من أصعب الممارسات السياسية أن تحول القيادة و الجماهير النكبة و الإحباط إلي أنتصار سياسي في أيام معدودات.. أن الفاشر التي صمدت أكثر من عامين و تصدت لهجمات الميليشيا و المرتزق الذين جاءت بهم الأمارات من كل فج عميق لكي يقاتلوا مع الميليشيا، فشلوا في السيطرة على الفاشر، و قيادة الفرقة السادسة فيها، رغم أن المدينة كانت محاصرة من كل الاتجاهات، و لا يدخل لها أمدادا لوجستيا و عسكريا و إغاثة، ورغم ذلك ظلت صامدة.. و عندما أسقطت الميليشيا الفاشر، و ارتكبت إبادتها ضد آهل الفاشر، و أرادت أن يعم الإحباط وسط الشعب في كل بقعة من السودان.. كان لابد أن يشتغل العقل السوداني المبدع في أن يحول هذه المأساة إلي حبل يلتف ليس على رقبة المنفذين و لكن على الدولة الداعمة لهم.. و حتى إحراج كل الدول التي كانت تقف من ورائهم.. و يثبتوا أن الشينة منكورة. استطاع أبناء السودان، و خاصة في الجاليات الخارجية، في بريطانيا و اسكتلندا و هولندا و بلجيكا و فرنسا و المانيا و كندا و استراليا و حتى أمريكا و دول أخر. و أيضا شعوب صديق في مصر و تونس و الجزائر و اليمن و غيرها أن يمسكوا بزمام الأمر الإعلامي و يعروا الإمارات أمام العالم، و استطاعوا أن يسخر كل الوسائط الإعلامية و يملأوها بالبوسترات و الترندات و الفيديوهات، إلي المسيرات الشعبية التي تدين الأمارات، حاصروا كل الذباب الأماراتي و التابع لهم من السودانيين ليحاصرونهم.. كانت الأمارات لا تتوقع أن ردة الفعل تكون أكبر حتى من المعارك العسكرية الدائرة.. جهلت الأمارات أنها تحارب أمة تاريخها ضارب في أعماق الأرض ألاف السنين.. حتى الجيش الإسلامي بقيادة عبد الله بن أبي السرح فشل أن يدخل السودان بالسلاح و دخل دون ذلك.. فلا يستعجب القوم من شعب قادرا على الدفاع عن وطنه بالغالي و النفيس...! لأن الوطنية مغروسة في خلايا أجساد السودانيين و في جيناتهم.. إلا قلة قليلة خدعها سراب السلطة.. هي استثناء قد تمكن منها الشيطان.. هزمت الأمارات إعلاميا، و استطاع شباب السودانيين أن يحاصروا الآلة الإعلامية الأماراتية، و حتى ذبابها الذي صرفت عليه ملايين الدولارات.. و قد عجزوا أن يدافعوا و يغطوا على افعالها. و لذلك طلبت من بعض الإعلاميين العرب أن يساعدوها في هذه الحرب الإعلامية، و التي اخجلت أية شخص تابع لزمرة سلطة الإمارات أن يعلن عن نفسه أمام جمع من الناس.. طلبت سلطة الإمارات من الإعلامي الشيعي نديم قطيش رئيس تحرير قناة " اسكاي نيوز" أن يخرج في لايفات يدافع عنها و يبرئها من حرب السودان، و يتحدث باعتبار أن العنف في السودان ثقافة منتشرة، و سائدة منذ الاستقلال.. و ينفي أن الإمارات تقدم دعما للميليشيا، بل تقدم مساعدات إغاثة لشعب السودان،.. و فشل قطيش في ذلك تماما.. و كما يقول المثل " المحرش لا يقاتل" ثم أرسل قطيش رئيس تحرير القناة تسابيح مبارك باعتبارها مذيعة و سودانية يمكن أن يصدقها الناس، و هي نفسها جاءت تجرجر أثواب الندم.. و ذهابها للفاشر قد طرح اسئلة عديدة، إذا كانت القناة محظورة في السودان كيف دخلت الأراضي السودانية، المذيعة و المجموعة التي ذهبت معها، ثم تعرضوا لتاريخ القناة منذ بداية الحرب أنها كانت تتحامل ضد الجيش و تميل إلي الميليشيا.. أن تسابيح ذهبت بأمر من القناة الخاضعة للسلطة في الأمارات، أن تسابيح مبارك لم تزيل الحرج على الإمارات بل زادت التساؤلات التي لا تجد إجابة.. مما يؤكد أن الإمارات تريد أن تفضح كل الذين يعملون معها ضد وطنهم... في اوائل السنة الماضية 2024 أرادت الأمارات أن تشتري جريدت " ديلي تلغراف" البريطانية حتى تسخرها من أجل تجميل وجهها، و التغطية على ممارساتها التي تخالف السلم العالمي، و بدأت الاتصال بالمالكين لها لكي تكمل الصفقة، لكنها فوجئت أن الحكومة البريطانية قبل أن تكتمل الصفقة قد مررت قانون جديد يحرم شراء أسهم مباشرة من قبل المسؤولين الأجانب.. و خاب أملها.. و كانت تريد الجريدة أن تكون عون لها في مثل هذه الأزمات الخانقة التي وقعت فيها الآن.. بعض من الدوبلوماسيين و الصحفيين الأجانب، أيضا يعتقدون أن الإمارات فعلت كل ذلك في الأيام الأخيرة، حتى تسقط الفاشر، و قد شاركت في عملية الهجوم على الفاشر دول عديدة بأمر إماراتي، و أمريكا نفسها كانت على علم به.. لآن اللقاء الذي جرى بين المستشار الأمريكي مسعد بوليس اللبناني الأصل و ليس بعيدا عن نديم قطيش مع محمد كاكا الرئيس التشادي في روما بإيطاليا، وكان قد حضر اللقاء نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخزرجي، حيث كانت الفاشر في أجندة الاجتماع. و بعد اللقاء بيومين حدث سقوط الفاشر. لآن الأمارات كانت تعتقد أن سقوط الفاشر سوف يشكل ضغطا كبيرا على قيادة الدولة و الجيش لكي تقبل ببيان الرباعية، و تجلس على مائدة تفاوض.. لذلك جندت الإمارات مجموعات كبيرة تطرق على الرباعية، و تحاول أن تعمل حملة تضغط على السلطة لكي تقبل التفاوض.. لكن جاء سقوط الفاشر لكي يحاصر الإمارات و اعوانها.. أن الكلمة التي القاها رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش البرهان أمس الجمعة 14 نوفمبر 2025م في المسجد العتيق في ولاية الجزيرة في "السريحة" حيث قال ( أن الحرب لن تنتهي باتفاق أو هدنة مع المتمردين، و أن الشعب السوداني لن يقبل بهم و لا بداعميهم.. و إذا العالم يريد بالفعل سلام في السودان أن يسرع بجمع السلاح من هؤلاء المتمردين) الجناح السياسي و حكومة ما يسمى بتأسيس وضعوا كل حملهم على جراب الرباعية أن توصلهم إلي مائدة تفاوض و كما قال محمد يوسف أحمد المصطفى أحد قيادات الحركة الشعبية التابع للحلو في لقاء أن قبول الجيش بالتفاوض سوف نذهب نحن نتفاوض و ليس الميليشيا، و هكذا يتأملون.. فالرباعية مثلها و مثل جنيف قد تجاوزت عمرها الافتراضي، و الآن يجب التفكير الجاد أن السلام و الاستقرار السياسي في السودان، يتطلب عدم وجود أي أثر للميليشيا في الساحتين العسكرية و السياسية.. البلاد في حاجة إلي بروز قيادات جديدة ليس لها علاقة بالإرث السياسي القديم.. و نسأل الله حسن البصيرة...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة