فهذان الشعبان التعيسان لا يملكان رفاهية خوض الحروب ..
ما ظل يحدث فى الحدود السودانية الأثيوبية من مناوشات مسلحة ، ولفترة طويلة من الزمن ، كان ولا يزال ، من الممكن تجنبه وتجنب فقدان الأرواح فيه ، لو فقط إتسم الجانبان بقليل من الحكمة والرغبة الأكيدة فى إيقاف التصعيد وإستباب الأمن والسلام ..
ليس خافياً على أحد ، أن جل ما ينعم به السودان ، ومن بعده مصر ، من مياه مصدره الجارة أثيوبيا ، كله من ينابيع أراضيها ومن أمطار مرتفعاتها ، تتدفق ألينا منهم ، وعبر أراضيهم ثم أراضينا ، مياه النيل الأزرق ونهر عطبرة ونهر القاش وحتى نهر سيتيت ...
ولم تنجح وتزدهر مشاريعنا الزراعية المروية فى الجزيرة والفاو ودلتا طوكر وخشم القربة ، ويزدهر معها إقتصادنا الوطنى إلا بفضل المياه الأثيوبية ، أقرينا بذلك أو لم نقر ..
ظل هذا الخير الأثيوبى المتدفق الى الأراضى السودانية ، منذ الأزل وحتى الأن مستمراً ، ولكن معه أيضاً أستمرت معاناة الشعب الأثيوبى ، والذى ظل يعانى من موجات الجفاف والتصحر التى تجتاح الأراضى الأثيوبية ، وموت عشرات الألاف من السكان سنوياً بسبب المجاعة وقلة الغذاء ، حتى أصبح الشعب الأثيوبى من أكثر شعوب العالم تلقياً للإغاثات والإعانات الغذائيةالخارجية ...
لدينا مع الجارة أثيوبيا مصالح إقتصادية إستراتيجية فى غاية الأهمية ، ولا خيار لنا ولهم ، إلا بالتعاون التام معهم فى الحفاظ عليها وتنميتها بما يحقق مصالح الشعبين ورفاهيتهم ، ولن يتم هذا إلا بالسلام والحوار الهادى ، وعلى كل المستويات السياسية والعسكرية والمجتمعية المحلية ...
فبدلاً من ضرب طبول الحرب والركض خلف الحلول العسكرية ، يجب أن يعى الطرفان أن ليست هناك معضلة فى هذا الوجود ، ومهما كان عمقها وصعوبتها ، عصية على الحل بإعمال العقل وبالحوار والتفاهم المشترك ، وأن الحرب لا تعنى سوى الفشل والغباء والخيبة والدمار ، وليس هناك مطلق إى خير يمكن أن يأتى بشن الحروب ، إن كان ذلك للإنسان أو الأرض أو حتى للزرع والحيوان ..
تملك حكومة الثورة ، بشقيها العسكرى والمدنى ، إمكانية التواصل مع الجانب الأثيوبى لحل هذه المشكلة المزمنة ، مرة واحدة وإلى الأبد .. - أولاً ، بجب أن ينتهى الجانبان ، من قضية ترسيم الحدود بين البلدين ، ليس فقط من خلال إجتماعات اللجان الدبلوماسية والسياسية فى الغرف المغلقة ، بل على الأرض ، وفى وجود حكام دوليين ، حتى يلتزم كل طرف بأراضي دولته وتتوقف التوغلات والإعتداءات على أراضى وشعوب الدولة الأخرى .. - ثانياً ، يجب أن يتوصل الطرفان الى صيغة للتعاون العسكرى والأمنى المشترك ، وبما يكفل حماية الحدود من جانب كل طرف ، حتى يتم حسم غارات المجموعات المسلحة المتفلتة على أراضى ومزارعي الدولة الأخرى .. - ثالثاً ، يجب التفكير جدياً فى عمل مشاريع زراعية وإقتصادية مشتركة على الحدود بين الجانبين ، للإستفادة من كل الموارد المشتركة بينهما ، وبما يحقق الإستقرار والإزدهار المعيشى والإجتماعى بين المجموعات السكانية المتداخلة بين الحدود ويعم السلام بينها ... - أخيراً ، يجب على الدولتين أن يختارا ، بحرص وبعناية شديدة ، كل القيادات القيادات العسكرية والسياسية والمدنية التى ستتواجد على الأرض فى تلك الحدود ، بحيث تكون قيادات تؤمن بتحقيق السلام والإستقرار بين الجانبين من خلال التواصل المستمر والعمل المشترك ، وبما يحقق تنفيذ كل متطلبات الإستقرار السياسي والأمنى والإقتصادي ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة