تاريخ سد الدمار الإثيوبي بين المخطط الأمريكي-الصهيوني والخيانات السودانية (١ من ٣) كتبه عادل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 07-16-2025, 01:33 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-14-2025, 01:14 PM

عادل عبد العاطي
<aعادل عبد العاطي
تاريخ التسجيل: 04-05-2014
مجموع المشاركات: 99

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تاريخ سد الدمار الإثيوبي بين المخطط الأمريكي-الصهيوني والخيانات السودانية (١ من ٣) كتبه عادل

    01:14 PM July, 14 2025

    سودانيز اون لاين
    عادل عبد العاطي-بولندا
    مكتبتى
    رابط مختصر



    تاريخ سد الدمار الإثيوبي بين المخطط الأمريكي-الصهيوني والخيانات السودانية (١ من ٣)

    مقدمة:
    سد الدمار الاثيوبي، أو كما تحب الحكومات الإثيوبية تسميته "سد النهضة الاثيوبي العظيم"، هو المشروع الذي جمع بين الطموحات القومية المؤدلجة والفساد السياسي والمغامرة غير المحسوبة. ومن الجانب السوداني، كان هذا الملف حقلًا واسعًا للأخطاء الجسيمة، والتواطؤ بل الخيانة أحيانًا، والجهل أو التهوين في أحيانٍ كثيرة.
    هذا المقال يسعى لتوثيق مسار السد بدءاً من جذوره الجيوسياسية كفكرة أمريكية، إلى لحظة اكتماله كتهديد وجودي لدولة وشعب السودان، مركزًا على ما جرى من عبث سوداني رسمي وشبه رسمي.

    الجذور الجيوسياسية: المشروع الأمريكي والانخراط الصهيوني- الاماراتي:
    لا يعرف كثيرون أن مشروع السد ليس فكرة إثيوبية خالصة. تعود جذور الفكرة إلى خمسينيات/ ستينات القرن الماضي حين اقترحت الولايات المتحدة، ضمن سياق الحرب الباردة، إقامة عدد من السدود على النيل الأزرق في إثيوبيا، ليس بغرض التنمية فحسب، بل كوسيلة ضغط على مصر التي كانت قد اتجهت إلى السوفييت حينها.
    التقارير الأمريكية (وخاصة دراسات مكتب الاستصلاح الأمريكي – U.S. Bureau of Reclamation) اقترحت إقامة عدد من السدود، لكن لم تقترح أبدًا سد بهذا الحجم أو في موقعه الحالي في بني شنقول، بل اقترحت اقربها على بعد ٤٠ كلم عن الحدود. كل الدراسات الأمريكية السابقة إقترحت ألا تزيد سعة أكبر السدود عن 11 مليار متر مكعب، وهو ما يُعتبر حداً آمنًا في الجيولوجيا المائية لتلك المنطقة.
    لاحقا انخرط الصهاينة في المشروع، وربما سابقاً، وكلنا نعلم العلاقة الوطيدة بين اثيوبيا واسرائيل في مختلف المراحل التاريخية. دلالة على ذلك نذكر زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإثيوبيا عام 2015 ومخاطبته البرلمان الإثيوبي قائلًا: "استخدموا كل قطرة ماء من النيل"، مما فُسر كموقف داعم صريح ضد السودان ( ومصر).
    في السنوات الاخيرة انخرطت دويلة الشر الامارات في تمويل السد، بعد ان انسحب البنك الدولي وعدد من المؤسسات من تمويله، وجعلت ابوظبي من اثيوبيا حديقتها الخلفية، في ظل الدور الامبرياليي الفرعي الذي تقوم به وتحالفها مع المشروع الصهيوني في المنطقة. تبين ذلك أيضاً أثناء استعادة الفشقة، حين مارست الدويلة التواطؤ، واقترحت تقسيم الفشقة بين إثيوبيا والسودان.

    ملس زيناوي: صناعة وهم لاكتساب الشرعية:
    لقد كان نظام ملس زيناوي، الذي مثل أقلية عرقية وسياسية (الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي)، يبحث عن شرعية سياسية لحكمه، بعد صدمة اسقاط حكم الأمهرة، وتطلع الشعوب الاثيوبية الاخرى لأخذ نصيبها من السلطة. حاول زيناوي خلق هذه الشرعية بتنظيم حرب مدمرة مع إريتريا. لما فشلت هذه الحرب اخترع وهم "سد النهضة العظيم" ليجذب الإثيوبيين خلف مشروع قومي.
    زيناوي ضخّم من رمزية السد، وتحدث عن نقل إثيوبيا إلى العالم الأول، بينما كانت الكلفة الحقيقية للسد في إثيوبيا هي:
    - انتاج اقصى للكهرباء اقل من ثلث الحجم الموعود ( ١٨٠٠ ميغاوات/ ساعة بدلاً من ٦٠٠٠ ميغاوات ساعة).
    - قمع ممنهج لأي معارض للمشروع.
    - تهجير آلاف المواطنين من بني شنقول.
    - تطهير عرقي موثق.
    - فساد مالي وهندسي وإداري غير مسبوق.
    الشعب الإثيوبي، رغم التضليل بإسم السد والنهضة الاقتصادية المرتقبة، أسقط نظام جبهة التقراي لاحقًا، ليأتي آبي أحمد والذي رغم معرفته بفساد المشروع، واصل توظيفه سياسيًا وايدلوجياً، بعد أن خسر شعبيته داخليًا، كونه رجل الاصلاح المزعوم الذي تحول الى ديكتاتور جديد.

    الخيانة السودانية: من "سد الحدود" إلى الكارثة:
    قبل قيام سد النهضة كانت هناك بداية منسية، وهي فكرة سد الحدود. ذلك انه في عام 2007، أعدت وزارة الري السودانية دراسة تحت إشراف الوزير يحي عبد المجيد ورئاسة المهندس عاصم المغربي، توصي بإقامة "سد حدود" على النيل الأزرق، بالتعاون مع إثيوبيا، بسعة لا تتجاوز 10 مليار متر مكعب. كان من المفترض ان يقوم هذا السد بتمويل واشراف مشترك بين البلدين، وربما بمشاركة مصرية، وغالباً لقطع الطريق امام اقامة سد اثيوبي من طرف واحد.
    إثيوبيا أخذت علمًا بالدراسة والمشروع لكنها لم ترد، لا بالرفض ولا بالقبول. في ذات الوقت، كانت تعمل على مشروع سري باسم "X Project"، والذي تحول لاحقًا إلى ما يسمى بـ"سد الألفية"، ثم "سد النهضة".
    أعلنت إثيوبيا أولًا أن سعة السد ستكون 14 مليار متر مكعب من المياه، ثم انتقلت لسعة 40 مليار، وفجأة انتقلت ل74 مليار متر مكعب، دون أي تفسير هندسي معقول. هذه القفزة أدت إلى استقالة وزير الري السوداني المهندس كمال علي محمد عام 2011 احتجاجًا على تجاهل المخاطر.
    لكن بدلاً من التعامل الوطني والجاد مع هذا التحذير، عين البشير ولوبي الخيانة والفساد معتز موسى خلفًا له، والذي كان من أكبر المتواطئين في هذا المشروع، حتى أنه هدد المهندس دياب حسين دياب ألا يبلغ بتحذيرات كارثية بشأن السعة التصريفية للسد وخطرها على سد الروصيرص، ووجود الكهوف والفوالق تحت ارضية السد.

    تقارير دولية محذرة وتواطؤ محلي: لجنة البشير ووهم الاستشارات:
    في خضم جنون السدود داخل نظام الإنقاذ، صارت السدود مساحات فساد ونهب منظم وعمولات الخ، وتراكض بعض مسؤولي ومهندسي وزارة الري خلف الربح السريع والدخل الاضافي. في هذا الاطار تم تسليم ملف سد الدمار الاثيوبي لوحدة السدود، التي أسندت الاستشارات في مجال الامان والبيئة إلى أكاديميين غير مختصين ، لا تتوافر لهم الخبرة ولا الادوات لتقديم هذا النوع من الاستشارات المعقدة، والتي تقوم بها كالعادة شركات أجنبية كبيرة ذات خبرة واسعة، ويكفيهم فشلاً ان ثلاثة من السدود السودانية التي انشأووها ، قد انهارت بالفعل، وهي سد ام دافوق (٢٠٢٠) وسد بوط (٢٠٢٢) وسد اربعات ( ٢٠٢٤).
    بالمقابل كانت هناك محاذير دولية كثيرة، من بينها تقرير لجنة الخبراء الدولية، وتقرير معهد ماساتشوستس للتقنية، والتي اوصت جميعها بتقليل سعة السد.
    من جانبها اوضحت الشركة الاستشارية الفرنسية المكلفة عام 2014 بدراسة السد، والتي اصر عليها الجانبان الاثيوبي والسوداني، اوضحت في تقريرها الاستهلالي الاخطاء في التصميم كما اشارت لأن دراسة الأثر البيئي غير موجودة. تمت اصلاحات شكلية على التصميم باقامة جدار ( بحجم الاستاد كما وصفه عثمان التوم) ، بينما كانت المشكلة الاساسية هي الضغط على الارض، ولم يتم تنفيذ الدراسة المطلوبة عن التأثير البيئي في حينها لأن الجانب السوداني تنازل عنها !.
    عندما تمت الدراسة البيئية لاحقاً ، انجزها سودانيون لا تجربة لهم في هذا النوع من الدراسات، وانجزت بين عامي 2020–2022، أي بعد بناء السد فعليًا. في هذا الوقت كانت الشركة الفرنسية قد انسحبت من دورها كاستشاري، خوفاً على سمعتها من مغبات هذا الفساد والافساد.

    الخطر المؤكد: تحذيرات مبكرة تم تجاهلها:
    من جهتهم اعترض الكثير من المهندسين السودانيين الشرفاء على سد الدمار ، من بينهم المهندس المرحوم الريح عبد السلام ، وهو وزير سابق للرى في زمن نميري . في عام ١٩٦١ حصل باشمهندس الريح على ماجستير المعهد التكنلوجي العالي ETH وهو افضل معهد من نوعه في سويسرا وربما في العالم، والذي درس فيه البرت اينشتاين ، وزار كل السدود الاوروبية. في وقتها صرح هذا الرجل الشريف باخطار السد، فتكالب الجهلة والفاسدون عليه وشتموه، وكان عمره حينها ٩٠ سنة. لاحقاً منعه احفاده من الكلام حرصاً عليه. عليه رحمة من الله ومغفرة، ومن الوطن له تحية ووسام مستحق، حين يجزي الوطنيون على جميل اعمالهم.
    ايضا كان من المعترضين المرحوم مهندس محمد الامين النور ، وهو خريج ١٩٦٦ واول صاحب دكتوراه في الري ، واشتغل بالوزارة حتى المعاش وبعد المعاش شارك في مشروع الترع لسقي الزراعة حول سد مروي وهو المشروع الذي اوقفه المصريون، لانه حسب زعمهم لا يملك السودان حصة مياه للزراعة- اقترح مهندس محمد الامين ان تخصم المياه من حصة السودان في اعالي النيل ولم يستمع له احد. تحدث هذا المهندس عن خطر سد الدمار وقال ان الخطر يحسب بعدد السكان ادنى السد ، وانه لو تجاوز الخطر مئات الافراد ( وليس الملايين) يكون السد غير امن . سمى باشمهندس محمد الامين سد الدمار بالسد العشوائي. له الرحمة والمغفرة الواسعة.
    من المعترضين كان الوزير الراحل كمال علي محمد الذي سبقت الاشارة اليه. كذلك من بينهم مهندس يحي عبد المجيد ( وزير سابق ) والمهندسين عاصم المغربي ودياب حسين دياب، وعبد الكافي الطيب، وبروفيسور محمد الرشيد قريش. من بين القانونيين اذكر استاذنا الكبير دكتور احمد المفتي، وأيضاً الاستاذ حاتم أبو سن والذي طالب بترحيل كل السودانيين من المناطق التي يمكن ان تتاثر بانهيار السد، ومن الاقتصاديين اذكر الاستاذ والصديق محمد عثمان الفاضلابي.
    كل هؤلاء الشرفاء، مع آخرين، حذروا من السعة غير الآمنة للسد، من طبيعة الارض ووجود الكهوف والفوالق الجيولوجية وخطر الزلازل والانهيار المحتمل، من ضعف الدراسات البيئية، من التعامل العصبجي الاثيوبي واحتقار اديس اببا للقانون الدولي، من سياسة فرض الامر الواقع ولي الذراع الاثيوبية، من ضعف الدولة السودانية وقلة حيلتها، من خيانة "الخبراء" المزعومين والساسة المنتفعين.

    الشركات المتواطئة وعدم وجود تأمين:
    تعتبر شركة ساليني الإيطالية (وي بيلد حالياً) التي نفذت المشروع من اكبر الشركات المتواطئة ضد السودان، مع ذلك اشترطت في عقودها مع الحكومة الإثيوبية أنها غير مسؤولة عن الانهيار أو أي تعويضات. وقد قبل الاثيوبيين ذلك حسب علمي. تغيير الشركة لاسمها نفسه فيه دلالة واي دلالة ( غالباً لا تريد توريط نفسها في حالة انهيار السد).
    ساليني هذه انهارت لها عدة سدود في افريقيا، من بينها سد في زيمبابوي واخر في أثيوبيا نفسها. في ايطاليا - بلد الفساد الاوروبي الاول- انهارت سدود كبيرة، منها سدي فيونتا واستابو، وقبر احدهما المهندسين الايطاليين الذين بنوه تحت انقاضه يوم الافتتاح، مما سنرجع له في الجزء الثاني من هذا المقال.
    جدير بالذكر والملاحظة، انه لا توجد شركة تأمين عالمية واحدة قبلت بتأمين السد، مما يعني أنه غير آمن حسب المعايير الدولية، وأنه في حالة وقوع اي كارثة، لن يدفع احد للسودان والسودانيين مليماً مقدوداً واحداً مقابل خساراتهم.

    شهادات أجنبية واثيوبية:
    العالمة الأمريكية جينيفر كورين فييليوكس (Jennifer C. Veilleux، التي أجرت أبحاثًاً حول تاثير السدود على الامن الانساني، وزارت بني شنقول وموقع بناء السد، انتقدت في رسالتها للدكتوراة سد الدمار بسبب دوره في التهجير وفقدان سبل العيش في المنطقة، ومخاطره على الامن الغذائي، واثره السلبي المحتمل على النظام النهري، ومخاطره السياسية الاقليمية، وضعف مشاركة المجتمعات المحلية فيه، وتقديم الحكومة الإثيوبية له كمشروع قومي يعزز الهوية الوطنية، مما يؤدي إلى تقليل فرص النقاش النقدي حوله، وتهميش التحذيرات البيئية والاجتماعية باعتبارها "عداء للتنمية" أو "خيانة وطنية". الكاتبة نفسها في تصريحات ولقاءات لاحقة حذرت - بعد حديثها مع مهندسين ايطاليين- من أن انهيار السد قد يقتل 150,000 إنسان على الاقل في منطقة بني شنقول وادنى السد .
    من الدراسات العلمية التي وقعت في يدي حول مشروع سد الدمار الاثيوبي دراسة الباحثة ميشيلا شويتيرز ( Michaela Schoeters) في جامعة غينت ببلجيكا حول تحليل اثار السد البيئية وايجابياته وسلبياته، حيث توصلت الباحثة الى ان منافع السد محدودة، وان اضراراه يمكن تجاوزها فقط باعادة تخطيطه ضمن نظام متكامل لادارة المياه يضع في اعتباره جميع المشاريع في حوض النهر.
    هناك عدد كبير من الاثيوبيين ممن وقفوا ضد السد ، وكان مصيرهم الاعتقال والاضهاد بل القتل. من بينهم الصحفية رييوت اليمو ( Reeyot Alemu ) وهي متخصصة في القضايا الاجتماعية والاقتصادية وقضايا الجندر ، اعتقلت هذه الصحفية وحوكمت في يونيو 2011 بعد سلسلة مقالات عن جدوى سد الدمار وتم اتهامها بالارهاب، وذلك وفقا لتخريجات رئيس الوزراء الاثيوبي السابق ميليس زيناوي حول ( المتطرفين والارهابيين الهيدرومائئين) وهو الوصف الذي اطلقه على معارضي سد الدمار - وقد حكم على الصحفية اولا بالسجن 14 عاما ثم تم تحويل الحكم الى 5 سنوات قضتها كلها، وتم اغلاق الصحيفة التي كانت تعمل بها ثم المجلة التي اصدرتها لاحقا. حصلت ريووت على جائزة اليونسكو لحرية الصحافة في مايو 2013 ل"شجاعتها الفائقة ومقاومتها والتزامها بحرية التعبير".
    البروفيسور اسفاو بييني (Asfaw Beyene) وهو بروفيسور للهندسة الميكانيكية ومدير معهد الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في جامعة سان دييغو الحكومية، وهو اثيوبي الجنسية ومؤيد بصورة عامة للسد ولتقنيات بناء السدود في افريقيا لتوليد الطاقة الكهربية، تحدث في مقال بعنوان : ((Reflections on the Grand Ethiopian Renaissance Dam)) بصورة عامة ايجابيا عن السد، ولكنه تطرق لغياب الدراسات البيئية او تغييبها، كما تحدث عن انعدام الشفافية في عملية اختيار المنفذين، وعن عدد من القضايا الفنية الاخرى مثل ادارة توربينات السد واختيار مكان التنفيذ الخ. في مقال آخر بعنوان " WHY IS ETHIOPIA’S HYDROELECTRIC DAM ON THE BLUE NILE SIZED FOR 6000 MW؟ " طرح البروفيسور تساؤلاته لماذا تم تكبير حجم السد، وأوضح بصورة علمية ان السد لا يمكن ان ينتج اكثر من 2100 ميغاوات من الكهرباء، وليس 6000 كما يزعم، وكان يمكن تحقيق هذا ببناء سد اصغر تكلفته نصف تكلفة السد الحالي ويحقق كفاءة أكبر للطاقة، وتساءل ما هو السبب في تكبير حجم السد لانتاج طاقة نظرية من المستحيل تحقيقها عمليا ؟ لكن الاجابة توجد في معرض فضحه لموقف الشركة المنفذة في عرض قام به في هيلسنكي وصمتها عن اسئلته واتصالاته معها، الأمر الذي يشتم منه رائحة فساد عظيم ونتن.

    تساؤلات مشروعة وذمم مشبوهة:
    يقول المثل البولندي: اذا لم يعرف السبب. يكون الامر غالباً متعلقاً بالمال. تساؤلاتنا المشروعة حول التواطؤ السوداني مع هذا السد المدمر، يمكن ان نجد اجابتها في كلمة واحدة: المال غير المشروع.
    اسامة عبد الله كبيرهم الذي علمهم السحر، اتهم اكثر من مرة بالفساد في سد مروي، وكان هذا السد كله باباً كبيراً للمأكلة و الفساد. اسامة نفسه اتهم بأخذ ٣٥٠ مليون دولار عمولات. من هذا الباب نظر الكثيرون بعدها للفرصة الكامنة في الثراء السريع عبر بوابة سد الدمار الاثيوبي.
    احد المهندسين السودانيين المدعو سيف حمد، المسمي بحاصد الجوائز ، واحد الشخصيات التي ورطت السودان في هذا السد، حصل على جائزة مقدارها مليون دولار. السؤال هو: ما مصدر هذه الجائزة ومن هو الممول لها وعلى ماذا اخذها ؟
    الوزير عثمان التوم انتقل بين يوم وليلة من الفقر إلى الثراء. السؤال المشروع : ما هو مصدر ثروته؟
    ياسر عباس وسلمان محمد سلمان، اللذان كانا من أكبر مؤيدي ومروجي سد الدمار، يصدر الاول منهما تقاريراً حالية انهم اخطأوا في تقدير احتياجات السودان من المياه (بعد ايه ؟) . اما الثاني فقد عمل مستشاراً قانونياً للإثيوبيين، وكان يعرف عن خطط السد قبل الحكومة السودانية، يلتقي بقناصل اثيوبيا في الدول الاجنبية ( سويسرا على سبيل المثال). وضع الرجلان القانوني والاخلاقي والمالي غير واضح ويحتاج لمراجعة دقيقة.
    نفس الشيء يُقال عن معتز موسى وبابكر بدري وجميع من دعم سد الدمار الاثيوبي وتهاون في الواجب الوطني. يجب فتح الملف المالي لهم جميعاً، حتى نعلم ان كان مسلكهم ناجماً عن جهل متمكن، ام من فساد وافساد ؟!
    هناك سؤال آخر لماذا رفضت الحكومة السودانية دراسة الأثر البيئي للسد ، التي كان يمكن ان تنقذ البلاد من خطره، كما اعلن حاصد الجوائز في حواره مع الصحفي الطاهر حسن التوم؟
    من الذي طمأن البشير على سلامة السد ، بعد ان هدد وتوعد بسجن اسامة عبد الله، وقال انه ضلله، عشية وصلته تحذيرات من الوزير المستقيل احتجاجا ً كمال علي محمد. هي كان المُطمئِن شركة؟ أم أشخاصاً ؟ أم دولاً ؟ ام كانت "حزماً كبيرة من الأموال"؟

    المعايير الدولية: ما الذي كان يجب أن يُراعى:
    خالف سد الدمار الاثيوبي كل المعايير الدولية في امان السدود. مثلا المعايير الأوروبية تضع الحد الأعلى لسعة السدود في المناطق الجبلية المعرضة للزلازل عند 10 مليار متر مكعب. عند مواجهة عثمان التوم بهذه المعايير ومخالفة سد الدمار لها باكثر من ٧ اضعاف، قال ان هذه معايير اوروبية، وأن لنا في العالم الثالث معاييراً مختلفة.
    من جهته اوضح تقرير مسرب من البنك الدولي الذي تراجع عن تمويل السد، ان امان هذا السد يساوي صفراً. منظمة السدود الكبرى اعتبرت سد الدمار " سدًا خطيرًا" أثناء التشييد.
    حتى دراسة مصلحة الأراضي الأمريكية ، والتي كانت وراء فكرة السد، حددت الموقع المناسب لإنشاءه على بعد 40 كم من الحدود وليس في الموقع الحالي، وحددت سعته ب١٠ مليار متر مكعب، وليس ب٧٤ مليار. هذا ما دعا ترامب مؤخرا للتصريح عن السد انه سد غير مسؤول تم تمويله بغباء من طرف الامريكان.

    خاتمة: من المسؤول؟ وماذا بعد؟
    سد الدمار الاثيوبي هو مشروع سياسي أكثر من كونه مشروعًا تنمويًا. فكرته كانت أميركية، ودعمه كان اسرائيلياً وإماراتياً، واستغلاله كان إثيوبيًا، لكن الخيبة الكبرى والخيانة كانت سودانية.
    صمت الحكومات، تواطؤ الوزراء، استفادة الخبراء، فساد وحدة السدود، والتعامل مع ملف خطير دون تقييم وطني، كل ذلك يجعل من سد الدمار ليس مجرد "مشروع كهرومائي"، بل فضيحة وطنية شاملة، يجب أن تُفتح كل ملفاتها للمحاسبة.
    يجب أيضاً ان ينتبه الشعب السوداني لما يحاك ضده، وان تُراجع كل السياسات السودانية في التعامل مع دول الجوار بعيون المصالح الكبرى، والسيادة الوطنية، والامن القومي، وليس بعيون الانكسار او الفساد أو الإذعان.

    عادل عبد العاطي
    ١٣ يوليو ٢٠٢٥م























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de