سفينة بَوْح – عندما تصرِّح لينا يعقوب في حلقة تلفزيونية تم بثها في رمضان المُنصرم ، أنها تعتبر ضياء الدين بلال ومحمد لطيف مثلاً أعلى في مهنيتها الصحفية وأن تجربتهما تُمثِّل مُجمل ما نالتهُ من منابع العمل الصحفي ، يصبح من الطبيعي أن نُفسِّر عدم إلمامها بالمباديء الأساسية لحُرية الصحافة وحقها في الحصول على المعلومات الرسمية بشفافية ودون عنت ، بأنه ببساطة مُجرَّد (قِلة فهم) ، وذلك ليس لقصور مهني في من تعلَّمت منهم مهنة الصحافة ، ولكن يحدث ذلك (قسراً) من باب أن (فاقد الشيء لا يعطيه) ، فضياء الدين ومحمد لطيف وبحسب أغلب ما أفنوهُ من سنوات التواجد في العمل الصحفي لم يكونا إلا من فئة (المُهادنين) إن لم يكونا من الموالين خلف السُتر العديدة لنظام الإنقاذ المُستبِد البائد ، والشواهد على ذلك كثيرة ومعها أيضاً المواقف الموثَّقة إبان ثورة ديسمبر المجيدة وما قبلها ، هذا فضلاً عن كونهما كانا من (المحظيين) برضا نافذي النظام البائد ومن المُقرَّبين بالدرجة التي تجعل محمد لطيف (يجالس يؤانِس) المخلوع مع زُمرة من مُطربي ومطربات زمن الفن البائس ، وبذلك تصبح لينا يعقوب غير مؤهَّلة شأنها شأن الكثير من الإعلاميين الذين (ظُلمتهم الأقدار) بعدم تجاوز تجاربهم المهنية لما إلفوهُ وتعوَّدوا عليه في عهد الإستبداد البائد من (تفضيلات رسمية إستثنائية) ، ذلك العهد الذي كان التغريد فيه خارج سِرب (المُطبِّلين) مدعاةً للتشريد والتعذيب والمطاردة والإعتقال والإفقار ، هي وغيرها وكذلك نحنُ نحتاج إلى المزيد من التدريب والإطلاع والقدرات الإضافية للخروج من دائرة الإغلاق الإستبدادي لأبواب العمل الصحفي النزيه (إبان الإنقاذ) إلى دائرة الإنفتاح و(التعايش السلمي) مع مبدأ الإلتزام بحقوق الآخرين بما فيهم النافذين ، وفي ذات الوقت (الإستمتاع) بالحقوق والحُريات الصحفية بلا ضرَّر ولا ضِرار.
على لينا يعقوب إلتي (عاتبت) وزير الصحة أكرم التوم على (الملأ) وعبر الأسافير بغرض التشهير الذي لا يقبل اللبس لأنه قام بحذف حسابها بالواتساب من هاتفهِ الخاص ، أن تعلم أن الحريات والحقوق الديموقراطية العامة مثلها ومثل الحقوق الخاصة يوقفها العُرف والقانون ويحُدُ من فعاليتها إذا ما مسَّت حدود الحُريات والمصالح الشخصية أو أضرَّت بهما بما في ذلك حقوق الخصوصية الفردية ، فحق الصحفي في الحصول على المعلومات الرسمية المُرتبط بتأييد مبدأ شفافية أعمال الدولة لا يخوِّل لهُ إختراق العوالم (الخاصة) للمسئول الحكومي بما في ذلك منزلهُ وملفاته العائلية وحساباته الإسفيرية الشخصية ، والمسئول الرسمي يحق له أن يعتبر منزلهُ وهاتفهُ الخاص وحساباته الإسفيرية التي تحمل إسمهُ ولا ترتبط بتعريف يخص منصبه (مناطق مُغلقة) يُتيحها لمن يشاء ويمنع عنها من يشاء ، وهذا هو الفرق في مضمون الحُرية و الديموقراطية بين (الإتاحة والإستباحة).
لوزير الصحة وغيرهُ من الوزراء والمسئولين مكاتب إعلامية ومنابر مُتخصِّصة مسئولة عن ترتيب اللقاءات والمؤتمرات والفعاليات ، وهي مُلزمة بموجب العُرف والقانون ومبدأ حُرية الصحافة بإتاحة وبذل المعلومات للرأي العام عبر تواصلها غير المشروط مع كل المؤسسات والأفراد والتنظيمات المُنتمية رسمياً للقطاع الإعلامي بلا تمييز ولا مُماطلة ، فإن كانت مداخل لينا يعقوب في مهمتها الصحفية المنشودة عبر هذه المكاتب ووجدت في سبيل ذلك عنتاً أو مُماطلة لتفهَّمنا تباكيها على ديموقراطية الحكم الإنتقالي وحُرية الصحافة في عهد أكرم التوم المغلوب على أمرهِ ، هذا الرجل الذي إنتقدهُ النُقاد في كثرة طلَّاته الإعلاميه وكثرة تجاوبه مع القطاع الإعلامي والصحفي بالقدر الذي جعل الكثيرين من أعدائه يتهمونهُ بحُب الظهور ، كيف لنا الآن أن نستنتِج من إشارات لينا يعقوب أنهُ (يتهرَّب) من لقاء صحفي يجمعها معهُ ، على أنهُ تسلُّط وإنعدام شفافية ؟ ، كل ما في الأمر وعلى ما يبدو أن الرجُل قد أزعجهُ التواصل الرسمي عبر القنوات الشخصية وهو حقٌ يكفلهُ لهُ العُرف والقانون و( الذوق والأدب الرفيع).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة