يربط أركه صابر واقع اليوم البجاوي بتاريخ الأجداد في الحفاظ على وطنهم ومجتمعاتهم من خلال إلقائه الضوء على مواقف الآباء بغرض تذكير ثوار البجا بذلك التاريخ المشرق. كما أكد أن وحدة البجا كانت سر انتصاراتهم في حروبهم التاريخية ضد الإمبراطوريات العظمى في القرن التاسع عشر وما قبلها مما أسهم وبشكل كبير في حفاظهم على ارضهم ومكتسباتهم. من بين تلك التسجيلات الشفهيه لشعراء البجا الاوائل فقد تم تداول قصص أبطال البجا المعروفين الذين قاتلوا الزعيم العثماني في سواكن وحولها وكيف انهم تمكنو في انجاز كسر المربع الانجليزي. لطالما أن التاريخ يعيد نفسه وما زال ثوار البجا يتمسكون بارضهم ويسعون في إعادة اعمارها، كانت كلمات أركه صابر داعمة لتلك الرغبات وذلك بتثبيت الحقوق و الاستمرار في تذكير الشباب السوداني وخاصة ثوار البجا بالدفاع عن أرضهم ضد مخططات أولئك الذين كانوا هنا (في اشارة الى الامبراطوريات الغربية) من أجل ثرواتهم. فكانت مساهمة أركه بعدد من القصائد بلغة مليئة بالاعتزاز بما قام به الكبار والذي ثبت في التاريخ ودفع هذا الجيل للمضي قدما في السير على خطواتهم ومواصلة ثورتهم وترك إرث مماثل. نعتبرهذه القصائد ذات أهمية كبيرة لتوضيح عبقرية الشاعر في إيصال رسائل مهمة وواضحة لمجتمعه والانسانية جمعا. فمثلاً في قصيدته "أميركيي فرنساي" ، والتي تعني" أمريكا وفرنسا" ، قدم الشاعر الإمبراطوريات المعروفة والتي كان لها دور كبير في إفريقيا وكيف أن الاباء تمكنوا من مهاجمتها وإلحاق الأذى بها في عدة معارك في الجزء الشرقي من السودان. وأضاف أن مؤرخي وشعراء الأباطرة ذكروا مجد مقاتلي البجا في أدبهم في اشارة للشاعر الإنجليزي "روديارد كيبلينج" ، الذي وثق معارك وآفة مقاتل البجا في قصيدته (فيزي ويزي). "Amreekyay Frnsay"
بدأ أركه القصيدة بربط الماضي بالحاضر و بذكِر أمريكا كأكبر قوة في عالم اليوم إلى جانب فرنسا التي انتشرت في العديد من الدول الإفريقية ، وما نقله لهم الإنجليز عن ضراوة مقاتلي البجا. كان هدف الشاعر ربط اسم البجا بأعظم الإمبراطوريات التي عرفوها ، من أجل إعداد المستمعين لما سيتبع ذلك لعكس أهمية هذه الإمبراطوريات في حياتهم. وأوضح البيتان الثاني والثالث في أغنية "أميركيي فرنساي" والتي أراد فيها الشاعر تفصيل الخطط التنظيمية لجيش البجا بتقسيماتهم على شكل وحدات بهدف مهاجمة اي قوة و من عدة جهات كما فعل فرسان البجا في تكتيكات كسرهم للمربع الإنجليزي في سواكن. وأتبع ذلك بتعزيز الثوار بأنه سوف يصعب عليهم الدفاع عن انفسهم لاننا لسنا نباتًا طفيليًا ، بل قوة ضاربة لا يمكن الاستهانة بها. ويختتم أركه القصيدة بإظهاره لقوة رجال البجا ومعداتهم التي يمكن استخدامها لمهاجمة أي مدينة و من عدة جهات بينما تجاهلتها الحكومة القائمة. كان دائما يعبر وبكل كبرياء عن انتزاع حقهم وتبريره لمستمعيه و جمهوره في عرض قضيتهم بصوت عال ونضالي لا يخلو من التحدي ومواجهة البشير، ويؤكد قائلا:"بأن ثوار البجا سيغيرون ما يحدث على أرض الواقع". كان أركه فخوراً بالقوة العسكرية والخبرة القتالية للأفراد وكذلك بتحقيق الأهداف التي حلموا للوصول اليها. أما القصيدة الثانية "اسّنايان" والتي تعني "إخواتنا" فتظهر كيف كان الشاعر فخوراً بالشباب على ثباتهم مقابل ما أنجزوه في ثورتهم. إضافة إلى ذلك ، عكس البطولات والمواقف التي مروا بها لتلمّس تحقيق السلام على الرغم من الالتزام ببعض بنوده المجحفة التي ألقيت عليها الأضواء في مقال سابق. "I-sanayan"
أراد أركه أن يعلن مجداً جديداً لثوار البجا عندما عادوا بنتائج مذهلة ومتعددة في مجالات عديدة , و لكي يتمكن من الإبلاغ عنها, استخدم في أول بيتين من القصيدة أدقّ العبارات التي تدلٌ على الأخوة الصادقة والعلاقة الوثيقة فيما بينهم. وقد تبين ذلك بوضوح على وجوه الثوار بسبب تلك الصعوبات التي كانوا يواجهونها في بداية ثورتهم وما تلى ذلك من تطور للجيش على مستوى العتاد والافراد ومن ثم الى ان تُوّج ذلك العمل بالسلام المستحق. يتباهى الشاعر بالتحديات التي واجهوها وصعوبات انشاء قاعدة تأسيسية لجيش مؤتمر البجا في المناطق التي لم يكن فيها الحد الأدنى من متطلبات الحياة مثل الظل ومياه الشرب العذبة وكذلك نقص الغذاء بجانب الأفاعي والحيوانات المفترسة في بيئة جبلية قاسية. كما يشيد أركه بصبر شباب البجا الذين عبروا الصحارى وتسلقوا الجبل في الطقس الحار. علاوة على ذلك ، فقد اندهش من أولئك الذين سهروا الليالي من دون أضواء، وهم يتنقلون بين الاودية سيرًا على الأقدام حاملين أمتعتهم و عتادهم على اكتافهم في سبيل تغيير خُططهم واماكن ارتكازاتهم. لذلك ، فهو دائمًا يتحدث عن فصل الخريف في شعره كونهم يوسعون أنشطتهم بسبب وجود المساحة التي تتاح لهم من توفر لمياه الشرب العذبة والمراعي لحيواناتهم. يفصّلُ أركه في هذه القصيدة الأحوال الطبيعية التي لم تكن أبدًا عائقا أمام شباب البجا في تحقيق أهدافهم، لأنهم أرعبوا المدن التي هاجموها على الرغم من عدم كفاية الدعم اللوجستي ونقص أدوات القتال الأساسية وذلك بقوة الدعم النفسي الذين يجدونه وقناعاتهم بعدالة قضيتهم التي كانت تجري في دمائهم. ولما عادوا بفضل السلام كانوا إيجابيبن لما تم أنجازه ولذلك احترموا الاتفاقات على الرغم من معرفتهم لطريق العودة للحرب تحت اي تململ من عدم التقيّد بمخرجاتها. يقول اركه بان ثوار البجا عادوا ورؤوسهم مرفوعة فخورين بما حققوه من طموح في إعادة بناء وطنهم والاندماج في مجتمعاتهم. النموذج الأخير في شعر أركه هو قصيدته بعنوان "بجابتٌ" أي "نحن البجا" ، وفيه يسلط الشاعرالضوء على تحدي شباب البجا لسلطة الدولة التي تتجاهلهم ويذكر الأسباب التي جعلتهم يتفاخرون بمهاراتهم. "Bejabtoit"
ظل أركه فخوراً بإنجازات ثوار البجا التي انعكست وبشكلِ مباشر على أفرادها وعلى المجتمع بأكمله. لذلك ربط عودتهم إلى أرض الوطن بقناعاتهم باهمية السلام مما اتاح لهم الانخراط في العديد من عملياته. ففي كل بيت من قصيدته يشير إلى صورة تعكس رفض السلام إذا لم يرتقي إلى مستوى الطموح المنشود و كذلك يختتم الابيات بعبارة توضح اعتزازهم بكونهم جزءًا من الثورة السودانية دون أن يستجدوا بأحد لأنهم يستطيعون تحقيق ما يريدون بانفسهم. كسِمة أولية للقصيدة يرسم الشاعر لوحتين مختلفتين كانت أحدهما عند المواجهة في ساحات القتال والآخرى في حالة السلم. ففي كلتا الحالتين يُظهِر الثوار بقوتهم وانتصارهم لإرادتهم. لذا قام بتفصيل الملمح الأول وهو "عندما كانوا يستعدون للمعارك كما لو كانوا جميعًا قادتها", و لانه من الطبيعي فقط هو القائد من يُوجه في المعارك وذلك لمركزية التوجيه لوحدات الجيش في حالتي الكر والفر, يقول اركه انه لاحظ جميع الأفراد يتمتعون بتلك الخاصية وكأنهم يتنافسون على تقدم الصفوف الأمامية بطريقة لا تدل على شيء الا سوى الرغبة الشديد في المواجهة من غير خوف وقمة الاستعداد للتضحية. اما الصورة الثانية وهي التي تتجلى في حالة السلم عندما كانت الاجواء هادئة و بالرغم من قساوة الطبيعة, يقول الشاعر إنه في حالة اللا حرب ، يغازل أفرادهم الحيوانات المفترسة ، مثل الفيلة والتي يستمتعون بهزيج صوتها طربا في الظلام الهالك. ففي هذه القصيدة ، كان وضع هؤلاء المقاتلين الشباب مثل تلك الحيوانات البرية العملاقة والتي كانت تعيش على طبيعتها دون خوف بينما هم كانوا ايضا مستعدين لتدمير من يواجههم. اما صورة البيت الأخير تميزت بمعاني ضمنية أضاف عليها الشاعر بعضاً من عبارات الاعتزاز بالنفس و بهذا قال "إننا لا نخاف أو نتوسل من أجل ان يتصدقو لنا حتى يتمكنوا من ترويضنا أو تثبيطنا عن ثورتنا". و كان ذلك مؤشرًا على أن الذين فاوضوهم حاولوا ثني البعض منهم بإغراءات شخصية لم تحفز أيًا منهم بل كان مصيرها الرفض والانكفاء نحو اهدافهم ورعاية مصالح امتهم. تناولت هذه المقالة واحدة من أشهر موضوعات الشعر والأدب والتي ما فتئت تتطور باستمرار من مدح الشخصيات وصولاً إلى ذكر الأحداث المهمة بلغة لا تخلو من احترام الاخرين والحفاظ على الوطن قومياتهم. كان إظهار الخصائص والمواقف الرجولية التي عاشها الثوار سمة من سمات شعر أركه في بداية كل قصيدة و لكنه حدد بعض القصائد التي تشير إلى ضرورة عرض معاناتهم التي واجهوها بصبر في سبيل لتحقيق أهدافهم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
د.حسن علي أدروب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست