ما قام به الإستبداد في السودان منذ الإستقلال وحتى اليوم يؤكد أنه الوجه الآخر للعملة الرديئة، إذ شكل عائقا رئيسيا أمام بناء دولة مدنية ديمقراطية تكفل التداول السلمي للسلطة، وتوزيع الثروة بشكل عادل، يحقق مضامين الإستقلال السياسية والاقتصادية والإجتماعية والثقافية. لقد كانت نظم الإستبداد التي عرفها السودان مجرد أدوات في أيدي أعداء الوطن، وظفوها لإعاقة تطور السودان لأنهم لا يهدفون إلى رؤية سودان حر وديمقراطي، وإنما يسعون إلى إدامة أنماط من الحكم القمعية التي تقضي على طموحات الشعب في الديمقراطية والحرية والتنمية. إن إستمرارية هذه النظم منذ بدايات الإستقلال وحتى الآن تؤكد أن الإستبداد، يمثل عائقا رئيسيا أمام تحقيق الإستقرار السياسي والتنمية الإقتصادية المستدامة في البلاد. وفي سياق تاريخي، يمكن القول إن الإستعمار والإستبداد يشتركان في هدف السيطرة على مقدرات الشعب السوداني، وإن كانت أدواتهما وأساليبهما تختلف، إلا أن النتائج كانت دائما معيقة للتنمية الوطنية، ومهددة لوحدة الوطن، ومتسببة في إضعاف مؤسسات الدولة. لذا، فإن مقاومة الإستبداد والعمل على بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية هو السبيل الأوحد لتحقيق الإستقلال الحقيقي والتنمية الشاملة في السودان. وفي إطار المنهجية ذاتها، من الضروري التأكيد على أن إزاحة نظم الإستبداد، كما تم إزاحة الإستعمار، هو خطوة أساسية لا غنى عنها لتحقيق التحرر الحقيقي للشعب السوداني، إذ لا يمكن تحقيق التغيير المنشود إلا بإزالة العقبات التي تعيق تطلعات الجماهير. فأنظمة الإستبداد، بما تفرضه من قيود على الحريات وتكميم للأفواه، تعمل على مصادرة إرادة الشعب، وتمنع تطوره الطبيعي، وتحول دون ممارسة المواطن لحقوقه السياسية والإجتماعية. وفي هذا السياق، يصبح إفساح المجال أمام الحراك الجماهيري الواسع ضرورة حتمية، إذ أن الجماهير هي صاحبة المصلحة الحقيقية في تحقيق مضامين الاستقلال في أبعادها السياسية والإقتصادية والثقافية والاجتماعية، كما هي المصدر الحقيقي للسلطة، وهي التي تمتلك القدرة على إحداث التغيير الجذري والشامل. إن الحراك الشعبي، من خلال انتفاضاته ومطالبه السلمية، يمثل قوة دفع رئيسية نحو بناء نظام ديمقراطي يعبر عن إرادة الشعب الحرة، ويصون حقوقه ويحقق مصالحه. إن إفساح المجال أمام هذا الحراك لا يعني فقط إلغاء نظم الاستبداد، وإنما يتطلب أيضًا توفير بيئة ملائمة للحوار، وتعزيز المؤسسات الديمقراطية، وضمان حقوق الجميع في التعبير والتنظيم. إن الشعب هو صاحب السيادة ومالك القرار، بالتالي يجب أن يمارس حقه في تقرير مصيره بمحض إرادته، بعيدا عن قيود الاستبداد وسيطرة النظم القمعية. إن تحرير الإرادة الشعبية وإعطاؤها مساحة واسعة للمشاركة الفاعلة هو الضمانة الأساسية لبناء مستقبل ديمقراطي مستدام، يحقق العدالة والتنمية، ويضع السودان على طريق الاستقرار السياسي والإزدهار الإقتصادي والرفاه الإجتماعي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة