في اكتوبر 2001 شنت أمريكا و40 دولة حربا شاملة لاسقاط حكم حركة طالبان،هذه القوة قوامها حلف الناتو.معلوم أن الحرب الشاملة على حركة طالبان جاءت بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001 وانهيار برجي التجارة في امريكا واتهام اسامه بن لادن بالتخطيط لهذه التفجيرات واصبح مطلوب من طالبان تسليم بن لادن لأمريكا،ولكنها رفضت تسليمه.في ديسمبر 2001 كانت طالبان وحلفاؤها قد فقدوا السلطة. وتشكلت حكومة حامد كرزاي رئيسًا.وقتها كون مجلس الأمن الدولي قوات "المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان -ايساف.ولكن الحرب بين طالبان والقاعدة من جهة والتحالف الدولي بقيادة أمريكا من جهة أخرى،لم تنتهي واخت الحركة تستعيد قوتها،الى أن اصبحت تتفاوض من أمريكا في غياب الحكومة الافغانية!،وتمخض عن هذا التفاوض في 2020 عن اتفاق الانسحب الامريكي،مقابل تعهد طالبان بعدم فتح المجال الافغاني للقاعدة أو لأي حركات ارهابية. تبخرت الحكومة الافغانية-دون قتال،لا يعني سوى حقيقة ان الحاكمين الافغان كانوا فاقدي الثقة بأنهم أهل للحكم! ولسان حالهم يقول أن الحاكم الفعلي كانت امريكا بنفوذها المالي والعسكري!،، وهذا مشهد ليس ببعيد عن حال السلطة في ارض سوريا التي لولا التدخل الروسي ودك الطيران الروسي وذبحه سكان المدن السورية،لسقط الأسد الابن ولزالت سلطته التي على الأرض-بعد أن فقدها بانقلاب 1966 الذي انتهي بإنقلاب عسكري للاسد الأب في 1970،ليتحول الى ملك عضوض،تزينه أوهام حكم الحزب،لتصبح القوة المسلحة والمخابرات والقمع وسيلة للسيطرة وضمان استمرارية حكمه..وتبقى روسيا بقواعدها وقدراتها العسكرية هي صاحبة القرار،فالذي يحمي العرش من السقوط،هو الذي يحكم!،وما الحكومة الافغانية (المتبخرة) إلا تعبيراً فاضحاً عن هذه الحالات التي تسعى لمسخ إرادة الشعوب..ولكن لك طاغية كتاب يقرأه بشماله!.
حركة طالبان،إن رغبت في قيادة البلاد والعباد،فعليها أن تعي وتدرك مقومات الحكم وموجبات الاستقرار،وفي مقدمة هذه العناصر الديمقراطية السياسية بما تتضمنه من حق التنظيم والتعبير والتداول السلمي للسلطة.والأحداث السياسية والصراعات الماثلة تؤكد ان الحركات الاسلامية قادرة على خوض الصراع السياسي والمنافسة السياسية وصولا للحكم عبر الانتخابات الحرة النزيهة.وهذا يتطلب من طالبان- والحركات المماثلة لها- أن تتعامل مع معطيات الواقع بما يحترم اختيارات الآخرين -سواء سياسية أو فكرية......والديمقراطية،المطلوب من طالبان أن تستوعبها، لها جانب اقتصادي يتمثل في إدارة عجلة الانتاج وعدالة التوزيع—وجانب مجتمعي يكفل حقوق الناس والمرأة التي شاع،وعرف،عن طالبان تقيدها وتكبيل حركتها -بل حرمان البنات بعد سن الخامسة عشر من التعليم!،وهذا موقف ومسلك لا يمت للدين الاسلامي بصلة ويعبر عن انغلاق واساطير نسجها مفكري الحركة بفهم ذاتي لا سند له من الكتاب أو السنة أو الاجماع او الفقه الاسلامي في مسيرته عبر القرون......نعم قيم الاسلام في احتشام المراة عدم تبذلها ومحاربة الانحرافات والقيم التي تناقض قيم الدين الاسلامي،هو أمر واجب -ليس واجب طالبان وحده ولكن واجب كل مسلم يتمثل قيم الدين،ولكن هذا يتم هداية وتربية وأخذا بالتي أحسن وبالمعروف.لأن التجارب أكدت أن فرض رؤية فكرية أو سياسية،والتدخل بقوة السلطة في خصوصيات الناس لفرض لباس معين أو إلغاء خصوصيات الناس بقوة القانون وايقاع العقوبات والزواجر والغرامات والتشهير- كلها اثبتت عدم قدرتها على البقاء،فضلا عن أنها لن تخلق مجتمعا سويا ناضجا—كل هذا لا يمس بقدرة القيم الاسلامية في ان تجد طريقها الى نفوس وعقول الناس رضاء،لما تجسده من ارتقاء بالنفس روحيا وبدنيا الى مصاف الخير والطهر،تقوى ومخافة لله الواحد القهار.حركة طالبان واجبها أن تقدم رؤية ووعي وبرامج تجعل قيم الاسلام متغلغة في المجتمع دون قهر أو استبداد،وهذا تحدي كبير يواجه قادة الحركة ويضعهم أمام مسؤوليات دينية ووطنية،اتعاظاً بأن القوة المسلحة لن تحمي حكما وإن طال وتطاول أمده فهو إلى زوال!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة