نويت ان اكتب عن غربتنا فى امريكا وقررت ان ابدا باهم شىء فى هذه الغرابه وهم اولادنا واذكر اننى قرات تحقيقا صحفيا اجراه صحفى نابه فى مجلة آخر ساعه المصريه عندما كان يراسها الاستاذ التابعى قبل سنين عديده ويتحدث التحقيق عن قرار اسره الرحول من منطقه لمنطقه فى مدينه القاهره واشار الصحفى الى ان رب الاسره عندما يتخذ هذا القرار يتم تقييم المساله من كل الاوجه ماعدا انعكاس هذا القرار على الابناء سواء فى مجتمعهم الجديد فى الحى او فى المدرسه وقد تابع التحقيق اسره رحلت من حى الى حى آخر فى القاهره من مرحلة اتخاذ القرار الى مرحلة التنفيذوبين لنا ماعاناه الابن من رفض المجتمع الجديد له فى الحى وبدأ الامر باختبار قوه من اولاد الحى وكيف واجه هذا الاختبار الى تكتل الجماعه ضده كفرد دخيل ومعاناته النفسيه وكذلك فى المدرسه كفرد جديد على المدرسين والطلاب وفقده لكل صداقاته وذكرياته السابقه التى بناها وهذه أمور لا يلتفت لها الاب ولا يضعها فى الاعتبار وقد لقى هذا التقرير هوى فى نفسى لان والدى كان يعمل فى السكه الحديد وكنا كثيرو التنقل من شرق البلاد الى غربها ومن جنوبها الى شمالها وكنت اتعرض لكل ماتعرض له ابن الاسره التى رحلت وتابعها التحقيق ولكن مع سلبيات التجربه وتاثيرها النفسى فانها أكسبتنى هواية السفر والاندماج سريعا فى المجتمعات الجديده وبالرغم من تجربتى الشخصيه التى عشتها حتى الثانوى العالى فقد تناسيت ذلك تماما وانا اتخذ قرار الهجره الى امريكا وبالرغم من اننى كنت مجبر على اتخاذ هذا القرار فى اكتوبر 89 بعد فصلنا تعسفيا فى ٨٩/٦ ولكنى لم اقرأ جيدا تاثير هذا القرار على الاولاد الى حينما صحبت ولدى فى عام ١٩٩٢ الى مدرسته فى بروكلين نيويورك فى بداية العام الدراسى وقذفت به الى مدرسة غريبه عليه لغتا ودينا وثقافه وهو لايعرف كلمة من لغة هؤلاء القوم الذين سيكون معهم اكثر مما يكون معنا وشعرت اننى قذفت به للمجهول والمؤلم اننى اعرف انهم يختلفون عنا فى كل شيء وفى الباب وجمال يخطو خطواته الاولى داخل المدرسه فى تردد انتابنى تأنيب ضمير مؤلم وخاصه عندما اخبرنى بعد فتره انه اراد ان يذهب الى الحمام فى اول يوم فاضطر ان يقولها للاستاذ بالعربيه فضحك عليه الفصل ومعهم الاستاذ تألمت كثيرا …. وكانت هذه المراجعه مع النفس للحظات وبعدها شغلتنى المعايش عن التفكير فى هذا الامر حتى دخل ابنى المدرسه فاكتشفت ان ابنى اصبح خواجه لغه وثقافه وماكل وملبس !!! واندهشت وانتابني تأنيب الضمير !!! وتعجبت كيف اننى لم افطن لهذا التغيير المتدرج طوال هذه السنيين وكيف اننى كاى سودانى قصرت نظرتى عن استكشاف المستقبل لهذه الخطوه التى خطوتها بنقل ابنى من مجتمع الى مجتمع آخر مختلف تماما وتاثير ذلك عليه وعلى كل موروثاته وكنت افرح كما يفرح الكثير من الاخوان من هذا البص المكيف الذى ينقله من المدرسه للمنزل وبالعكس والعنايه الطبيه وبلغة جون التى اصبح يتقنها كاصحابها وبهذه الوجبات المجانيه التى ينعم بها وبالكتاب المجانى وانبسط لهذه النعم التى تنزلت عليه واشعر ان النظام الامريكى يتولاه بعنايته فاتركه لهم وانشغل كاى سودانى ببناء البيت فى السودان واحتفى بكل طابق ارتفع وانا اجمع ماتيسر من مال لمستقبلهم ونحن لانعرف ان مستقبلهم قد شكله تماما المجتمع الجديد فالمدرسه والشارع والتلفزيون هم الذين سيطروا على اولادنا وتولوا تربيتهم نيابه عنا وكلما بنينا طوبه فى المنزل الجديد فى السودان تهدم الكثير من بنيان ثقافتنا وديننا ولغتنا وتراثنا عند اولادنا وعندما يكتمل بناء البيت فى السودان يكون قد اكتمل هدم كل جميل بنيناه وبناه مجتمعنا السودانى فى اطفالنا مثل قيمة السلام والكرم والود والتواصل الاجتماعى ولقد كان لهذا الشعور تاثيره الكبير فى قرارى بالعوده الفوريه للسودان واستقالتى من عمل كان يدر على مرتبا مريح وبعت منزلى وودعت امريكا وودعت قرينزبور والمجتمع السودانى الجميل فيها وانا اردد عندما حلقت الطائره فى المحيط الهادى الله لا جابنى ليك راجع ياامريكا ولكن وضح ان الله لم يستجب لدعائى
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد الحسن محمد عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست