التنمية البشرية مقابل الليبرالية الجديدة: نحو فكر تنموي للثورة السودانية بقلم:د. عباس عبد الكريم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 01:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-14-2020, 01:02 AM

عباس عبد الكريم
<aعباس عبد الكريم
تاريخ التسجيل: 09-27-2020
مجموع المشاركات: 24

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
التنمية البشرية مقابل الليبرالية الجديدة: نحو فكر تنموي للثورة السودانية بقلم:د. عباس عبد الكريم

    01:02 AM October, 13 2020

    سودانيز اون لاين
    عباس عبد الكريم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر






    المقدمة

    لا يعمل الاقتصاد على دراسة عالم الماديات، حيث يعمل الواقع الاجتماعي الذي يدرسه الاقتصاديون وفقًا لقواعد مختلفة عبر الزمان والمكان. قراءة الواقع زمانا ومكانا والعمل على تغييره يستند دوما على فكر يمثل رؤى ومصالح فئات اجتماعية بعينها.

    إن كل ما يسمى بالعلوم الاجتماعية والنظريات العريضة المنبثقة عنها تنطلق من فكر وايدلوجية معينة حتى ولو لم يتم تسميتها. فلا يوجد مجتمع تتطابق فيه مصالح كل الفئات ، بل كان الوضع منذ بدء التاريخ البشرى عكس ذلك تماماً.

    ما بعد تكوين حكومة الفترة الانتقالية ، طرح وزير المالية والتخطيط الاقتصادي عند تقديم ميزانية 2020 اطارا عاما لإجراءات اقتصادية تسعى لتأسيس نظاما قائما على الاقتصاد الليبرالي الجديد ) النيو ليبرالي ( إن استقرار/توطيد الاقتصاد الكلى كمبدأ ليس قائما على النهج الليبرالي الجديد ، ولكن الاجراءات التعسفية الموضوعة لإحداثه كانت تمهد لسياسة اقتصادية لتنفيذ هذا النهج.

    ولم يتغير الوضع بعد التغيير الوزاري ، حيث اتضح تماما بان الليبرالية الجديدة هي خيار الحكومة الانتقالية وان كانت توارى هذا الخيار.

    تم تقديم كثير من النقد من مختلف المنظمات السياسية والمهنية والاجتماعية ومن الافراد للإجراءات الاقتصادية المقترحة ، وكذلك تم ضع قوائم بسياسات واجراءات بديلة.

    ولكن لم يستند هذا النقد في مجمله او اغلبه على مواجهة الركائز الرئيسية للنهج التنموي الليبرالي الجديد بنهج تنموي متسق يستند على فكر أنساني راسخ. في هذا المقال يتم طرح نهج التنمية البشرية كنهج تنموي لقوى الثورة السودانية. وفى حقيقة الامر ان ما طرح من سياسات وتدابير اقتصادية بديلة من القوى الثورية ، على نحو مكتوب او على نحو شعارات ومطالب، يتسق تماما مع نهج التنمية البشرية ، دون ان يتم تسميته بذلك.

    هذا المقال يسعى الى التعرف على نحو أكثر تفصيلا على الركائز الرئيسية لليبرالية الجديدة وبنظرية التحديث (Modernisation)التي مهدت لها ، وبنهج التنمية البشرية ومقارنته مع النهج الليبرالي الجديد، وفى القسم الاخير يتم تناول موضوع الدولة التنموية كفاعل أساسي في التنمية البشرية.

    التحديث: جذور نظرية التنمية الليبرالية الجديدة

    - يفترض دعاة نظرية التحديث أن البلدان الأقل تطورا اقتصاديا تعتبر تقليدية بينما الدول الغربية حديثة. وعلى الدول التقليدية، إن أرادت أن تتطور، أن تتبنى القيم الرأسمالية الديمقراطية الليبرالية التي كانت حجر الزاوية في التحديث الغربي.

    - يطرح أنصار التحديث التنمية على أنها عملية تطورية قياسية تفضي إلى تحول المجتمع بالكامل. وهناك اتفاق عام بين معتنقي هذه النظرية على أن تحديد المتغيرات المواتية للتقدم الاجتماعي والاقتصادي ، ثم تطبيق هذه المتغيرات، من شأنها تمكين الدول "التقليدية" من تحقيق الحداثة، وذلك من خلال إدخال قوى مادية مثل رأس المال والاستثمار من الغرب، وقبول المؤسسات الغربية مثل النظم الديمقراطية، وتصدير السلع المصنعة إلى الغرب. يقول روستو(Rostow)، أحد منظري التحديث الرواد، بأن النمو الاقتصادي يتسارع في البلدان الأقل تطورا اقتصاديا من خلال عمليات التصنيع ، بحيث تتطور في ظل الاقتصادات الأكثر تقدمًا حتى تصبح قادرة على النمو الاقتصادي اعتمادا على ذاتها.

    - يرى منظرو التحديث أن التحديث عملية تطورية طويلة لا رجعة فيها ومعقدة. وقد كانت النظرية شائعة في الخمسينيات لكنها تعرضت لهجوم شديد في نهاية الستينيات. ويرى منتقدوها أنها محاولة لتوجيه أو حتى إجبار الدول الأقل نموا على اتباع خطوات النمو في الولايات المتحدة وأوروبا، في حين تمكنت العديد من البلدان من التحديث ، أو هي في طريقها إلى تحقيق ذلك من خلال طرق اقتصادية واجتماعية وسياسية مختلفة.

    الفرق بين الليبرالية والليبرالية الجديدة

    الليبرالية هي الإيديولوجية السياسية المتزامنة مع الظهور التاريخي لرأسمالية "السوق الحرة" والديمقراطية التمثيلية على النمط الغربي. تدافع الليبرالية عن سياسة اقتصادية تسمى “سياسة عدم التدخل “Laissez faire” (تعني بالفرنسية دعه يعمل لوحده) ويعتقد منظروها بأن الاقتصادات والشركات تعمل بشكل أفضل عندما لا يكون هناك تدخل من الحكومة. وتعد سياسة عدم التدخل من المبادئ الأساسية للرأسمالية واقتصاد السوق الحر.

    - أما الليبرالية الجديدة فإنها عبارة عن نظام ليبرالي يدعو إلى دولة قوية ونشطة من شأنها إحداث إصلاحات شبيهة بالسوق في كل جانب من جوانب الاقتصاد والمجتمع. ولا يجب إساءة تفسير معنى الدور القوي والنشط، ذلك أن النيو ليبرالية هي نموذج سياسي يسعى إلى نقل السيطرة على العوامل الاقتصادية إلى القطاع الخاص من القطاع العام. فهي تميل إذن نحو رأسمالية السوق الحرة وبعيدًا عن الإنفاق الحكومي والتنظيم والملكية العامة. يُنظر إلى الدولة القوية على أنها دولة ذات قدرة على تعزيز مبادئ السوق والمنافسة بنشاط، دولة يمكنها ، من بين أمور أخرى ، تفكيك القطاع العام وخصخصة الأنشطة الاقتصادية والخدمات الاجتماعية ، وخفض الإنفاق الحكومي.

    الليبرالية الجديدة كنهج للتنمية

    أصبحت الليبرالية الجديدة النهج الرسمي للتنمية بعد الاتفاق بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في عام 1989 على أن سياسات الليبرالية الجديدة هي أفضل مسار للتنمية (يشار إلى ذلك باسم "إجماع واشنطن").

    - يعتقد أنصار الليبرالية الجديدة أن الحكومات تنحو نحو إعاقة التنمية، ويتعين على البلدان النامية إزالة العوائق التي تحول دون رأسمالية السوق الحرة والسماح للرأسمالية بإحداث التنمية. وبالتالي، فإن حجر الزاوية في السياسة الاقتصادية هو التخلص من السياسات والمؤسسات الحكومية التي يُنظر إليها على أنها تحد من حركة السوق الحرة، ذلك أن السوق إن أتيحت له حرية العمل، سوف يدر ثروة تتدفق إلى الجميع. ويتمثل الدور الاقتصادي الرئيسي للحكومة في تعزيز بيئة صديقة للأعمال تشجع الشركات على الاستثمار والإنتاج والتصدير في إطار التجارة الحرة. ويعد تشجيع التجارة "الحرة" والاستثمار الأجنبي (فتح السوق) استراتيجية مركزية للتنمية بالنسبة لليبرالية الجديدة.

    - لتحقيق النمو الاقتصادي ، يؤكد نهج الليبرالية الجديدة للتنمية، أنه يتعين على الحكومة اتباع ثلاث سياسات رئيسية: 1 – رفع القيود وعدم التدخل ، 2 - زيادة الخصخصة ، و 3 - تخفيض الضرائب.

    1-رفع القيود يشمل إزالة التشريعات والقوانين الحكومية التي تعيق المنافسة ، والتي تعتبر القوة الدافعة وراء الكفاءة. والهدف النهائي من ذلك هو إيقاف أو تخفيف التدخل الحكومي في الأسواق أو المجالات الأخرى من خلال اللوائح التنظيمية، حيث يمكن لـ "اليد الخفية" للسوق وحدها أن تخلق التوازن المطلوب في السوق.

    يعتبر انفتاح السوق على التجارة الحرة وحركة رأس المال جزءا من سياسة رفع القيود.

    2-زيادة الخصخصة كسياسة تقوم على مبدأ "قطاع خاص أكثر، وقطاع حكومي أقل". ذلك أن القطاع الخاص، لو أتيحت له الفرصة عن طريق الحوافز الصحيحة ،سوف يفعل كل شيء بشكل أفضل.

    نتيجة لتأثير الحركات الاشتراكية والديمقراطية الاجتماعية في الغرب ، احتل القطاع العام جزءا كبيرًا من الاقتصاد في العديد من البلدان. من ناحية أخرى ، كان القطاع الخاص ضعيفًا في معظم البلدان الأقل تطورا من الناحية الاقتصادية عند نهاية الاستعمار. وسواء كان ذلك باختيار أيديولوجي أم خلافه، فقد تمدد حجم القطاع العام بشكل كبير في تلك البلدان. ولا شك أن هذه الظاهرة متناقضة تماما مع رؤية الليبرالية الجديدة حول أفضل الطرق للنمو الاقتصادي، فالسيناريو المثالي هو اقتصاد لا يكون فيه للدولة أي نصيب أو القدر القليل على أكثر تقدير.

    3- من شأن تخفيض الضرائب أن يحقق هدفين لسياسة الليبرالية الجديدة: يساعد انخفاض الإيرادات الحكومية على خفض ثم إنهاء الأنشطة الاقتصادية الحكومية التي تنطوي على حقوق الملكية وعلى الإنفاق الحكومي، في حين يساعد تخفيض الضرائب ، وخاصة على أرباح الأعمال ، الشركات على زيادة الاستثمارات.

    - ومن الناحية العملية، يتم اقتراح هذه السياسات ، أو إملاءها ، على البلدان المختلفة بتفاوت في درجة التركيز أو ترتيب الخطوات المتخذة.

    - تجدر الإشارة إلى أنه نتيجة لتأثير التنمية البشرية (بشكل رئيسي) وغيرها من المقاربات لتحديات التنمية في العالم، فقد انتهجت الليبرالية الجديدة نهجا في التنمية يدعو إلى التخفيف من حدة الفقر كمسعى إضافي على سياساتها. سيتم شرح ذلك أدناه عند المقارنة بين الليبرالية الجديدة والتنمية البشرية.

    نقد الليبرالية الجديدة

    يتركز انتقاد الليبرالية الجديدة على وضعها النظري / الأيديولوجي، وعلى وصفات سياستها الاقتصادية. ويتم الكشف عن بعض نقاط ضعفها الأخرى في القسم الذي يتناول مقارنتها بمنهج التنمية البشرية. هنا يمكننا إبداء الملاحظات التالية:

    - الليبرالية الجديدة ، كما نؤكد هنا ، ليست سوى نسخة أكثر دقة وتفصيلاً لنهج التحديث. كلاهما مبني على ذات الأساس الأيديولوجي: تفوق الرأسمالية الغربية، لكنهما لا يصوران نفسيهما على هذا النحو. قال البروفيسور رودريك، من جامعة هارفارد: "إن الفهم الصحيح لاقتصاد الليبرالية الجديدة سوف يمكننا من تحديد - ورفض - الأيديولوجية عندما تبدو متنكرة في شكل علم اقتصادي".

    - يعتبر كل من نهجي التحديث والليبرالية الجديدة، أن الرأسمالية الغربية هي الطريق الوحيد لتحسين الأداء الاقتصادي. وفي حين يتطلب التحديث من البلدان الأقل تطورا، محاكاة المسار الرأسمالي الغربي بشكل عام ، فإن الليبرالية الجديدة تدعوها لاتباع خطوات بعض التجارب الغربية. (من الملاحظ أنه في الثمانينيات ، على عكس الخمسينات ، ظهرت طرق مختلفة للرأسمالية).

    -ليس هناك ثمة اعتراض على الأسواق وريادة الأعمال الخاصة والحوافز، ولكن ينصب الاعتراض على النموذج / الوصفة الوحيدة المطروحة من الليبرالية الجديدة. حيث يمكن إنتاج مستويات مماثلة من الثروة والنمو والإنتاجية في ظل نماذج رأسمالية مختلفة للغاية. لقد اختارت الصين ترتيبات مؤسسية غير مألوفة: قطاع عام ضخم يتمتع بحماية من المنافسة العالمية، مناطق اقتصادية خاصة حيث يمكن للشركات الأجنبية ممارسة أعمالها بقواعد تختلف عن بقية الاقتصاد ، مشاريع في المدن والأرياف اشتهرت بنوع فريد من الملكية والحوكمة، ولعبت في وقت سابق دورا هاما في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للصين.

    - ليست الصين وحدها التي اتبعت طريقًا مختلفًا نحو الرأسمالية ، ففي الغرب نفسه هناك اختلافات كبيرة في الهيكل المؤسسي الذي يوجه التنمية الاقتصادية الرأسمالية. تساءل الاقتصادي المذكور أعلاه: "ما هي المؤسسات الغربية أساسا؟ يختلف حجم القطاع العام في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، من ثلث إجمالي الاقتصاد في كوريا إلى ما يقرب من 60% في فنلندا. وفي أيسلندا، ينضوي 86% من العمال في عضوية إحدى النقابات العمالية، بينما لا يتعدى العدد المقابل في سويسرا 16%. أما في الولايات المتحدة ، فيمكن للشركات طرد العمال من الخدمة متى شاءت. وفي فرنسا، تتطلب قوانين العمل من أصحاب العمل تخطي العديد من الحواجز أولاً قبل اتخاذ أي قرار".

    نختتم هذا القسم بالاقتباس التالي:

    "الليبرالية الجديدة وطرق معالجاتها المعتادة تتمثل دائمًا في المزيد من الأسواق، أقل قدر من التدخل الحكومي، تمثل في الواقع انحرافًا عن مسار الاقتصاد السائد. يدرك الاقتصاديون المجودون أن الإجابة الصحيحة على أي سؤال في الاقتصاد هي: "يعتمد ذلك على….".

    التنمية البشرية

    تم تطوير نهج التنمية البشرية كرد فعل على التركيز الأحادي لصانعي سياسات التنمية (الذين جاؤوا من مدارس مختلفة للاقتصاد الكلاسيكي الجديد)،على النمو والاستقرار الاقتصادي. كما جاء التطوير كرد فعل أيضا على العلل الاجتماعية الناتجة عن تلك النظرة، والتي تضمنت عدم مساواة مفرطة ، ومستويات عالية من الفقر والبطالة ، وتدني مستويات التعليم والخدمات الصحية. وقد كان المؤشر الوحيد للدخل كمقياس للنمو الاقتصادي والتنمية مصدر انتقاد منذ فترة طويلة، ولكن لم يتم تطوير أي بديل حتى اصدار تقرير التنمية البشرية الأول في عام 1990 متضمنا نهج التنمية البشرية. تعنى التنمية البشرية بتوسيع ثراء الحياة البشرية ، بدلاً من مجرد ثراء الاقتصاد الذي يعيش عليه البشر. إنه ببساطة نهج يركز على الناس وفرصهم وخياراتهم.

    -البشر: تركز التنمية البشرية على تحسين حياة الناس بدلاً من الافتراض بأن النمو الاقتصادي سوف يفضي تلقائيًا إلى رفاهية أكبر للجميع. ويُنظر إلى نمو الدخل على أنه وسيلة للتنمية وليس غاية في حد ذاته.

    -الفرص: تهتم التنمية البشرية بمنح الناس المزيد من الحرية في حياتهم التي يقدرونها. في الواقع ، هذا يعني تطوير قدرات الناس ومنحهم فرص لاستخدام هذه القدرات.

    الاختيار: تعنى التنمية البشرية في الأساس، بتوسيع خيارات الناس، وبأن هذه الخيارات التي يتخذونها تخصهم وحدهم. يجب أن تهيئ عملية التنمية على الأقل، بيئة مواتية للبشر، بشكل فردي وجماعي، لتطوير طاقاتهم الكاملة وتوسيع خياراتهم.

    تتمثل الأسس الثلاثة للتنمية البشرية في أن تعيش حياة طويلة وصحية وإبداعية، أن تتمتع بالوعي والمعرفة، وأن تكون قادرا على الوصول إلى الموارد اللازمة لتحقيق مستوى معيشي لائق. ومتى ما تم تحقيق أساسيات التنمية البشرية، فمن شأن ذ لك فتح فرص للتقدم في جوانب أخرى من الحياة.

    -يقوم مؤشر التنمية البشرية على قياس التقدم في هذه الأسس الثلاثة للتنمية البشرية. ويتم قياس متوسط منجزات الدولة من حيث الصحة (محتسبة وفق متوسط العمر المتوقع عند الولادة)، والتعليم (متوسط عدد سنوات التعليم للبالغين في عمر 25 سنة فما فوق والعدد المتوقع لسنوات التعليم للأطفال) و الدخل (الدخل القومي الإجمالي للفرد). وتشمل أبعاد التنمية البشرية التي تتجاوز الأبعاد الأساسية، الحريات السياسية، التماسك المجتمعي، الحد من عدم المساواة، والعوامل البيئية، من بين أمور أخرى. ولا ترتبط هذه الأبعاد على نحو مباشر بمؤشر التنمية البشرية، فيمكن للبلدان أن تحقق أداءً جيدًا في مؤشر التنمية البشرية، وضعيفًا في الأبعاد الأخرى

    المقارنة بين الليبرالية الجديدة والتنمية البشرية

    تقتصر المقارنة على بعض العناصر الأساسية للنهجين.

    -يتمثل الهدف الرئيسي للتنمية البشرية في توسيع الخيارات البشرية من خلال توسع الفرص والقدرات البشرية. ولأن الإنسان هو محور الاهتمام الرئيسي، فإنه يمثل الغاية التي يتم توجيه التحليل والسياسات نحوها.

    - على النقيض من ذلك ، فإن الهدف من التحليل الليبرالي الجديد هو تعظيم الرفاهية الاقتصادية (مستوى الرخاء، المنفعة من السلع والخدمات المادية). وينصب تركيز الاهتمام بالتحليل والسياسات على الأسواق وأنشطتها - وبالتالي على وسائل التنمية وليس على غاياتها.

    - يتمثل المبدأ الاسترشادي للنهج الليبرالي الجديد في الكفاءة، بينما الإنصاف هو المبدأ الاسترشادي للتنمية البشرية .

    - تظل هذه الاختلافات واضحة بين النهجين من خلال المؤشرات المستخدمة لقياس الأهداف والمنجزات. ينطوي نهج التنمية البشرية على مؤشرات متعددة الأبعاد. فمؤشر التنمية البشرية (HDI) مؤشر مركب يجمع الناتج المحلي الإجمالي (الذي يستخدم مقياسا للدخل / الناتج الوطني في بلد معين) للفرد، والإنجازات الصحية والتعليمية. ويستخدم مؤشر الفقر البشري (HPI) لقياس تعذر الاستفادة من القدرات البشرية المركزية الثلاثة وهي الدخل اللائق، الصحة، والمعرفة. ويعنى مؤشر التنمية الجنسانية (GDI) كرصد التفرقة بين الجنسين في القدرات البشرية المركزية.

    -تحت نهج الليبرالية الجديدة ،يشكل الناتج القومي الإجمالي (الناتج القومي الإجمالي = الناتج المحلي الإجمالي + صافي دخل الملكية من الخارج)، ومعدل نمو الناتج القومي الإجمالي، المؤشرات الأساسية للنجاح. وإلى جانب ذلك يستخدم معدل التضخم ومؤشرات التوازن الاقتصادي المختلفة، مثل ميزان المدفوعات وفائض أو عجز الإنفاق العام. ونجد أن هذا النهج لا يتطرق إلى الأهداف التي تقود إليها هذه المؤشرات. قد يعالج الزيادة في الدخل، لكنه لا يأخذ في الاعتبار ما يجلبه هذا الدخل في الواقع لحياة الناس وما إذا كانوا يتمتعون بظروف معيشية أفضل أم لا.

    - بالنسبة لنهج التنمية البشرية، يجب أن يكون النمو الاقتصادي محابيا للناس، محابيا للفقراء، من أجل توسيع الخيارات والفرص للجميع ، وخاصة للفقراء. وفي المقابل، تفترض الليبرالية الجديدة أن النمو سوف يتدفق تلقائيا إلى الجميع.

    -يضع منهج التنمية البشرية، التعليم والصحة على درجة كبيرة من الأهمية، إذ أنهما يشكلان أساسيات التنمية البشرية لتحقيق التمكين وحقوق الإنسان، في حين تعتبر الليبرالية الجديدة الاستثمار في التعليم والصحة مهمًا عندما تشير معدلات العائد إلى أنه استثمار جيد في رأس المال البشري.

    -بينما تدعو الليبرالية الجديدة إلى تخفيض الميزانيات الوطنية (من أجل تدخل حكومي أقل)، فإن نهج التنمية البشرية تشجع إعادة هيكلة الميزانيات لتوسيع الفرص والخيارات.

    - احتل التخفيف من وطأة الفقر دورًا بارزًا في جدول أعمال التنمية العالمية منذ إعلان الألفية في عام 2000 ، والذي تعزز بإعلان أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 في 2015. وتعتبر استراتيجية مكافحة الفقر عند اللبرالية الجديدة، إضافة لاحقة لسياسة التنمية، حيث يتم اعتبارها كضمانة للنمو الاقتصادي (وبالتالي يمكن وصفها باستراتيجية الفقر الموجهة نحو النمو(. أما بالنسبة إلى التنمية البشرية ، فهي استراتيجية موجهة نحو تحقيق هدف وهو تمكين الفقراء اقتصاديًا واجتماعيًا، وتسريع عملية النمو لصالحهم ، وضمان وصولهم إلى الأصول والخدمات الاجتماعية المناسبة، والسعي لتحقيق المساواة بين الجنسين.

    الدولة التنموية والتنمية البشرية

    تؤكد النظرية الاقتصادية لليبرالية الجديدة، أنه يتعين على البلدان النامية إزالة العقبات التي تعترض رأسمالية السوق الحرة والسماح للرأسمالية (بمعنى القطاع الخاص وحده) بإحداث التنمية. ووفقًا لليبرالية الجديدة، فإن السياسة الاقتصادية في جوهرها هي التخلص من السياسات والمؤسسات الحكومية التي يُنظر إليها على أنها تقييد للسوق الحر، على أن يتمثل الدور الاقتصادي الرئيسي للحكومة في تعزيز بيئة صديقة للأعمال التجارية التي تشجع الشركات على الاستثمار والإنتاج والتصدير في ظل بيئة التجارة الحرة .
    لا شك أن هذه الطريقة تختلف كليا عن التي تطورت بها الدول الغربية الصناعية الكبرى والدول الصناعية الحديثة في شرق آسيا وأماكن أخرى.
    -في مرحلة مبكرة من تطورها، تبنت الدول الغربية الصناعية سياسات تدخلية (باستخدام الرسوم الجمركية ودعم السلع والخدمات غيرها من التدابير الحمائية) وذلك لتعزيز تطورها الصناعي والتجاري والتكنولوجي.
    -كان لدور الدولة باعتبارها عاملا مهما في عملية التنمية ووضع الحلول لفشل السوق وندرة رأس المال، مكانًا بارزًا في تجارب التصنيع في اليابان، وتلتها "نمور شرق آسيا" (كوريا الجنوبية، هونغ كونغ، تايوان وسنغافورة ، ثم البلدان الصناعية الأخرى ، مثل الأرجنتين، البرازيل، ماليزيا، تايلاند، إندونيسيا والصين. صاغ تشالمرز جونسون (Chalmers Johnson) مفهوم الدولة التنموية لأول مرة في عام 1982 في إشارة إلى صعود اليابان إلى قوة صناعية، ثم تم استخدامه لوصف دور الدولة في التحول الصناعي الناجح.
    -وقد استخدمت كل دولة نسختها الخاصة من الدولة التنموية من حيث جمع وتسلسل وتغيير السياسات بمرور الوقت، لكنها تدخلت جميعًا في الأسواق من أجل توجيه التنمية الاقتصادية وتعزيز العلاقات بين الحكومة والرأسماليين المحليين. قدمت الحكومات حوافز لإقناع الرأسماليين المحليين بالاستثمار في القطاعات المستهدفة.
    -لا تعتمد الأنظمة التنموية في إفريقيا (مثل إثيوبيا ورواندا) على تجربة شرق آسيا، لكنها تتبع مسارات التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تقودها الدولة.
    نشير إلى أن مفهوم الدولة التنموية مسألة جوهرية في نهج التنمية البشرية.
    -يؤكد إيفانز وهيلر في دليل أكسفورد لتحول الدولة، على أهمية توسيع القدرة (والتي يعنون بها المزيد من السكان الأكثر تثقيفًا والأطول عمرا) في إنشاء أساس القدرة التنافسية الاقتصادية في بلدان نمور شرق آسيا والصين، منذ المراحل الأولى، والدور المهم للدولة في تنظيم العلاقة بين الاقتصاد الرأسمالي وتعزيز القدرات في هذه البلدان.
    -لا توفر الأسواق وحدها الخدمات الكافية في الوقت المناسب (مثل التعليم والصحة)، ومن هنا تأتي أهمية دور الدولة في ضمان ترجمة النمو الاقتصادي إلى توسع في القدرات (من خلال استثمارات الدولة)، ذلك أن توسع القدرات يعني المزيد من النمو الاقتصادي .
    -يركز نهج التنمية البشرية على تحسين حياة الناس من خلال سياسات تدخلية بدلاً من افتراض أن النمو الاقتصادي سيؤدي تلقائيًا إلى المزيد من الرفاهية للجميع. يقول فيلدمان مع آخرين أن " الحكومة هي الكيان الوحيد في الاقتصاد الذي يملك تفويضا لتعزيز الرفاهية والازدهار، كما لديها طريقة فريدة في الوصول إلى الآليات التي تحافظ على الاقتصاد في مساره الصحيح. " علاوة على ذلك، تتمثل وظيفة الاستثمار الحكومي في "تحسين نوعية الحياة وتحقيق الرفاهية من خلال تعزيز القدرات (القدرات على الإنجاز)، والتأكد من أن الوكلاء (الأفراد والمجتمعات) لديهم الحرية في تحقيق إمكاناتهم كأعضاء منتجين في المجتمع. "
    -المساواة والإنصاف أمران أساسيان في نهج التنمية البشرية . في مدونة، لتقديم كتابهم "النهوض بالتنمية البشرية: النظرية والتطبيق"، يسجل ستيوارت وسمان تحديا خاصا في السياسة العامة وهو "الحد من عدم المساواة، والذي يعتبر أمرا شائعا في معظم أنحاء العالم. ويمكن أن يتسبب ذلك في تقويض التماسك المجتمعي (يؤدي في بعض الأحيان إلى صراع عنيف)، ويبطئ الحد من الفقر ويضعف استدامة النمو الاقتصادي. ومع ذلك ، تميل السياسات الحالية إلى زيادة عدم المساواة بدلاً من الحد منه .
    -يشير رانيس) والذي ساهم في تقارير التنمية البشرية منذ البداية في عام (1990 إلى أن تدخل الدولة من خلال السياسة والتمويل، ضروري من أجل رفع البلدان من فخ تدني مستوى التنمية البشرية المؤدي للفقر. يستهدف الاستثمار الحكومي الفقراء عن طريق تهيئة الظروف لهم ليصبحوا أكثر قدرة على المنافسة، مما يؤدي إلى النمو الاقتصادي .من المتوقع أيضًا أن يؤدي النمو الاقتصادي إلى تعظيم عائد التنمية البشرية. ولكن من الممكن تحقيق معدلات عالية للنمو الاقتصادي دون معدلات عالية مقابلة في مؤشرات التنمية البشرية . يحدث هذا عندما يؤدي النمو إلى التوزيع غير العادل للدخل، وانخفاض الإنفاق الاجتماعي، وارتفاع مستوى الفساد، و /أو ارتفاع الإنفاق العسكري .تظهر الدراسات التجريبية أن البلدان التي لم تتمكن من تحويل النمو الاقتصادي إلى تحسن في مؤشرات التنمية البشرية، لم تنجح في الحفاظ على نموها الاقتصادي.
    حاشية: من هو العدو الاقتصادي الاجتماعي للثورة؟

    قال اقتصادي أسترالي في عام 2015: "الليبرالية الجديدة تضع الأسواق والشركات قبل المجتمع والمصلحة العامة. هذا هو السبب في أنه بعد 23 عامًا متتالية من النمو الاقتصادي، هناك شعور واسع الانتشار بأن الاقتصاد يعمل من أجل عدد قليل من المحظوظين على حساب الكثرة الغالبة.”

    كثير من النقد في مقابل توجهات الحكومة الاقتصادية ينصب في تحميل وزرها لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. بالطبع الوصفة التنموية التي تقدمها هاتان المنظمتان (ومنظمات اخرى) تستند على الليبرالية الجديدة. ولكن ليست هذه المنظمات هي العدو الاجتماعي لقوى الثورة السودانية ، فهي تأتى بالدعوة ، ولا تفرض وجودها. وكل الازمات المتسببة في دعوتها من قبل بعض الدول منشأها اخفاقات وفساد المجموعات الاجتماعية التي في يدها السلطة. عدم التعرف على المكون الاقتصادي الاجتماعي للعدو الحقيقي للتوجه التنموي الثوري لن يسهم في مواجهته ودحره سياسيا. وهذا العدو يوجد في داخل حدودنا الاجتماعية ، حتى ولو استند على دعم خارجي.

    · لم يتبع هذا المقال الكتابة على الطريقة الأكاديمية الصارمة، حيث أخذ الكاتب الحرية لاستخدام عدة مصادر دون الإشارة إليها.

    [email protected]; http://http://www.abbasconsult.comwww.abbasconsult.com























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de