الكذب في فكر الإسلامويين السودانيين.. من فقه الضرورة إلى عقيدة سياسية..!! كتبه خالد ابواحمد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-15-2025, 08:38 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-01-2025, 05:26 AM

خالد ابواحمد
<aخالد ابواحمد
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 111

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الكذب في فكر الإسلامويين السودانيين.. من فقه الضرورة إلى عقيدة سياسية..!! كتبه خالد ابواحمد

    05:26 AM September, 01 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد ابواحمد -البحرين
    مكتبتى
    رابط مختصر







    حين نتأمل تجربة الحركة الإسلاموية في حُكم السودان، نجد أن الكذب لم يكن مجرد أداة عرضية في مسيرتها، بل كان جوهرًا في بنائها الفكري والسياسي وممارستها اليومية فمنذ لحظة وصولها إلى السُلطة لم تتعامل الحركة مع الكذب كعيب أخلاقي ومنهي عنه دينيا، بل كوسيلة للبقاء وغطاء سياسي تُبرره فتاوى "فقه الضرورة"، وهكذا تحوّل الكذب إلى ما يشبه العقيدة السرية، التي يُدار بها الإعلام والاقتصاد والسياسة، وحتى الطقوس الدينية المرتبطة بفكرة "الشهادة" والجهاد.

    منذ البدايات، كان الإعلام الرسمي يضجّ بحكايات عن إنجازات لم يرها أحد، في نشرات الأخبار، كانت الصور تُعرض على أنها "نجاحات الموسم الزراعي"، والحديث يدور عن "الاكتفاء الذاتي"، فيما كان الفلاحون في الجزيرة وكسلا وسنار يئنّون من الفشل والجفاف، كان الفرق شاسعًا بين الواقع والحكاية، بين الأرض الجرداء التي يعرفها الفلاح، وبين شاشة التلفزيون التي تبث صورًا لحقول مزدهرة مستعارة من أرشيف قديم، لم يكن هذا مجرد خطأ إعلامي، بل ممارسة متعمدة لتزييف الوعي.

    في حوار أجرته الزميلة الصحفية لينا يعقوب عام 2014، قدّم الكاتب إسحاق أحمد فضل الله—أحد أبرز الأصوات الدعائية للحركة الإسلاموية—اعترافًا نادرًا وصادمًا، فقد قال بوضوح إنه يتعمد الكذب في مقالاته، واعتبر ذلك "قتالًا معنويًا" يخوضه دفاعًا عن مشروعه. وعندما سألته الصحفية عن خبر ملفّق نشره حول مقتل عبد العزيز الحلو ودفنه في واو، لم يتراجع ولم يبدِ ندمًا، بل ردّ بعبارة تلخص ذهنية الحركة بأكملها: "أنا أنظر إلى الأمة والمعركة، ومعنويًا أؤذي العدو"، هذا الاعتراف لا يترك مجالًا للتأويل؛ فالكذب عند الإسلامويين لم يكن خطأ عارضًا، بل ممارسة مقصودة ومؤسَّسة، تُبرر باسم الدين وتُوظف في السياسة والإعلام كجزء من "المعركة".

    ولم أكن بعيدًا عن هذه الظاهرة، إذ خصصت كتابي عباقرة الكذب (2008) ركزت فيه على ممارسة نظام الحركة (الاسلامية) الحاكم في السودان للكذب، كشفت كيف تحوّل الإعلام السوداني إلى مصنع للوهم، يصنع انتصارات من ورق، ويحتفي بمشاريع لم تُنجز، ويُغطي على فشل متكرر بلغة النصر، وما كتبته كان محاولة لفضح الركيزة الأساسية لطريقة حُكم الاسلامويين، وقد صار الكذب جزءًا من سياسة الدولة وفي العلاقة مع المواطنين وحتى في العلاقة مع دول العالم.

    ولم يقف الأمر عند الاقتصاد والزراعة فحين وقعت مجزرة القيادة العامة في يونيو 2019، وسقط مئات الشهداء والجرحى من المعتصمين السلميين، كان النظام يواجه لحظة الحقيقة الدامية.. الدماء لم تجف بعد، لكن ماكينات الدعاية بدأت تشتغل مرة تقول إن "مندسين" نفذوا الجريمة، ومرة تزعم أن المعتصمين أنفسهم أشعلوا الفوضى، وفي الوقت نفسه كانت ملايين الدولارات تُصرف على حملات دعائية في الخارج لنفي ما هو موثق بالفيديوهات والشهادات، هنا تجلّى الكذب في أبشع صوره: لم يعد وسيلة لحماية السلطة فقط، بل صار محاولة لمحو الحقيقة من الذاكرة الجمعية للشعب.

    الانتفاضة المعاكسة..!!

    ومن أبرز النماذج التي لا تزال حاضرة في ذاكرة السودانيين واقعة د. إبراهيم غندور، القيادي البارز في المؤتمر الوطني. ففي ندوة سياسية عام 2014، وأمام أنصاره، تحدّث صراحة عن "الانتفاضة المعاكسة" و"البندقية المعاكسة"، في خطاب موثق بالصوت والصورة، لكن حين واجهه السياسي عمر الدقير لاحقًا بهذا الكلام، أنكر غندور إنكارًا مغلظًا، متحديًا خصمه أن "يكبس ألف زر" لإثبات ما قال، غير أن مقطع الفيديو خرج للعلن، مُظهِرًا غندور نفسه وهو يردد العبارات ذاتها بجلابية وعمامة، كما لو أن الكاميرا قد نصبت لتفضحه أمام التاريخ، هنا لم يكن الجدل حول مضمون كلماته، بل حول جوهر المسألة: الصدق أم الكذب لقد أنكر حديثًا موثقًا بالصوت والصورة، فأصبح شاهدًا حيًا على ثقافة الكذب التي لازمت الإسلامويين في كل مراحل تجربتهم.

    أحيانًا كان الكذب يأخذ شكلًا أكثر مأساوية، حين يُمارس باسم "الشهادة"، في إحدى الساحات وقف أحد "المجاهدين" يخاطب الحشد الكبير، ومن بينهم أسرة أحد رفاقه الذين زعم أنه قُتل في المعارك. أخذ يروي كيف دفنه بيديه، وكيف شاهد كرامات عند القبر، وكيف كانت لحظة الفقد مؤثرة إلى حد البكاء، الجماهير كانت تردّد التكبير والتهليل، والجموع تبكي وهي تصدّق القصة، لكن الأشهر مرّت وفجأة عاد "الشهيد" حيًا يُرزق، يمشي وسط ذهول من كانوا يظنونه قد رحل، تلك الفضيحة لم تكشف فقط كذب شخص واحد، بل كشفت عمق الانهيار الأخلاقي، أن الموت نفسه صار مسرحًا للدعاية، وأن دموع الناس صارت وقودًا لأكاذيب سياسية، وقد لخّص د. منصور خالد عليه رحمة الله في كتابه (النخبة السودانية وإدمان الفشل، 2003) هذا المشهد بدقة حين قال"أكبر خطايا الإسلامويين أنهم صنعوا شهداء من ورق ليغطوا على عجز مشروعهم السياسي".

    في الاقتصاد كانت الأكاذيب أشبه بعمل ممنهج مشروع الجزيرة، الذي كان يُعتبر أكبر مشروع مروي في أفريقيا ومفخرة السودان الزراعية، تحوّل في التسعينات إلى مقبرة للوعود، المسؤولون أعلنوا مرارًا أن القطن عاد للصدارة، وأن الاكتفاء الذاتي على الأبواب، بل تحدثوا عن التصدير إلى الخارج. لكن الواقع أن المشروع انهار: قنوات الري جفّت، البنية التحتية تدمرت، والفلاحون هجروه. الإعلام كان يغني "نهضة الجزيرة"، بينما الناس يقفون في صفوف الخبز والوقود. ولم يكن مشروع الجزيرة وحده، بل كل قطاعات الاقتصاد تقريبًا غطتها لغة الإنجازات المصنوعة على الورق، بينما الجنيه السوداني يتدهور والأسواق تلتهب بالغلاء.

    وقد لخّص منصور خالد هذا التناقض في كتابه الفجر الكاذب بقوله "لقد صنع الإسلامويون واقعًا من الورق، لا يلبث أن يتهاوى أمام أول اختبار من الحقيقة"، إن سرّ هذا الاستمرار في الكذب كان في ما يسمونه "فقه الضرورة". في خطاباتهم الداخلية، كان الكذب يُبرَّر باعتباره ضرورة لحماية المشروع، ووسيلة مشروعة طالما أن "الغاية نبيلة" لكن الضرورة تحوّلت من استثناء إلى قاعدة، ومن رخصة مؤقتة إلى ثقافة راسخة، حتى صار الكذب فضيلة سياسية تمارس علنًا بلا حياء.

    السقوط

    النتيجة كانت كارثية.. المواطن السوداني فقد ثقته في كل ما يخرج من فم حكومة الاسلامويين، لم يعد يصدق إحصاءً رسميًا، ولا بيانًا وزاريًا، ولا خبرًا في الإعلام القومي. ومع انهيار الثقة، انهارت العلاقة بين الدولة والمجتمع، وصار الكذب الذي أرادوه وسيلة للبقاء لعنةً تلتهمهم من الداخل، وفي كتابه الرصين (أزمة الاسلام السياسي 1991)، أوجز ذلك د. حيدر إبراهيم علي متعه الله بالصحة والعافية بقوله "الجبهة الإسلامية لم تكذب فقط على الشعب، بل كذبت حتى على نفسها، فأهلكت مشروعها بيدها".

    لقد سقط مشروع الإسلامويين في السودان لا لأنه فشل اقتصاديًا فقط، ولا لأنه عُزل سياسيًا فقط، بل لأنه بُني على أساس مزور، حين يُصبح الكذب هو الأساس، فإن أي بناء فوقه سيكون هشًا، ينهار عند أول اختبار. من الأكاذيب الإعلامية عن المواسم الزراعية، إلى الكذب السياسي في مجزرة القيادة العامة، إلى الأكاذيب الشخصية لقادتهم، إلى اختلاق "شهداء" من ورق، إلى تقارير اقتصادية لا وجود لها — كلها نسجت شبكة من الأكاذيب جعلت من التجربة الإسلاموية في السودان مثالًا لانهيار الأخلاق قبل انهيار الدولة.

    وهكذا، فإن ما يسمّى بـ"فقه الضرورة" انتهى إلى سقوط كامل للمنظومة الأخلاقية، لقد صدّقوا أكاذيبهم حتى عاشوا في وهم صنعوه بأيديهم، لكن الحقيقة كانت أقوى من كل دعاياتهم، وهنا نستدعي مقولة أنس عمر وهو يصرخ عاليا " مافي زول افهم من الحركة الاسلامية، ومافي زول أقوى من الحركة الاسلامية"، وجاءت هذه العبارات بسبب كذبهم على أنفسهم حتى صدقوا أنهم فعلا أفهم وأقوى، وفي أدبياتنا الاجتماعية تحضرنا دائما الحكمة الشعبية "الحبل القصير للكذب ما بيوصل بعيد"، لقد انتهى المشروع الإسلاموي في السودان بما بدأ به: بكذبة كبيرة لم يصمد أمامها التاريخ ومعطيات الحاضر.

    وقفات

    وضع الإسلام الكذب في مصاف الكبائر، وجعل الصدق قرين الإيمان، وهناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تلخص هذا المعنى العظيم، لكن المفارقة المؤلمة أن الحركة الإسلاموية في السودان رفعت شعار "المشروع الحضاري الإسلامي"، بينما مارست الكذب بوعي كامل، وجعلته أداة سياسية يومية. لم تعلن ذلك صراحة، لكنها شرعنته بما أسمته "فقه الضرورة"، وهو استثناء شرعي محدود حوّلته إلى قاعدة عامة، يبرر الإعلام المزيّف، والتزوير الانتخابي، والتلاعب بالاقتصاد، وحتى خطاب الحرب والسلم.

    هكذا تحول الكذب من رذيلة فردية إلى أداة تنظيمية، مغلّفة بغطاء ديني، الأخطر أنهم لم يكتفوا بالكذب كوسيلة شمولية كما تفعل الأنظمة المستبدة عادة، بل قدّموه كجزء من العقيدة، مرددين أن "الكذب من أجل المشروع الإسلامي ليس كذبًا"، وأن إخفاء الحقيقة عن "العدو" الذي كثيرًا ما كان هو الشعب نفسه أمر مشروع. بهذه الذهنية تحولت الصحف إلى أبواق تُعلن عن نجاحات زراعية لم تحدث، والقيادات تنفي جرائم موثقة بالصوت والصورة، والوعود تتوالى بلا أساس، لم يعد الكذب عند الإسلامويين مجرد وسيلة ظرفية، بل صار منهج فكري وسياسي قائم بذاته يهدف إلى صناعة وهم مستمر يُحكم به الناس ويُخدع به الواقع.

    الاثنين الأول من سبتمبر 2025م























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de