= لجان المقاومة تمثل احد الاجسام الاساسية التي افرزتها ثورة ديسمبر (مثل الحرية و التغيير و مجلس الوزراء و المكون العسكري و الحركات المسلحة) . لجان المقاومة تكلف نفسها بمهمة واحدة فقط يطلق عليها اسم (حماية او حراسة الثورة) و يقصد بها منع عودة الكيزان للمشهد السياسي بشكل مطلق و منع مغامري العسكر من تنفيذ انقلاب عسكري . هذه المهمة امتداد للمهمة التي اجتمع حولها الشعب السوداني ايام ثورة ديسمبر و التي لخصتها العبارة الشهيرة (تسقط بس) و امكن عبرها الاطاحة بنظام الكيزان . فالتوصيف الكامل للمهمة هو انها العمل على الاطاحة بنظام الكيزان و منع عودتهم للحكم مرة اخرى خلال الفترة الانتقالية . و هو امر مقدور عليه لانه محل اجماع و ما زال يحتل مكان الصدارة في عقل و وجدان كل سوداني . و بهذا الفهم سيكون في مقدور لجان المقاومة تحريك الملايين متى ما فكر الكيزان في العودة الى المشهد السياسي من هنا او هناك .
= و في المقابل , فان لجان المقاومة لا تقوم باي مهمة من مهام الاجسام الاساسية الاخرى , و لا يمكنها ان تفعل ذلك حتى لو ارادت . لن تنجح لجان المقاومة في تسيير المليونيات للمطالبة بتكوين المجلس التشريعي مثلا او اكمال تعينات الوزراء او وقف التطبيع مع اسرائيل او الاسراع في مفاوضات السلام او بسط ولاية وزارة المالية على الشركات الامنية . فهذه المواضيع بعيدة عن المعنى المحدد لمهمة حراسة الثورة . و من ناحية اخرى هذه المواضيع و أشباهها ليس من السهولة ان يقع حولها اجماع من الاجسام الاساسية و لا من مكونات تحالف الحرية و التغيير , ناهيك عن ان يقع حولها اجماع من مكونات الشعب المتمدد في 18 ولاية و يدين بالولاء السياسي لاكثر من 28 تنظيم سياسي و يصدح باكثر من 40 مليون راي حول أي مسالة و أي قضية و أي مطلب . و ما زال اجماع الشعب السوداني حول ابعاد الكيزان من المشهد السياسي و من كافة مفاصل الدولة مثار دهشة العالم من حولنا . لكن اجماع الشعب السوداني على رفض الكيزان لا يعني امكانية حصول اجماعه على أي امر آخر , حتى لو جاءت المحاولة من لجان المقاومة .
= و في اعتقادي ان الشعب السوداني ما زال شديد الفرح و كثير السعادة بلجان المقاومة طالما تمسكت بمهمتها الاساسية التي اشرنا اليها اعلاه . اما اذا ارادت لجان المقاومة ان تفقد الاجماع حولها , و فضلت القيام بمهام ليست محل اجماع , فانها حتما ستصاب بالانقسام و التشظي بنفس الطريقة التي حدثت للتجمع ذلك الجسم العاتي الجبار الذي قام بدور القيادة الحقيقية لفعاليات ثورة ديسمبر حتى ليلة التوقيع على الوثيقة الدستورية . و ما حدث للتجمع يحدث الان لتحالف الحرية و التغيير القائد المغوار للمفاوضات العصيبة مع المجلس العسكري ذلك الجسم الصعب المراس الذي اوشك في لحظة من اللحظات الاطاحة بكل احلام الثوار و أمال الشعب السوداني باقامة دولة السلام و العدالة و الحرية . ما اصاب التجمع و الحرية و التغيير كان شيئا واحدا تمثل في مفارقة الاجماع و التوافق و ذلك بتركهم التركيز على القضايا القومية ذات الاولوية القصوي و اندياحهم مع الاجندات الخاصة و الضيقة .
= فاذا كان ثمة فرصة للسودان في النهوض و التعمير و الانطلاق فهذه الفرصة تتمثل في التركيز على المهام المحددة التي رسمتها لنا ثورة ديسمبر , و تتمثل في تأجيل المصالح الذاتية للاحزاب و الجماعات و الافراد على الاقل لما بعد الفترة الانتقالية . فالاجماع و التركيز على الاولويات هي التي تحقق العبور و هي التي تحصن لجان المقاومة و غير لجان المقاومة من الوقوع في شرك توجيه اسلحتها للاجسام الاساسية للثورة كالحرية و التغيير و مجلس الوزراء فيتتحقق على يديها مدلول المقولة الشهيرة القائلة ان الثورة تأكل ابناءها .. فحينئذ سيسدل الستار على مسرحية ثورة ديسمبر المجيدة , و ستعود الانقاذ للامساك بزمام الامور كرة اخرى.. و وقتها لن يتبقى للجميع شئ سوى لحس الكوع .. فيا له من مصير مشؤوم .. و يا لها من نهاية محزنة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة