نحن نعرف كلنا المثل الذي يقولون فيه (ما يجي يوم شكرك). ففي السودان لا يجوز شكر أحد إلا بعد موت، لأنه حينها لا يمكن أن ترتفع معنوياته بالشكر وهو ميت، ويتشجع لإنجاز إبداعاته. هذا مثل الأجيال السابقة، والتي كنت أتمنى أن تكون أجيال الالفينات بعيدة عنه، بمفاهيم جديدة وروح نقية. لكن..مالذي فعلته تلك الأجيال القديمة الحسودة. لقد أشعرت الجيل الحالي، جيل الثورة بالخذلان. لأنها، لم تنقل له هذا المثل لفظاً فقط، بل بياناً بالعمل. ظهرت عمالة وخساسة الأجيال السابقة على جيل هذا الشباب، وعلموهم كيف يصبحوا جواسيس، ويمكن شراءهم بأخس الأثمان. الذين يسافرون الإمارات وفرنسا لقبض الثمن. هذه هي تلك الأجيال الخسيسة التي تنقل خستها لجيل الشباب البريئ أو الذي كان بريئاً. إن الشيء الوحيد الذي أنجزته هذه الثورة، هي أنها أدخلت الجيل الحالي في التجربة والتجربة خير برهان وحميدتي وحمدوك والشيوعيين والبعثيين، ومن لف لفهم. الثورة التي تفتحت فيها بصيرة الجيل الناشئ على إمكانية كتابة التقارير وإرسالها للاستخبارات العسكرية أثناء الاعتصام، تفتحت فيها بصيرتهم على من تم تسفيرهم في أشهر الاعتصام لفرنسا، وإعادتهم وقد تلقوا التعليمات وقبضوا الثمن، الثورة التي علمتهم أن من يهتف باسم حزب او شخص ليس سوى مغفل نافع، أما من يهتف باسم الوطن فهو دودة بلا عقل. وأن قبض الثمن من السفارات هو الحقيقة والذكاء والفلاحة. الأجيال القديمة الحسودة منذ المهدية وحتى اليوم، تتوارث أمثالها التي تنم عن أنانية، وعن ثعلبية حمقاء يضر فيها الإنسان نفسه حتى لا ينصلح حال إنسان آخر. لم تكن تلك حالات فردية، بل ثقافة الحسد واتضاع النفس والدناءة، التي كانت تعم أهل هذه الرقعة الجغرافية البائسة الفقيرة. كل ذلك تعلمه جيل الثورة من الصبيان المساكين. ودخلت نفوسهم تلك المفاهيم المريضة كرهاً لا طوعاً، وهكذا يعيد الماضي نفسه عوداً أبدياً ميؤوساً من إنصلاحه بالإنفلات من ذلك المدار الكئيب. تلك الأجيال الخسيسة، التي يمجد فيها أبطال من ورق، لا تغادر الحياة إلا بعد أن تنقل فيروساتها إلى الأجيال التي بعدها، فما الحل؟ لا يعرف الناس الوبال الذي أحدثته هذه الثورة في الجيل الجديد، ولن يعرفوا ذلك إلا بعد عشرين عاماً، حينما تتلفت الأجيال الأخيرة في ذلك الحين حولها باحثة عن ناصح. فلا تجد إلا مقالي اليتيم هذا والذي كتبه المرحوم في هذا التاريخ. نصيحتي للاجيال القديمة..أرجوكم..ابتعدو......ابتعد يا حمدوك وحميدتي والبرهان والشيوعيين والبعثيين وغيركم عن هؤلاء الصغار..ولا تلوثوهم..كفاكم ما فعلتموه بنا..كفاكم..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة