بقلم : تمر الذكري ال ٦٧ لانقلاب 17 نوفمبر 1958 في ظروف الحرب اللعينة الجارية التي كانت نتاجا لانقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ ' بهدف تصفية الثورة ونهب ثروات وأراضي البلاد لمصلحة المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب. كان انقلاب ١٧ نوفمبر أول تجربة مريرة لانقلاب عسكري مر به السودان بعد الاستقلال عام 1956، وكان انتكاسة للتجربة الديمقراطية التي لم يمض عليها أكثر من ثلاث سنوات، قطع الانقلاب التطور الديمقراطي والتجربة الديمقراطية الوليدة في البلاد التي لا يمكن أن تتطور وتزدهر الا بالمزيد من الديمقراطية، بعد ذلك توالت الانقلابات العسكرية: انقلاب مايو 1969، انقلاب 30 يونيو 1989، انقلاب 11 أبريل 2019 وبعده انقلاب 25 أكتوبر الذي كان امتدادا له، ودخلت البلاد في الحلقة الجهنمية ، وعاش شعبنا حوالي ٥٧ عاما من عمر الاستقلال البالغ ٦٩ عاماً في ظل أنظمة ديكتاتورية كانت وبالاً ودماراً على البلاد. 2 كان الانقلاب عبارة عن تسليم رئيس الوزراء عبد الله خليل بالتعاون مع الاستعماريين الأمريكان والانجليز السلطة للقيادة الرجعية في الجيش بهدف المحافظة علي كل المصالح الاستعمارية ووقف التطور الديمقراطي في البلاد.. بدا انقلاب 17 نوفمبر بالهجوم علي الحقوق والحريات الديمقراطية كما في: حل الأحزاب ومنع التجمعات والمواكب والمظاهرات، ووقف الصحف حتي يصدر أمرا من وزير الداخلية، وتم إعلان حالة الطوارئ، ووقف العمل بالدستور وحل البرلمان، بعد ذلك صدر قانون دفاع السودان لعام 1958 الذي صادر أبسط الحريات وحقوق الانسان وقرر عقوبة السجن الطويل أو الإعدام لكل من يعمل علي تكوين أحزاب أو يدعو لإضراب أو اسقاط الحكومة أو يبث الكراهية، وتمّ تعطيل النقابات والاتحادات وأُعتقل القادة النقابيين “الشفيع أحمد الشيخ ورفاقه” وتقديمهم لمحكمة عسكرية إيجازية سرية كانت انتهاكا فظا لحقوق الانسان. هكذا تمت مصادرة كل المكاسب والحقوق والحريات الأساسية والدستورية التي حققها شعبنا عبر نضاله الطويل الملئ بالتضحيات ضد الاستعمار: الدستور، البرلمان، الأحزاب السياسية، النقابات، الصحافة، وكان ذلك بداية هجوم شامل هدفه تجريد الشعب من أدواته الرئيسية في الصراع لإنجاز مهام الثورة الوطنية الديموقراطية. ٣ صدر أول بيان للحزب الشيوعي بتاريخ: 18 نوفمبر 1958 بعنوان " ١٧ نوفمبر انقلاب رجعي" دعا لمقاومة الانقلاب العسكري واسقاطه واستعادة الديمقراطية، بعد ذلك استمرت مقاومة الشعب السوداني للانقلاب والتي وثقها كتاب “ثورة شعب” (إصدار الحزب الشيوعي 1965م) توثيقاً جيّداً عن طريق: البيانات والعرائض والمذكرات والإضرابات والمواكب والاعتصامات، والصمود الباسل للمعتقلين في السجون والمنافي وأمام المحاكم وفي غرف التعذيب، والإعدام رميا بالرصاص. تابع الكتاب نضالات العمال والمزارعين والطلاب والمثقفين والمرأة السودانية ومقاومة الشعب النوبي ضد إغراق حلفا وتدمير ثقافة القومية النوبية وإرثها التاريخي العظيم، وتنصل الحكومة من الوطن البديل بجنوب الخرطوم. ونضال جبهة أحزاب المعارضة، وحرب الجنوب التي تفاقمت، ودفاعات المناضلين أمام المحاكم، كما وضح موقف الحزب الشيوعي من المجلس المركزي وانتخابات المجالس المحلية، واستمر النضال حتي إعلان الحزب الشيوعي لشعار الإضراب السياسي العام في أغسطس 1961 ، وتواصلت المقاومة حتي انفجار ثورة أكتوبر 1964، وإعلان الإضراب السياسي العام والعصيان المدني حتي تمت الإطاحة بديكتاتورية عبود استعادة الديمقراطية التي تمّ اجهاضها بمصادرة الأحزاب التقليدية للنشاط القانوني للحزب الشيوعي وحله مما قاد لأزمة دستورية في البلاد كان من نتائجها انقلاب 25 مايو 1969. ٤ في الذكرى ٦٧ لانقلاب ١٧ نوفمبر ' لتتحد جماهير شعبنا من أجل تحقيق الهدنة وتوصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين' وقف الحرب واستعادة مسار الثورة' وخروج العسكر والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد' وقيام الحكم المدني الديمقراطي' وعدم الإفلات من العقاب' ووقف الابادة الجماعية في دارفور وبقية المناطق، وتسليم البشير وأحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين ومن معهم للمحكمة الجنائية الدولية بعد إدانة على كوشيب والتمسك بوحدة البلاد شعبا وارضا، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وإجازة القانون الديمقراطي للنقابات علي أساس الفئة، والترتيبات الأمنية لحل الدعم السريع ومليشيات “الكيزان” وجيوش الحركات، وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية وتحسين الأوضاع المعيشية، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي وتقوية موقف الجنية السوداني، وتعزيز السيادة الوطنية، وقيام علاقات خارجية مستقلة ومتوازنة مع كل دول العالم. وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية للتوافق علي نظام الحكم والدستور الديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي لضمان انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة