التخفي وراء كلمة {الرائعون} وفن اتقان الكراهية المهذبة في خطاب عبد الرحمن عمسيب كتبه الصادق حمدين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 11-03-2025, 07:59 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-02-2025, 05:24 AM

الصادق حمدين
<aالصادق حمدين
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 50

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
التخفي وراء كلمة {الرائعون} وفن اتقان الكراهية المهذبة في خطاب عبد الرحمن عمسيب كتبه الصادق حمدين

    06:24 AM November, 02 2025

    سودانيز اون لاين
    الصادق حمدين-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر





    مدخل تمهيدي؛

    عندما نتناول شخصية مثيرة للجدل في الفضاء الإسفيري، من الضروري أن نبدأ بسؤال تمهيدي استفهامي قد يبدو ساذجًا وبسيطًا، لكنه أساسي: من هذا الشخص أصلًا، وما حقيقته؟ شخصيًا، لا تهمني كثيرًا تفاصيله الفردية ولا سيرة حياته، بقدر ما يهمني موقعه داخل المنظمة أو المجموعة التي يمثلها: هل هو ممثل لحزب، تيار، جماعة؟ أم مجرد ناطق باسم "شلّة رقمية” تتوهم لنفسها وزنًا؟

    في حالة عمسيب، فإن أقرب توصيف يمكن إطلاقه عليه “في هذه المرحلة”، - إن لم أكن قد اخطأت التقدير في تقييمه - أنه زعيم “شلّة افتراضية”، أكثر من كونه صوتًا لتيار فعلي له تأثير على الأرض. ومع ذلك، ورغم أن بعض الأسماء باتت “معلومة بالضرورة” في الفضاء العام، فلا بد من إلقاء نظرة متأنية على خلفياتهم الفكرية وخطابهم، حتى نعرف كيف يصنعون الضجة من لا شيء، وكيف يبنون من “الوهم” وطنًا من ضجيج.

    لم أكن قد سمعت بـ عبد الرحمن عمسيب، قبل اندلاع الحرب اللعينة في السودان في 15 أبريل 2023، لكن اسمه بدأ يتردد بشكل متكرر، فتابعت بعض تسجيلاته المنتظمة. في تقييم أولي، بدا لي أنه يمتلك رؤية واضحة لمشروع سياسي - أعد له جيدا - ويراه صائبًا، مدعّمًا بخطاب يبرر له موقفه ويُضفي عليه شيئًا من الشرعية في نظره، وذلك حق لكل صاحب رأي حتى لو كان هذا الرأي فاسداً ومعطوباً.

    إلا أن ما لفت نظري، بل وأوقفني طويلًا، هي النزعة العنصرية ذات الطراز الساخر التي تخللت خطابه، وجاءت مصحوبة بأسلوب لا يخلو من فجاجة ووقاحة، وغضب نرجسي يتسم بالهشاشة النفسية، تضعه في قلب خطاب الكراهية أكثر من أي خطاب آخر.

    من هو عبد الرحمن عمسيب، ومن أين أتى؟ سؤال يُذكّرنا بتساؤل الأديب الراحل المقيم الطيب صالح: “من أين أتى هؤلاء”؟

    استناداً إلى ما هو معلوم وما تمليه طبيعة الأشياء، فإن عمسيب، مثل كثير من أبناء الشعب السوداني، نشأ في قلب المجتمع، واكتسب قيمه الظاهرة من احترام وتقاليد رفيعة وقيم عليا، لكنه في الوقت نفسه، استبطن بعض خفاياه الموروثة، خاصة تلك المتعلقة بالعنصرية المتجذّرة في سرديات العقل الجمعي "الأهلي".

    وبينما تجاوزت أمم كثيرة هذه النظرة الضيقة، ظلّ بعض الأفراد عالقين في ماضٍ مظلم، يمثّلون اليوم الوجه القبيح للعنصرية، وعبد الرحمن عمسيب من أبرز رموزهم بلا أدنى ظلال من شك، يجاهر بما اعتاد الناس أن يخفوه، وبعبارة أخرى ذات حروف مغايرة تحمل ذات المضمون، - وما يحسب لصالح عمسيب،- انه امتلك الجرأة "للجهر بالسر علنا".

    عندما تستمع إليه تجده يتكلم في كل شيء، وعن أي شيء، يتكلم فيما يعلم، ويخوض فيما يجهل، بما في ذلك الخطط الحربية، وحتى الخطط العسكرية له فيها دلواً، يتكلم عن علم الانساب وأصل القبائل، لا لتعزيز الهُوية والتراث، أو الدعوة للتعايش في سلام بينها، بل لتصنيفها بين من هم "رائعون"، تجب إبادتهم، ومن هم ليسوا كذلك، يجب أن يستنفروا للقيام بمهمة الإبادة.

    يتناول موضوع "الأقلية المبدعة" - قبائل النهر والبحر - ويقارن تجربتها بتجربة الشعب اليهودي عبر مختلف المراحل التاريخية، مبرزًا أهمية التمسك بالسلطة بوصفها الضامن الأساسي لاستمرار وجودها وحفاظها على كيانها من الانقراض. وهذا من حقه أن يدافع عن "حواضنه" بالضرورة.

    لكن سرعان ما يتبيّن لك أن خطابه قد تجاوز حدود التعبير عن الرأي، ليحمل في طيّاته ما هو أعمق، وأكثر إيذاءً وسمّية. واخطر ما في طرحه هو التخفي ما بين طيات اللغة وكثافتها واستعماله لكلمة "الرائعون" تلميحا ما يشبه التصريح. وكأنما الرجل ممسكاً بنصل من زيف اللغة، يقطع بها ما تبقّى من نسيج إنسانيتنا المشتركة شيئاً فشيئاً، وهو يبتسم وكأنه يقدم علاجاً يشفي جراح هذا الوطن الكئيب.

    لم يكن غريبًا أن يلوذ، عبد الرحمن عمسيب، بالكلمات، يختبئ خلفها كما يختبئ الجبناء خلف الأقنعة. يختار ألفاظًا براقة، يلمعها لتخفي قبح نواياه، كمن يزين السجن ليبدو قصراً، ويزين القيد ليبدو سواراً، فأصبحت منصة إطلاق سهامه الصدئة على قومٍ مُستضعَفين هي كلمة “الرائعين” لا إعجابًا بخصالهم، بل ازدراءً مقنّعًا وسخرية خفيّة، يواري بها في طيّات اللغة ما عجز عن التصريح والبوح به علنا.

    هكذا، غدت الكلمة التي تُقال في الظاهر مديحًا، جُرحًا مفتوحًا في الوجدان، يئنّ منها خزين الذاكرة المثقل بـ "مطامير" الألم وخيبات التاريخ، وتفضح به اللغةُ خيانة المتكلّم لنفسه ولمجتمعه. فاللسان، مهما تشدّق، لا يخدع التاريخ، ولا تُخفي التورية خبث القصد والتذاكي المفضوح.

    فكلمة “الرائعون”، رغم ظاهرها الذي يوحي بالإعجاب، إلا أن عبد الرحمن عمسيب، يستَخدمها كـ”شيفرة” مهذبة لاحتقار دفين قابع في ثنايا التاريخ، إحتقار لا يُقال بصوت مرتفع، بل يُلمّح به، يُهمَس في زوايا الكلام، حتى لا يُمسك على قائلها دليل صريح فينفض سامره.

    إن أخطر أشكال العنصرية ليست تلك التي تُعلن عن نفسها بلا مواربة، بل تلك التي تتسلّل في ثوب التحضّر، وتختبئ خلف عبارات مهذبة، تُستخدم بدهاء لتشويه الآخر دون إثارة جلبة. فعندما يُستبدل وصف “العبيد” بما يحمله من تاريخ موحش وثقل أخلاقي، وعار اجتماعي، بكلمة مثل “الرائعين”، فإن ذلك لا يُعدّ تلطيفًا للغة، بل محاولة ماكرة لإعادة تدوير الاحتقار، وتشويه الذاكرة الجمعية، وشرعنة الاستعلاء بلغة ناعمة.

    حين يستخدم عمسيب، هذه الحيل اللغوية المراوغة، لم تعد اللغة وسيلته للتقارب وردم هوه الجغرافيا والتاريخ بين أبناء الوطن الواحد، بل غدت سلاحًا بيده يُشهره في وجه من صنع منهم اعداءه المتخيلين. وهو عندما يمارس هذا التلاعب البلاغي لا يُخفي قبحًا داخليًا فحسب، بل يتخفّى خلف رقيّ مصطنع، فبعض تراكيبه اللغوية ليست بريئة كما تبدو، وبعض كلماته مهما لمعت قد تكون أظلم من الشتائم الصريحة.

    وبينما يبدو لفظ “الرائعين” مشبعًا بالإيجابية، إلا أنه في السياق "العمسيبي" الذي ورد فيه، بلا أدنى شك يكتسي بمسحة من التحقير والانتقاص من الآخر. ومع ذلك، فإن المنسوب إلى المدعو عمسيب لا يوجّه إلى شخص فرد أو إلى قبيلة بعينها، ولا إلى جماعة محددة، بل يشير إلى أقاليم بأكملها، تبدو بحجم دول، وهنا مكمن الخطر لو يدري.

    ولئلا يُقال إن في ذلك حكمًا على النوايا، فإن استخدام عمسيب لهذا اللفظ قد يُفهم منه القصد الحرفي، بما يحمله من مدلول إيجابي. ولا يجوز للآخرين تأويله على غير وجهه، أو تحميله ما لا دليل عليه، بما قد يفضي إلى تجريمه دون مسوّغ قانوني أو أخلاقي.

    لكن ما قد يغيب عن البعض هو أن المعاني لا تُستنبط من ظاهر الألفاظ وحدها، بل من السياقات التي تُقال فيها، ومن تراكمات التاريخ والثقافة والنية المضمرة خلف الكلمات. وفي هذا كله، تتجلى مسؤوليتنا في الإنصات لا لما يُقال فقط، بل لكيفية قوله، ولماذا قيل؟ وفي أي سياق لإقامة الحجة والدليل على قائله، ومن ثم محاكمته أمام محاكم الأخلاق والضمير وأمانة الكلمة.

    الصادق حمدين - هولندا
    [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de