آلة الحرب تلعب أدوار مهمة في تطور المجتمعات البشرية منذ قديم الزمان ، و في أوقات أخرى ، تعكس الآية ، فتكون سببا في تخلفها عن الركب ، ففي البحر ، مد و جزر ، و في المجتمعات البشرية ، خمود و إزدهار ، و الحرب أحد المنعطفات الطبيعية ، نحو الخمود الحضاري ، أو الإزدهار . . فإذا أفضت الحرب إلى تغليب قيم الخير و الإصلاح ، فالنتيجة الحتمية هي تحقق الإزدهار و النماء و التطور في ذلك المجتمع ، أما إذا أفضت لغير ذلك ، فالنتيجة الحتمية هي نقيض الحالة الأولى . المتابع الحصيف لنشوء الأمم ، يجد أن آلة الحرب ، تلعب دوراً كبيراً في صهر المكونات ، تماماً كما لا تقبل المعادن الإنصهار إلاّ في درجات الحرارة العالية ، فإن مكونات الأمة تقبل في الغالب الانصهار بعد تجريب آلة الحرب فيما بينها ، و نادرا ما يحدث خلاف ذلك ، و ما يحدث حالياً في السودان هو جزء من صيرورة حتمية لبناء مجتمع سوداني حديث بقيم ومبادئ يتفق عليها الجميع ، و نبذ القيم التي كانت سائدة قبل الحرب لدى بعض المكونات و التي تهدم ، و لا تبني ، مثل قيم السلب و النهب و التي تعدها بعض المكونات من الفروسية ؟ ! فمنذ وصول سيل السلاح الناري لأقاليم كردفان و دارفور ، و توافقه ، مع هذه الثقافات السالبة لبعض المكونات البشرية ، و ترافق ذلك ، مع تواطؤ الحكومات السودانية العسكرية المتعاقبة ، نتيجة لغياب بعد النظر لديها عن خطورة تحالف إنتشار السلاح غير الشرعي مع ثقافة الهمبتة و النهب و السلب و الاغتصاب ، في هذه الأقاليم ، كل ذلك ، أفضت إلى خروج هذه الأقاليم عن سيطرة الدولة السودانية خلال العقود الأربعة الماضية ، و لعل هذه الحرب ، هي الفرصة الذهبية ، للدولة السودانية ، لتصحيح المسار ، فيما يخص ، نزع سلاح هذه المليشيات ، و كسر شوكتها في هذه الأقاليم ، و محاربة القيم و الثقافات السالبة المتأصلة في بعض المكونات ، و التي تشكل ، عقبة كؤودة في تطور المجتمعات و الدولة المدنية في السودان ، فالمجتمع الذي يساند فيه بعض أفراده الشباب على إرتكاب الجرائم المنظمة ، هو مجتمع غير مؤهل لركوب قطار الحكم المدني و الديمقراطي ، و من أجل تأهيل المجتمع السوداني ، فلا بد من الوقوف مع المؤسسة العسكرية من أجل كسب الحرب ، و نزع السلاح غير الشرعي في كافة ربوع الوطن الحبيب ، و كسر شوكة الثقافات السالبة ، و بعد إنتهاء الحرب ، إما بانتصار مريح للجيش أو إستسلام كامل لهذه المليشيات ، في كافة المناطق ، و تسليم السلاح غير الشرعي ، و قبول المكونات المشجعة للثقافات السالبة بالتغيير و التقيد بضوابط الحكم المدني ، هكذا ، يمكن للشعب السوداني ، التفرغ لحرب مدني أخير يعالج مسألة خروج مؤسسة الجيش من السلطة ، و تسليم أمانة السلطة للمدنيين ، فإذا أفلح في ذلك ، و سيفلح ، فستكون هذه الحرب ، هي البداية الحقيقية لبناء سودان التقدم و الإزدهار و النماء .. فعلى الأسرة الدولية التعامل مع هذه الملفات السودانية ، بفهم ، أن لهذه الحرب دوراً في التأسيس لقيم جديدة ، قيم مهمة كانت مهملة في السابق ، و ألا تعرقل جهود المؤسسة العسكرية المفضية للانتصار فيها ، فكما ، يلجأ الطب إلى الجراحة و البتر للأعضاء كخيار أخير ، تلجأ الدول الراغبة في التشكل لخيار الحرب ، من أجل التأسيس لبعض القيم ، و التخلص من أخرى ضارة مضرة ، فمنح الفرصة تلو الأخرى للحكومة ، يعتبر من باب الحق و الواجب .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة