القتل على أساس الهوية هو أخلاق ميليشيا الجنجويد.. فلماذا الدهشة والإستغراب؟ كتبه عبدالغني بريش فيوف

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 09-04-2025, 02:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-19-2025, 11:52 PM

عبدالغني بريش فيوف
<aعبدالغني بريش فيوف
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 578

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
القتل على أساس الهوية هو أخلاق ميليشيا الجنجويد.. فلماذا الدهشة والإستغراب؟ كتبه عبدالغني بريش فيوف

    11:52 PM August, 19 2025

    سودانيز اون لاين
    عبدالغني بريش فيوف -USA
    مكتبتى
    رابط مختصر





    في السودان، تلك الرقعة المعذبة التي يلتهمها عنف بلا رصيد من العقل أو ضمير، يبدو أن القتل على أساس الهوية تحوّل من حادث فردي إلى ثقافة يومية للجنجويد.
    قبل أيام، اتشحت الفاشر بالسواد مرة أخرى، ليس فقط حزنا على ضحية قُتل، بل على ما هو أعمق وأقسى، وهو موت الأمل بأن البلاد قد تتخلص يوما من داء القتل على الهوية، ذلك الداء الذي ترعرع وتضخم في أحضان ميليشيا الجنجويد ومن ثم قوات الدعم السريع، قبل أن يتحول إلى ثقافة رسمية للقتل، بآراء وتصفيق وتأويلات.
    ولعل أكثر ما يثير السخرية هنا ليس في جرأة الجريمة نفسها، بل دهشة الناس منها، فكيف لبلد اجتاحته ميليشيا الجنجويد لأكثر من عقدين بلا توقف، أن ينكر على أحد أفرادها ممارسة القتل على أساس اللون أو القبيلة أو الأصل، ثم ينتظر تحقيقا محايدا ينصف الضحية؟
    كيف لأناس عاشوا تحت وابل التهليل والتكبير أثناء اقتراف أبشع الانتهاكات، أن يظنوا أن جريمة الفاشر استثناء، وليس القاعدة في معجم الجنجويد؟
    منذ أن انطلقت شرارة الجنجويد في دارفور مطلع الألفية، لم يكن من الصعب على المراقب حتى لو كان غبيا أن يفك شفرة القتل على أساس الهوية، حيث في ذلك الزمن، لم تكن هناك مؤتمرات للسلام، أو منظمات أممية تراقب الوضع عن كثب، بل ترك البدو الأجلاف الغاضبون لغرائزهم، عنان الفوز بالمال والسلطة، فلم تكن الكبائر عندهم عيبا ولا الجريمة شذوذا.
    الجنجويد ليست ظاهرة سودانية فقط، بل هي تعبير مكثف عن شهوة السلطة في الحواف المنسية من الجغرافيا، تأسست على البحث عن العدو الجيني في الجار، فصار اكتشاف القبيلة هو بمثابة إصدار حكم إعدام، وصار التكبير أثناء القتل قرينة إيمان جديد، الإيمان بأن الأرض لا تتسع للآخر المختلف.
    الجنجويد باختصار: جيش من القتلة المأجورين، تحركه لغة الجين لا القانون، والأسبق في النزعة هو الأكثر دموية في الميدان.
    القتل على أساس الهوية.. كيف صار عرفا؟
    الجريمة الأخيرة في الفاشر، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، ويمكن لمن يجيد البحث في الأرشيف الأسود أن يعثر على عشرات الجرائم التي نفذتها ميليشيا الدعم السريع بنفس الوصفة، القبيلة هي الجريمة، والاسم هو التهمة، وجلوس أعزل أمام حامل المسدس هو حكم الإعدام.
    ما جرى في فيديو الفاشر كان نصا مأخوذا من كتاب الجنجويد الطويل: سائل محقق، ضحية مرتابة، اعتراف بالخلفية القبلية، إطلاق نار مدروس، ثم تهليل وتكبير وكاميرا تصوّر العبرة لبقية القبائل غير العربية.
    الغريب هنا أن بيانات الدعم السريع، جاءت تحمل في طياتها نوعين من التهكم: إدانة شفهية شكلية للحادث، وتحريض إعلامي ضد المتآمرين الذين حسب بيانهم فبركوا الفيديو لكي يشوهوا الصورة النقية البراقة للجنجويد الإنسانيين!
    الواقع ببساطة أن الجنجويد، ومن بعدهم من تحوروا في قوالب جديدة تحت اسم الدعم السريع، لم يتوقفوا يوما عن القتل على أساس الهوية.
    الأمر جزء من نظام عملهم، فمجموعات الأعيان التي تغذيهم بالمال والسلاح تعرف جيدا أن انتصاراتهم في الحقل مرهون بكسر ظهر الهويات المنافسة، ودارفور هو، المختبر العظيم لهذه العقيدة، وشهد كل مظاهر القتل الجماعي والاغتصاب وحرق القرى لمجرد الانتماء إلى الهوية الأخرى.
    ويبقى السؤال الذي يُطرح بزخم في كل مكان: لماذا ندهش من حادثة الفاشر، هل نحتاج جريمة مصورة أخرى لكي نصدق أن القتل على أساس الهوية هو جوهر أخلاقيات ميليشيا الجنجويد، وأنه ليس انحرافا فرديا، بل عرف جماعي متوارث؟
    بيانات الإدانة: حين يصبح الكذب فضيلة سياسية..
    بيان الدعم السريع كان مقتبسا من قاموس الإنكار الدولي.. نأسف للجريمة، شكلنا لجنة للتحقيق فورا، سنحاسب المتورط.
    يا سلام لهذا البيان الإنساني الأخلاقي، بعد أن تمتلئ مقابر القرى بالجثث، تخرج لجنة تحقيق رسمية لتبحث عن من أطلق السبع رصاصات، وهل فعلا كان عنصرا من قواتنا؟
    التهكم هنا ليس في مضمون البيان، بل في جرأة ادعاء التزام القانون الدولي الإنساني، في حين أن السجل الدموي للدعم السريع هو كتاب مفتوح من الانتهاكات:
    حرق قرى دارفور
    نهب الأسواق
    استخدام المستشفيات والكنائس قواعد عسكرية
    التصفية الدموية بلا حساب
    اغتصاب النساء
    اعتقال الحقوقيين
    تهجير المدنيين بالقوة
    قصف المراكز الصحية

    كل تلك الإنتهاكات، ليست مشاهد محزنة فقط، بل هي لوحات جدارية عُلقت على جدران المؤسسات الدولية تُذكّر بأن الجنجويد والدعم السريع لم يكونوا يوما إلا جيشا يمارس القتل على أساس الهوية كأخلاق كل يوم.
    إعلام الجنجويد يشكك في الجرائم..
    في كل جريمة يلتقطها العالم، ترتفع أصوات المشككين من داخل الماكينة الدعائية للدعم السريع، تتحدث عن حركات الارتزاق، وعن حركة إسلامية وفبركة فيديوهات، وعن تمثيليات معسكر زمزم، كل هذا يصب في خانة الإنكار الجبان، الذي يعرف أنه عاجز عن مواجهة الحقيقة دون أن يفقد شرعيته الداخلية.
    لكن الكاميرا لا تعترف بكذبة ولا بتبرير، ومقاطع الفيديو، واعترافات البعض، وشهادات الأهالي والمراقبين الحقوقيين وضحوا بما لا يدع مجالا للشك في أن القتل على أساس الهوية سياسة ممنهجة، وقاعدة عمل، لا استثناء طارئ.
    إن أخطر ما صنعته ميليشيا الجنجويد، ليس فقط القتل نفسه، ولا حتى تبريره باسم الدين أو معارك السياسة، بل جعل القتل كلعبة يومية تتوارثها الأجيال، فالصبي في الشارع يعرف جيدا أن القبيلة التي ينتمي إليها تحدد مصيره، وأن جملة أنا من قبيلة كذا، أمام عنصر يحمل سلاحا تعني ارفع وصيتك قبل الجواب.
    صناعة الموت الجماعي في السودان لم تبدأ في الفاشر ولن تنتهي بها، فكل مدينة وقرية شهدت فصول هذه القصة السوداء، سيما في دارفور. هجوم ليلي، تهليل القتلة، تقسيم الأسرى إلى قبائلهم، ثم تصفية بناءا على الجينات، وكأننا في تجربة مجنونة لتأسيس دولة بلا هويات منافسة.
    مع كل جريمة على أساس الهوية، يكرر الجمهور نفسه نفس الأسئلة: هل هي هفوة فردية، هل الجاني متطرف، هل القيادة حقا غاضبة؟
    الجواب يكرره التاريخ يوما بعد يوم، وهو أن الجريمة جزء من هوية الجنجويد منذ التأسيس، والتبريرات النقدية ليست وعي جديد، بل حركة علاقات عامة لحفظ ماء الوجه دوليا.
    الفاشر ليست أبشع الجروح، بل جزء من نزيف متصل، يبدأ بالسؤال عن القبيلة وينتهي بسبع رصاصات ومقطع فيديو يصير مادة للتندر لدى المقاتلين وهم يشاهدون أنفسهم نجوما يملأون الأرض موتا وجراحا.
    من كل هذا عزيزي القاريء، نستنتج أن القتل على أساس الهوية، ليس فقط تيكتيك عسكري، بل أخلاقيات متجذرة لم تتغير رغم بيانات التنديد من هنا وفرض عقوبات من هناك.
    لكن يبقى سؤال ساخر معلَّق بين ضيق الأمل ودجل البيانات الرسمية، وهو.. لماذا لا نندهش حين تشرق الشمس فوق ركام الجثث، ولا نندهش حين تتصدر بيانات الإدانة في الصحف، لكن نتفاجأ حين يمارس الجنجويد أساس أخلاقهم علنا؟
    الجواب، ببساطة قاتلة، وهو أن القتل على أساس الهوية من أخلاق الجنجويد منذ البداية، والدهشة ليست جزءا من قاموس يومياتهم، أما الاستغراب، فهو ترف يعاند حرافة الواقع السوداني الذي صار الدم والقبيلة نصا مستقرا في كتاب الجنجويد الطويل.
    في الختام، إن جريمة الفاشر ليست حادثةً تُثير الدهشة، بل هي تذكيرٌ مؤلمٌ بحقيقة يعرفها الكثيرون، أن العنف على أساس الهوية هو داءٌ مستشر في جسد السودان، وأن من يتغذى على هذا العنف، ويُسقى به، لا يمكن أن يُقدم إلا هذا العنف، فلنرفع قناع الدهشة، ولنواجه الواقع بمرارته، علّنا نجد سبيلا لطيّ هذه الصفحة المظلمة من تاريخ السودان، ولإحلال العدل والسلام محلّ القتل والخراب.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de