أن قرار لجنة الشئوون الخارجية في مجلس النواب بالموافقة على مشروع قانون يلزم الإدارة الأمريكية بتصنيف جماعة الأخوان المسلمين تنظيما إرهابيا، و القرار يختلف عن قرار الرئيس ألأمريكي ترامب الذي كان قاصرا على ثلاث دول هي مصر و الأردن و لبنان، و لكن قرار لجنة الشئوون الخارجية لم يشير إلي مناطق محددة، بل الجماعة بكل فروعها العالمية.. و ليست هذه المرة الأولى التي تتم فيها مناقشة قضية الأخوان في المؤسسات التشريعية الأمريكية، أنما بدأت منذ عام 2015م و كل مرة كانت تواجه اعتراضات و تفشل عملية التصويت عليها، إلا هذه المرة نجح في عبور لجنة الشئوون الخارجية.. و ينتظر أن يقدم القرار إلي البرلمان " الكونجرس" بكامل عضويته.. أن القرار سوف يلزم الإدارة الأمريكية بالتعامل به، و أيضا سوف ينعكس على العلاقات الخارجية الأمريكية و تعاملها مع دول العالم.. لكن المسألة التيسوف تثير الجدل داخل الكنجرس في التصويت على القراركيفية الإجابة على سؤال من هي جماعة "الأخوان المسلمين"؟ هل هي جماعة بعينها كما يردد البعض التي تتبع الإسلام السياسي، أم أية جماعة إسلامية سوف يشملها القرار.. فالتشريع لابد أن يكون محددا و واضحا... هل القرار ملزم للدول الأخرى، و يجب أن يكون جزءا من تشريعاتها ،حتى تستطيع التعامل مع أمريكا؟ القرار ملزم في الولايات المتحدة، و لكنه غير ملزم للدول الأخرى.. و قبل أمريكا أصدرت عدد من دول المنطقة خاصة "مصر و السعودية و الإمارات" قرارات تسمي فيها جماعة الأخوان المسلمين منظمات إرهابية يجب عدم التعامل معها.. و جميع هذه الدول كانت تتعامل مع نظام الإنقاذ، و لم تقطع العلاقات معه.. فهي كانت خائفة من جماعة الأخوان داخل دولها، لأنها كانت الأكثر تأثيرا في العمل السياسي، و الحركة وسط المجتمع، و هي خافت أن تتعرض أنظمتها إلي تحديات، و ظهر ذلك جليا فترة ثورات الربيع العربي خاصة عندما فاز الأخوان في مصر برئاسة الجمهورية، و أغلبية في البرلمان، و أيضا في تونس.. الأمر الذي دفع دول الخليج أن تبادر بالحرب على الأخوان ليس في دولها و لكن خارج دولها و قد نجحت في ذلك.. في السودان: الأخوان حكموا البلاد ثلاث عقود تم فيها صراع بينهم و بين القوى السياسية الأخرى، الصراع كان سياسيا، و في بعض الفترات كان عسكريا، و فشلت الأحزاب في تغيير الحكم.. بدأـ الإنقاذ ديكتاتورية حظرت الأحزاب و ضيقت المواعين الديمقراطية و مساحات الحرية و عطلت القوانين ارتكبت انتهاك لحقوق الإنسان ماذا حدث بعد ذلك؟ الصراع بدأ داخلها لآن الأفكار بدأت تتغير و انقسم التنظيم في المفاصلة، مارست المعارضة ضغوطات بدأ النظام يرخي قبضته.. و بعدها الشعب سلميا اسقط النظام، لكي يؤكد هو وحده القادر على تغيير الأنظمة السياسية.. فالصراع السياسي في السودان يجب أن يؤسس على أدوات التبادل السلمي للسلطة.. و القرارات و التشريعات لا تحجم الفكرة و لا تقتلها، ربما تضيق عليها فقط ، لكن لا تنذر باستقرار في البلاد، الآستقرار يأتي عندما تكون هناك سلطة ذات مشروعية تأتي عبر صناديق الاقتراع، يختار الشعب فيها من يعتقد سوف يحقق له مطالبه.. أن السياسات التي تخدم مصالح دول إذا كانت أمريكا و الغرب و دول في المنطقة، ربما لا تخدم مصالح السودان، لآن السودان له وضعية خاصة، و ظروف استثنائية حسب تكويناته الاجتماعية و الثقافية و الدينية، و هي تتطلب تضافر جهود الجميع من أجل أن يخلقوا مناخا طيبا يعزز عملية الاستقرارو الحوار بين الجميع في البلاد... الشعب السودان يتطلع إلي عملية التحول الديمقراطي، باعتبارها الضامن لعملية السلام و التنمية و الاستقرار الاجتماعي، و لكن أغلبية دول المنطقة ليست راغبة في "التحول الديمقراطي" و هي سوف تحاربها، و كل مرة سوف ترفع شعارات تدعم مصالح قياداتها، و غدا يمكن أن يكونوا ضد أية حزب غير اسلامي إذا كان فاعلا و توسعت قاعدته الاجتماعية، و استطاع أن يؤمن مسار العملية الديمقراطية في السودان..لآن قيادات تلك الدول تريد أن تحافظ على نظم حكمها بعيدا عن التأثيرا الخارجية المهددة لهذه الأنظمة... أن مشكلة النخب السياسية في السودان تنظر للمسألة السياسية في البلاد بعين واحدة.. لا تنظر للمشكلة بجذورها التاريخية، و لا تريد أن تستفيد من التجارب السابقة، هي لا تنظر إليها إلا من خلال مصالح ضيقة، إذا كانت حزبية أو شخصية.. و حتى الحرب التي دمرت البلاد و هجرت المواطنين و نهبت ممتلكاتهم و تم اغتصابهم، لم تؤثر على طريقة تفكيرهم، و تعيدهم إلي منصة التأسيس.. أن حظر الأخوان في أمريكا يجب أن لا يهمنا كثيرا في السودان.. الذي يجب أن يشغل تفكيرنا كيف نخلق المشروع السياسي الذي نؤسس عليه الدولة على اساس جديدة، و كيف تتم عملية البناء السياسي الديمقراطي، و الاعتماد على وضع أساس سياسية جديدة محفزة على الحوار الوطني، على أن لا تزيد عملية الغبن السياسي. و المناطقي و الجهوي يجب أن يكون هناك تفكيرا عقلانيا يخدم المواطن الذي قد عانى كثيرا، و يخدم عملية السلام و الاستقرار في البلاد.. و تفعل أمريكا ما تريد و الدول الأخرى ما تريد.. و نفعل نحن في السودان ما يعزز السلام و الاستقرار و التنمية و حماية المسار الديمقراطي.. نسأل الله حسن البصيرة...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة