الطيب الزين/ كاتب وباحث في قضايا القيادة والإصلاح المؤسسي.
السودان اليوم يقف في مرحلة فارقة من تاريخه أمام مفترق طرق لا ثالث لهما إما أن نشيد دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية علمانية تعيد للإنسان كرامته وللمجتمع توازنه وللتاريخ مساره وإما أن ننكفئ إلى السودان القديم حيث الاستبداد هو القاعدة والفساد هو النظام والظلم هو اللغة الرسمية للدولة لقد مضت أكثر من ستة عقود هباء منثورا لا أمن لا أمان لا استقرار ولا أثر للتقدم أو التطور أو الازدهار السبب ليس في الجغرافيا ولا في الموارد بل في الحكام الذين كرسوا الاستبداد وشرعنوا الفساد ومأسسوا الظلم المنهجي فحولوا الوطن إلى غنيمة والشعب إلى رهينة
كل يوم مر على السودانيين منذ الاستقلال وحتى اليوم كان خصما على تطلعاتهم في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية كل لحظة كانت تأكيدا أن من يحكمون لا يرون في الإنسان قيمة ولا في الوطن معنى ولا في التاريخ عبرة وعليه فإن على الكيزان القتلة الأشرار وداعميهم الأقزام أن يدركوا جيدا أن الذين يقاتلون اليوم في المدن والجبال والهوامش قد وصلوا إلى قناعة لا رجعة فيها لا قيمة لحياة العبودية إما حياة بكرامة أو موت بشرف الكيزان مهما جمعوا من الأشرار ومهما استعانوا بالأقزام لن ينتصروا على شعب قال كلمته لا عودة لعهد الكيزان لا عودة لعهد الانقلابات تحت أي شعار ولا عودة لحكم القوى الطفيلية والانتهازية التي فتحت الباب أمام العسكر وساومت على دماء الشهداء لا بد من بناء سودان جديد خال من الدجل والنفاق والأكاذيب سودان حر ديمقراطي يكفل حقوق الإنسان ويحمي الأطفال وينصف النساء ويكرم الشباب ويوقر الشيوخ سودان لا يدار بالولاء بل بالمؤسسات سودان لا يختزل في جهة بل يحتضن الجميع لقد إنتهى عهد الخديعة لن نقول مصر يا أخت بلادي ما دام نظام السيسي يدعم الإخوان المسلمين في السودان للحيلولة دون قيام دولة مدنية ديمقراطية نحن لا عداوة لنا مع مثقفي مصر الشرفاء الأحرار لكننا لن تنطلي علينا الخديعة التي سوقت الأنظمة العسكرية على أنها تمثل إرادة الشعوب وهذا ظلم في حق الشعب السوداني وظلم في حق الشعب المصري أيضا
لقد إستفقنا ورأينا فضاءات ماما أفريكا رأينا نضالات أحرارها في بوركينا فاسو التي أنجبت توماس سانكارا وفي جنوب أفريقيا حيث نيلسون مانديلا حرر شعبه من نظام الفصل العنصري وفي إثيوبيا حيث وضع ميليس زيناوي وأبي أحمد بلادهم على مسار التنمية والاستقرار وفي رواندا حيث قاد بول كاغامي نهضة وطنية بعد مأساة الإبادة هؤلاء القادة لم يكتفوا بالشعارات بل أسسوا دولا عرفت الأمن والأمان والاستقرار إن بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تجعل الشعب السوداني هو صاحب القرار هو الخطوة الأولى نحو التطور والتقدم والازدهار الدولة المدنية ليست ترفا فكريا بل ضرورة وجودية وهي المشروع الوحيد القادر على إنقاذ السودان من دوامة الانقلابات ومنظومة التمكين وشبكات الفساد التي نخرت مؤسسات الدولة لكن هذا المشروع لا يبنى بالنيات بل بالتنظيم بالتوثيق بالتعبئة وبميثاق أخلاقي يحصن الثورة من الاختراق والانتهازية
*الدولة المدنية قادمة شاء من شاء وأبى من أبى* هي قدر السودان القادم وليعلم الكيزان القتلة الأشرار وداعموهم الأقزام أننا لن نسمح بعودتهم على دماء السودانيين لن نسمح لهم أن يمروا كما يمر الحليب فوق قطعة القماش الأبيض دون أن يترك أثرا. فكل قطرة دم أريقت هي شاهد على الجريمة وكل صوت قُمع هو وثيقة إدانة
سنكتب الدولة المدنية لا بالحبر بل بالوعي وبالكرامة وبالإرادة التي لا تُكسر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة