|
العظيم عبد العظيم,, بقلم إسماعيل عبدالله
|
07:41 PM April, 12 2020 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله-الامارات مكتبتى رابط مختصر
عندما تأتي ذكرى شهداء الثورة الديسمبرية أخص بالذكر الشهيد عبد العظيم,ألذي لا أستطيع إكمال الحديث عنه لأني استشعر أن هذا العبد العظيم هو إبني وفلذة كبدي التي لن تنفطر عن جسدي, وذلك يرجع لسبب واحد هو أن تاريخ ميلاده يصادف توقيت مغادرتي لوطني الحبيب وأنا شاب يافع لم يكمل الثلاثين من العمر, إنه ذات العام الذي قضت فيه الانقاذ ثلاثة عشر عاماً حسوما من الظلم والبطش وهي جاثمة على صدر الوطن العزيز والحبيب, والذي يدهشني حد البكاء هو قول عبد العظيم لوالدته عندما حرّكها حنين الأم, و حاولت أن تمنعه وتثنيه عن الخروج من المنزل و توقفه عن الالتحاق بالمواكب الثورية لمدينة أم درمان العظيمة, (لاحظوا خصيصة العظمة المرتبطة بعبد العظيم وبأم درمان!!؟؟), حينها قال لأمه :(يا أُمي لو ما طلعنا نحنا منو البقدر يطلع عشان يغير الطاغية؟) أو كما قال, أظنها الجملة التي أقنعت أم عبد العظيم لأن تفسح لابنها المجال لكي يكون عظيماً, نعم, رب كلمة واحدة قفزت بناطقها إلى أعلى عليين, و رب حرف واحد سقط بقائله إلى أسفل سافلين, دون أن يعلم.
من صنعوا الثورة السودانية هم شباب يافعون في عمر الزهور والمنى, هم أطفال بحكم القوانين الأوروبية والتشريعات الأمريكية, لأنهم لم يكملوا ولم يتجاوزوا سن الثامنة عشر, عندما سمعت والد عبد العظيم يتحدث عن إبنه في تلك اللحظات الأخيرة من حياة هذا الطفل العظيم, لم أتمالك نفسي حتى أكمل ذلك اللقاء التلفزيوني فأغلقت التلفاز وقذفت بالريموت كونترول, لقد كانت الحيثيات التي سردها والد الشهيد صعيبة على السمع وعصية على الدمع, كيف تلقى الخبر وكيف ذهب إلى المشرحة و كيف تقبل المصاب العظيم الذي حدث لأبنه العظيم, كان حديث ذلك الوالد عن إبنه كحديث الإبن البار عن والده (شفت كيف انعكست الآية!!؟؟), خاصةً عندما كشف والد عبد العظيم عن معرفته بروح ابنه الثورية فقط عبر تغريداته الوطنية الثائرة والموثقة في السوشيال ميديا (هنا يتبين الفارق الكبير بين الأجيال).
عندما ثارسكان أم درمان في وجه العسكر الذين وقفوا سداً منيعاً ومانعاً قوياً ضد تخليد ذكرى هذا الصبي العظيم, بنصب مجسم لتمثال لا يختلف كثيراً عن تمثال الجندي المجهول الذي درسناه ضمن حصص التربية الوطنية بالمرحلة الابتدائية في ذلك الزمان الغابر, تضامنت السلطة الانتقالية معهم و تماهى كثير من الناس مع دعايتها المغرضة حول ما يسمى بالصنم الذي قال عنه البعض أنه يجسد الكفر والالحاد, ونسوا أننا عبدنا أصناماً ظالمة من بني جلدتنا من أمثال عبود والنميري والبشير و البرهان و غيرهم, يا سبحان الله!!!, لماذا يرفض العسكر تجسيد ذكرى تاريخ هذا العظيم وجعله رمزاً من رموز إسقاط منظومة الدكتاتور الساقط ديناً وأخلاقاً, والذي قتل وسحل وسفك دماء أهل عبد العظيم الطيبين وحرق بيوتهم ويتم أطفالهم ورمل نسائهم؟؟,
عبد العظيم هذا يعتبر رسالة عظيمة لكل رجل وامرأة سودانية و لكل بنت و ولد جاء من نبع ودفق هذا الوطن الكبير المعطاء, إنه ابني وابنك وابن أخي و ابن أختك الذي ترى فيه المستقبل المشرق للسودان, تخيل معي عزيزي القاريء وعزيزتي القارئة أن هذا العبد العظيم من مواليد الألفية الثالثة , وأن تاريخ ميلاده كان في العام 2002 ميلادي , أين كنت و أين كنتي يا عزيزي و يا عزيزتي القارئة في ذلك الزمان؟؟؟؟.
عبد العظيم يعبر عن رسالة عظيمة موجهة لنا جميعاً, فإما أن نكون على قدر عظمة هذه الرسالة, وإما أن نستعيد مشوار الخزلان وإعادة إنتاج الطغيان والطغاة والموتورين والظالمين والقاصمين لظهر كرامتنا, فلا مكان لأحد منا بين الجنة و النار, فإما أن نكون في الجنة التي عرضها السماوات والأرض والتي يعيش في كنفها الآن وفي هذه اللحظات العظيم عبد العظيم, و إما أن يقبع جميعنا تحت نار جهنم و ثغر و يرزح تحت عذاب ملائكة شداد غلاظ وعظام لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
إسماعيل عبدالله
[email protected]
|
|
|
|
|
|