الليلة هوووي… يا جنا عوض الكريم… عِزّنا كتبه محمد عبدالقادر محمد أحمد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 11-18-2025, 09:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-18-2025, 01:05 AM

محمد عبد القادر محمد أحمد
<aمحمد عبد القادر محمد أحمد
تاريخ التسجيل: 02-10-2023
مجموع المشاركات: 2

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الليلة هوووي… يا جنا عوض الكريم… عِزّنا كتبه محمد عبدالقادر محمد أحمد

    01:05 AM November, 17 2025

    سودانيز اون لاين
    محمد عبد القادر محمد أحمد-UAE
    مكتبتى
    رابط مختصر




    ليس من السهل أن يُكتب عن رجل حمل عمرًا كاملًا على كتفيه دون أن ينحني، ولا أن تُختصر سيرة تبدأ من “ناوا” في ضفاف النيل، وتمتد نصف قرن في خدمة وطن كثير العطب، قليل الامتنان، وفير الديون على أبنائه. ولكن اللجنة القومية حين أعلنت تكريم البشمهندس المستشار عوض الكريم محمد أحمد عبدالرحيم، بدا الأمر كما لو أن البلاد ولأول مرة منذ زمن رفعت رأسها قليلًا لتسمع حكاية رجلٍ يستحق أن يُروى.

    وُلد في ٢٧ مارس ١٩٤١ بقرية ناوا، في أسرة تشبه النيل الذي يمر بقربها، ممتدة، متعلمة و متماسكة هو أكبر إخوته، خرجت من بيته أجيال من الأطباء، الصيادلة، الجرّاحين، المحامين، الأساتذة، والموظفين الذين شغلوا مواقع في الدولة، ومنهم من يتقنون اللغات كما لو أنها ميراث عائلي. أسرة بلا ضجيج، لكن سيرتها تمشي بقدمين من المعرفة والانضباط. وهو أكبرُهم… ساقُ العائلة التي اتكأ عليها الجميع.

    ثم سار هو في طريقه، من المدرسة النصفية بناوا، حيث البدايات الأولى، إلى مدرسة الديم شرق الأولية، ثم الخرطوم الأميرية الوسطى فالخرطوم الثانوية، ومن هناك إلى جامعة الخرطوم، يبدأ بقسم الرياضيات في كلية العلوم، ثم يستدركه شغفه العميق بالبناء فتلحقه العمارة إلى كلية الهندسة، ليخرج منها ببكالوريوس عمارة بمرتبة الشرف الثانية، ثم حملته الأقدار إلى جامعة أدنبرة في المملكة المتحدة، حيث درس التخطيط العمراني للدول النامية، ثم ماجستير فلسفة التخطيط العمراني، ليعود بزاد علمي يكفي ليبني بلدًا كاملاً، لو أن البلد كان يريد.

    لست هنا بصدد تكرار ما سترويه لجنة التكريم وما سيحمله الكتاب الذي يجمع مذكراته فهذه سيرة موثقة ستُتاح للناس. إنما أكتب عمّا لا تدوّنه السجلات، أكتب عن الرجل قبل السيرة، والإنسان قبل اللقب.

    فعوض الكريم، قبل أن يكون مهندسًا ومعماريًا ومخططًا، كان (ولا يزال ) سندًا. عمودًا من أعمدة الأسرة، حليمًا في مواضع الحِلم، قاطعًا في مواضع الموقف، نزيهًا حتى في التفاصيل الصغيرة التي لا يراها أحد، كريمًا لا بماله فحسب، بل بعقله، وقته، وحكمته. ما من قرار يمرّ في العائلة إلا عرّج عليه، وما ضاقت بأحدهم إلا كان هو سَعَتها. كرمه لا يُعرَف من ماله، بل من طريقته في أن يجعل الآخرين يشعرون أن وجودهم في حياته نعمة يستحق أن يُشكرالله عليها.

    ومهما تحدثنا عنه بيننا كأسرة، يبقى أوسع من العائلة. فهو واحد من الذين حملوا البلاد على أكتافهم لا على ألسنتهم. واحد من الذين تركوا أثرًا في عمران السودان، من مدنه إلى طرزه إلى رموزه المعمارية. مهنيته صلبة لحد أنك إن فتشت في تاريخه لن تجد فيه انحناءة صغيرة للمصلحة أو مواربة للموقف. يعرف يمينه من شماله، ويقف حيث يجب أن يقف، لا حيث تُصفّق الجماهير.

    أما تاريخه السياسي، فذلك بابٌ آخر يطول.....

    هو الأمين العام للتجمع النقابي الذي لعب الدور المركزي في انتفاضة أبريل 1985 ومن أهم الرموز التي ساهمت في قيادة الانتفاضة ، وحين أجلس معه ( وأنا أقود سيارته يوم الجمعة من مجلس عزاء إلى واجب صلة ) يتحول الطريق إلى شريط سينمائي يسرد تفاصيل أيام مارس وأبريل، اجتماعاتهم السرية، حسّهم الأمني العالي، كيف خدعوا أعين السلطة، وكيف نضجت الانتفاضة على أيدي رجال لم يطلبوا لأنفسهم منصبًا ولا صورة على جدار.

    ثم جاءت ثورة ديسمبر المجيدة .... ولم يكن من أولئك الذين يكتفون بالمتابعة من بعيد بل كان، كعادته حين يستنفره الواجب، واحداً من رجال الظل الذين يعملون بصمت يعادل صخب الشوارع. جلس في غرف مغلقة واجتماعات لا تُحصى لساعات تمتد من أول الليل حتى ينهزم الفجر، يحلّل، يراجع، يصيغ، يكتب وينقّح بروح مهندس يعرف أن الأوطان تُشيَّد كما تُشيَّد المدن بحساب دقيق ومسؤولية لا ترتخي. كان عضواً فاعلاً في تضامن قوى المجتمع السوداني، ذلك الكيان الذي قدّم أحد أنقى مقترحات الوثيقة الدستورية… وثيقة كُتبت بمداد الوطنية الخالصة، لكن — كغيرها — انتهت إلى الأدراج التي تبتلع أحلام الإصلاح. وكنت هناك… في تلك الليالي المتتابعة، أجلس إلى جواره بقَدَرٍ بدا لي يومها أعظمَ من عمري، أدون ما يمليه، وأراقب ذلك العقل الذي يشبه خزائن الدولة في اتساعه، وفي عمقه، وفي دقّته التي لا تُفوّت هامشاً ولا فاصلة. كنت محظوظاً، بل ممتنّاً، أن أرى — بعيني لا بروايات الآخرين — كيف تصاغ الأفكار حين يكون الوطن هو البوصلة الوحيدة، لا المكاسب، ولا المفاوضات، ولا ضوضاء المواقف الزائفة.

    وما كان ذلك الجهد السياسي إلا امتداداً لطبيعته… فمن عرف البشمهندس عوض الكريم عن قرب يعلم أن اخلاصه للوطن ليس فعلاً طارئاً بل سلوك حياة.

    ومع كل هذا التاريخ، لا يزال هو الرجل الذي يخرج في كل مناسبة، في عزاء أو فرح، بوقار من يعرف أن الواجب ليس فعلاً اجتماعياً، بل تربية. يحضر مبكراً، يقف في الصفوف الامامية بتواضع من كبر، لا من تواضع مصطنع. رجلٌ يريد أن يؤدي الواجب كاملاً، في كل بيت، ومع كل الناس… وهذا من دلائل النُبل لا من دلائل العادة. وفي حضوره، تدرك أن أمامك رجلًا يمكن أن يُوضع في كفة، ويُوضع وطنٌ بأكمله في الكفة الأخرى، فلا ترجح الثانية إلا قليلًا. ليس لأنه بلا أخطاء — فذلك شأن الملائكة — بل لأنه من "طينة نادرة" رجل، وعلم، وعالم، وسياسي، ومهندس، ومستشار ومواطن… قامته من قامة وطن أكبر من كل الذين حكموه، وأشرف من كل الذين ادعوا خدمته.

    المهندس المستشار عوض الكريم محمد أحمد — لمن لا يعرفه — ليس سيرة تروى، بل رمزٌ يُحمَل. ليس رجلاً يُكرَّم مرة، بل رجلاً يستحق أن يُحتفى به كل يوم. لانه يذكّرنا بأن السودان، رغم كل ما انكسر فيه، لا يزال قادرًا على إنجاب رجال يمشون بين الناس بضمير حي، وموقف ثابت، ويد نظيفة لم تمتد إلا لتبني.

    ومهما انتثرتُ على الورق، ومهما أجهدت البيان، فلن يتّسع لي حرف يلمّ أطراف سيرته، ولا عبارة تُحصي رجلاً كُتب في مساحات أوسع من أن يضبطها قلم.

    نسأل الله أن يمدّ له في الصحّة ما يمتد به ظله، وأن يبقيه ذخيرة لأهله ووطنه، فما أحوج البلاد لرجلٍ يُشبه عوض الكريم.

    اللّيلة هووي يا جَنا عوض الكريم… ضونا …

    وعلى الهامش — لا لزينة العبارة بل لاستكمال الحقيقة —
    عوض الكريم هو… عمي.
    وأقولها بفخر لا يخفى























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de