هل تسأل في حياتك بصورة راتبة ؟ هل السؤال ضرورة ملحة في حياتنا ؟ هل ندرك حقا قيمة السؤال ؟ أحياناً ، نصفق للذين يوفقون للإجابات النموذجية ، و نحتفي بهم ، و لا ننتبه عندما يسأل أحد العباقرة سؤالاً نموذجيا .. أدركت لأول مرة في حياتي أهمية السؤال في حياتنا و أنا في الصف الخامس أو السادس الابتدائي ، فقد درسنا حديث نبوي جديد في مادة التربية الإسلامية ، و في ملخص الدرس ؛ و بالتحديد في الجزئية الخاصة بما يستفاد من الحديث كانت هذه الجملة : ( السؤال وسيلة التعلم المباشر ) ، و كنت عادة أحفظ الحديث الشريف ، و أحفظ ما يستفاد منه.. و في المرحلة الثانوية العليا ، و نحن نتناول درسا في مادة الرياضيات ؛ و بالتحديد حساب المثلثات ، كان الإستاذ يشرح شكلا هندسيا ، لإيصال مفهوم معين ، فسأله أحد الزملاء سؤالاً نموذجيا ، إنتبه بعدها أستاذ الرياضيات ، و إسمه : معتصم ، بأنه طوال الكم و ثلاثين سنة التي يدرس فيها هذه المادة ، كانت هنالك طريقة أخرى خافية عليه ، لم ينتبه لها إلا بعد سؤال الطالب النموذجي: آدم يوسف إدريس موسى . فأشاد بالطالب و سؤاله زمانا طويلا في كل المدارس التي كان يرتادها لتدريس هذه المادة ، و كان آدم يوسف قد دخل مدرستنا بمجموع قدره ٢٤٥/٢٥٠ في العام ١٩٩٦ كأول دفعتنا في مدرسة كرري النموذجية في ولاية الخرطوم ، و تخرج منها في العام ١٩٩٨ بنسبة قدرها ٩٥% و كان ترتيبه الأول على المدرسة و الثالث عشر على مستوى الشهادة السودانية ، كان يرغب في دراسة الفيزياء ، و يصبح عالماً في مجال علم الذرة ، و لكن رغبة أسرته في دراسة الطب تغلبت على رغبته الشخصية ، و خسر السودان عالماً كان يمكنه قلب الموازين.. فالاعتناء بالسؤال في تربية الأطفال و في الدرس ، من الأمور المهمة التي ينبغي التركيز عليه ، فالعلاقة بين العلم و السؤال علاقة وطيدة ، شبيه بالعلاقة بين العلة و السبب ، أو المقدمات و النتائج النهائية ، فالسؤال البسيط : كم ساعة في اليوم الواحد ؟ هو الذي قاد إلى الحساب الدقيق للزمن و الذي إستفادت منه البشرية و لا تزال تستفيد حتى الآن ، و قيمة عقل المرء لا يقاس فقط بالقدرة على الإتيان بالإجابات النموذجية ، بل بالقدرة على صياغة السؤال النموذجي ، ذلك الذي يفتح آفاقاً جديدة لسباقات جديدة في مجالات الحياة المختلفة . E_M : [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة