يلاحظ في هذه الأيام إن مخاطبات معظم السياسين تكاد كلها تدور حول الرهن السياسي كعنوان للندوات التي يخاطبون فيها الجماهير ، رغم ان الراهن السياسي الذي يتحدثون عنه معلوم للجماهير ، فمنذ الإنقلاب في أكتوبر إنقسمت البلاد إلي أربعة معسكرات : معسكر الإنقلابيين وجماعة إتفاق جوبا ومعهم الإنقاذ بكامل جوقتها من أحزاب الفكة ، معسكر قحت ، معسكر لجان المقاومة ، معسكر الحزب الشيوعي . الأطروحات التي يتحدث عنها كل فريق معروفة ، والمواقف لكل مجموعة معروفة و المبادرات المضروبة التي تسعى لشرعنة الإنقلاب معروفة ، ومعروف من يقف وراءها ، الإنهيار الإقتصادي معاش ومعروف للكل ، أنين الشعب من قسوة الحياة مسموع في أرجاء الوطن ، الشلل الذي أصاب البلاد يحسه كل من يمشي على هذه الأرض ، و ما يكتب في وسائل التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام والصحف والأحاديث في القنوات الفضائية لا يخرج عن هذا الإطار. الراهن السياسي معلوم للكل ، إذن لماذا الإصرار علي الدوران حول أنفسنا ، قد يقول قائل لأننا في أزمة وطبيعي أن ينصب الحديث عنها وأن تكون هي الموضوع الشاغل للكل ، لكن لماذا يكون كل ما نفكر فيه لا يتعدي ما هو تحت أقدامنا ؟ أليست هناك موضوعات تنقلنا للمستقبل بدلا من أن نغرق في وحل الراهن ؟ هل السبب هو فقرالأفكارعندنا أم غياب للرؤى والفكر في تعاطينا السياسي أم ماذا ؟ هل هذا تأكيد لمقولة " الكلام في السياسة كلام للإستهلاك ، وإن ما يكتب في الصجف كلام جرايد ؟ لماذا لا يتحدث هؤلاء السياسيين والكتاب في الصحف ومن تستضيفهم القنوات عن الديموقراطية التي أصبحت أمنية عزيرة للناس وبيان مستحقاتها ، والحقوق المترتبة عليها ، ومسئوليتنا كأفراد ومجتمع وتنظيمات سياسية عن إستدامتها ، لماذا لا يتحدثون عن المجتمع المدني وواجباته ، ودور منظمات المجتمع المدني في تأهيل المجتمع ليقوم بدوره في عملية التحول الديموقراطي ؟ لماذا لا يتحدثون عن خطاب الكراهية وأسباب إنتشاره الذي تغذيه المنافسة غير الرشيدة بين فئات المجتمع والتي ينشط فيها الإنتهازيين وعاطلي القدرات في بحثهم عن المناصب ، لماذا لا يتحدثون عن الإنتماء الوطني في هذا الوقت العصيب ، لماذا لا يتحدثون عن تعليم الناس تدابير تقوي صمودهم وتبعد عنهم اليأس والإحباط ؟ لماذا لا يتحدثون عن ردم الهوة بين جيل الكبار وجيل الأبناء ؟ لماذا لا يتحدثون عن أهمية إحترام رأي الآخر ؟ لماذا لا يتحدثون عن أهمية تبني خطاب سياسي جديد في هذه المرحلة يؤسس للمراحل القادمة ؟ لماذا لا يتحدثون عن أسباب نهضة المجتمعات التي يؤسس لها العمل الجاد والفكر المستند على العلم ، وكليهما أصبحا في عهد الإنقاذ مجرد لافتات ، فالعلم أصبح مجرد القاب للوجاهة الإجتماعية والحصول على منصب لا يستحقه صاحبه ، والعمل إنعدمت فيه المهنية والإحترافية . القائد والمسئول إذا لم يكن لديه أفكار للمستقبل فإنه لم ولن يغير شيئا ، والشعب إذا لم يقًدر العمل كقيمة لم ولن يكون له مكان بين الأمم . وبما أن الشيء بالشيء يذكر فإن الورشة حول الإطار الدستوري الإنتقالي التي نظمتها اللجنة التسييرية لنقابة المحامين في الثامن من أغسطس 2022 تعبر تماما عن هذه الرؤية المطروحة في هذه السطور أيها الناس أفتحوا نوافذ جديدة ليدخل منها هواء نقي نطرد به الهواء الفاسد الذي نتنفسه لعل وعسى يصرفنا عن ما نحن فيه من تيه .
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق August, 11 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة