كنت شاباً يافعاً عندما اتت الديمغراطية الثانية ، وحكى لنا كبارنا عن الحياة الديمغراطية ،وكيفية التنافس الحر بين الاحزاب على صناديق الاقتراع ، وكيف يتحوّل النواب البرلمانيون من حزبٍ لآخر ، وكيف ،وكيف . وكنت مغرماً بحضور الندوات الحزبية التي تسبق الانتخابات وقد حضرت للاستاذة فاطمة احمد ابراهيم محاضرةً قبل نزولها للانتخابات في منزل الاستاذ احمد حبيب (رحمهم الله جميعاً وأسكنهم فسيح جناته) ببري الدرايسة وكانت الكهرباء مقطوعة اثناء تلك المحاضرة . تحدثت الاستاذة فاطمة عن برنامجها ثم فتح باب الأسئلة ،وأقترحت على الاستاذة ان تزور سوق أربعة لتقابل نساء البراري صباحاً وتعرف معاناتهنّ مع قفة الملاح،وتسألهنّ ويسألنّها.وأقترحت أقتراحي وعدت من حيثُ أتيت . وكم كان فرحي كبيراً عندما أخبرتني اختي بان الاستاذة فاطمة قد زارت السوق في احد الصباحات التي تسبق الانتخابات، وكم كان التجاوب معها كبيراً لزيارتها للسوق وللقائها بنساء البراري ولا ادري ما كان أثر تلك الزيارة على وضعها الانتخابي ،ولكن اثر الخبر باستجابة الاستاذة فاطمة على اقتراحي، وانا في ذلك العمر ،كان كبيراً جداً وسررت غاية السرور بأنها عملت بإقتراحي ووجد عندها تجاوباً .وقد شابه ذلك فرحي بعد ان رأيت أول مقال لي منشور في سودانيزاون لاين. يوجد في دولة قطر مجلس بلدي يتناوبه شباب قطر ، قبل الموسم الانتخابي يدخل الناخبون ببرامجهم الى مجالس الاعيان ومجالس الشباب (المجالس هي ديوانيات أو صوالين و منتديات ثقافية ودينية واجتماعية )، ويطرحوا برامجهم في تلك المجالس ، ويقترح عليهم اهل المجالس ومن يأمّونها برامج ومطالب وحاجات اهل المنطقة أو الدائرة التي سينزل فيها المنُتخَب، فأهل مكّة ادرى بشعابها . وربما عدّل المنتخب برنامجه بناءً على حاجات اهل المنطقة. ويظل النائب بعد دخوله للمجلس البلدي على ارتباط وثيق بأهل منطقته لاعلامهم بتنفيذ البرامج التي اتفق معهم عليها ، والمعوقات والمستجدات ،وربما وجد من اهل المنطقة من يعينه على تنفيذ هدف من البرامج التي صعُب عليه تنفيذها . إن احساس اهل المنطقة وانديتها ومجالسها واعيانها بأنّهم مشاركون في وضع برامج وحلول وحاجات يمكن تنفيذها مهم في هذه المرحلة ، وربما حثّ هؤلاء جميعاً شباب الحي والقرية والمدينة على تنفيذ البرامج، وربما كانوا هم رافعتها، طالما كانت هذه البرامج تخدم حاجاتهم الآنية والأساسية(حفر الجداول للخريف، مراقبة المخابز وتنظيم توزيع الخبز للأسر، نظافة الحي ، ترتيب أمر المواصلات ...الخ من الخدمات ) ، فأهل السودان اهل نخوة وفزعة ، وتعودّوا على المبادرة والايثار إذا ماتمّت مشاورتهم ومشاركتهم في الأمور .والمتأمّل لكثير من المشاريع التعليمية والصحيّة في السودان قاطبة تبنى من جيوب الخيرين ومبادراتهم . فالرأي الشعبي يمكن اذا ما تمّت مشاركته في الأمر ، ان يخطّط ويبرمّج وينفّذ ولايضع للميزانيات وزناً ، بينما الجانب الخدمي الحكومي(المحليات والبلديات) وهم موظفون حكوميون ، عندما يرون خللاً فهم يضعون الميزانيات اولى اولوياتهم لذلك تسوء الخدمات وتتدنى لعدم توفّر الميزانيات لدى الدولة بأكملها وليس لدى المحليات المغلوبة على امرها . استغلال طاقة الشعب في تكوين منتديات محليّة تمارس الديمغراطية المحليّة في الحي وتتشارك وتتشاور في امور الحي والقرية والمنطقة وكيفية تغيير كل حي وقرية للأحسن من الناحية الخدمية، وتوفير الاحتياجات ووضع الحلول للمشكلات التي تواجههم، والممارسة الديمغراطية الحرّة، وتدريب أهل الحي وتنويرهم من جانب اهل الاختصاص في مختلف الجوانب الحياتية التي تهمّهم ،وتدريب نساء الحي على ما يهمهنّ في ترقية حياتهنّ وحياة أبناءهنّ وحياة أسرهنّ ، والاستماع للجميع ولرأيهم ،واحساسهم بأنّ رأيهم وأقتراحهم مقدّر ومسموع وله وزن بينهم في احياءهم الصغيرة هو اهم ما يمكن أن يتم بناءه في هذه الفترة وفترة الثلاثة سنوات القادمة . وأن صار فودّع الاحزاب التي تريد اعتلاء رقبة محمد أحمد للوصول لكراسي البرلمان فقط ،وودّع الحكومات العسكرية بغير رجعة. علي أبوزيد- الدوحة 6/8/2020
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
علي ابوزيد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست