمارس بخشوع تام، ويقود إلى محرقة لا تُبقي ولا تذر.
    (مهزلةُ الاختيار بين جحيميْ حُمّى السلطة)
    لنبدأ بالخيار الأكثر وقارا في نظر البعض من أبناء النوبة، وهو الوقوف مع الجيش:
    يا له من مصطلح برّاق وفارغ.. أي وطن وأي جيش، هل هو الجيش الذي أتقن على مدى ست عقود من قصف قرى النوبة بطائرات الأنتونوف، حتى أصبحت أزيزها تهويدة الموت لأطفال النوبة؟
    أم، هو ذلك الجيش الذي وقّع على اتفاقية نيفاشا، ثم تنكر لمشورتها الشعبية، تاركا مصير النوبة، معلقا في فراغ سياسي مُصمم بعناية؟
    إن حكومة بورتسودان، بوريثها الشرعي الجيش، تقدم لكم اليوم عرضا لا يقاوم –(تعالوا إلينا يا أبناء النوبة، يا حماة البوابة الجنوبية، لندافع سويا عن وحدة التراب الوطني). هذا العرض السخي يأتي من نفس المؤسسة التي:
    1. مارست عليكم التهميش الممنهج، وحرمتكم من التنمية، والثروة، والمشاركة السياسية الحقيقية. هل نسيتم كيف كانت تُعامَل قضيتكم دوماً كورقة تفاوض موسمية، تُستخدَم ثم تُركن على الرف؟
    2. أدارت ضدكم حروبا إبادية، إذ لم تكن حرب 1989-2002 مجرد عملية عسكرية، بل كانت مشروعا لتغيير ديمغرافية وهوية الجبال. القتل، التجويع، ومحاولة فرض ثقافة أحادية.. هل هذه ذاكرة قصيرة إلى هذا الحد؟
    3. تتكون قيادتها من بقايا النظام البائد. نفس الوجوه، نفس العقليات، ونفس الأيديولوجيا الإقصائية التي تعتبر تنوع السودان لعنة لا نعمة. هؤلاء لا يريدونكم شركاء في الوطن، بل يريدونكم وقودا لمعركتهم من أجل استعادة سودانهم القديم، سودان المركز الذي يلتهم الأطراف.
    التحالف مع جيش بورتسودان اليوم، يشبه رجلا لديه حساسية مميتة من الفول السوداني، يقرر أن أفضل علاج له هو تناول شطيرة زبدة فول سوداني فاخرة، والنتيجة معروفة سلفا، صدمة تحسسية قاتلة. الفرق الوحيد أن هذه الشطيرة تأتي مغلفة بعلم السودان، ومرفقة بخطاب وطني عصماء.
    المشكلة ليست في أن الجيش يكذب عليكم، المشكلة هي أنكم تختارون أن تصدقوه. إنه يعرض عليكم العودة إلى القفص الذي كنتم فيه، لكنه يعدكم بأن يكون قفصا ذهبيا هذه المرة، والتاريخ يعلمنا أن وعود جلادي الأمس هي فخاخ الغد. إنهم لا يرون فيكم إلا مرتزقة شرعيين يقاتلون بالوكالة عنهم في أرض لا يصلون إليها إلا عبر خرائط الأقمار الصناعية.
    (عناق الجنجويد: حين يعرض عليك الذئب أن يحمي أغنامك)_
    وإذا كان خيار الجيش هو السم البطيء، فإن خيار الدعم السريع هو الانتحار الفوري بالسيانيد، وهنا، تصل السخرية إلى ذروتها. ميليشيا الجنجويد، التي وُلدت من رحم الإبادة في دارفور، وتوسعت بسرطان النهب في كل شبر من السودان، تقدم نفسها اليوم كقوة تحرير من دولة 56 وكحامية الهامش.
    يا إلهي!، أي مسرح عبثي هذا، أن تستمع إلى قائد ميليشيا، بنى مجده على جماجم الأبرياء ونهب ممتلكاتهم، وهو يتحدث عن الحقوق والمواطنة المتساوية، فهذا يتطلب درجة من السذاجة تفوق الخيال.
    دعونا نحلل عرض الجنجويد الساحر لأبناء النوبة:
    الوهم الأول: نحن ضد المركز الكيزاني: صحيح أنهم يقاتلون الجيش الذي يمثل جزءا من الدولة القديمة. لكن هذا صراع بين جناحين للمشروع ذاته. إنه صراع بين لص البيت ولص الخزنة، كلاهما يريد السيطرة على المنزل، وكلاهما سيسرق أثاثك في النهاية. الدعم السريع ليس نقيضا للمنظومة القديمة، بل هو تطورها الأكثر وحشية وطفيلية.
    الوهم الثاني: سنبني سودانا جديدا للجميع: كيف يمكن لميليشيا قائمة على أساس عرقي واحد، وتمارس التطهير العرقي كسياسة ممنهجة في دارفور والجزيرة والخرطوم، أن تبني سودانا للجميع، هذا يشبه تكليف حريق الغابة بمهمة زراعة حديقة غنّاء. منطقهم بسيط. السودان الجديد، هو السودان الذي يحكمونه هم، ومن لا يرضخ لهم، يتم إزالته من المشهد.
    الوهم الثالث: سنعطيكم السلاح والمال. هذا هو الطُعم الأكثر فتكا في ظل الحصار والفقر، يبدو عرض السلاح والمال مغريا، لكنه ثمن بخس لبيع الروح والوطن.
    السلاح الذي يعطونه لكم اليوم هو القيد الذي سيكبلونكم به غدا. أنتم لستم حلفاء في نظرهم، بل وحدات محلية، تُستخدَم لتأمين خطوط الإمداد وفتح جبهات جديدة، وبعد انتهاء المعركة، سيتم نزع سلاحكم بالقوة أو استخدامه ضدكم.
    إن التحالف مع الدعم السريع، هو بمثابة دعوة صريحة لمصاص دماء لكي ينام في غرفة نومك، على أمل أنه سيشرب من دماء جارك فقط، إنه إنكار مطلق لطبيعة الوحش.
    الجنجويد قوة توسعية بطبيعتها، لا تعترف بحدود ولا بقانون ولا بعُرف. أرض النوبة، بثرواتها وموقعها الاستراتيجي، هي جائزة كبرى في نظرهم، وليست أرضا لشعب له حقوق تاريخية، سيأتونكم اليوم حلفاء، وغدا مستوطنين، وبعد غد أسيادا.
    (مسرح العبث: لماذا يختار أبناء الجبال هذا المصير؟)
    لا يمكن إلقاء اللوم كله على السذاجة الفردية، فالقرار المأساوي بالانحياز لأحد طرفي الشر له جذوره في تربة السياسة النوباوية المعقدة والمأزومة، فلماذا يحدث هذا؟
    1. فراغ القيادة التاريخية: غياب قيادة كاريزمية وموحدة، برؤية استراتيجية واضحة، مثل التي مثلها يوسف كوة مكي والأب عباس فيليب غبوش في الماضي، ترك الساحة مفتوحة أمام قادة محليين صغار، لكل منهم حساباته الضيقة وطموحاته الشخصية، هؤلاء يسهل استقطابهم وشراؤهم.
    2. سياسة عدو عدوي صديقي: الكراهية العميقة والمبررة لنظام الخرطوم (الذي يمثله الجيش الآن) تدفع البعض إلى أحضان أي طرف يقاتله، حتى لو كان هذا الطرف هو الشيطان نفسه. إنها سياسة رد الفعل التي تفتقر إلى أي رؤية مستقبلية.
    3. الانقسامات الداخلية: الانقسامات القبلية والمناطقية داخل مجتمع النوبة نفسه تجعل من السهل على الجيش والدعم السريع اللعب على هذه التناقضات، ودعم فصيل ضد آخر، وتطبيق سياسة فرّق تسد الكلاسيكية.
    4. اليأس الاقتصادي: سنوات الحصار والتهميش خلقت بيئة من اليأس، حيث يصبح الحصول على بندقية وراتب شهري من أي طرف هو الخيار الوحيد المتاح للبقاء على قيد الحياة. إنه استغلال بشع لحاجة الناس.
    إن ما يحدث للنوبة، هو فشل جماعي في قراءة المشهد السياسي بشكل صحيح، فشل في إدراك أن هذه الحرب هي حرب جلابة ضد جلابة، حرب مركز ضد مركز، وأن الهامش يُستخدم فقط، كساحة للمعركة وكوقود لها.
    (الطريق الثالث المنسي: العودة إلى الذات)

    هل هناك مخرج؟
    نعم، لكنه طريق صعب ومهجور، إنه الطريق الثالث، طريق العودة إلى الذات النوباوية، والاعتماد على القوة الذاتية، هذا الطريق يتطلب ما هو أكثر من الشجاعة في القتال، إنه يتطلب شجاعة الحكمة وبعد نظر ورؤية.
    ما هي معالم هذا الطريق؟
    الحياد الإيجابي المسلح: ليس حيادا سلبيا أو استسلاما، بل هو اتخاذ موقف واضح: هذه ليست حربنا، يجب تحصين جبال النوبة ضد كلا الطرفين.
    أي قوة، سواء كانت من الجيش أو الدعم السريع، تحاول دخول مناطق النوبة، يجب أن تُعامل كقوة معادية، والهدف هو حماية الأرض والإنسان، لا الانخراط في معارك الآخرين.
    توحيد الصف الداخلي: يجب على قادة النوبة، السياسيين والعسكريين والمجتمعيين، أن يسموا فوق خلافاتهم الصغيرة ويعقدوا مؤتمرا جامعا تحت شعار مصير واحد وشعب واحد.
    يجب تشكيل جبهة سياسية وعسكرية موحدة، تتحدث بصوت واحد، وتكون هي الممثل الشرعي الوحيد لشعب النوبة.
    بناء تحالف الهامش الحقيقي: بدلا من التحالف مع جلاديك، يجب مد الجسور مع ضحاياهم الآخرين.
    بناء تحالف استراتيجي مع القوى الحية في دارفور، والنيل الأزرق، وشرق السودان، وكل المجموعات المهمشة، هذا التحالف سيشكل كتلة تاريخية ثالثة، قادرة على فرض رؤيتها لسودان المستقبل.
    الاعتماد على الذات: إعادة إحياء روح النفير والإنتاج التي مكنت النوبة من الصمود في وجه الحصار لعقود.
    التركيز على الزراعة، والتعليم، وتنظيم المجتمع المحلي، لخلق كيان قادر على الصمود بغض النظر عمن يحكم في الخرطوم أو بورتسودان.
    بلورة مشروع سياسي واضح: يجب أن يكون لدى النوبة مشروع واضح للمستقبل، لا يقبل المساومة، حكم ذاتي كامل (فيدرالي)، في إطار دولة علمانية ديمقراطية، تضمن المواطنة المتساوية للجميع.
    هذا المشروع يجب أن يكون هو الشرط الوحيد للتفاوض مع أي سلطة مركزية في المستقبل، وليس مجرد الحصول على بضع وظائف أو حقائب وزارية شكلية.
    إن التاريخ، يا أبناء النوبة، يراقبكم ببرود، ولن يرحمكم إن اخترتم بإرادتكم أن تكونوا حطبا في محرقة لا ناقة لكم فيها ولا جمل.
    الخيار اليوم، ليس بين الجيش والدعم السريع. هذا هو السؤال الخطأ الذي يطرحه عليكم أعداؤكم.
    الخيار الحقيقي هو بين أن تكونوا مجرد أرقام في كشوفات ميليشيا الجنجويد، تموتون من أجل قضية ليست قضيتكم، أو أن تكونوا صناعا لمصيركم، تدافعون عن أرضكم وهويتكم ورؤيتكم للمستقبل.
    الخيار بين أن تذوبوا في صراعات الآخرين وتضيعوا إلى الأبد، أو أن تعودوا إلى حصنكم المنيع، جبالكم، ووحدتكم، وقضيتكم العادلة.
    فلتتوقف هذه الرقصة العبثية على حافة الهاوية، ولتتوقف سيمفونية الغباء المُقدس، فلتعودوا إلى رشدكم، عودوا إلى جبالكم، فهي وحدها التي لن تخذلكم أبدا، فإما أن تحتموا بالجبال وتصنعوا تاريخكم، أو أن تسقطوا في الهاوية التي يحفرها لكم الآخرون بجد واجتهاد، لأن التاريخ، كما أسلفنا، لديه حس فكاهة أسود جدا تجاه من يكررون أخطاءهم عن طيب خاطر.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de